«غرينبيس»: هناك فرصة تاريخية نحو معاهدة عالمية قوية للحد من التلوث البلاستيكي
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
مع بدء الجولة الأخيرة والحاسمة من المفاوضات على معاهدة البلاستيك العالمية في جنيف، تدعو منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قادة المنطقة إلى اتخاذ موقف موحد للمطالبة بمعاهدة قوية وملزمة.
تأتي هذه الدعوة في ظل أزمة عالمية متفاقمة، حيث تظهر الأرقام أن حجم التلوث البلاستيكي قد وصل إلى مستويات غير مسبوقة.
فوفقًا لتقارير حديثة، يتم إنتاج ما يقرب من 400 مليون طن من النفايات البلاستيكية سنويًا، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 460 مليون طن بحلول عام 2025 إذا استمرت الاتجاهات الحالية.
كما تشير الدراسات إلى أن ما يقرب من 220 مليون طن من النفايات البلاستيكية سيتم توليدها في عام 2024، بمتوسط 28 كجم لكل شخص على مستوى العالم. ومع ذلك، فإن ثلث هذه النفايات، أي حوالي 69.5 مليون طن، لن تتم إدارتها بشكل صحيح وستنتهي في البيئة الطبيعية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن 91% من النفايات البلاستيكية لا يتم إعادة تدويرها، بل ينتهي بها المطاف في مكبات النفايات أو المحيطات. وتوضح هذه الأرقام مدى الحاجة الملحة إلى معاهدة عالمية لمواجهة هذه الأزمة.
وفي هذا الصدد، أكدت غوى نكت، المديرة التنفيذية، لغرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن التلوث البلاستيكي لم يعد مجرد قضية بيئية بل أصبح "حالة طوارئ صحية عامة"، حيث يتم العثور على جزيئات البلاستيك الدقيقة (ميكروبلاستيك) في أجسادنا، ومياه الشرب، والهواء الذي نتنفسه.
وشددت النكت على أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تواجه بالفعل ضغوطًا بيئية واقتصادية، لا يمكنها أن تظل صامتة في هذه المفاوضات المصيرية، ودعت القادة إلى المطالبة بمعاهدة قوية ترتكز على أربعة أهداف رئيسية:
هدف عالمي لتقليص إنتاج البلاستيك.
حظر المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.
أهداف طموحة لإعادة الاستخدام.
آليات تمويل قوية لدعم دول الجنوب العالمي في تنفيذ المعاهدة والتحول العادل نحو مستقبل خالٍ من البلاستيك.
واختتمت النكت تصريحها بالتأكيد على أن "منطقتنا لديها الكثير لتكسبه من مثل هذه المعاهدة، القادرة على الحفاظ على صحة شعوبنا وحماية بيئتنا بشكل مستدام".
جدير بالذكر أن فريقًا من منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيتواجد في جنيف خلال المفاوضات لرفع صوت المنطقة والعمل على إنهاء "الظلم البلاستيكي".
اقرأ أيضاًمعلومات الوزراء يستعرض السيناريوهات العالمية للقضاء على التلوث البلاستيكي بحلول 2040
ممثلو 175 دولة يجتمعون في باريس لبحث مواجهة الحد من التلوث البلاستيكي
وزيرة البيئة تبحث مع مفوض الاتحاد الأوروبي مستجدات معاهدة الحد من التلوث البلاستيكي
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: التلوث البلاستيكي حجم التلوث البلاستيكي الشرق الأوسط وشمال أفریقیا التلوث البلاستیکی ملیون طن
إقرأ أيضاً:
المملكة العربية السعودية ومفاوضات معاهدة البلاستيك: قيادة واقعية لحلول بيئية مستدامة
في 23 يوليو 2025، نشرت صحيفة The Guardian البريطانية تقريرًا بعنوان “الاختراق الكامل: كيف أغرقت صناعة البلاستيك محادثات معاهدة عالمية حيوية”، تحدثت فيه عن التأثير الكبير للقطاع الصناعي في مفاوضات الأمم المتحدة بشأن معاهدة الحد من التلوث البلاستيكي.
وبينما أبرز المقال شكاوى بعض المشاركين من ضغوط الشركات، فقد أشار بوضوح إلى دور بعض الدول، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، في الدفاع عن نهج مختلف للمشكلة. من المهم هنا أن نُعلّق على هذا الطرح بنظرة متوازنة.
فبينما يُسلّط التقرير الضوء على الهواجس البيئية، إلا أنه يغفل السياق الأوسع الذي تتحرك فيه دول ذات سيادة مثل المملكة، والتي لا تسعى إلى العرقلة كما يُفهم من بعض العناوين، بل إلى صياغة حلول قابلة للتطبيق تراعي التوازن بين البيئة والاقتصاد. المملكة العربية السعودية، باعتبارها إحدى الدول الرائدة في قطاع الطاقة والصناعة، تؤمن بأن معالجة أزمة البلاستيك لا ينبغي أن تُختزل في إجراءات متسرعة كفرض سقف إنتاج شامل، بل في بناء منظومة متكاملة تشمل تطوير التقنيات النظيفة، وتحسين إدارة النفايات، وتشجيع التدوير، وخلق اقتصاد دائري مستدام. وهي رؤية تتسق مع الحقائق العلمية؛ إذ يُظهر تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) لعام 2022 أن العالم لا يُعيد تدوير سوى 9% من نفاياته البلاستيكية، مما يؤكد أن المشكلة في الإدارة، لا فقط في الإنتاج.
ما ورد في تقرير الغارديان من تصوير للمملكة كـ “قائدة تحالف” يسعى لتقويض جهود البيئة، يفتقر إلى الإنصاف. فالمملكة لم تكتف بالمشاركة الدبلوماسية فحسب، بل كانت وما زالت من أكبر الداعمين الفعليين لبرامج الأمم المتحدة البيئية، بمساهمات تتجاوز 20 مليون دولار بين عامي 2020 و2024، فضلًا عن استضافتها ليوم البيئة العالمي في 2024، وزيارات متعددة لمسؤولي UNEP إلى الرياض، في إطار شراكة بيئية متقدمة.
وقد عبّر صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة، عن رؤية المملكة بقوله: “نحن لا ننكر التحديات البيئية، بل نملك الإرادة والمعرفة والموارد لمواجهتها، ولكننا نرفض اختزال الحلول في قرارات عاطفية لا تراعي العدالة البيئية والتنموية.”
وهذا الموقف يتجلى كذلك في رؤية 2030، التي وضعت الاستدامة في قلب التحول الوطني، من خلال مشاريع ضخمة للطاقة النظيفة، والتشجير، وتقنيات التقاط الكربون، وإدارة النفايات الصناعية.
وقد جاءت هذه الرؤية المناخية المتقدمة لتعكسها أيضًا قرارات الحكومة السعودية في أعلى مستوياتها. ففي اجتماع مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 29 يوليو 2025، استعرض المجلس مستجدات جهود المملكة في تطوير تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون، ومن أبرز ما تم الإعلان عنه تشغيل وحدة اختبارية لتقنية التقاط الكربون من الهواء مباشرة في مدينة الرياض.
ويمثل هذا الإنجاز خطوة مهمة ضمن مساعي المملكة لاستكشاف حلول تقنية مبتكرة وواعدة تعزز تحقيق الطموحات المناخية بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030. المملكة لا تسعى إلى تقويض أي جهد بيئي دولي، بل تُطالب بنقاش علمي وواقعي يأخذ في الاعتبار تباين الدول في قدراتها وظروفها الاقتصادية. وهي تؤدي دورًا مسؤولًا في المفاوضات، لا بوصفها عائقًا، بل بصفتها شريكًا مؤثرًا يُقدّم بدائل واقعية تضمن الاستدامة دون المساس بالحق في التنمية.
وقد أثبتت المملكة من خلال مبادرة السعودية الخضراء أنها تتبنى التحول البيئي كخيار وطني استراتيجي، عبر زراعة 10 مليارات شجرة وخفض الانبعاثات بأكثر من 278 مليون طن سنويًا بحلول 2030.
وهو التزام يفوق ما تعهدت به العديد من الدول الصناعية الكبرى. كما تُعزز المملكة حضورها في المحافل البيئية الدولية، لا بصفتها مدافعة عن صناعات تقليدية، بل كمصدر لحلول ومبادرات عملية. ومن أبرزها مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون التي أطلقتها خلال رئاستها لمجموعة العشرين عام 2020، ونالت تأييدًا عالميًا بوصفها إطارًا مرنًا يوازن بين البيئة والتنمية.