في لقاء مؤثر ضمن برنامج "سنتر ستيج" (Center Stage)، قدّم الطبيب النفسي والكاتب الكندي من أصل يهودي غابور ماتي رؤية عميقة وجريئة حول ما يجري في فلسطين، مركزا على الأثر النفسي والسياسي والاجتماعي للاحتلال الإسرائيلي، ومنددا بتواطؤ الإعلام الغربي وصمته المستمر إزاء مأساة الفلسطينيين.

استهلّ ماتي اللقاء بالإشارة إلى تجربته الأخيرة في فلسطين عام 2022، حيث عمل مع نساء فلسطينيات تعرضن للتعذيب في السجون الإسرائيلية.

نقل عنهن عبارة لافتة: "لا يوجد اضطراب ما بعد الصدمة هنا، لأن الصدمة لا تنتهي، بل هي دائمة". مشيرًا إلى أن معاناة الفلسطينيين ليست حدثًا استثنائيًا، بل تراكم مستمر منذ أكثر من قرن.

وتابع: "الناس يظنون أن التاريخ بدأ في 7 أكتوبر، لكن الحقيقة أن ما حدث هو نتيجة عقود طويلة من القمع والقتل والتشريد، تعود إلى ما قبل 1967 وحتى ما قبل ذلك".

مسارات متقاطعة بين النكبة والمحرقة

روى ماتي سيرته الذاتية بوصفه طفلًا يهوديًا وُلد قبيل الاحتلال النازي للمجر، ونجا من الإبادة الجماعية التي طالت أسرته. وأوضح أن اكتشافه للصهيونية في مراهقته كان بمثابة الخلاص من "الإهانة الدائمة" والعداء للسامية في أوروبا الشرقية، لكنها سرعان ما تحولت إلى خيبة بعد انكشاف الوجه الاستعماري للمشروع الصهيوني.

وأوضح أن حرب 1967 كانت لحظة تحوّل، حيث أدرك أن إسرائيل سعت لاحتلال أراضٍ عربية دون نية لإعادتها. وقال: "كان الأمر واضحًا منذ البداية، إسرائيل لن تتخلى عن الأراضي التي احتلتها".

وانتقد ماتي بشدة التغطية الإعلامية الغربية التي وصفها بـ"المضلِّلة"، متهمًا إياها بتبني الرواية الإسرائيلية رسميًا وتجاهل معاناة الفلسطينيين. وأشار إلى أن إسرائيل منعت دخول الصحفيين إلى غزة عمدًا، واستهدفت الصحفيين أنفسهم، مما يفسر غياب التغطيات الحقيقية.

وأضاف: "كلما تم توثيق جرائم ضد المدنيين، تكون ردة الفعل الإسرائيلية هي: "أخطأنا"، رغم أن الأخطاء أصبحت نمطا متكررا".

الاستعمار والهيمنة من الهند إلى فلسطين

وسّع ماتي تحليله ليشمل البُعد الاستعماري في تعامل الغرب مع الشعوب، مؤكدا أن ما تفعله إسرائيل اليوم من قمع وقتل وتهجير ليس استثناء، بل تكرار لنموذج استعماري مارسته القوى الغربية عبر التاريخ في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية.

إعلان

وذكر أن "وصف الفلسطينيين كأعداء خطرين مجرد إعادة إنتاج للخطاب الاستعماري القديم"، مُضيفا أن تبرير ذلك بالإشارة إلى الهولوكوست لا يصمد أمام مقارنة تاريخية واسعة.

اعترف ماتي بأن الصدمة الجماعية التي أصابت اليهود جراء المحرقة لعبت دورا في نشوء الصهيونية، لكنها لا تبرر ما يجري الآن من انتهاكات بحق الفلسطينيين. وقال: "أنا متعب من سماع أن الصدمة تبرر كل شيء. كل القوى الاستعمارية ارتكبت المجازر باسم السيطرة، لا باسم الصدمة".

View this post on Instagram

A post shared by الجزيرة الوثائقية (@aljazeeradocumentary)

ورغم الصورة القاتمة، يرى ماتي بريق أمل في أصوات يهودية شابة ترفض ما يُرتكب باسمها، وفي صمود الفلسطينيين وتمسكهم بكرامتهم وحقهم. كما أبدى إعجابه بوعي متنامٍ عالمي، لا سيما من الشباب، يرفض التزييف الإعلامي، ويطالب بالعدالة الحقيقية.

واختتم بالقول: "ما زلت أومن بالإنسانية، أرى في القلب البشري قدرة على تجاوز الظلم والسعي للحقيقة، وهذا ما يمنحني الأمل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

إخفاق الناشئين يفضح الخلل

إخفاق الناشئين يفضح الخلل

مقالات مشابهة

  • عاجل | القناة 12 الإسرائيلية: قوات الجيش تقتل منفذ عملية الدهس التي وقعت قرب الخليل وأدت إلى إصابة مجندة
  • إخفاق الناشئين يفضح الخلل
  • فيلم جندي الصفيح.. جدلية الخلاص من الصدمة بدخول دوّامة جديدة
  • مندوب فلسطين بالجامعة العربية: إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين
  • سوريا تدعو المجتمع الدولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية التي تهدد الأمن الإقليمي
  • إسرائيل تعتقل مئات الفلسطينيين بالضفة الغربية أسبوعياً
  • هيئة البث الإسرائيلية: جهود أمريكية للتهدئة بين إسرائيل وسوريا
  • لجنة أممية: أدلة على تعذيب منظم وواسع تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين
  • القدس للدراسات: إسرائيل تريد أن تجعل حياة الفلسطينيين جحيما لدفعهم للرحيل
  • الهيئة الوطنية للعمل الشعبي: مواجهة المشروع الاستعماري تتطلب وحدة الفلسطينيين