قالت ورقة تحليلية صادرة عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية إن قرار مجلس الأمن بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) لا يندرج في إطار الإجراءات الروتينية، بل يحمل دلالات سياسية وأمنية تعكس تحولات أوسع في مقاربة المجتمع الدولي للملف اليمني.

 

وأوضحت الورقة أن هذا التمديد يُعد عمليًا بمثابة "تجميد لمعركة تحرير الحديدة"، في ظل تفاهمات إقليمية ودولية غير معلنة تتجاوز البُعد المحلي، أبرزها تقاطعات الملف اليمني مع المفاوضات الجارية بشأن البرنامج النووي الإيراني، وإعادة تموضع القوى الكبرى في منطقة البحر الأحمر.

 

وأضافت أن بعثة "أونمها" فقدت فاعليتها منذ فترة طويلة، بعد أن فرضت جماعة الحوثي سيطرتها الفعلية على مقرها في مدينة الحديدة، وسط غياب لأي دور رقابي حقيقي لها في تنفيذ اتفاق ستوكهولم، ما يجعل وجودها أشبه بـ"الواجهة الشكلية".

 

وأشارت الورقة إلى أن المرحلة التي سبقت التمديد شهدت تطورات لافتة، من بينها وقف الهجمات الحوثية في البحر الأحمر ضمن تفاهم غير معلن مع واشنطن، إلى جانب الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مواقع حوثية في ميناء الحديدة، والتي وُصفت بأنها "تهيئة تكتيكية" لاحتمالات مواجهة قادمة، مباشرة أو بالوكالة.

 

كما لفتت إلى ما وصفته بـ"التهدئة المؤقتة" التي تشهدها البلاد، معتبرة أنها أقرب إلى استراحة لإعادة توزيع أوراق النفوذ، في ظل مؤشرات على امتلاك الحوثيين تقنيات متقدمة وربما مواد مشعة، ضمن تصعيد إعلامي وأمني يجري توظيفه دوليًا.

 

وانتقدت الورقة ما وصفته بـ"العجز التام" للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا عن استثمار هذه التحولات، نتيجة الانقسام الداخلي والشلل الإداري، وهو ما انعكس سلبًا على موقفها التفاوضي والسياسي، ومنح جماعة الحوثي مساحة أوسع للمناورة والتقدم.

 

وحذّرت الورقة من أن استمرار هذا المسار سيحوّل الحديدة إلى منطقة نفوذ مغلقة لصالح الحوثيين، في إطار تسوية دولية غير مُعلنة، تُقصي الحكومة الشرعية، وتُبقي الصراع في حالة رمادية، ما يفتح المجال أمام إعادة ترسيم النفوذ في البحر الأحمر.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

فايزة الغيلانية تقرأ دلالات البحر الفنية والإنسانية في القصيدة العمانية

نظّم مركز السلطان قابوس الثقافي محاضرة أدبية بعنوان: البحر في الشعر العماني المعاصر، قدمتها الدكتورة فايزة بنت محمد الغيلانية، التي تناولت فيها حضور البحر باعتباره رمزًا ودلالة فنية وإنسانية في القصيدة العمانية الحديثة، مشيرة إلى أن الشاعر العماني لامس معاني البحر بعمق، بحكم الارتباط التاريخي والاجتماعي بالبحر، فكانت علاقته به واضحة في معظم نصوصه، ولم يغفل حضوره في تجربته الشعرية.

وأوضحت "الغيلانية" أن البيئة العمانية الساحلية، القائمة على الصيد والتجارة والنشاطات البحرية، أسهمت في ترسيخ حضور البحر في الوجدان الشعري، مشيرة إلى أنّه كان فضاءً رحبًا للاستجمام والترفيه، ونافذة مفتوحة على الحياة والرزق.

وذكرت أنها درست دواوين شعرية تمتد من عام 1970م إلى 2000م، للكشف عن مختلف توظيفات البحر في النصوص العمانية.

وبيّنت في محاضرتها أن الشعراء قدموا توظيفًا واقعيًا للبحر من حيث الشكل والحالة؛ بين هيجان وسكون، وظلمة وعمق، وتغنت بعض النصوص بسحر البحر وجمال الساحل، بوصفه مساحة للأمل والهروب من قسوة الواقع.

كما استعرضت أمثلة عديدة لتجسيد الشاعر العماني للبحر كما يظهر في المنظور الواقعي، بما في ذلك وصف معاناة البحارة والصياد والغواص أثناء ارتيادهم البحر، فضلًا عن دوره في السفر إلى الدول المجاورة بحثًا عن الرزق.

كما تطرقت إلى وصف ما يرتبط بالبحر من سفن وأشرعة وأسماء الصيادين والنوارس واللؤلؤ، مؤكدة أنه لا توجد قصائد عمانية "خالصة" للبحر، وإنما يأتي توظيفه ضمن سياقات أخرى تشير إليه وتدل عليه.

كما أشارت إلى وجود صفات للبحر لم يطرقها الشاعر العماني كثيرًا، مثل اللون والاتساع، كما أن تركيز الشعراء على معاناة البحارة الجسدية، وما يتعرضون له من سطوة البحر والأمواج العاتية، إلى جانب إبراز الطبيعة المتضادة للبحر بين قسوة واحتواء، موضحة أن الشاعر العماني نقل تفاصيل الحالة الثائرة للبحر وصوره الحسية وخصائصه، وارتبطت القصائد كذلك بالأمجاد البحرية وذكر الشخصيات العمانية المرتبطة بالبحر، كما في شعر أحمد عبدالله فارس الذي يقول: "أنا الخليجي أشواقي تحاصرني.. وخالج الحب في صدري يحل هنا"، في إشارة إلى انتماء الإنسان العماني إلى فضاء الخليج الأكبر.

وعلى الجانب الرمزي، بيّنت "الغيلانية" أن البحر تجلّى في الشعر العماني رمزًا للحب والمرأة والأمل والغربة والموت، حيث وظفه الشعراء للدلالة على المشاعر العميقة والأفكار المتقلبة. وقدمت نماذج شعرية متعددة، من بينها قول الشاعر هلال العامري: "أرى في عينيك البحر وأعشقه.. فالموج بعينيك روايات تحمي التاريخ وتحفظه"، وقال أيضًا: "نظراتك تفصل أحزاني كالموج الحافي... يفصل الآلاف من الشطآن".

كما أشارت إلى حضور البحر في المراثي، رغم محدودية النصوص العمانية التي تناولت الغربة بشكل واضح. واستشهدت في محاضرتها بأعمال عدد من الشعراء، منهم: سعيدة خاطر، وسيف الرحبي، وذياب بن صخر العامري، وأحمد عبدالله فارس، وهلال العامري.

واختتمت الدكتورة فايزة بنت محمد الغيلانية محاضرتها بالتأكيد على أن الشاعر العماني قدم توظيفًا فنيًا ثريًا للبحر، موسّعًا معانيه، ومضفيًا عليه خصوصية نابعة من ارتباطه بالبيئة البحرية، وسط مداخلات قيّمة من الحضور.

مقالات مشابهة

  • إقبال كبير على فيلم الست في أول أيام عرضه .. ماذا جنى أمس؟
  • الورقة سقطت والأمل فى "النقض"
  • "سوق المشاريع" يختتم فعالياته ضمن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي
  • جوائز السوق وعرض جوازة ولا جنازة.. ماذا حدث في مهرجان البحر الأحمر اليوم؟
  • أبرز تصريحات أمير المصري في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي
  • مؤتمر ولاية صور الدولي يختتم أعماله
  • فايزة الغيلانية تقرأ دلالات البحر الفنية والإنسانية في القصيدة العمانية
  • عودة البنك الدولي إلى السودان: قراءة اقتصادية معمّقة في دلالات الزيارة، المخاطر، والآفاق
  • بعثة تقييم الإنتاج الزراعي: ولاية سنار تبرز كأحد أهم مراكز الإنتاج في السودان
  • حين يتحرك المجتمع بقيمه: قراءة في دلالات اليوم العالمي للتطوع