موقع النيلين:
2025-07-27@06:58:58 GMT

عبد اللطيف البوني: مطر وقصص

تاريخ النشر: 27th, July 2025 GMT

متوسط الأرض التي تزرع في موسم الخريف في السودان أربعين مليون فدان تزيد أو تنقص قليلا… في حرب مافي حرب.. بتنزرع.. بتنزرع… لأنها عبارة عن حيازات صغيرة في معظمها (جباريك) ليس فيها أي تقانات وبالطبع متدنية الإنتاجية لدرجة بعيدة وهذة قصة مؤلمة قد نعود إليها… ولكن المهم في الأمر أن الخريف الناجح يستر حال السودان بشرا وحيوانا وفي أي ظرف من الظروف السياسية وهذة نعمة من نعم الله على هذة البلاد الطيب أهلها التعيس حظها….

اما حصاد المياة فهو تدبير بشري قديم قدم الإنسانية ففي اي مكان في الدنيا امطاره موسمية اعتاد الناس على حفر حفائر لتخزين المياه وقت الجفاف اما الذين لا يفعلون ذلك يضطرون للترحال مع المطر ومنها جاءت مسألة الرحل في السودان وهي قضية تدل على عجز وعدم حيلة وانقياد أعمى للطبيعة فالترحال ليس معه تطور أو بناء حضارة وهذة قصة ثانية تستحق وقفة…

الان حصاد المياة تطور مع تطور الحياة ودخول التقانات الحديثة من اليات ثقيلة ومشغلات هندسية وللسودان تجارب محدودة في هذا المجال لكن لا شي يمنع من تطويرها وتحويل السودان كله الي بستان أخضر فالذي يقول ان اتفاقيات المياه الدولية تمنع حجز المياه المتجهة للانهار عابرة الدول لايدري ان حصاد المياة المقصود به اصلا حماية الماء من التبخر بمنعه من الذهاب للبئية الصائفة ومن التسرب بحجزة من الأرض الرملية متباعدة الذرات.. اما الروافد المتجهة للانهار الدولية فهي التي تحميها الاتفاقيات الدولية

لناخذ نهر النيل وراوفده مثلا فكل منابع النيل وراوافده الرئيسية محتاجة لتصريف مياه (انسوا سد النهضة مؤقتا) وبالتالي تذهب المياه الي السودان ومن ثم إلى مصر.. فالسودان مع الاربعمائة مليار متر مكعب النازله فيه مباشرة اذا تم حصاد ربعها اوثلثها سوف يتحول السودان الي بساط أخضر وبالتالي يتغير المناخ وتتحول السافنا الفقيرة الي سافنا غنية وشبه الصحراء الي سافنا وهكذا حتى جنوب مصر يمكن أن يزرع بالأمطار… فبدلا من الزحف الصحراوي الذي يتهددنا الان في البلدين سوف يكون هناك زحف مضاد… زحف أخضر ليدفعه… ولو كنت مكان حكومة مصر لشجعت حصاد المياة في السودان ودفعت له من حر مالي لانه سيعود عليها بمياه أكثر من الذي ياتيها الان وهذة قصة ثالثة تحتاج إلى استطراد..

لحسن الحظ ان الكرة الأرضية تشهد الان دورة مناخية جديدة من مظاهرها زيادة معدلات الأمطار في بعض الأقاليم ومن ضمنها الإقليم الذي يقع فيه السودان.. والآن اليوم العلينا دا يقول الارصاد الجوي السوداني ان معدلات الأمطار في السودان في هذا الموسم سوف تكون فوق المعدل وبالمناسبة التنبؤات بتاعت ناس الارصاد أصبحت لافيها شق ولا طق لأنها قائمة على استقراءات علمية وفوق البيعة هناك السيد منذر الذي شكته حبوبتنا الحلفاوية لله لانه هدم بيتها من كثرة المطر… عليه يكون قد ان الأوان لجعل حصاد المياه بنية اساسية يجب أن تعطيه الدولة والمواطن أولوية اقول المواطن لان في مقدوره ان يفعل شي ولو يسير اديكم مثل قبل خمسة سنوات وفي مزرعة لنا حفرنا أحواض لتربية اسماك بالبوكلين العادي دا.. ملاناها من قناة من قنوات مشروع الجزيرة بتصديق رسمي ودفع قيمة مالية لناس الري… فشل مشروع السمك لان السيد الورل لم يترك ولا قرموط وهذة قصة رابعة سوف نحكيها ولكن الشاهد ان هذة الاحواض التي أصبحت الان حفائر ليس فيها الا مياه الأمطار أصبحت المياه موجودة فيها طول السنة يستفيد منها أصحاب السعية عندما تنقطع المياه عن القنوات وقد فكرنا في زراعة خضروات قصيرة الاجل كالجرجير والعجور والخيار بإضافة وابور لستر صغير لاسيما انها قريبة جدا من سوق مسيد ودعيسي.. ولكن السيد الدعم (الورل ابو كلاش) ما ادانا فرصة نكمل تفكيرنا

…. لو إدارة مشروع الجزيرة فكرت في تخزين مياه في كل حواشة من حواشات المشروع كما اقترح عليهم الصينيون ذات دراسة لتحول المشروع الي بستان عالمي بحق وحقيقة وتضاعف العائد منه اضعافا مضاعفة.. لكن هذا المشروع (حارسه البعوعي) وهذة قصة خامسة فما أكثر القصص وما أقل الاعتبار .. وياميلة بختك يا امة السودان وهاكم التشيكل الوزاري دا… وهاكم تأسيس دي وارجعوا لورا شوية وشيلوا معاكم مرتضى بتاع بيارة السوكي التي انهارت… وتبكي يا بلدي…

عبد اللطيف البوني

/حاطب ليل/١٣يوليو ٢٠٢٥

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

اللغة التي تفشل

تكتمل الكارثة بالعجز اللغوي عن وصفها. لم نعد قادرين على القول؛ لأن القول لم يعد قادرًا على ممارسة أفعاله، ولأن القول العاري من الإرادة موعود بخيانة نفسه. سولماز شريف، الشاعرة الأمريكية الإيرانية الأصل كانت قد كتبت ذات مرة:

«كل قصيدة فعل.

كل فعل عمل سياسي.

ولذا فكل القصائد سياسية». (اقرأ مقالتها «الخصائص شبه المشتركة بين السياسي والشعري: المحو» بترجمة مزنة الرحبية، على مجلة الفلق الإلكترونية).

تذكرنا شريف، فيما ننسى، بأن تسييس القصيدة ليس مسألة اختيار، بل هو شرط شعري مسبوق بشرط أول: أن تكون القصيدة فعلاً. فعل القصيدة شرط شعري لا حياد عنه. على القصيدة أن تفعل فعلها السياسي، «أن تدقَّ جدار الخزان» بتعبير غسان كنفاني كي تتحقق شعريًا. وبهذا المعنى تضع سولماز شريف شعرنا المكتوب في خضم الكارثة أمام تحدٍ وجودي يعيدنا للبحث في أزمة سابقة تتعلق بالدولة والحرية، وبالفضاء السياسي للغة عمومًا: كيف نكتب شعرًا «فاعلًا» بلغة معقَّمة معطَّلة سياسيًا من الأساس؟ فإذا كانت الخطب المنبرية الصريحة تفشل فشلها الذريع في الفعل، فكيف لإيماء الشعر أن يفعل بهذه اللغة المقهورة سياسيًا؟! يدهشني أن أقرأ عن غزيين يحاولون تعلم اللغة الإنجليزية كلغة طوارئ يترجمون بها معاناتهم للعالم. ولعل هذا الشاهد هو الأبلغ على فشل هذه اللغة، العربية، وعلى عطالتها السياسية، اللغة التي لم تعد تسعف، ولم تعد تلبي مهمة التواصل والوصول.

«قهر اللغة» هو الفصلُ الأقسى من فصول هذه الإبادة المفتوحة، حين تنتحر الكلمات على حدود السياج الخفي، الفاصل الواصل بين اللفظ ودقة المعنى. اللغة المقهورة التي ظلت عاجزة عن الفعل السياسي نكتشف اليوم، في امتحانها الأصعب، أنها مصابة بالعجز حتى أن الإيفاء بوظيفتها الأخيرة «التعبير». ولكن من منَّا الآن على استعداد ليقرَّ بعجز لغته عن التعبير، فضلاً عن الإتيان بجديد في هذا المناخ من الاستعصاء المرير، استعصاء ما بعد الصدمة؟!

سؤال الإبداع في الإبادة هو أيضًا سؤال إشكالي من ناحية أخلاقية وفلسفية في الآن نفسه: كيف لنا، قبل أي شيء، أن نبحث في الإبادة عن معنى؟ معنى جديد؟ كيف نطالب بإبداع من وحي الإبادة دون أن نجد في هذا المطلب تناقضًا فلسفيًا من قبل أن يكون أخلاقًيا؟ أوليس في هذا التسول البائس تواطؤًا يجعل من الكتابة «الجمالية» عن الإبادة تطبيعًا لها، أو توكيدًا ضمنيًا لما تسعى لاستنكاره؟ ربما تصبح مقولة أدورنو الشهيرة عن استحالة كتابة الشعر بعد «أوشفيتز» ضرورية في هذا السياق، حتى وإن بدت لنا مكابرة الكتابة في هذا الظرف، رغم قهر اللغة، مكابرةً أخلاقيةً مشروعة، بذريعة أن بديلها المطروح ليس سوى الصمت، الصمت عن الجريمة.

ما الذي يمكن فعله بهذه اللغة التي تفشل؟ على مدى عامين تقريبًا وأنا أراقب لغتي بخوف وحذر. الإبادة المستمرة هناك تمتحن لغتي هنا كما لم أعرف من قبل امتحانًا في اللغة. كيف يكتب اليوم من لم يهيئ نفسه وأدواته من قبل لاستقبال العالم بهذه الصورة؟ ثمة وحشية فاجرة، أكبر من طاقة اللغة على الاستيعاب. عنف يحشرني في زاوية ضيقة من المعجم، وهو ما يجبرني على تعلم أساليب جديدة في المراوغة والتملص للنجاة من هذا الحصار، حصار السكوت الذي لا يقترح إلا الكلام الجاهز.

أستطيع أن أحدد يوم السابع من أكتوبر 2023 تاريخًا لبداية مرحلة جديدة من لغتي. صرتُ كثير التَّفكر في اللغة باعتبارها موضوعًا موازيًا للعالم. بات عليَّ أن أُعقلن لغتي أكثر، أن أرشِّدها، وأن أتحداها في الوقت نفسه. يظهر هذا في تلعثمي وتعثري بالألفاظ كلما حاولتُ الكتابة أو الحديث عن الإبادة التي لم أعد أستطيع التعبير عنها بأي شكل من الأشكال دون الدخول في صراع مع اللغة وإمكانياتها. حتى وأنا أكتب كلمة «إبادة» الآن أصطدم بفراغ عدمي بعد الكلمة، وأدخل في متاه مفتوح لا يؤدي إلى أي شيء، عدم يحيل هذه الكلمة إلى مجرد لفظة إجرائية فقدت حوافها وحدودها من فرط الاستهلاك اليومي.

تختبر الحرب قدرة الشعر والفكر على امتصاص الصدمة واستقبال الفجيعة. حدث هذا جليًا في عقب الصدمة التي ولَّدتها النكسة سنة 1967، سنة الانقلابات الشخصية والتحولات الكبرى في صفوف الشعراء والمثقفين العرب. وهو ما يحدث اليوم وعلى مدى أشهر في صورة أكثر بطئًا وتماديًا. والحرب تأتي لتفحص جهوزية اللغة ولتعيد تشكيلها في نهاية المطاف. إنها تعبثُ بالعلاقة بين الدال والمدلول، وتبعثر الاستعارات القديمة لتأتي باستعاراتها الجديدة، وتفرض مع الوقت معجمها الموحَّد الذي توزعه على الجميع. كما تفتحُ الحرب الباب للشعراء الهواة لتقديم استقالاتهم والانصراف البيوت (لا شاعر للمهمات الصعبة اليوم)، وإن كانت في الوقت نفسه توفر مناخًا انتهازيًا لهذه الفئة من الشعراء المتسلقين على المراثي وأحصنة الحماسة.

سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • وليد صلاح عبد اللطيف: الزمالك بيشتري لاعيبه مغمورة ويروحوا نجوم للأهلي
  • أنس المطوق.. طفل فلسطيني يعيش على المياه إن وجدت
  • ناشط مصري لـعربي21: إسرائيل تجني اليوم حصاد ما زرعته في 3 يوليو 2013 (فيديو)
  • اللغة التي تفشل
  • شاهد بالفيديو.. بسبب القطوعات التي تشهدها مدينة بورتسودان.. شيبة ضرار يمنح مدير الكهرباء مهلة 12 ساعة ويهدد بإقتحام المكاتب بــ”الفرشات” و “البطاطين”
  • خاعبد اللطيف البوني مع أهل الدراما
  • في بابل.. احتجاجات غاضبة على شح المياه وجفاف المجرية (صور)
  • حصاد ”تمور القطيف" .. 250 ألف نخلة تنتج 5 أصناف
  • ذهب الأرض.. مصري يوثق موسم حصاد القمح في مرسى مطروح