بينما تتعمّق المأساة الإنسانية في قطاع غزة، وتشهد إسرائيل واحدة من أكثر مراحلها اضطرابًا سياسيًا واجتماعيًا، تُطرح تساؤلات ملحّة عن مصير الرهائن المحتجزين في غزة، وعن مستقبل الحرب الدامية المستمرة منذ أكتوبر 2023. 

ومع تداول مشاهد صادمة لعدد من الرهائن الإسرائيليين الذين بدوا في حالة صحية متدهورة، اشتعلت ساحات الاحتجاج في إسرائيل، لتضع حكومة بنيامين نتنياهو تحت أقسى ضغوط منذ بداية الحرب، وسط دعوات حاشدة لوقف إطلاق النار وإبرام صفقة تبادل فورية مع حركة حماس.

مشاهد مؤلمة تشعل الغضب الشعبي في إسرائيل

في تطور دراماتيكي، نُشرت خلال الأيام الأخيرة تسجيلات مصورة لعدد من الرهائن الإسرائيليين لدى حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ظهر فيها المختطف روم براسلافسكي وهو يتلوى ألمًا في أحد المواقع داخل غزة، في حين قال الرهينة الآخر، إيفياتار ديفيد، إنه يُجبر على حفر قبره بيديه وسط أيام طويلة بلا طعام.

هذه المقاطع المصورة، التي بثّتها فصائل فلسطينية، كان لها وقع بالغ الصدمة في الشارع الإسرائيلي، وأجّجت مشاعر الغضب والحزن، خاصة بعد تصريحات والد الرهينة روم، الذي قال: "ترى طفلك يموت أمامك ولا تستطيع فعل شيء... إنه أمر لا يُحتمل". وقد قارن بين المقطع الأخير وما سبقه، مؤكدًا أن الأمل في نجاة ابنه بدأ يتلاشى.

غليان في الشارع الإسرائيلي

تسببت هذه الصور في اندلاع احتجاجات عارمة في تل أبيب وعدة مدن أخرى، هي الأكبر منذ شهور، حيث نزل عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع، مطالبين الحكومة بإبرام صفقة تبادل فورية تُنهي معاناة الرهائن، وتضع حدًا للحرب المتواصلة التي لم تحقق – بحسب المتظاهرين – أهدافها المعلنة.

تمسّك بالأهداف وتزايد الانقسامات:

وفي رد رسمي، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عزمه طرح ملف الرهائن في اجتماع مجلس الوزراء المرتقب، مؤكدًا تمسكه بأهداف الحرب الثلاثة: "القضاء على حماس، واستعادة الرهائن، وضمان ألا تُشكّل غزة تهديدًا في المستقبل".

لكن هذا الموقف الصلب يواجه معارضة متزايدة من داخل النخبة السياسية والأمنية الإسرائيلية، إذ حذّر مسؤولون وخبراء من أن استمرار الحرب يهدد حياة الرهائن المتبقين، خاصة في ظل التدهور الحاد للأوضاع المعيشية داخل غزة.

ردود أفعال دولية

تزامن نشر الفيديوهات مع تصريحات أممية تصف الوضع في غزة بأنه "أسوأ سيناريو للمجاعة"، بينما عبّرت الأمم المتحدة عن "صدمتها الشديدة" من مقاطع الرهائن، ووصفتها بانتهاك صارخ للكرامة الإنسانية، فيما قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها "مذعورة"، وطالبت بالوصول الفوري للرهائن لتقديم الرعاية لهم.

بدورها، أعلنت إسرائيل عزمها عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي لمناقشة أوضاع الرهائن، وسيتوجه وزير الخارجية الإسرائيلي إلى نيويورك لحضورها.

رد حماس: ليسوا وحدهم من يجوع

من جانبها، قالت حماس إنها على استعداد "للتعامل بإيجابية" مع طلبات الصليب الأحمر المتعلقة بإيصال الطعام للرهائن، شريطة فتح ممرات إنسانية منتظمة ودائمة داخل غزة، مؤكدة أن الرهائن ليسوا في وضع مختلف عن عموم سكان القطاع الذين يعانون ذات الظروف القاسية.

مجاعة غزة.. القتل جوعًا:

في مشهد موازٍ، تتفاقم الكارثة الإنسانية في غزة. فبحسب وزارة الصحة في القطاع، توفي أكثر من 180 فلسطينيًا نتيجة سوء التغذية منذ أواخر يونيو، من بينهم 93 طفلًا. وتتهم الأمم المتحدة إسرائيل بمنع دخول الغذاء والدواء لفترات طويلة منذ مارس وحتى منتصف مايو، في حين تؤكد التقارير أن ما يقرب من 1400 فلسطيني قُتلوا أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات.

إسرائيل، من جهتها، تنفي هذه الاتهامات، وتقول إنها تطلق طلقات تحذيرية فقط، وإنها خفّفت الحصار للسماح بمرور بعض المساعدات.

أرقام الحرب القاسية:أكثر من 60,900 فلسطيني قُتلوا منذ اندلاع الحرب في غزة، بحسب وزارة الصحة في القطاع.1200 قتيل إسرائيلي في هجوم السابع من أكتوبر 2023.أكثر من 250 رهينة اختطفوا في ذلك الهجوم، ويُعتقد أن أقل من نصفهم ما زالوا على قيد الحياة.

ومع اشتداد الضغوط الشعبية والسياسية على حكومة نتنياهو، وتنامي الإدانات الدولية لسياسات الحصار والتجويع في غزة، تبدو إسرائيل أمام مفترق طرق مصيري. فإما المضي في حرب تُشكّك أوساط إسرائيلية ودولية بجدواها، أو الانخراط في تسوية حقيقية تبدأ بصفقة تبادل تُنقذ الرهائن، وتفتح الطريق نحو وقف إطلاق نار دائم، يخفف من معاناة المدنيين، ويرسم ملامح جديدة لمسار أكثر عقلانية في الشرق الأوسط.

طباعة شارك غزة قطاع غزة إسرائيل نتنياهو حماس الرهائن الإسرائيليين

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة قطاع غزة إسرائيل نتنياهو حماس الرهائن الإسرائيليين فی غزة

إقرأ أيضاً:

هآرتس: ويتكوف وقع في "فخ" نتنياهو.. والحل في يد ترامب

قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الأحد، أن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، "وقع في فخ نتنياهو"، مؤكدة أن ترامب هو القادر على إجبار إسرائيل على توقيع صفقة إطلاق سراح الرهائن وإنهاء الأزمة.

وأوضحت أن وعود ويتكوف الكبرى تبددت، بعد 6 أشهر من توليه لمنصب المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط.

وذكرت "هآرتس" أن نتنياهو يعسى لإطالة أمد الحرب في غزة، عبر وضع شروطا يعلم أن حماس سترفضها.

وأشارت إلى أن ويتكوف بدأ مهمته بحيوية استثنائية، ورأى في الشأن الدبلوماسي صفقات عقارية يجب إتمامها، وهو ما تحقق في اتفاق يناير الذي لم يكن ليوقّع لولا جهده.

وأضافت "هآرتس": "لكن عدم سيطرته على التفاصيل الدقيقة، وجهله بتكتيكات الخداع التي يتبعها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وعدم فهمه العميق للمنطقة، كلها عوامل تسببت في سقوطه منذ ذلك الحين".

وأشارت إلى أن مخططات ويتكوف بشأن وقف إطلاق النار الجزئي، وصفقات إطلاق سراح الرهائن انهارت.

وتابعت: "لم تسفر الجهود الأميركية-المصرية-القطرية عن شيء سوى أزمة إنسانية في غزة، كما أن المفاوضات مع إيران فشلت، ولم يسجل أي تقدم مع الجبهة الروسية الأوكرانية أيضا".

اجتماع مع عائلات الرهائن

وفي اجتماعه مع عائلات الرهائن السبت، فاجأ ويتكوف الجميع حين قال إن حماس وافقت على التخلي عن السلاح.

لكن حماس سارعت إلى نفي ادعاءات ويتكوف، وأكدت أنها لن تتخلى عن سلاحها قبل إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وأشارت "هآرتس" إلى أن تصريحات ويتكوف جاءت في محاولة منه لرفع معنويات العائلات، كما أن تصريحاته تشير إلى أن الولايات المتحدة تخلت عن استراتيجية الاتفاقات التدريجية، وتسعى إلى إنهاء الحرب بخطوة واحدة.

وأضافت أن زيارة ويتكوف كانت تهدف إلى الترويج لمبادرة إنسانية بديلة، وهذا يعني، وفقا لـ"هآرتس"، أن الولايات المتحدة بصدد سحب ملف المساعدات الإنسانية من يد وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، لتتولى إدارته بنفسها.

وأكمل ذات المصدر: "أبلغ ويتكوف أيضا عائلات الرهائن أن نتنياهو يريد إنهاء الحرب. للأسف، لقد وقع في فخ وسيدرك ذلك قريبا".

من جهة أخرى، ترى الصحيفة أنه لا يمكن لويتكوف إلا أن يلوم ترامب الذي أطلق العنان لفكرة الهجرة الطوعية، فقد أثار بذلك شهية اليمين المتطرف الذي يعرف أين يضغط على نتنياهو، بحسب ما ذكرته الصحيفة العبرية نفسها.

واعتبرت الصحيفة العبرية أن مفاتيح حل الأزمة توجد في يد ترامب، مشيرة إلى أنه يجب عليه أن يوضح الصورة لنتنياهو، وأن يأمل في أن تتمكن قطر من الوفاء بالتزاماتها

مقالات مشابهة

  • احتلال غزة بالكامل.. خطة نتنياهو التصعيدية تثير خلافا في إسرائيل
  • إسرائيل هيوم: خلاف بين نتنياهو وزامير حول خطة "حرب غزة"
  • مسؤول في مكتب نتنياهو: تم اتخاذ القرار.. سنحتل قطاع غزة
  • مفارقة غريبة.. مجلس الأمن الدولي يجتمع من أجل رهائن غزة ولا يتحرك للمجوعين
  • غارات وعمليات هدم في خان يونس وأبو عبيدة يعلن شروط حماس لإدخال المساعدات للأسرى الإسرائيليين
  • هآرتس: ويتكوف وقع في "فخ" نتنياهو.. والحل في يد ترامب
  • حماس ترد على طلب نتنياهو بشأن "غذاء" الرهائن
  • الحكومة بلا استراتيجية.. جنرال إسرائيلي سابق يحذّر: نحن على حافة كارثة
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: حكومة نتنياهو تضع شروطا غير واقعية لصفقة التبادل