"أبوظبي للغة العربية" يوقع خطاب نوايا مع معهد الدراسات الشرقية الروسي
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
وقع مركز أبوظبي للغة العربية خطاب نوايا مع معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، سعياً منه إلى توحيد الجهود وتحفيز التعاون الثقافي الروسي - العربي، وتعزيز دراسات اللغة العربية، والمشاركة في الندوات والمؤتمرات وفعاليات الجوائز المختلفة.
وقع خطاب النوايا رئيس مركز أبوظبي للغة العربية الدكتور علي بن تميم، وعضو الأكاديمية الروسية للعلوم ورئيس معهد الدراسات الشرقية فيتالي نومكين.
وقال الدكتور علي بن تميم: "لا يزال مركز أبوظبي للغة العربية ملتزماً برسالته في دعم تطور اللغة العربية، وتعزيز حضورها في الأوساط الأكاديمية والعلمية والثقافية والإبداعية، ويحرص المركز دوماً على إطلاق البرامج والمبادرات النوعية لتحقيق هذه الغاية، بالشراكة مع أبرز المؤسسات الثقافية في الإمارات والعالم".
محطة مهمةوأضاف: "يشكل خطاب النوايا الذي نوقعه اليوم، مع معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم خطوة جديدة نحو تحقيق تلك الرسالة، وتعزيز العلاقات الثقافية بين روسيا والعالم العربي، كما يمثل محطة مهمة في مسار الدبلوماسية الثقافية والتبادل العلمي بين الإمارات وروسيا، ويمهد الطريق أمام مركز أبوظبي للغة العربية ومعهد الدراسات الشرقية لسد الفجوة بين ثقافتينا، وتعميق فهم كل طرف لتراث الآخر وتقديره، وتمهيد الطريق لمزيد من التعاون المستقبلي، الذي يجمع بين التراث الغني للثقافتين العربية والروسية".
و قال فيتالي نومكين: "تشير استطلاعات الرأي إلى أن عدد الشباب الروس الذين يرغبون في دراسة اللغة العربية، ومعرفة المزيد عن الثقافة العربية في تزايد مستمر، ونتيجة لذلك، تطلق العديد من الجامعات في روسيا برامج اللغة العربية التي أصبحت ذات شعبية كبيرة، لذلك يسهم تعاوننا مع مركز أبوظبي للغة العربية في الترويج للدراسات العربية، وترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأجنبية على المستوى الدولي".
اهتمام مشتركويغطي الخطاب العديد من مجالات الاهتمام المشترك، بما في ذلك التقدم والترشح لنيل الجوائز الأدبية التي ينظمها مركز أبوظبي للغة العربية، فضلاً عن دعم ترجمة الأبحاث الروسية حول الدراسات العربية إلى اللغة العربية، وسيشارك المركز أيضاً في الندوات والفعاليات الأدبية والثقافية الأخرى التي ينظمها المعهد.
وتؤكد الشراكة أيضاً على أهمية البحث الأكاديمي وتبادل المعرفة، ويتعهد طرفاها بتشجيع المشاركة في الدراسات والأوراق البحثية التي تنشر في مجلة "المركز" التي يصدرها مركز أبوظبي للغة العربية، وكذلك في المنشورات الأكاديمية الصادرة عن معهد الدراسات الشرقية، بالإضافة إلى ترتيب إجراء زيارات ميدانية لتعزيز القدرات وتبادل المعرفة المتعلقة بقطاع النشر ومعارض الكتب، كما وسيعمل الجانبان على استكشاف سبل التعاون لإثراء التبادل الثقافي بين البلدين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني مركز أبوظبي للغة العربية مرکز أبوظبی للغة العربیة اللغة العربیة
إقرأ أيضاً:
الأكاذيب المُمأسسة وتواطؤ النخب: لماذا تحتاج تل أبيب إلى صمت العرب كي تستمر الحرب؟
لم يكن الصوت الذي خرج من قلب غزة مجرد بيان عسكري تقليدي، ولا هو خطبة من خلف الكاميرا وحسب. كان زلزلة في ضمير أمة، صرخة بحجم المجازر، ومساءلة تفضح نُخبًا اعتادت أن تضع رؤوسها في الرمل، وأن تُدير ظهورها لشعب يُذبح منذ ما يقارب العامين. أبوعبيدة، الملثم الذي تكلّم باسم الصامتين، لم يطلب دعمًا، بل قدّم شهادة حيّة من تحت الركام، من خنادق المقاومة، ومن جراح الأطفال، ليقول للعالم: لسنا مهزومين، بل أنتم الهاربون من المعركة.
في زمن يتآمر فيه القريب قبل البعيد، وتتواطأ فيه الأنظمة قبل الأعداء، كان لا بد لهذا الصوت أن يخرج من غبار المعركة، ليفضح مجازر الاحتلال، ويصرخ في وجه الخذلان العربي، ويقرع أبواب الضمائر التي طال نومها. لم يوجّه أبو عبيدة نداءه للمحتل فحسب، بل بعث رسالة نارية إلى شعوب الأمة: من الذي يخذل غزة؟ من الذي باع القدس؟ من الذي صمت عندما كانت الدبابات تدوس المستشفيات، وتقصف الخيام والمدارس؟ هل التطبيع دينكم الجديد؟
في هذا المقال، نحلّل خطاب أبو عبيدة بوصفه حدثًا سياسيًا وأخلاقيًا، يكشف البنية التحتية للعجز العربي، والازدواجية الغربية، ويطرح رؤية بديلة لصراع يُراد له أن ينتهي عند شروط القتلة، لا عند مطالب الحرية.
أولًا: عنف الدولة الحديثة وتناقضات المجتمع الدولي
كما قلنا سابقا، لا يمكن فصل السياسات الدولية عن بنيتها الطبقية والاستعمارية. والمجتمع الدولي الذي تغنّى طويلًا بالقانون والعدالة، ينكشف الآن تمامًا. لا أحد يطالب بوقف العدوان، لا أحد يعاقب القاتل، بل على العكس، يقدم له السلاح والدعم الدبلوماسي.
الولايات المتحدة، زعيمة «العالم الحر»، تحوّلت إلى المورد الرسمي للذخائر التي تُمزق أجساد أطفال غزة. والبنتاغون لا يخفي فخره في «الوفاء بالتزامات الشحنات بينما يُدفن أطفال غزة تحت الركام. أما أوروبا التي طالما تغنّت «بقيمها»، فهي اليوم شريكة في الحصار، في الرقابة، وفي تبييض صورة الاحتلال، رغم الإدانات الشكلية التي لا تُطعم جائعًا، ولا توقف مجزرة.
خطاب أبو عبيدة، في لحظته الفاصلة، هاجم هذا الإجماع الدولي المنحاز، وأعاد رسم حدود المعركة لا كصراع حدود، بل كمعركة بقاء بين مشروع استعمار إبادي، وحركة تحرر تُقاتل لأجل الحياة.
ثانيًا: بين المقاومة والعزلة… من كسر الطوق إلى استنهاض الضمير
في زمن تطبيعي تُغلق فيه المعابر وتُفتح فيه السفارات، تصبح كل رصاصة مقاومة، وكل كلمة تُقال من قلب غزة، فعلًا تحرريًا بحد ذاته.
خطاب أبو عبيدة كان ترجمة لهذا التمرّد الرمزي والفعلي. فالرجل لم يعلن فقط عن عملية نوعية في الميدان، بل قدّم سردية بديلة عن معنى النصر والهزيمة، عن معنى الاستنزاف. لقد أراد للاحتلال أن يتآكل من الداخل، وأن تُزرع الهزيمة في نفس الجندي لا في خارطة العمليات العسكرية فحسب.
في هذا المعنى، فإن خطاب أبو عبيدة لا يُقاس فقط بمضمونه العسكري، بل بإمكاناته الرمزية في تحريك وعي الأمة. ففي كل مفردة نارية، كانت هناك دعوة لإعادة إنتاج الوعي المقاوم، لكسر الطوق المعرفي والإعلامي الذي فرضته النخب المطبّعة.
كما وضع الخطاب «إسرائيل» في مأزق داخلي عميق. فإعلان فشل المفاوضات، وكشف تنصل الاحتلال من الاتفاقات، أعاد توجيه السهام نحو حكومة نتنياهو. فهذا الأخير الذي يتبجّح «بالنصر الوشيك» يجد نفسه اليوم عالقًا بين الفشل العسكري، والسخط الشعبي، والضغط من عائلات الأسرى، وأزمة داخل معسكره الحاكم.
ثالثًا: تواطؤ النخب وتحوّل الصمت إلى شراكة في الجريمة
الجزء الأكثر جذرية في خطاب أبو عبيدة لم يكن موجّهًا للاحتلال، بل للأمة. للأنظمة. للنخب. للفلاسفة والمثقفين والدعاة، أولئك الذين انتحروا معنويًا بصمتهم.
شهيد الأمة سماحة السيد حسن نصر الله طالما تحدث عن «وظيفة المثقف في عصر الهيمنة»، وها نحن نراها في أوضح تجلياتها. مثقف السلطة، هو الذي يصمت عند المجازر، أو يتحدث عن «تعقيدات الوضع»، أو يدعو للهدوء «تفاديًا للتصعيد». هذه نخب خانت وظيفتها، وتحوّلت إلى أداة تبرير، وإلى واجهة تجميل لجريمة تُبثّ على الهواء.
إن التواطؤ ليس فقط خيانة سياسية، بل جريمة أخلاقية. وهذا ما قاله أبو عبيدة بصراحة: «رقاب قادة الأمة ونخبها مثقلة بدماء الأبرياء ممن خذلوا بصمتهم».
الخذلان، في خطاب أبو عبيدة، ليس مجرد غياب الدعم، بل هو اختيار واعٍ للوقوف في الجهة الخاطئة من التاريخ. الأمة كلها مطالبة بكسر الصمت، فالصمت لم يعد حيادًا، بل اصطفافًا ضمنيًا مع القاتل.
رابعًا: الإسلام الوظيفي وتدجين الوعي الجماعي
ما الذي جعل أمة تعد ربع سكان الأرض عاجزة؟ لماذا استطاعت شعوب صغيرة أن تُسقط طغاة بينما تنام أمة بكاملها على مذابح غزة؟
هنا يكمن الدور الكارثي للفكر السلفي الوهابي، الذي جرى تصنيعه سياسيًا وتصديره ثقافيًا خلال نصف قرن، ليقوم بمهمة وحيدة: تدجين الشعوب وتجريم المقاومة.
كما قال سابقًا المفكر إدوار سعيد، فإن الوهابية ليست ظاهرة دينية بل ظاهرة سياسية. وقد تحوّلت إلى أداة السلطة لشرعنة القهر، ومهاجمة الفكر التقدمي، وتكفير كل تحرك يرفض الاستبداد.
في هذا السياق، يبدو خطاب أبو عبيدة صرخة تحرر ديني أيضًا، لا سياسي فقط. فالإسلام الذي ينتمي إليه أبو عبيدة هو إسلام الفعل المقاوم، لا طقوس الخضوع، إسلام الأرض والكرامة، لا التحريم الأجوف لكل ما يهدد الطغاة.
خامسًا: من الجولاني إلى الجواسيس: حين تُوظّف المقاومة لخدمة المستعمر
حين أشار أبو عبيدة إلى العملاء، لم يكن يطلق تهديدًا أمنيًا فقط، بل يُسلّط الضوء على اختراق بنيوي في النسيج الوطني. الاحتلال لا يعيش بدون أدواته الداخلية، وكل منظومة استعمار تحتاج خونة.
لكن الجاسوس ليس فقط ذلك الذي يبيع المعلومة، بل من يبرر للمحتل، من يُعيد إنتاج أدواته داخل منظومتنا الثقافية والسياسية.
وهنا، لا بد من الإشارة إلى نموذج «الجولاني» في شمال سوريا. فقد تحوّل من أمير لجماعة مصنفة على «قوائم الإرهاب» إلى حاكم مدعوم دوليًا. هذا التحول، برعاية أمريكية وبتنفيذ تركي، يُجسد بالضبط ما قصده إدوار سعيد بـ»إعادة تدوير الإسلام السياسي في خدمة المشروع الإمبريالي».
المطلوب اليوم هو قطع الطريق على إعادة إنتاج «الإسلام الوظيفي» داخل فلسطين، وتجفيف منابع الخيانة، وخلق بيئة وعي وطني تُحصّن المشروع المقاوم من الداخل.
سادسًا: رسائل ما بعد الخطاب – نحو انتفاضة شاملة ضد الهيمنة
خطاب أبو عبيدة ليس مجرد استعراض قوة، بل وثيقة سياسية. ومن يقرأها بعين إدوار سعيد يرى فيها محاولة لتفكيك البنية الكولونيالية التي ما زالت تهيمن على المنطقة: من الاحتلال المباشر، إلى النخب التابعة، مرورًا بالإعلام المُدار والاقتصاد التابع، وصولًا إلى التطبيع الثقافي والديني مع فكرة الهزيمة.
إن هذا الخطاب، بقوته الرمزية، يجب أن يتحوّل إلى نقطة انطلاق لحراك شعبي وثقافي وسياسي، يُعيد بناء مشروع الأمة من تحت، لا من فوق، من داخل الوعي الشعبي، لا عبر مؤتمرات القمم الميتة.
ولعلّ أهم ما يمكن البناء عليه، هو الحركة العالمية المتعاظمة التي تقف مع فلسطين، والتي أثبتت أن الرأي العام الغربي أكثر تقدمًا في كثير من الأحيان من الرأي العام العربي المقموع.
بين زمن المذلة ونهج الكرامة
لم يكن خطاب أبو عبيدة مجرد حدث عابر، بل محطة فاصلة في تاريخ خطاب المقاومة. لقد قدّم ما يشبه لائحة اتهام أخلاقية بحق عالم يرقص على جراح غزة، ونخبٍ باعت آخر ما تبقى من شرفها مقابل بقائها في بلاط السلطان.
وهو بذلك لا يعلن فقط عن استراتيجية عسكرية، بل يدعو إلى نهج كرامة، إلى إسلام مقاوم، إلى مشروع تحرر شامل، ضد كل أشكال الاحتلال: الصهيوني، والعربي، والديني المزوّر.
إما أن نُعيد إنتاج أمتنا على قاعدة الحرية، أو نواصل الغرق في مستنقع الذلّ، إلى أن يصير الصمت خيانة رسمية، والعار زيًّا قوميًا.
كاتب فلسطيني