تونس تتحول إلى سجن كبير.. تقرير دولي يكشف انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان
تاريخ النشر: 6th, August 2025 GMT
كشفت منظمة حقوقية دولية النقاب عن تدهور، وصفته بأنه "غير مسبوق" في وضع الحريات العامة وحقوق الإنسان في تونس منذ إعلان الرئيس قيس سعيد عن "الإجراءات الاستثنائية" في 25 يوليو 2021، ووصفت تونس بأنها "تتحول إلى سجن كبير" بفعل سياسة القمع الممنهج، واحتكار السلطات، وانهيار استقلال القضاء.
جاء ذلك في تقرير شامل صادر عن منظمة “أصوات حرّة للدفاع عن حقوق الإنسان” (Free Voice Organization for Human Rights Defense) ومقرها باريس، بالتزامن مع الذكرى الرابعة لقرارات سعيد.
سجون تعجّ بالمعارضين.. ومحاكمات بلا ضمانات
أكد التقرير أن السجون التونسية أصبحت مكتظة بالمعتقلين السياسيين من قادة أحزاب ونشطاء وصحفيين ومحامين، بعضهم دون محاكمة، وآخرون صدرت بحقهم أحكام قاسية تصل إلى 48 سنة سجن، بتهم تتعلق بـ"التآمر على أمن الدولة" أو "الإضرار بهيبة الرئيس".
وأشار إلى أن أبرز هذه القضايا هي ما يعرف بـ"قضية التآمر"، التي طالت 52 شخصية عامة، من بينهم رئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي، ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض، والحقوقي جوهار بن مبارك، والناشطة شيماء عيسى، وآخرون من أطياف سياسية متعددة.
تعذيب وإهمال طبي.. ووفيات غامضة
رصد التقرير تزايدًا خطيرًا في حالات التعذيب داخل مراكز التوقيف والسجون، شملت الضرب والصعق الكهربائي والتجريد القسري من الملابس، وبلغت ذروتها في حالات وفاة 8 معتقلين على الأقل في ظروف غامضة، من بينهم الشاب محمد أمين جندوبي.
وأشار التقرير إلى أن عدد ضحايا التعذيب بين 2024 و2025 بلغ 116 شخصًا، منهم 22% تعرّضوا لتعذيب جنسي، كما رُصدت أعمال عنف ممنهجة ضد مهاجرين أفارقة في مراكز احتجاز غير رسمية.
الصحافة في مرمى الاستهداف
أبرز التقرير الانهيار الكبير في حرية الإعلام، بسبب المرسوم عدد 54 لسنة 2022، الذي يجرّم ما يُسمّى "نشر أخبار كاذبة". وأشار إلى أن هذا المرسوم استخدم لقمع 65 صحفيًا ومدونًا، وأدى إلى إغلاق إذاعات وسجن صحفيين بأحكام وصلت إلى 27 سنة كما في قضية "إنستالينغو".
وبحسب نقابة الصحفيين التونسيين، فإن تونس تراجعت 47 مرتبة في مؤشر حرية الصحافة بين 2021 و2024، وسط بيئة "عدائية" تجاه الإعلاميين.
انهيار القضاء واستهداف المحامين
اتهم التقرير السلطات بتقويض استقلال القضاء عبر حل المجلس الأعلى للقضاء، وإقالة 57 قاضيًا دفعة واحدة، واعتقال شخصيات بارزة مثل القاضي البشير العكرمي.
كما ندد بـ "تجريم الدفاع القانوني"، حيث تم اعتقال ومحاكمة أكثر من 20 محاميًا بسبب نشاطهم في الدفاع عن المعتقلين السياسيين، ومنهم مهدي زقروبة، سونيا الدهماني، دليلة مسدق، إيناس الحراّث، وغيرهم.
لا محاسبة.. ولا شفافية
أكد التقرير غياب المحاسبة التامة عن جرائم التعذيب وسوء المعاملة والاعتقالات التعسفية، مع تجاهل القضاء لطلبات التحقيق، رغم صدور تقارير حقوقية محلية ودولية تؤكد وقوع انتهاكات جسيمة، بعضها موثق بالصوت والصورة.
ودعت المنظمة في ختام تقريرها إلى: الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، وإلغاء المراسيم الاستثنائية وعلى رأسها المرسوم 54، ووقف إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية، وإعادة العمل بدستور 2014 وضمان فصل السلطات، محاسبة المتورطين في التعذيب وانتهاك كرامة المعتقلين، وحماية الصحفيين والمحامين والناشطين من الاستهداف الأمني والقضائي.
أصوات تتلاشى في صمت دولي
حذّرت "أصوات حرّة" من تواطؤ المجتمع الدولي وصمته المريب إزاء ما يجري في تونس، داعية إلى تعليق التعاون الأمني والقضائي مع السلطات التونسية حتى تلتزم بالقانون الدولي وتُوقف قمعها للمعارضين.
وختمت المنظمة بالقول: "ما يحدث في تونس اليوم ليس مجرد أزمة سياسية، بل انهيار شامل لمنظومة الدولة القانونية والدستورية، وتحول البلاد إلى سجن مفتوح لكل صاحب رأي مستقل".
من هي منظمة "أصوات حرّة"؟
"أصوات حرّة للدفاع عن حقوق الإنسان" هي منظمة حقوقية دولية مستقلة، تأسست في فرنسا، وتعمل على رصد وتوثيق الانتهاكات الحقوقية في العالم العربي، لا سيما في البلدان التي شهدت تحولات سياسية أو انتكاسات ديمقراطية.
تُعنى المنظمة بالدفاع عن حرية التعبير، استقلال القضاء، حقوق المعتقلين، ومناهضة التعذيب. وتُصدر تقارير دورية باللغتين الفرنسية والإنجليزية، وتعمل بتنسيق مع منظمات حقوقية دولية.
أهم قرارات قيس سعيّد منذ 25 يوليو 2021
في 25 يوليو 2021، أعلن الرئيس قيس سعيّد عن "إجراءات استثنائية" تضمنت تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن أعضائه، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، في خطوة اعتبرها خصومه "انقلابًا على الدستور". وبرّر سعيّد قراراته بأنها تهدف إلى "إنقاذ الدولة" من الانهيار، وسط أزمة سياسية واقتصادية خانقة.
منذ ذلك التاريخ، اتخذ سعيّد سلسلة من الإجراءات غير المسبوقة، من أبرزها: تعليق ثم حلّ البرلمان رسميًا في مارس 2022، إصدار مراسيم رئاسية دون الرجوع إلى أي جهة رقابية أو تشريعية، مستندًا إلى الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021، حلّ المجلس الأعلى للقضاء في فبراير 2022، وفرض وصاية السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، طرح دستور جديد أُقر في استفتاء يوليو 2022، عزّز صلاحيات الرئيس وقلّص دور البرلمان والقضاء، وكرّس نظامًا رئاسويًا مطلقًا، إصدار المرسوم 54 لسنة 2022 الذي يجرّم "نشر الأخبار الكاذبة"، والذي اعتُبر أداة لقمع حرية التعبير والصحافة، محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، في سابقة تُعد تراجعًا خطيرًا عن مكتسبات ما بعد الثورة.
هذه الخطوات، التي جاءت دون حوار وطني جامع أو توافق سياسي، قادت إلى تراجع حاد في مؤشرات الديمقراطية، وتفاقم الانتهاكات الحقوقية، بحسب تقارير محلية ودولية، وجعلت من تونس نموذجًا مثيرًا للقلق بشأن مستقبل الحريات في المنطقة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الحريات تونس تقرير تونس حريات تقرير أوضاع المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یولیو 2021
إقرأ أيضاً:
«القومي لحقوق الإنسان» يشكل غرفة مركزية لمتابعة الانتخابات
أكد عبد الجواد أحمد، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن «الانتخابات المصرية الجارية تمثل استحقاقًا دستوريًا يجسد حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان، وهو حق المشاركة في الشأن العام، مشيرًا إلى أن هذه المشاركة ترتبط بمجموعة من الحقوق كحرية التعبير، والانضمام للأحزاب، والتجمع السلمي».
وقال «عبد الجواد»، خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «صدى البلد»، إن المجلس القومي لحقوق الإنسان حرص على متابعة هذا الاستحقاق من خلال تشكيل غرفة مركزية برئاسة السفير محمود كارم، وبتكليف منه للإشراف عليها، مضيفًا أن هناك 11 غرفة فرعية تابعة لها، يشارك فيها نحو 18 عضوًا من المجلس، إلى جانب التنسيق مع شركاء المجتمع المدني.
وأشار إلى أن منظومة المتابعة شملت عدة مستويات، وكانت المرحلة الأولى للانتخابات فرصة لرصد تمكين المصريين في الخارج من حقوقهم السياسية، وهو ما سيتم توثيقه في تقرير المجلس فور الانتهاء منه.
وأوضح «عبد الجواد» أن المرحلة الثانية من الانتخابات تشهد متابعة ميدانية دقيقة، وقد لوحظ خلالها التزام كبير من كبار السن والنساء وذوي الإعاقة، بالإضافة إلى إقبال مرتفع من الشباب، لا سيما في المناطق الحدودية والريفية.
ورغم هذا الإقبال، رصد المجلس بعض الملاحظات، مثل تأخر فتح بعض اللجان، ووجود دعاية انتخابية خارجها، وصعوبة وصول بعض المغتربين إلى لجانهم، مؤكدًا أن كل هذه الملاحظات سيتم تحليلها وتوثيقها في التقرير النهائي.
وأضاف أن هذا الاستحقاق الدستوري يجري في ظل تحديات إقليمية معقدة، ما يعكس مؤشرًا إيجابيًا على تمسك المصريين بممارسة حقوقهم السياسية، مشيدًا في الوقت ذاته بالدور الإعلامي في تغطية المشهد الانتخابي، الذي وصفه بأنه وثّق العملية وأعطى مصداقية محلية ودولية.
كما أكد أن هذا المشهد الديمقراطي يُعبّر عن رغبة وطنية صادقة في اختيار من يمثل الشعب داخل مجلس الشيوخ.
اقرأ أيضاًمصطفى بكري يرد بقوة على إخواني يرحب باحتلال سيناء: أنتم عملاء وعبيد لآل صهيون
«الشريف في زمن عز فيه الشرف».. مصطفى بكري يوجه أقوى رسالة لـ الرئيس السيسي
«مصر لا تهتز لأفعال هؤلاء».. مصطفى بكري يكشف مؤامرة الإخوان الإرهابية وإسرائيل ضد مصر