سحر وشعوذة.. مرشحون يبحثون عن قوة خارقة للفوز في الانتخابات
تاريخ النشر: 26th, July 2025 GMT
سحر وشعوذة.. مرشحون يبحثون عن قوة خارقة للفوز في الانتخابات.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق الانتخابات القمة العربية أحمد الشرع نيجيرفان بارزاني سجن الحلة محافظة البصرة الدفاع بابل بغداد دهوك اقليم كوردستان اربيل المياه السليمانية اربيل بغداد انخفاض اسعار الذهب اسعار النفط أمريكا إيران اليمن سوريا دمشق دوري نجوم العراق كرة القدم العراق أهلي جدة النصر الكورد الفيليون مندلي احمد الحمد كتاب محسن بني ويس العراق الحمى النزفية غبار طقس الموصل يوم الشهيد الفيلي خانقين الانتخابات العراقية مرشحون الانتخابات سحر شعوذة أوغندا
إقرأ أيضاً:
ليبيا.. انتخابات بلا دستور تعني رئاسة بلا حدود
يتجدد في ليبيا، من حين إلى آخر، الحديث عن ضرورة إجراء الانتخابات بوصفها المخرج السحري من الأزمة، أحدث هذه الدعوات تأتي من معسكر الشرق، وتحديدا من خليفة حفتر.
تأتي هذه الدعوة في سياق سياسي ومؤسسي يكاد يكون الأكثر هشاشة منذ ثورة فبراير عام 2011، في بلد منقسم، بمؤسسات منتهية الولاية، وفي غياب كامل للإطار الدستوري الذي يُفترض أن تُبنى عليه أي عملية انتخابية ذات معنى.
منذ سنوات، كلما طُرحت كلمة "الانتخابات" في ليبيا، بدت كأنها تُقال بوصفها تعويذة، لا مسارا سياسيا، كلمة تُلقى في الهواء كلما انسدت الطرق، دون أن يسأل أحد في أي شكل للدولة ستُجري هذه الانتخابات؟ وبأي قواعد؟ ولصالح من؟
ليبيا اليوم لا تعاني فقط من انقسام سياسي، بل من انقسام مؤسسي ومجتمعي عميق. حكومتان، وشبه برلمانين، كلاهما انتهت مدته منذ سنوات، ومع ذلك لا يزال الجميع متمسكا بكراسيّه، ويُلوّح من موقعه بالدعوة إلى انتخابات يعلم، قبل غيره، مدى صعوبة -بل استحالة- تنفيذها في هذا السياق.
الأكثر خطورة أن البعثة الأممية التي يفترض أن تقدم الحلول المنطقية تبدو وكأنها تمضي في تمهيد طريق الانتخابات دون دستور. تخيّل انتخابات رئاسية مباشرة في بلد لم يُحدَّد فيه شكل النظام السياسي، ولا صلاحيات الرئيس، ولا طبيعة العلاقة بين السلطات. هذا ليس مسارا ديمقراطيا، بل وصفة جاهزة لصناعة ديكتاتورية جديدة، تُمنح فيها الشرعية الشعبية لسلطة غير مُقيّدة، وتُسلَّم لها رقاب الناس باسم "صندوق الاقتراع".
السؤال الجوهري الذي يتم تجاهله باستمرار: كيف يمكن طرح مسألة الانتخابات في بلد مترامي الأطراف، لا تحكمه دولة واحدة، ولا تحتكر فيه السلطة الشرعية القوة والتنظيم؟ كيف يمكن تأمين عملية انتخابية، أو ضمان نزاهتها، في مناطق تخضع فعليا لنفوذ قوى عسكرية أو مليشيات تمتلك قرار السلم والحرب خارج أي إطار قانوني؟
التاريخ، لا الشعارات، هو ما يجيب عن هذا السؤال.. لا انتخابات نزيهة في ظل وجود أطراف قادرة على فرض رأيها بالقوة، وترهيب الخصوم، وتوجيه النتائج.
عبث بعثة الأمم المتحدة في التعاطي مع الأزمة الليبية يتواصل، وكأن المشكلة تقنية يمكن حلها بجداول زمنية واجتماعات مغلقة، بينما الحقيقة أبسط وأقسى، لا ديمقراطية دون دولة، ولا انتخابات دون سيادة قانون، ولا قانون يُحترم في ظل سلاح خارج الشرعية.
التاريخ الحديث مليء بالأمثلة؛ الحرس الحديدي اليميني المتطرف في رومانيا، وسهم الصليب في المجر، وجنود العاصفة في ألمانيا؛ كلها تشكيلات شبه عسكرية ظهرت خارج سلطة الدولة، وخلقت مناخا من الخوف، وأرعبت الخصوم خلال الانتخابات، ومهّدت في النهاية لصعود ديكتاتوريات الحزب الواحد. لم تكن الانتخابات حينها حلا، بل كانت الأداة التي مرّ عبرها الانهيار.
المسار المنطقي في ظني، إن كان هناك بالفعل إرادة لبناء دولة، واضح ولا يحتاج إلى ابتكار، هو البدء باستفتاء شعبي على الدستور، برقابة دولية حقيقية على نتائجه، ثم انتخابات برلمانية تُجرى على أساس هذا الدستور، تُنهي وجود الأجسام الحالية المنتهية الولاية، يلي ذلك تشكيل حكومة تسيير أعمال موحدة، تمهيدا لإجراء انتخابات رئاسية وفق قوانين واضحة، دون استثناءات، ودون نصوص مفصّلة على مقاس أشخاص بعينهم.
عندها فقط يمكن الحديث عن بداية استقرار، وعن دولة وضعت بالفعل أولى عجلات القاطرة على سكة التأسيس. أما ما عدا ذلك، فليس سوى إعادة تدوير للأزمة، تحت لافتة جذابة اسمها "الانتخابات"، بينما الجوهر لا يزال كما هو: دولة غائبة، وسلطة مبعثرة، وخطر دائم بإعادة إنتاج الاستبداد، هذه المرة عبر صندوق الاقتراع.
أختتم حديثي بأن في ليبيا المشكلة لم تكن يوما في الصندوق.. بل في ما يُراد وضعه داخله، ومن يقف حارسا عليه يعمل على تفصيل المشهد المقبل كما يشتيهه، أو كما يشتهي أسياده..!