سكان وسط أثينا التاريخية منزعجون من السياحة المفرطة
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
أمام مشهد الأرصفة التي تعج بالمطاعم والموسيقى الصاخبة وحركة حقائب السفر ذهابا وإيابا بين حاويات القمامة الفائضة، لم يعد اليوناني يورغوس زافيريو يتعرف على حي بلاكا الذي يقطنه منذ أكثر من 30 عاما في وسط أثينا التاريخية، ويرى أنه "مهدد بالسياحة المفرطة".
ومخاوف زافيريو، الذي يرأس جمعية السكان، تشبه تلك التي تعبر عنها رئيسة جمعية "إيليت" للحفاظ على البيئة والتراث الثقافي، ليديا كاراس، إذ تذكر بأنه "أقدم حي في أوروبا وكان مأهولا باستمرار منذ العصور القديمة"، وتضيف: "لا يمكننا أن نراه يفقد روحه".
يقع حي بلاكا، الذي تُطلق عليه تسمية "حي الآلهة"، أسفل موقع الأكروبوليس الذي يضم البارثينون، وهو معبد يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد، بلغ عدد زواره نحو 4.5 ملايين سائح عام 2024.
يتجول الجميع في هذه المتاهة من الشوارع الخلابة المرصوفة بالحصى وذات الطابع القروي، وتصطف على جانبيها المقاهي والحانات ومحال بيع التذكارات والكنائس البيزنطية الصغيرة والآثار القديمة والعثمانية.
ويُتوقع أن يرتفع عدد زوار العاصمة اليونانية، التي تشهد إقبالا متزايدا، إلى 10 ملايين، أي أكثر بمليوني سائح عن العام الماضي. فمنذ انتهاء جائحة كوفيد-19، أصبحت أثينا وجهة سياحية في ذاتها، ولم تعد مجرد نقطة عبور بين المطار الدولي وميناء بيرايوس القريب الذي تنطلق منه رحلات السفن والقوارب إلى جزر بحر إيجه.
ويعبر كونستانتينوس ماريناكيس في كشكه لبيع الهدايا التذكارية عن رضاه، ملاحظا "أن أوضاع اليونان تتحسن أخيرا بفضل قطاع السياحة المزدهر الذي ساهم في إنعاش الاقتصاد وتوفير فرص عمل".
ويُبدي رئيس بلدية أثينا، هاريس دوكاس، في حديث لوكالة فرانس برس، ارتياحه لكون العاصمة اليونانية باتت "من بين المدن العشر الأكثر استقطابا للزوار في العالم". إلا أن رئيس البلدية يقر بأن "ثمة مناطق مثل بلاكا أصبحت متخمة بالسياح".
إعلانويشير إلى أن مدينته "لم تصل بعد إلى درجة برشلونة" الإسبانية التي يحتج سكانها على مساوئ السياحة الجماعية، لكنه يشدد على ضرورة "التحرك قبل فوات الأوان".
ضوابط جديدة لحماية الحيوأُنشئت في الآونة الأخيرة "وحدة تدخل" خاصة ببلاكا بهدف فرض احترام القواعد، بدعم من الشرطة البلدية، في هذا الحي المحمي بموجب مرسوم رئاسي. ويمكن لأي ساكن يلاحظ، مثلا، أن طاولات أحد المطاعم تحتل أماكن عامة، أو أن سيارات متوقفة على الرصيف، أن يتقدم بشكوى إلى هذه الوحدة البلدية.
وتذكر ليديا كاراس أن "نوادي ليلية و(حانات) البوزوكيا (التي تُعزَف فيها الموسيقى اليونانية التقليدية) اجتاحت بلاكا بين عامي 1960 و1980". وتشير إلى أن "كثيرا من السكان كانوا يومها قد غادروا المنطقة أصلا".
وفي عام 1993، صدر في نهاية المطاف مرسوم رئاسي يقضي بإغلاق هذه النوادي، وحماية المناطق السكنية، وتحديد استخدام كل مبنى في الحي.
ويمكن إنشاء فنادق في بلاكا، ولكن فقط في شوارع محددة. غير أن المحامي المتخصص في التخطيط المدني، ديميتريس ميليساس، يلاحظ أن "التفافا يحصل على هذا التشريع"، إذ "تُحول منازل بأكملها إلى شقق عدة تُعرَض على منصات" للإيجار قصير الأجل.
وقد يصل عدد السياح في بلاكا صيفا إلى 4 أضعاف عدد المقيمين في الحي على مدار السنة والبالغ ألفي نسمة فحسب، وفق ما يشرح ميليساس، رغم عدم وجود إحصاءات رسمية، إذ يُجرى التعداد السكاني على مستوى المدينة كلها.
وقدم المحامي، بوكالته عن "إيليت"، مراجعة إلى مجلس شورى الدولة بشأن قانونية 16 مبنى مُحوَّل بالكامل إلى عقارات للإيجار الموسمي، موضحا أنها تخفي في الواقع منشآت فندقية لأنها تحتوي على قاعات استقبال أو تُقدم وجبات الإفطار على الشرفة.
وقد يُشكل القرار المتوقع صدوره بحلول سبتمبر/أيلول سابقة قضائية تُستند إليها أحكام مقبلة.
وبالنسبة لوسط أثينا بأكمله، حيث تجاوز عدد شقق الإيجار الموسمي 12 ألفا عام 2024، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في بدلات الإيجار، أقرّت الحكومة المحافظة حظر أي إدراج جديد لمدة سنة على الأقل على شقق في منصات الإيجار القصير الأجل.
لكن ديميتريس ميليساس يعلق على ذلك بالقول: "أشك في فاعلية هذا الإجراء عندما أقرأ إعلانات الصحف عن استثمارات في شقق قابلة للإدراج في منصة إير بي إن بي".
ويخلص المحامي إلى أن "المشكلة في اليونان ليست سن القوانين، بل تطبيقها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات التی ت
إقرأ أيضاً:
«الديربي 14» بين الوحدة والجزيرة يجدد «المنافسة التاريخية»
معتز الشامي (أبوظبي)
يدخل الوحدة مواجهة إياب نصف نهائي «كأس مصرف أبوظبي الإسلامي» أمام الجزيرة، في السادسة و50 دقيقة مساء السبت، على استاد آل نهيان، بأفضلية واضحة على مستوى النتيجة، بعدما حسم الذهاب بثلاثية نظيفة، لكنه يدرك جيداً أن الأرقام والتاريخ يفرضان عليه الحذر قبل خطوة واحدة من النهائي.
وتأتي مواجهة الإياب امتداداً لصراع تاريخي طويل بين الفريقين في البطولة، حيث جمعت الوحدة والجزيرة 13 مواجهة سابقة، تفوق فيها الجزيرة بـ8 انتصارات، مقابل فوزين فقط للوحدة، مع 3 تعادلات، ما يجعل «الديربي 14 مختلفاً»، غير أن اللافت أن انتصاري الوحدة الوحيدين جاءا في آخر مباراتين، ما يعكس تحولاً واضحاً في ميزان القوة خلال السنوات الأخيرة.
تعكس أرقام مباراة الإياب سيناريو مختلفاً عن النتيجة، إذ استحوذ الجزيرة على الكرة بنسبة 67% مقابل 33% للوحدة، وسدد 22 مرة مقابل 15، ونفذ 13 ركلة ركنية، لكنه افتقد الفاعلية، بينما لعب الوحدة بواقعية عالية، مستفيداً من التحولات السريعة ونجاعة الحلول الهجومية، وصنع 3 فرص خطيرة، مقابل فرصة واحدة فقط للجزيرة.
أكد الذهاب هذا التفوق الهجومي للوحدة، الذي سجّل 3 أهداف من 5 تسديدات على المرمى، في واحدة من أكثر مبارياته كفاءة هذا الموسم، مستنداً إلى تألق دوسان تاديتش، المساهم الأكبر في أهداف الفريق بالبطولة هذا الموسم بـ8 مساهمات «سجّل 2 وصنع 6»، ليُقرب فريقه من النهائي السادس في تاريخه.
ورغم صعوبة المهمة، يتمسك الجزيرة بسجل إيجابي يمنحه أملاً نظرياً، إذ نجح في آخر مرتين بالتأهل رغم خسارته ذهاباً في الأدوار الإقصائية، وكان ذلك في الموسم الماضي أمام العين ثم الوصل، لكن التاريخ يقف بوضوح ضد «فخر أبوظبي»، حيث لم ينجح أي فريق في التأهل بعد خسارته ذهاباً بفارق 3 أهداف في تاريخ البطولة.
على ملعبه، يملك الوحدة سجلاً قوياً، إذ لم يخسر في آخر 8 مباريات بيتية بكأس مصرف أبوظبي الإسلامي «5 انتصارات و3 تعادلات»، ما يعزز فرصه في حسم التأهل، وتفادي تكرار سيناريو الموسم الماضي أمام الشارقة، حين خرج رغم فوزه ذهاباً، وبين واقعية الوحدة ومحاولات الجزيرة لكسر الأرقام، يبقى السؤال: هل يصمد التاريخ أمام طموح الجزيرة، أم يواصل الوحدة كتابة فصل جديد في البطولة؟