بغداد وواشنطن في مفترق السيادة: ملف الحشد يكشف أعصاب العلاقة المتوترة
تاريخ النشر: 24th, July 2025 GMT
24 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: وسط تداخلات السياسة الإقليمية وتقاطعات المصالح الدولية، اندلع خلاف دبلوماسي جديد بين بغداد وواشنطن حول مصير الحشد الشعبي، الكيان المسلح الذي وُلد من رحم الفتوى الدينية لمواجهة تنظيم داعش، وتحول مع الوقت إلى لاعب أمني ــ سياسي يصعب تجاهله في المعادلة العراقية.
وظهرت التباينات بشكل علني بعد مكالمة هاتفية جمعت رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي أعرب بوضوح عن قلق واشنطن من مساعي تشريع قانون الحشد الشعبي، محذّراً من أن خطوة كهذه ستؤدي إلى ترسيخ النفوذ الإيراني وتكريس دور الجماعات المسلحة على حساب الدولة.
وتُقرأ تصريحات روبيو، المنشورة على منصة إكس، ضمن سياق التوجس الأميركي من تصاعد النفوذ الإيراني في العراق، خصوصاً بعد أن نجحت فصائل الحشد في تأطير وجودها داخل مؤسسات الدولة.
ورغم ذلك، حرصت بغداد على تقديم رواية مختلفة تُحافظ على التوازن بين الداخل والخارج، مؤكدة أن مشروع القانون يأتي في إطار «إصلاح المؤسسة الأمنية»، ويهدف إلى تنظيم وضع الحشد تحت مظلة الدولة الرسمية، بصلاحيات يمنحها القائد العام للقوات المسلحة، أي رئيس الوزراء ذاته.
ويدلّ هذا الخلاف على تعقيد العلاقة بين الطرفين، حيث تختلف القراءة الأميركية للواقع العراقي عن رؤية بغداد التي تحاول المواءمة بين الضغوط الداخلية من القوى الشيعية المتنفذة، والتوازنات الإقليمية الدقيقة، وبين متطلبات العلاقة الاستراتيجية مع واشنطن.
وتتقاطع هذه المستجدات مع دعوات حكومة إقليم كردستان إلى وقف الهجمات على البنية التحتية النفطية، في تلميح قد لا يخلو من اتهام مبطن لفصائل مرتبطة بـ«الحشد» بالوقوف وراء عمليات زعزعة أمن الطاقة في الشمال، ما يعمّق فجوة الثقة بين المكونات العراقية نفسها، ويزيد من هشاشة الأمن الوطني.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
تحليل: الدبلوماسية المنتجة قادت العراق إلى إنهاء الوصاية الأممية
13 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة:
لم يكن قرار إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة في العراق وليد تصويت عابر أو ظرف دولي مواتٍ، بل خلاصة مسار حكومي طويل عبر ما بات يُوصف داخل الأوساط الدبلوماسية بدبلوماسية منتجة، نقلت صورة العراق من دولة تطلب العون إلى دولة تعلن الجاهزية وتفرض سرديتها بثقة داخل أروقة مجلس الأمن.
وجسدت هذه الدبلوماسية تحوّلاً واضحاً في لغة الخطاب الرسمي، إذ انتقلت بغداد من مخاطبة المجتمع الدولي بوصفها ساحة أزمات مفتوحة إلى دولة تمتلك مؤسسات قادرة على إدارة الانتخابات والملفات السياسية والحقوقية دون إشراف خارجي، وهو ما انعكس في المذكرات الرسمية والحوارات المغلقة التي سبقت قرار إنهاء المهمة، بحسب توصيف دبلوماسيين تابعوا الملف.
وأكد مسؤول حكومي أن “الحكومة لم تطلب مغادرة يونامي بوصفها عبئاً سياسياً، بل قدمت نفسها كدولة أنهت الأسباب التي استوجبت وجودها”، مضيفاً أن هذا التحول في المنطق هو ما أقنع أعضاء مجلس الأمن بجدية الطلب العراقي.
وأظهر البرنامج الحكومي، الذي أُعلن في تشرين الأول 2023، التزاماً غير مسبوق بإنهاء المهام الدولية غير الضرورية، واضعاً هذا الهدف ضمن مفهوم أوسع لاستعادة القرار الوطني، حيث تعاملت الحكومة مع الملف الأممي كجزء من مشروع سيادي متكامل، لا كإجراء رمزي موجه للاستهلاك الداخلي.
ونجحت بغداد، وفق مراقبين، في تفكيك الأزمات التي كانت تُستخدم ذريعة لاستمرار البعثة عبر حوار هادئ مع الشركاء السياسيين ومع الإقليم، ما سحب من المجتمع الدولي مبررات التدخل الإشرافي، وأعاد تعريف الخلافات الداخلية بوصفها شأناً دستورياً عراقياً قابلاً للحل محلياً.
وقال باحث سياسي إن “الهدوء الذي أدار الملفات الخلافية كان أقوى من أي خطاب سيادي صاخب”، معتبراً أن غياب الأزمات الحادة خلال العامين الماضيين شكّل الدليل العملي على نضج التجربة.
وانتقلت العلاقة مع الأمم المتحدة، وفق الرؤية الحكومية، من صيغة الوصاية السياسية إلى شراكة متطورة تقتصر على الدعم الفني، في مجالات النمو الاقتصادي، والتغير المناخي، وبناء القدرات، وحقوق الإنسان، دون أي تدخل في القرار السياسي أو العملية الانتخابية، وهو تحول نوعي في موقع العراق داخل المنظومة الدولية.
وترسخت هذه المقاربة أيضاً في ملف العلاقة بين بغداد وأربيل، حيث شددت الحكومة على أن القضايا العالقة ستُحل عبر الدستور والحوار الثنائي، دون وساطة دولية، في رسالة تعكس ثقة متزايدة بقدرة الدولة على إدارة تنوعها الداخلي.
وتكشف قراءة التسلسل الزمني أن استعادة السيادة لم تكن قفزة مفاجئة، بل رحلة صبر ونَفَس طويل، بدأت مع إعلان الالتزام الحكومي في تشرين الأول 2023، ثم تُوجت بقرار مجلس الأمن في أيار 2024 استجابة للطلب العراقي، وصولاً إلى كانون الأول 2025 حيث قُدمت الإحاطة الأخيرة وحدد يوم 31 موعداً لإغلاق البعثة نهائياً.
ويغلق هذا المسار حقبة طويلة من التعامل الأمني الدولي مع العراق، ويفتح باب العلاقات الثنائية المباشرة مع العواصم المؤثرة، في لحظة يصفها مراقبون بأنها اختبار الدولة بعد الوصاية، حيث تصبح السيادة ممارسة يومية لا عنواناً سياسياً.
وكتب ناشط على منصة إكس أن “الطريق كان طويلاً وصعباً، لكن الأهم أن نهايته لم تأتِ بالضجيج، بل بالاعتراف الدولي”، في تلخيص مكثف لمعنى اللحظة العراقية الراهنة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts