WSJ: اعتراف بريطانيا وفرنسا بدولة فلسطين يفتح الباب أمام تحولات غربية أوسع
تاريخ النشر: 1st, August 2025 GMT
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في تقرير مشترك أعدّه مدير مكتبها في لندن ديفيد لوهنو، ومراسلوها في برلين و"تل أبيب"، أن خطوات بريطانيا وفرنسا المتسارعة نحو الاعتراف بدولة فلسطينية قد تدفع مزيداً من الحلفاء الغربيين للولايات المتحدة إلى سلوك المسار ذاته، في مؤشر على تصدعات متزايدة في جبهة الدعم التقليدي للاحتلال الإسرائيلي داخل الغرب.
وأكد التقرير أن الاعتراف الرمزي بدولة فلسطين لن يُحدث تحولاً عملياً مباشراً على الأرض في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكنه يعكس انحرافاً استراتيجياً كبيراً في الموقف الغربي، الذي كان يعتبر دعم "إسرائيل" مسألة ثابتة غير قابلة للتفاوض.
ويأتي هذا التحول في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي خلّف عشرات آلاف الضحايا المدنيين، وتسبب في أزمة إنسانية غير مسبوقة، ما دفع الرأي العام في عدد من الدول الغربية إلى الضغط على حكوماته لاتخاذ مواقف أكثر توازناً.
فرنسا وبريطانيا.. وكندا على الطريق
وأشار التقرير إلى أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أعلن، الثلاثاء الماضي، أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين بحلول أيلول/ سبتمبر المقبل، ما لم يقدِم الاحتلال الإسرائيلي على خطوات "جوهرية" لإنهاء الحرب في غزة، وذلك بعد أيام فقط من إعلان فرنسي مشابه. وأوضحت الصحيفة أن باريس تعمل بفعالية على حشد دول أخرى للاعتراف بفلسطين، وقد بدأت جهودها تؤتي ثمارها.
وفي هذا السياق، قالت الحكومة الكندية إنها تنوي الاعتراف بفلسطين بشرط إجراء السلطة الفلسطينية إصلاحات حكومية وتنظيم انتخابات عامة في عام 2026، يُستبعد فيها أي دور لحركة حماس.
كما وقعت 15 دولة، بينها كندا، على رسالة مشتركة في الأمم المتحدة أعربت فيها عن "الاستعداد" أو "النظر بإيجابية" نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، في محاولة لإحياء حل الدولتين كخيار سياسي واقعي.
وفي خطوة غير مسبوقة، دعت دول عربية وإسلامية، بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي ودول كاليابان والمكسيك، حركة حماس إلى إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، والتخلي عن السيطرة على غزة، ونزع سلاحها، ضمن مساعٍ لمعالجة الهواجس الأمنية الإسرائيلية.
تحول في مواقف الحلفاء التاريخيين
اعتبرت الصحيفة أن انضمام فرنسا وبريطانيا وهما قوتان نوويتان وعضوان دائمين في مجلس الأمن إلى قائمة المعترفين بفلسطين، يمثل لحظة فارقة في تآكل الدعم الغربي لإسرائيل. وقال محللون إن مثل هذا القرار قد يطلق "تأثير الدومينو"، مع احتمالية تحرك مزيد من الدول الأوروبية والغربية في الاتجاه ذاته.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن هذا التحول يعكس أيضاً أزمة ثقة متزايدة داخل النخب السياسية الأوروبية تجاه الحكومة الإسرائيلية اليمينية، خاصة مع تصاعد الدعوات لضم أجزاء من غزة، واستمرار الاستيطان في الضفة الغربية، وتزايد الانتهاكات ضد المدنيين الفلسطينيين.
تل أبيب: الدولة الفلسطينية "منصة لإبادة إسرائيل"
في المقابل، هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخطوة الفرنسية البريطانية، قائلاً إن "إقامة دولة فلسطينية في هذه الظروف ستشكل منصة لإبادة إسرائيل، وليس للعيش إلى جانبها بسلام". وشاركت شخصيات من المعارضة الإسرائيلية الغضب ذاته، محذّرة من تداعيات الاعتراف على مكانة إسرائيل الدولية.
وبينما تتمسك الولايات المتحدة حتى الآن بموقفها الرافض للاعتراف بدولة فلسطينية خارج إطار اتفاق شامل، حذرت إدارة الرئيس دونالد ترامب من أن مثل هذا الاعتراف سيُعد "مكافأة لحماس"، حسب تعبير ترامب.
وفي السياق ذاته، أعربت كل من ألمانيا والنمسا عن تحفظهما إزاء أي خطوة يمكن أن تُفسر على أنها تقويض لأمن إسرائيل، فيما تسعى بروكسل إلى تجميد استفادة الشركات الإسرائيلية من برنامج "هورايزون" للأبحاث، البالغة قيمته 100 مليار يورو، لكن ألمانيا تعرقل حتى الآن هذا التوجه.
الضغوط تتصاعد.. ودعم الاحتلال لم يعد مضموناً
قال محللون إن هذا التحول لا يزال رمزياً، لكنه يرسم معالم تغير جوهري في خارطة الدعم الدولي للاحتلال الإسرائيلي. فالعقوبات المفروضة على وزراء إسرائيليين متطرفين، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، تُظهر جدية الغضب الأوروبي من سياسات الاحتلال والتمييز، خاصة في ملف الاستيطان وضم الأراضي.
ويرى خبراء أن هذه الخطوات قد تدفع باتجاه مزيد من الاعترافات الدولية بفلسطين، ما من شأنه أن يسهّل انضمامها إلى منظمات دولية أوسع، على غرار ما جرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012، والتي منحت فلسطين صفة "دولة غير عضو"، ثم رفعتها إلى "دولة مراقبة دائمة" عام 2024، لولا اعتراض الولايات المتحدة على العضوية الكاملة في مجلس الأمن باستخدام الفيتو.
تغير في الموقف الأوروبي بعد عقد من الجمود
لفت التقرير إلى أن التغيرات المتسارعة في الموقف الغربي جاءت نتيجة تراجع الثقة في نوايا "إسرائيل" السياسية، إذ تنامى الاعتقاد في الأوساط الأوروبية بأن حكومة نتنياهو ترفض فعلياً حل الدولتين، بل تدفع نحو ضم أراضٍ إضافية، وتستخدم العنف المفرط ضد الفلسطينيين.
وفي كلمته خلال مؤتمر أممي في نيويورك، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي: "رفض حكومة نتنياهو لحل الدولتين هو خطأ أخلاقي واستراتيجي، يضر بمصالح الشعب الإسرائيلي، ويغلق الطريق أمام سلام عادل ودائم".
ويخضع ستارمر لضغوط متزايدة داخل حزب العمال، حيث دعا أكثر من 130 نائباً، بينهم وزراء، إلى الاعتراف الفوري بدولة فلسطين، وهو ما تؤيده غالبية الرأي العام البريطاني، بحسب استطلاع حديث أظهر تأييد 45% من البريطانيين للاعتراف، مقابل معارضة 14%.
يخشى دبلوماسيون إسرائيليون من أن يؤدي الاعتراف الأوروبي بفلسطين إلى تقويض قدرة الغرب على فرض شروط على الدولة الفلسطينية المستقبلية، مثل نزع السلاح، وضبط الحدود، وحل قضية اللاجئين.
وقال دبلوماسي إسرائيلي كبير للصحيفة: "هذا يعطي الفلسطينيين – وحماس – شعوراً بأنهم غير مطالبين بفعل شيء مقابل هذا الاعتراف، وأن كل ما يفعلونه يصب في مصلحتهم".
وتتجه أوروبا نحو تغيير في التوازن الدبلوماسي التاريخي بشأن القضية الفلسطينية، مدفوعة بانهيار الوضع الإنساني في غزة وتآكل الثقة في سلوك الحكومة الإسرائيلية. وقد يكون هذا الاعتراف خطوة رمزية، لكنه يحمل في طياته تحولات استراتيجية، قد تقود إسرائيل إلى عزلة متزايدة حتى وسط أقرب حلفائها الغربيين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية بريطانيا الاعتراف فلسطينية الإسرائيلي فرنسا بريطانيا إسرائيل فلسطين فرنسا اعتراف صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بدولة فلسطین
إقرأ أيضاً:
فرانشيسكا ألبانيزي للجزيرة نت: فلسطين شوكة في خاصرة النظام العالمي
باريس- في تصريحات خاصة للجزيرة نت، أشارت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي إلى العجز الحاصل في الأمم المتحدة، معتبرة أن العالم يعيش اليوم تحت "قانون الأقوى"، في مقابل تراجع فاعلية القضاء الدولي والدبلوماسية.
وأكدت ألبانيزي أن القضية الفلسطينية لم تعد مجرد مأساة إنسانية، بل عبئا سياسيا عالميا تتداخل فيه مصالح كبرى، محذرة من استنساخ السياسات المعادية للفلسطينيين داخل أوروبا، ومن محاولات الالتفاف على الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، عبر تحويل الأنظار إلى صراعات أخرى، مثل السودان.
كما شددت على أن ما يجري في غزة يرقى إلى الإبادة الجماعية التي تنكرها معظم الدول الغربية، مؤكدة أنها تواصل عملها رغم التهديدات "لأنها لا تريد أن تعيش وهي تشاهد إبادة تتكشف يوما بعد يوم" حسب قولها.
وعبّرت فرانشيسكا ألبانيزي عن قلق بالغ إزاء ما وصفته بـ"العجز البنيوي" الذي أصاب الأمم المتحدة ومؤسساتها، خاصة في قدرتها على منع الجرائم أو وقفها أو جبر الضرر الناتج عنها.
ورغم قناعتها بأن المنظمة بإمكانها إيجاد مخرج إن توفرت الإرادة، تعتقد المقررة الخاصة للأمم المتحدة أن هذا العجز لا يتعلق بالفلسطينيين فقط، بل يمتد ليشمل عشرات الصراعات التي لم تُناقش بعد داخل المنظومة الأممية.
وقالت ألبانيزي "الأجواء نفسها تهب على مباني وإجراءات كل من المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية التي تعد جزءا من الأمم المتحدة، ونحن عالقون بين الأمل واليأس، هناك أمل في أن يسود حكم القانون في المحاكم الدولية وأمل في أن تستعيد الدبلوماسية السيطرة على الوضع".
وترى أن المشهد الحالي يُدار وفق "قانون الأقوى" وأن ذلك لا يعود بالنفع على أي طرف، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها التي "لا يستفيد سكانها من السياسة الخارجية الأميركية وسياساتها تجاه الأمم المتحدة"، ومع ذلك، تؤكد أن هناك نافذة أمل متبقية تتمثل في سيادة القانون الدولي، بدل قانون الأكثر تسليحا.
ورفضت ألبانيزي الاستمرار في تقديم القضية الفلسطينية كقضية إنسانية أو سلسلة مآس معزولة، مؤكدة أن ما يجري "لا يعتبر زلزالا أودى بحياة أكثر من 60 ألف فلسطيني، بل نظام ممتد من الانتهاكات"، وشددت على أن الخروج من "الفوضى" يبدأ بتطبيق القانون الدولي وأحكام محكمة العدل الدولية.
إعلانوعند سؤالها عن أخطر الانتهاكات التي ترصدها، قالت "من الصعب الإشارة إلى جريمة واحدة، لأن الانتهاكات تشمل جميع الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين في كل أنحاء الأراضي الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل".
وذهبت أبعد من ذلك حين أشارت إلى أن "السياسات المعادية للفلسطينيين التي تتبعها إسرائيل تُستنسخ اليوم في أوروبا، حين تُمنع المظاهرات والفعاليات الداعية للعدالة لفلسطين، بسبب تعرض الناشطين والمثقفين والصحفيين للاضطهاد".
وتعتقد ألبانيزي أن "قوة جماعات الضغط المؤيدة للفصل العنصري في أوروبا لا تأتي فقط من مواردها، بل من خوفنا وجبننا"، داعية إلى التحلي بالشجاعة.
وأضافت المقررة الأممية أن "القضية الفلسطينية عبء سياسي يثقل كاهل ملايين البشر وكاهل الفلسطينيين، وحياة شعوب الشرق الأوسط، وأولئك الذين يدفعون الثمن، حيث إنه عندما يدفع أحدهم هذا الثمن الباهظ، يكون هناك من يستفيد ومن ينتصر".
وأبدت فرانشيسكا ألبانيزي حزنا بالغا تجاه ما يحدث في السودان، معتبرة أن "تسليط الضوء المفاجئ على مذبحة الفاشر ـرغم أنها ليست الأولى ـ يأتي في توقيت مريب بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة"، وترى أن هذا التحول "يخدم مناورة تهدف إلى تجنب التحدث عن غزة".
وتساءلت "لماذا نُدين هذه المذبحة فجأة، بينما العنف مستمر حقا في السودان، وتدعمه أيضا دول متورطة الآن في الصراع الذي بدأته إسرائيل ضد الفلسطينيين؟".
كما أوضحت أن "مجلس الأمن محكوم بتوازنات ورؤية عالمية لا تنتمي إلى هذا القرن أو القرن الماضي، بل إلى عالم ما قبل الاستقلال من الاستعمار"، وأن "حق النقض (الفيتو) لا ينبغي أن يكون جزءا من هذا النظام الذي لا يمكن إصلاحه طالما يُستخدم بهذه الطريقة المُسيّسة".
ولهذا السبب تعتقد ألبانيزي أن الأمم المتحدة ستفقد أهميتها ومركزيتها بشكل متزايد إذا لم تمضِ قدما وتغيّر الأمور على أرض الواقع.
"محض كذب وهراء".. المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيز ترد على ما تدعيه الحكومة الإيطالية بقيادة ميلوني بأنها "ساعدت سكان قطاع غزة"#حرب_غزة pic.twitter.com/dgRCv24AtB
— قناة الجزيرة (@AJArabic) November 15, 2025
رفض الوصاية الدوليةوفي إطار تحقيق نشرته صحفية "الغارديان" كشف عن خطة لتقسيم قطاع غزة إلى منطقتين: منطقة خضراء يعاد إعمارها ومنطقة حمراء تترك في دمار كامل، يفصل بينهما خط أصفر، قالت ألبانيزي إن "أي نقاش حول غزة يقوده أي طرف غير الفلسطينيين هو نقاش خاطئ".
وأكدت أنه "لا توجد دولة مؤهلة لفعل شيء أفضل"، مطالبة بإلزام إسرائيل بالانسحاب الكامل من أراضي غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وفق ما قضت به محكمة العدل الدولية وهو عدم شرعية الاحتلال.
وقالت ألبانيزي "لماذا لا نزال نتحدث عن رغبة إسرائيل في إعادة الإعمار؟ على إسرائيل ببساطة أن تردّ الجميل للولايات المتحدة وألمانيا، باعتبار أنهما أول دولتين تقدمان مساعدات عسكرية، والأكثر دعما تجاريا وماليا ودبلوماسيا، إلى جانب إيطاليا".
إعلانولذا، وصفت خطط الحماية والوصاية بأنها "ذريعة لترك إسرائيل تواصل سيطرتها على غزة وتهجير ما تبقى من الفلسطينيين، لأن وقف إطلاق النار سيسمح بتحقيق ما لم تتمكن الإبادة الجماعية والتطهير العرقي من تحقيقه في غزة" على حد قولها.
(الجزيرة)جدل الإبادة الجماعية
وأكدت ألبانيزي، وهي بالأصل محامية إيطالية، أن الحديث عن الإبادة الجماعية لا يزال "شبه محظور"، قائلة إنه من الصعب الحديث عنها، "ليس بالضرورة فقط في الأمم المتحدة، بل في الدول الغربية أيضا، لأن معظمها ينكرها، مع استثناءات قليلة مثل إسبانيا وسلوفينيا اللتين تعترفان بأن ما يحدث في غزة إبادة جماعية".
وتعتقد أن المشكلة تكمن في "البنية الاقتصادية والمالية والسياسية" التي تدعم إسرائيل، لأنها "متجذرة بعمق في أنظمتنا ومرتبطة جدا بالولايات المتحدة".
واعتبرت ألبانيزي أن "المطالبة بتطبيق القانون الدولي لا تتعلق بالكراهية تجاه إسرائيل"، قائلة إن ذلك "سيحمي الإسرائيليين أيضا، لأن الكثير منهم يتعرضون لجنون الإبادة الجماعية، ولأن تدمير الشعب الفلسطيني يستلزم تدمير جزء من الشعب الإسرائيلي، وهذا لا يمكن السماح به".
View this post on Instagram عقوبات واتهامات وتهديداتوفي الوقت الذي فرضت فيه واشنطن عقوبات قاسية على المقررة الأممية، تعرضت ألبانيزي أيضا لانتقادات حادة داخل بلدها إيطاليا، بينما منعتها إسرائيل من الدخول إلى الأراضي المحتلة، وحتى إعلاميا اتُهمت بتلقي أموال من حركة حماس.
وتعليقا على ذلك، قالت ألبانيزي "ليس من المستغرب أن الدولة التي أتهمها بارتكاب إبادة جماعية ستهاجمني بكل قوتها، وأنا لست وحدي لأنني أعمل إلى جانب لجنة التحقيق بشأن فلسطين وإسرائيل ومنظمة العفو الدولية والعديد من منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية والعديد من الباحثين والخبراء".
وتابعت "لا أستغرب أيضا من الهجوم التي أتعرض له من طرف الدول المتواطئة مع إسرائيل بالقول إنني أشكل تهديدا للاقتصاد العالمي، لأنها دول -مثل الولايات المتحدة- تؤوي معظم الجهات الفاعلة الخاصة التي تستفيد من هذه الإبادة الجماعية مثل البنوك وشركات التكنولوجيا الكبرى والصناعة العسكرية".
لكنها ترى أن ما يثير دهشتها هو "غياب أي موقف أوروبي يقول: كفى!"، محذرة من أن فشل الأمم المتحدة في حماية خبرائها المستقلين ومسؤوليها سيؤدي إلى "انهيار علاقة الثقة، التي تشكل أساسا التزاميًا".
وفي زيارتها الأخيرة إلى باريس، التقت ألبانيزي عددا من نواب حزب "فرنسا الأبية" اليساري داخل البرلمان الفرنسي، للتطرق إلى ملف فلسطين والمناخ السياسي في أوروبا.
وكان من بين التصريحات التي فاجأت الحضور حديثها عن نوع وتبعات العقوبات المفروضة عليها منذ يوليو/تموز الماضي، بما في ذلك منعها من فتح حساب مصرفي وتسلّم الراتب، وفرض حظر على السفر، قائلة "قد يُغرّم زوجي ما يصل إلى مليون دولار لدعمه المادي لشخص خاضع للعقوبات".
وبصفتها مقررة أممية ومحامية، ترى ألبانيزي أن القانون الدولي يعيش "لحظة حرجة" لكنها ليست لحظة انهيار، مشيدة بما يقوم به الناس في الشوارع ومطالباتهم بتطبيق القانون الدولي واحترام قرارات محكمة العدل الدولية، و"هذا دليل واضح على النضج في المجتمعات" بحسب كلامها.
وتساءلت "هل كان لا بد من إبادة جماعية لنصل إلى هذا المستوى من الوعي؟ أود أن أقول لا، لكن ذلك قد حدث بالفعل، كما أن من هم في الحكم ومن يترأسون أكبر الشركات متعددة الجنسيات يستفيدون من هذا النظام، ويستغلون حياة الناس حتى يصلوا إلى حد الإبادة الجماعية".
إعلانوتعتقد المتحدثة أن "فلسطين تُمثل شوكة في خاصرة -ليس فقط إسرائيل- بل النظام الغربي والرأسمالي والدول العربية أيضا، لأن الفلسطينيين كانوا دائما مقاومين وناشطين".
وأضافت "في زمن تطور الوعي السياسي، كان الفلسطينيون في سياق القومية العربية مناضلين من أجل الحرية، وقد لاقى ذلك صدى في أفريقيا، حيث كان الناس يقاتلون ضد الاستعمار، وأعتقد أن هذه السمة للفلسطينيين -أنهم مقاومون ويُقاتلون- لا علاقة لها بالإرهاب".
وتختم فرانشيسكا ألبانيزي بأنها تدرك المخاطر على حياتها، لكنها ستواصل عملها "طالما أن الاحتلال والإبادة الجماعية وسياسة الفصل العنصري مستمرة"، وقالت "لا بد أن يقوم أحد بذلك، أليس كذلك؟ وأتمنى أن تكون هذه آخر إبادة جماعية في التاريخ، وآخر جريمة نسمح لإسرائيل بارتكابها دون عقاب ضد الفلسطينيين".