الإمارات لأبحاث تغير المناخ.. نموذجاً لمكافحة تحديات البيئة
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
أبوظبي - وام
يعول الخبراء والمتخصصون على البحوث المناخية لفهم التغيرات قصيرة وطويلة الأجل في درجات الحرارة، ومستوى سطح البحر، وهطول الأمطار، ونوعية الهواء، والظواهر الجوية الشديدة، وغيرها من مؤشرات المناخ، وتقييم آثار هذه التغيرات على البيئة والاقتصاد والمجتمع مع تحديد تدابير التكيف المناسبة.
ومن هذا المنطلق، اتخذت دولة الإمارات خطوات رائدة تدعم قدرة جميع قطاعات الدولة للتعرف إلى التأثيرات التي يمكن أن تسببها تداعيات التغير المناخي ومتطلبات التكيف معها، كما أعدت سلسلة من تقارير تقييم مخاطر التغير المناخي على القطاعات الحيوية، التي تمثل داعماً قوياً لمواجهة هذا التغير، وخفض مسبباته وتقليل حدة تداعياته.
وتعد شبكة الإمارات لأبحاث تغير المناخ، أحد جهود الإمارات من أجل المناخ، حيث تعمل الشبكة التي تديرها وزارة التغير المناخي والبيئة على سد وتقليل الفجوات المعرفية حول ما تتعرض له الدولة والمنطقة بشكل عام من تداعيات للتغير المناخي حالياً، وما ستشهده مستقبلاً عبر بحوث ودراسات وتحليلات علمية متخصصة، وبناء قاعدة بيانات متكاملة، تحدد من خلالها التوجهات واستراتيجيات العمل المطلوبة للتكيف مع هذه التداعيات.
ويستعرض محور «الأثر» ضمن حملة «استدامة وطنية» التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، النتائج والتأثير الإيجابي لمبادرات الاستدامة في دولة الإمارات على مختلف المجالات، حيث تهدف الحملة إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية.
ويبرز الموقع الإلكتروني للحملة sustainableuae.ae المبادرات وقصص النجاح الوطنية في مجال الاستدامة، حيث تحظى دولة الإمارات بسجل حافل في مجال الاستدامة، من خلال مبادرات ومشاريع رائدة تعكس القيم الراسخة للحفاظ على البيئة والتقاليد المجتمعية، وغيرها من القيم التراثية الأصيلة. وتغطي الحملة الإعلامية محاور عدة، أبرزها «إرث الوالد المؤسس» الذي يسلط الضوء على نهج وإرث الوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في مجال الاستدامة، ومحور «أبطال العمل المناخي» الذي يهدف إلى إبراز المشاركات الفردية في مبادرات مبتكرة في مجال العمل المناخي لبناء مجتمع أكثر استدامة، ومحور «الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي» الذي يستعرض جهود دولة الإمارات في مواجهة التغير المناخي من أجل تحقيق أهداف الحياد المناخي. وتتمثل مهمة شبكة الإمارات لأبحاث تغير المناخ، التي أطلقتها وزارة التغير المناخي والبيئة في عام 2021، في دفع عجلة البحث والابتكار في علوم المناخ، إضافة إلى إعداد الأبحاث والدراسات ذات العلاقة بتأثيرات التغير المناخي، وتعزيز قدرات جميع القطاعات على التكيف مع تداعياته. وتأتي شبكة الإمارات لأبحاث تغير المناخ ضمن جهود وزارة التغير المناخي والبيئة، لرفع الوعي بطبيعة التغيرات المناخية التي تشهدها الدولة، وتأثيراتها في جميع القطاعات، كما تأتي مواكبة وتعزيزاً لمسيرة دولة الإمارات وجهودها العالمية للعمل من أجل المناخ.
وتركز الشبكة على سد الفجوة المعرفية بالتغير المناخي، عبر رصد تأثيراته الحالية والمتوقعة مستقبلاً على المنطقة ودراستها وتحليلها بشكل موسع، لتخرج منها بتوصيات تحدد استراتيجيات العمل الملائمة للتكيف مع تداعيات التغير المناخي في دول المنطقة. ولضمان تحقيق هذا الجهد البحثي للهدف المرجو منه، تتم إتاحة نتائج الأبحاث والدراسات لكافة أفراد المجتمع لرفع وعيهم بالتغير المناخي، وما تشهده المنطقة من تداعيات وما يمكن أن تواجهه مستقبلاً وكيفية التكيف معها. وتخدم شبكة الإمارات لأبحاث تغير المناخ مجموعة من الأهداف أبرزها: تيسير تبادل المعارف، وتبادل الأعمال والأفكار لإجراء مزيد من أبحاث المناخ، وتوفير منصة لمناقشة الموضوعات ذات الصلة بأبحاث المناخ في دولة الإمارات ودول الخليج، وتسهيل عملية تحديد التحديات التي تواجه الأبحاث والحلول المقترحة، وتوفير الفرص لعلماء المناخ في المنطقة للمشاركة مع بعضهم بعضاً ومع الباحثين من دول أخرى، إضافة إلى تعزيز التعاون البحثي والمشاريع البحثية المشتركة. وتسهم الشبكة في رسم وتحديد أجندة الأبحاث المناخية ذات الأولوية والمطلوبة في دولة الإمارات، كما تتيح الفرصة للمختصين والباحثين في مجال المناخ للتواصل والتعاون، عبر قاعدة مشتركة توفر بيانات ومعلومات مُحدثة بشكل دائم، ما يعزز قدرتهم على البحث والدراسة.
وتضم الشبكة حالياً 94 عضواً، و45 شريكاً و13 مؤسسة بحثية و10 مؤسسات ومنظمات دولية شريكة، حيث تضم الشبكة مجموعة من علماء المناخ والباحثين لتسهيل نشر المعرفة وتعزيز تطوير التعاون البحثي، ويتم اختيار الأعضاء من مختلف الجهات الحكومية والجامعات والمراكز البحثية، كما يترأس الشبكة رئيسان يتم تحديدهما من بين الأعضاء. ويتم تنظيم أعضاء شبكة الإمارات لأبحاث تغير المناخ في مجموعات بحثية، حيث تقوم وزارة التغير المناخي والبيئة بالأعمال المنوطة بالأمانة العامة للشبكة، وذلك لضمان التنسيق المتواصل لأنشطة الشبكة.
وبهدف توفير مساحة تفاعلية للعلماء والباحثين للتعاون ووضع استراتيجيات بشأن العديد من قضايا تغير المناخ الملحة، تنظم وزارة التغير المناخي والبيئة مؤتمراً سنوياً لشبكة الإمارات لأبحاث تغير المناخ. وعقدت الوزارة المؤتمر السنوي الثاني لشبكة الإمارات لأبحاث تغير المناخ في شهر مايو الماضي، في إطار عام الاستدامة في الإمارات، وضمن استعدادات الدولة لاستضافة مؤتمر الأطراف COP28، لترسيخ التزام الإمارات الأوسع بأجندة التنمية المستدامة العالمية والعمل المناخي، والمساهمة بشكل فعال في الجهود الدولية للحدّ من آثار تغير المناخ.
وكشفت النسخة الثانية من المؤتمر عن مستجدات بارزة منها إطلاق قسمين جديدين لشبكة الإمارات لأبحاث تغير المناخ، هما قسم الشباب وقسم اللجنة الاستشارية، ويوفر قسم الشباب منصة للشباب للدعم والمشاركة في جهود البحث المناخي المختلفة، بينما تقدم اللجنة الاستشارية منظوراً مهنياً أكثر تعقيداً للجهود المناخية التي يتم استكشافها في إطار ممارسات التكيف مع تغير المناخ، وتهدف هذه الجهود إلى توسيع نطاق البحث، وإلهام الأجيال الشابة للمساهمة في حلول تغير المناخ، وتمكين صياغة السياسات بناءً على رؤى علمية رائدة.
وأبرز مؤتمر شبكة الإمارات لأبحاث تغير المناخ قيمة العمل المشترك والتعليم والابتكار، إضافة إلى دوره في توفير بيئة تعاونية لمواجهة التهديدات المباشرة التي يفرضها تغير المناخ. وشكّل المؤتمر فرصة لاستعراض التقدم الذي أحرزته دولة الإمارات في مجال العمل المناخي، والتزامها الراسخ بالاستدامة، ودور الدولة الفاعل في البحث عن حلول مبتكرة للتغير المناخي يستفيد منها الجميع على الساحة الدولية. يذكر أن تقريراً للأمم المتحدة أظهر أن التغير المناخي ضاعف خلال العقدين الماضيين الكوارث الطبيعية التي أودت بحياة 1.2 مليون شخص وأثرت في حياة 4.2 مليار نسمة، كما أنه يعتبر أكبر تهديد صحي يواجه البشرية، الأمر الذي يستدعي تعزيز قدرات الدول البحثية والعلمية لتحديد التأثيرات المتوقعة للتغير المناخي والحلول الابتكارية لمواجهته، إضافة إلى ضرورة سد الفجوة المعرفية بالتغير المناخي، وزيادة الدراسات المتخصصة التي تضع الإجراءات المطلوبة لمكافحة هذا التحدي.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات المناخ دولة الإمارات العمل المناخی التکیف مع المناخ فی إضافة إلى فی مجال
إقرأ أيضاً:
دراسة: تغير المناخ يهدد بانقراض آلاف الأنواع
تهدد التحولات في درجات الحرارة وأنماط الطقس النظم البيئية في جميع أنحاء العالم، مما يعرض بدوره عددا لا يحصى من أنواع الحيوانات للخطر ويؤثر في تكاثرها وهجرتها وبقائها، ويسرع في النهاية من الانخفاض المثير للقلق في التنوع البيولوجي العالمي.
وأكدت دراسة نشرت في دورية "بيو ساينس" (BioSience) التابعة لأكاديمية أكسفورد أن ما لا يقل عن 3500 نوع من الحيوانات مهدد بشكل مباشر بارتفاع درجات الحرارة وتكثّف العواصف والجفاف وغيرها من التغيرات المرتبطة بالمناخ.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4دراسة: 99% من أعماق البحار مجهولة ومخططات تعدينها خطيرةlist 2 of 4"دم التنين" في سقطرى.. كنز بيئي نادر مهدد بالاندثارlist 3 of 4ذوبان الأنهار الجليدية يهدد نظما بيئية فريدةlist 4 of 4التنوع البيولوجي بين مخاطر التغير المناخي والأنشطة البشريةend of listوحللت الدراسة بيانات 70 ألفا و814 نوعا من الكائنات، موزعة على 35 فئة تصنيفية فقط من فئات الحيوانات البالغ عددها 101 فئة، التي خضعت للتقييم ضمن القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
وحسب الدراسة، واجه ما يقرب من نوع واحد من كل 4 أنواع حيوانية تم تقييمها خطر الانقراض المحتمل، وهو ما يمثل 23.9% من الأنواع التي شملتها الدراسة.
وبالإضافة إلى ذلك، انقرض 778 نوعا، منها 39 نوعا في البرية. وبشكل عام، تعرض 3585 نوعا تم تقييمها للتهديد بسبب تغير المناخ، أي ما يعادل 5.1% من جميع الأنواع الحيوانية التي تم تقييمها.
ويحذر الخبراء من أن الأثر الحقيقي قد يكون أكبر بكثير، لأن غالبية مجموعات الحيوانات لم تُقيّم رسميا حتى الآن من حيث مخاطر المناخ، إذ إن الدراسة شملت في النهاية تمثل فقط 5.5% من إجمالي الحيوانات الموصوفة علميا.
إعلانوحذرت الدراسة بالقول: "نحن على أعتاب أزمة وجودية تهدد الحياة البرية على كوكب الأرض، فقد كان السبب الرئيسي لفقدان التنوع البيولوجي هو التهديد المزدوج المتمثل في الاستغلال المفرط وتغير الموائل، ولكن مع تفاقم تغير المناخ، نتوقع أن يصبح هذا التهديد ثالث المحركات الرئيسية لانقراض الحيوانات".
وقال ويليام جي ريبل وهو مؤلف رئيسي للدراسة: "نحن قلقون بشكل خاص بشأن اللافقاريات البحرية التي تمتص أغلب حرارة التغير المناخي، وتُعد محدودة القدرة على الحركة وتجنب الظروف المعاكسة، مما يجعلها عرضة لخطر متزايد".
وأشارت الدراسة إلى أن التغيرات المناخية خلال السنوات الأخيرة وخصوصا موجات الحر في البحار والمحيطات أدت إلى انخفاض كبير في بعض الأنواع، من بينها الرخويات. وخلال موجة الحر التي اجتاحت شمال غرب المحيط الهادي عام 2021، نفق مليارات من بلح البحر والمحار والقواقع خلال أيام. كما أدت موجة حر بحرية شديدة عام 2016 إلى انهيار قرابة 30% من الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا.
وحسب الدراسة، لم تقتصر التأثيرات على الكائنات البحرية فقط، فقد شهدت الفقاريات الأرضية أيضا خسائر فادحة، إذ غيّرت موجتا حر شديدتان في عامي 2015 و2016 شبكات الغذاء البحرية في شمال المحيط الهادي، ما تسبب في تجويع نحو 4 ملايين من طيور المور الشائعة، وانخفاض أعداد سمك القد في المحيط الهادي بنسبة 71%، وفقد ما يقرب من 7 آلاف حوت أحدب.
من جهته، أشار ريبل إلى أن حوادث النفوق الجماعي هذه تؤثر سلبا في النظم البيئية، إذ من المرجح بحسبه "أن تؤدي الآثار المتتالية لتزايد هذه الحوادث إلى اضطرابات في دورات الكربون والمغذيات، كما تؤثر في تفاعلات حيوية بين الأنواع مثل الافتراس والتلقيح والمنافسة والتطفل، وهي تفاعلات ضرورية لاستقرار النظام البيئي".
إعلانودعا ريبل إلى ضرورة ربط تقييمات أكثر للمخاطر المناخية بسياسات تهدف إلى حماية التنوع البيولوجي والتخفيف من آثار تغير المناخ وأن يتكامل التخطيط البيئي بين سياسات المناخ والتنوع البيولوجي على المستوى العالمي.
وتحذر الدراسة من أن الاقتراب من نقطة تحول فيما يتعلق بتأثير تغير المناخ على حيوانات الأرض، يتوقع أن ترتفع مخاطر الانقراض والوفيات الجماعية في المستقبل، بل وتتسارع بشكل كبير مع كل جزء من الدرجة المئوية من الارتفاع في درجات الحرارة العالمية.
ونظرا لكل هذه التحديات، تدعو الدراسة إلى ضرورة التخفيف السريع والفعال من آثار تغير المناخ الذي يعد أمرا بالغ الأهمية الآن أكثر من أي وقت مضى، لإنقاذ التنوع البيولوجي العالمي.