سوق نزوى .. منصة تعليمية تغذي طموحات صغار التجّار
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
كتب - يونس الشكيلي -
في سوق نزوى العريق، حيث تجتمع الروائح الزكية والصوت المتناغم للمساومة، تنبض الحياة بوجود جيل جديد من التجار الصغار.
هنا، لا يُعد البيع والشراء مجرد عمل تجاري، بل هو مدرسة حقيقية تُعلّم الأطفال دروسًا قيمة في الحياة، وتعزز فيهم قيم الاجتهاد والاستقلالية. بين دكاكين السوق، يخطو الأطفال بخطوات واثقة، مُظهرين روح المبادرة وشغفهم بالنجاح.
محمد بن حمود الشريقي، الفتى الذي لا يتجاوز عمره الحادية عشرة. بعيون تتلألأ بالطموح، يتحدث بفخر عن تجربته كأحد صغار التجار في هذا السوق العريق. يقول: «العمل هنا علّمني مهارة البيع والشراء، وجعلني أقدّر قيمة المال من خلال حساب الدخل الذي حققته وطرحه من مبالغ الشراء».
لكن الحياة في سوق نزوى ليست مجرد عملية تجارية بالنسبة لمحمد؛ إنها درس يومي في التوازن. ويقول: «كسب المال هو دافع رئيسي لي، لكن يجب أن أخصص وقتًا له، فالمحافظة على دراستي أهم بكثير»، ويظهر من خلال كلماته إدراكه العميق لقيمة الوقت، حيث يخصص الإجازات لاكتساب مهارات جديدة، طامحًا لأن يصبح تاجرًا ذا شأن في المستقبل.
شقيقه الأكبر، حمزة بن حمود الشريقي، يشهد على الأثر الإيجابي للعمل في السوق على الأطفال. يوضح قائلًا: «عمل الأطفال هنا ينمّي حس المسؤولية لديهم. يتعلمون الانضباط والاعتماد على النفس منذ سن مبكر، وتفاعلهم مع الزبائن يعزز ثقتهم بأنفسهم». ويستمر في التأكيد على أهمية هذا العمل، حيث يقول: «يصبحون أكثر وعيًا بقيمة المال والتعب الذي يُبذل لكسبه، ويكتسبون خبرات عملية لا توفرها المدارس».
ويقول حمزة، الذي يحرص على تنظيم وقت إخوته بشكل متوازن: «نحدّد أوقاتًا للدراسة أولًا، ثم العمل في السوق خلال العطل، مع فترات للراحة والترفيه. نتابع تحصيلهم الدراسي لضمان عدم تأثره».
ويختتم حمزة حديثه: «العمل في سوق نزوى يترك أثرًا واضحًا في شخصية الأطفال، ويجعلهم أكثر نضجًا، بفهم معنى الاجتهاد والتعامل مع الواقع. ويعزز من ثقتهم بأنفسهم، ويطوّر مهارات حل المشكلات لديهم. هذه التجربة تمنحهم بداية قوية في الحياة العملية منذ سن مبكر».
ويشارك إبان بن سعد الراشدي، الطفل الذي لم يتجاوز تسع سنوات، تجربته كأحد صغار التجّار، قائلًا: «تعلّمت من الأخطاء وطرق التعامل مع الزبائن بفضل إرشاد والدي لي». يتبع إبان نهج والده في العمل، حيث يراقب ويستفيد من توجيهاته المباشرة، مما يمنحه فرصة اكتساب المعرفة والخبرة التي سيكون لها دور كبير في مستقبله التجاري.
في الوقت ذاته، يعبّر عبدالله بن راشد الشريقي، الذي بلغ الرابعة عشرة، عن الفوائد القيّمة التي اكتسبها من العمل في السوق. يقول: «منحني العمل في سوق نزوى فرصة لاكتساب مهارات اجتماعية مهمة، أبرزها الشجاعة في التعامل مع الزبائن وفن اللباقة في الحوار». هذه التجربة، حسب رأيه، هي ركيزة أساسية في فهمه لمبادئ التجارة، مما يهيّئه لمسار مهني واعد في المستقبل.
ويبرز رجل الأعمال محمد بن عبد الله الإسماعيلي أهمية هذه التجارب، مشيرًا إلى أن ما يجذب الزوار ليس فقط مهارات الأطفال، بل طبيعتهم العفوية وأخلاقياتهم الطفولية التي تُضفي سحرًا خاصًا على السوق. يتفاعل الزبائن مع الأطفال أثناء ممارستهم للأنشطة التجارية، ويصف الإسماعيلي قدرة الأطفال على إدارة الأعمال بأنها «شيء عظيم» يعزز مكانتهم الاجتماعية.
كما يؤكد الإسماعيلي على القيمة التربوية والتنموية لمشاركة الأطفال في بيئة العمل، حيث يكتسبون المهارات العملية من خلال مراقبة والديهم. ويقترح استثمار الإجازات كفرصة لممارسة العمل دون التأثير على التعليم، محذرًا من أن العمل في سن مبكر يُسهم في صقل شخصيات الأطفال وتعزيز إرادتهم، مما يفتح لهم آفاقًا جديدة نحو مشاريعهم المستقبلية.
الجدير بالذكر، أن سوق نزوى، بجوهره التاريخي وحيويته المستمرة، أكثر من مجرد مركز تجاري؛ إنه فصل حيوي من فصول التربية العملية. هنا، تُغرس قيم الاجتهاد، والمسؤولية، والاستقلالية في نفوس النشء. تحت إشراف الأهالي، يصوغ الأطفال مستقبلهم بيدهم، وهم يحملون أحلامهم بأن يصبحوا أعمدة التجارة العمانية في الغد، محافظين على توازنهم بين مقاعد الدراسة ومحال السوق العريق.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العمل فی
إقرأ أيضاً:
عودة بلماضي للطوفان تهدد طموحات الزعيم
مع اقتراب موعد انطلاق دوري نجوم بنك الدوحة 2026 والذي يبدأ خطوته الأولى بعد أيام قليلة وتحديدا 14 الجاري، تزداد التكهنات والتوقعات حول البطل والفريق الأقوى المرشح للفوز بالدرع، بالإضافة الى تكهنات وتوقعات صراع الوصول الى البطولات القارية والى المربع الذهبي
ومنذ 2011 وحتى الآن وعلى مدار 14 موسما انحصر الصراع بين السد والدحيل، ولم يكسر احتكارهما أي فريق سوى الريان مرة واحدة موسم 2016.
وخلال هذه المواسم الـ 14 كان الدحيل هو صاحب الكلمة العليا وصاحب اكبر عدد من مرات الفوز بالدرع برصيد 8 مرات مقابل 6 مرات للسد.
وخلال هذا المشوار الطويل كان للجزائري جمال بلماضي المدرب السابق والعائد الى الدحيل نصيب الأسد من عدد مرات الفوز بالدوري، حيث حقق نصف عدد مرات فوز فريقه بالدوري ( 4 مرات) وهو ما يشكل تهديدا صريحا للزعيم.
لذلك لم يكن غريبا على الدحيل إعادة مدربه التاريخي الذي قاده للفوز بالدرع للمرة الأولى 2011، لقيادة الفريق الذي يعاني منذ موسمين ليس فقط على مستوى الدوري ولكن على مستوى باقي البطولات، فلم يحقق الدحيل على مدار الموسمين الماضيين أي لقب، وغاب عن المحافل القارية التي يعود اليها هذا الموسم من بوابة التصفيات كونه وصيف الدوري.
عودة جمال بلماضي ربما تعيد الروح والثقة الى الفريق وتعيد إليه مستواه المعروف وقدراته الكبيرة لما عرف عنه من إمكانيات جيدة للغاية مكنته من قيادة العنابي الى الفوز بكأس الخليج 2014 في السعودية، وقيادة منتخب بلاده الى الفوز ببطولة كأس افريقيا.
وتشكل عودة بلماضي الخطر الأكبر على السد المنافس اللدود والخطير للدحيل، والذي يتربع على عرش دوري النجوم منذ موسمين، ولا يخرج من أي موسم دون أي لقب، وهو ما يبشر بصراع من نار بينهما حيث يسعى الزعيم لاستعادة امجاده وتحقيق اللقب للمرة الثالثة على التوالي كما فعل مواسم 87 و88 و89، بينما يقاتل الطوفان من اجل انهاء صيامه عن البطولات واستعادة الدرع الغائب عن قلعته منذ الموسم قبل الماضي
ومن المؤكد ان الصراع بين بلماضي وبين الاسباني سانشيز مدرب السد شرس وقوي وفوق صفيح ساخن.