عربي21:
2025-08-06@06:16:11 GMT

المقاومة الفلسطينية واختبارات المواجهة الحاسمة

تاريخ النشر: 6th, August 2025 GMT

الشهداء ليسوا مجرد أرقام، ودمهم يبقى مسؤولية في رقاب الأحياء إلى يوم الدين، توجب القصاص من قاتليهم. وقد دفع الشهداء دما عزيزا مقابل حلم أعز هو الحصول على وطن حر آمن، يعز مواطنيه ويحميهم من مذلة الحرمان من وطن.

الشهداء ليسوا ورقة يلعب بها المفاوضون حول طاولات الدبلوماسية، خصوصا بعد أن تحول هدف تلك الدبلوماسية إلى حماية السفاح، واستمرار إبادة الفلسطينيين بالرصاص والتجويع.

تلك هي «دبلوماسية حماية الذئب من الحمل»، التي يجب أن ترحل وأن تنهض مكانها على قدمين ثابتتين «دبلوماسية حماية الضحية من السفّاح»، مستمدة قوتها من دم الشعب الفلسطيني وأرواح الشهداء، التي فاضت وهي تتوق شوقا إلى وطن حر آمن.

إن عملية صناعة تلك اللحظة التاريخية لا تزال تمرّ بمخاض صعب، يتحدى أكثر من مئة عام من الذل والهوان، ويقف صلبا عنيدا في مواجهة عدو يعلن، قولا وعملا أنه يسعى لإبادة الشعب الفلسطيني، واغتيال هويته. العدو الصهيوني النازي يعمل على الأرض بلا توقف، ويجب أن يكون الرد عليه بالمثل، عملا على الأرض، وليس بيانات صوتية، أو تصريحات انقسامية هزيلة تفرق الصفوف وتثير العداوات. أفيقوا يرحمكم الله.. أفيقوا من غفلة طالت، ومن هوان أذل، ومن فُرقة دمرت.. أفيقوا يا أحفاد صناع حضارة عاشت، وأعطت للعالم نورا في عصور الظلام، أفيقوا فإن الزمان قد سئم رقادكم.
الرد على دبلوماسية حماية الذئب من الحَمَل

عناوين «دبلوماسية حماية الذئب من الحمل» تتضمن استعادة المحتجزين، ومصادرة البندقية الفلسطينية، وترحيل الفلسطينيين من غزة، واقتسامها مع الولايات المتحدة.

وهي دبلوماسية تتجاهل تماما أي حديث عن إنهاء الحرب، بل إن نتنياهو يتعهد جهرا بأنها ستستمر، كما إنها تعمل بطرق مختلفة على ضم الضفة الغربية والقدس الشرقية. فهل يسمح الفلسطينيون باغتيال قضيتهم، بعد كل هذه التضحيات التي جعلت منها قضية سياسية في كل بلدان العالم تقريبا، وحولت المياه الراكدة في بحار الدبلوماسية الدولية، إلى تسونامي دبلوماسي عالمي يضم شعوبا وحكومات تؤيد حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية.

إن اللحظة التاريخية الحالية التي صنعتها المقاومة، وصمود الشعب الفلسطيني، لحظة مسؤولية الوفاء لأرواح الشهداء ودمائهم، من أجل تحويل حلم الدولة إلى حقيقة. اللحظة التاريخية الحالية صنعتها المقاومة الفلسطينية، ولم تحدث تلقائيا.. إنها لحظة يختلط فيها الأمل بالدم، والحاضر بالتاريخ، والواقع بالقدرة على التغيير؛ فلا تستصغروها، ولا تتنكروا لها، ولا تضيعوها.

وما حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلا شريك في صنع هذه اللحظة، وهي جزء من نسيج الشعب الفلسطيني وواحد من مكونات هويته، فلا تجعلوها هدفا للقصاص بدلا من عدوكم. ولا تكونوا أعداء لأنفسكم. اللحظة التاريخية التي صنعها الشعب الفلسطيني بالمقاومة، هي لحظة جامعة رائعة وليست لحظة لتقسيم الصفوف؛ فإن تقسيم الصف يصنع الضعف، ولن ينتصر ضعيف.
وما المقاومة إلا البندقية التي هي حصن الفلسطيني وهويته حتى يقيم دولته
وما المقاومة إلا البندقية التي هي حصن الفلسطيني وهويته حتى يقيم دولته؛ فالدولة لن تأتي له هدية مهداة، وإنما الطريق إليها هو الاستمساك بالبندقية، ووضع اليد على الزناد، وتوجيه فوهتها إلى العدو المحتل، لا أحد غيره، حتى زوال الاحتلال وتحقيق الاستقلال. وعند ذلك، لن تكون البندقية الفلسطينية إلا بيد الدولة الفلسطينية ولا أحد سواها. إن الهوية الفلسطينية التي صنعها التاريخ تحمل في روحها حقيقة التنوع، واحترام الآخر مع التمسك بالحق، فلا تغتالوا التنوع، واتركوا للشعب الفلسطيني البطل أن يكون هو من يقرر؛ فقراره لا يضل إلا بمصادرة إرادته، ومصادرة الإرادة تسفر عن تشويه الهوية.

ولا تستهينوا بالدم الذي صنع الأمل، وقد حانت اللحظة التاريخية التي تمكِّن شعوب المنطقة أن تكون الفاعل بدلا من المفعول به. إن نزع سلاح المقاومة لا يكون إلا ضمن اتفاق سياسي ينهي الحرب تماما، ويتم تنفيذه خطوة بخطوة على التوازي مع إنهاء الاحتلال والحصار، ما يضع الشعب الفلسطيني الصامد على بداية الطريق لإقامة الدولة، باتفاق سياسي صريح تضمنه القوى العالمية الرئيسية، ويتحول إلى قانون ملزم يقره الكنيست الإسرائيلي والمجلس الوطني الفلسطيني المنتخب.

تسونامي سياسي عالمي
إن صمود الشعب الفلسطيني والمقاومة المسلحة، هو لحظة تاريخية تكثف نضال أكثر من مئة عام ضد الاغتصاب الصهيوني، تعبيرا عن حلم الدولة وحق تقرير المصير. ورغم خسارة أرواح الشهداء ودماء المقاتلين، فإن استجابة المجتمع الدولي في الأسابيع الأخيرة من جانب الحكومات، واستجابة الرأي العام العالمي منذ اللحظة الأولى للحرب، ترسم خطوط تلك اللحظة التاريخية التي يعيشها الحلم الفلسطيني.

في داخل إسرائيل نفسها أصبح هناك من يدرك وحشية الصهيونية النازية يوما بعد يوم، ما يقرب لحظة الانقلاب على نتنياهو وحوارييه، الذين يرون بقاءهم يتحقق في إبادة الفلسطينيين واغتيال هويتهم. الآن يبرز في اسرائيل من يعترف بأن حرب غزة هي إبادة جماعية للشعب الفلسطيني، وتعلو أصوات المنادين بإنهاء الحرب.

من هؤلاء تبرز مجموعة «قادة أمن إسرائيل – CIS» التي تضم أكثر من 600 شخصية من قيادات أجهزة الأمن والدفاع والشرطة والخارجية السابقين، الذين كتبوا إلى الرئيس الأمريكي ترامب منذ يومين مطالبين بالضغط على نتنياهو لوقف الحرب في غزة: «أوقفوا حرب غزة! نحثكم على إنهاء الحرب. لقد فعلتموها في لبنان. وحان الوقت لفعلها في غزة أيضا».

أما في الولايات المتحدة فقد أرسلت مجموعة من الأعضاء الديمقراطيين في مجلس النواب رسالة إلى ترامب تحثّه فيها على الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وجاء في الرسالة: «لقد سلّطت هذه اللحظة المأساوية الضوء على الحاجة المُستحقة منذ زمن طويل للاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير المصير». ونقل موقع (أكسيوس) الأمريكي أن واحدا على الأقل من بين الديمقراطيين الموقعين على الرسالة يخطط لتقديم مشروع قرار لمجلس النواب بتأييد إقامة دولة فلسطينية.

في هذه اللحظة التاريخية النادرة التي صنعتها المقاومة وصمود الفلسطينيين، تنحاز أربع من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، هي فرنسا وبريطانيا إضافة إلى الصين وروسيا، إلى حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم، وأعلنت فرنسا وبريطانيا عزمهما الاعتراف بها الشهر المقبل.

هذا يعني أيضا أن ثلاثا من الدول السبع الصناعية الكبرى في العالم هي فرنسا وبريطانيا وكندا انحازت إلى حل الدولتين، والدعوة لتأييده. كما أعلنت أغلبية دول الاتحاد الأوروبي عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومساندتها، ما يعني الوقوف ضد أي عدوان عليها، وفرض عقوبات متنوعة على أعدائها وتقديم المساعدة لها.

اختبارات المواجهة الحاسمة
في هذه اللحظة التاريخية النادرة تفرض مسؤولية الوفاء للشهداء على المقاومة الفلسطينية خوض خمسة اختبارات حاسمة والفوز فيها جميعا. هذه الاختبارات هي، أولا: اختبار إطلاق دخول المساعدات الإنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة بلا قيد ولا شرط، وهو اختبار يتطلب الضغط بكل الطرق لإنهاء تجويع الفلسطينيين، حتى إن استمرت الحرب.

إن تجويع الشعب المقاوم هو في كل الأحوال جريمة حرب يجب أن تتوقف فورا، بلا مقايضة ولا مساومة.

ثانيا: اختبار الإصرار على إصدار إعلان سياسي دولي بإنهاء الحرب بضمانات دولية، يتضمن تحويله إلى قانون يصادق عليه في توقيت متزامن المجلس الوطني الفلسطيني المنتخب، والكنيست الإسرائيلي، على أن يكون هذا القانون غير قابل للإلغاء أو التعديل من طرف واحد لمدة لا تقل عن 25 عاما، ولا إسقاط للبندقية إلا ضمن اتفاق سياسي بإنهاء الحرب وإعلان سلام دائم مضمون دوليا.

ثالثا: اختبار تبادل الأسرى والمحتجزين على أساس «مبدأ الكل مقابل الكل»، بلا تنازلات أو استثناءات.

رابعا: اختبار إعادة البناء وتعويضات الحرب، على أساس الانسحاب الكامل خلال فترة زمنية لا تتجاوز ثلاثة أشهر، تحت إشراف قوة مراقبة دولية تشكلها الأمم المتحدة، على أن يترافق الانسحاب مع إعلان برنامج عالمي لإعادة البناء والتنمية في غزة، تحت قيادة الاتحاد الأوروبي، بمشاركة تحالف دولي يضم جميع الحكومات والمؤسسات الصديقة للشعب الفلسطيني. وفي مسألة إعادة البناء فليكن المبدأ هو أن يتحمل من دمر غزة وحاول إبادة شعبها تكلفة إعمارها لمصلحة أهلها، على أن يتم فتح ملفات تعويضات ضحايا الحرب من خلال مفاوضات بإشراف دولي من الأمم المتحدة. خامسا اختبار وحدة القضية الفلسطينية، ووحدة الهدف إلى إقامة الدولة.

وإني أراها رأي العين مقبلة، إذا خلصت النوايا، واستمر الوفاء لأرواح الشهداء، فلا تنزلوا عن أقل من الدولة المستقلة ذات السيادة، ولا تتنازلوا عن حلم الوطن الحر الذي يحفظ للفلسطيني آدميته وكرامته، ولا تسقطوا البندقية فهي شرف الفلسطيني وعنوان هويته حتى قيام دولته. وإني أراها رأي العين مقبلة بإذن الله.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة حماس الاحتلال حماس غزة الاحتلال المقاومة مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة من هنا وهناك صحافة صحافة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدولة الفلسطینیة اللحظة التاریخیة دبلوماسیة حمایة الشعب الفلسطینی هذه اللحظة

إقرأ أيضاً:

مستشار الرئيس الفلسطيني: مصر لها الدور الأبرز في إفشال مخطط إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية

أكد الدكتور محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني، أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة جاءت لتؤكد مجددًا التزام مصر التاريخي بالقضية الفلسطينية، ليس فقط من البعد السياسي، بل أيضًا من الجانب الإنساني، مشيدًا بالدور المصري في إدخال النسبة الأكبر من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة خلال الأشهر الأخيرة.

النرويج: سنضمن عدم استثمار الشركات الإسرائيلية التي تسهم في الاحتلال أو الحرب في غزةضابط بجيش الاحتلال في رسالة مسربة: نخوض حرب غزة بدون هدف حقيقيحكومة الاحتلال تستدعي سفير بولندا بعد اتهامها باستخدام "الجوع كسلاح" في غزةمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: على إسرائيل أن تفتح المعابر وتسمح للمساعدات بالدخول إلى غزة

وأوضح الهباش، خلال مداخلة مع الإعلامية مارينا المصري، على قناة "القاهرة الإخبارية"، :" الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية موقف ثابت ولم يتغير، مؤكداً أن هذا الموقف لم يتذبذب لا قبل الأزمة الراهنة ولا خلالها، وهو موقف داعم للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".

وتابع :" مصر كان لها الدور الأبرز في إفشال المخطط الإسرائيلي الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة، مشيراً إلى أن هناك تطابقًا كاملًا بين الموقفين المصري والفلسطيني، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.

وأكد الهباش أهمية عدم اختزال القضية الفلسطينية في الأحداث الجارية في قطاع غزة فقط، مشددًا على ضرورة الحفاظ على البُعد السياسي والوطني الأوسع للقضية، باعتبارها قضية تحرر شعب من الاحتلال، وليست مجرد أزمة إنسانية.

وفيما يتعلق بمحاولات تشويه الدور المصري، وصف الهباش هذه المحاولات بـ"الخبيثة" و"الشيطانية"، مؤكدًا أن هناك جهات معادية للقضية الفلسطينية والأمة العربية تسعى عبر أدوات رخيصة إلى التقليل من دور مصر وتشويهه.

واختتم الهباش حديثه بالتأكيد على أن الشعب الفلسطيني يدرك جيدًا حجم التضحيات والمواقف المصرية المشرفة، وأنه لن ينجر وراء تلك المحاولات المغرضة التي تهدف إلى شق الصف العربي والنيل من الدول التي تساند القضية الفلسطينية.

طباعة شارك غزة قطاع غزة الاحتلال فلسطين مصر

مقالات مشابهة

  • السلام الحقيقي يبدأ بالاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: مصر لها الدور الأبرز في إفشال مخطط إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية
  • الرئيس السيسي: مصر ستظل دومًا بوابة لدخول المساعدات وليست لتهجير الشعب الفلسطيني
  • هل تُعدّ المقاومة خيارا شعبيا في وجه الاحتلال؟
  • ويتكوف يهدد المفاوض الفلسطيني
  • المنفي يستقبل المبعوث الخاص للرئيس الفلسطيني ويؤكد دعم ليبيا الثابت للقضية الفلسطينية
  • مؤامرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • “فصائل المقاومة “: تصريحات عباس تعبّر عن عقلية إقصائية ومنفصلة عن واقع الشعب الفلسطيني
  • نكوسي سيكليل أفريكا.. الترنيمة التي حررت جنوب أفريقيا