يحتفل العالم في الثاني عشر (12) من أغسطس من كل عام باليوم الدولي للشباب، انطلاقا من أهمية هذه الفئة العمرية في المجتمعات باعتبارها عصب التنمية ومستقبل بناء الحضارة؛ فمنذ ديسمبر 1999 أقرَّت الأمم المتحدة هذا اليوم للاحتفاء بالشباب والتنبيه لأهم القضايا التي تشغلهم والتحديات التي تواجههم في كل مرحلة من مراحل التنمية والتطوُّر في مجتمعاتهم المختلفة.
إن الاحتفاء بالشباب والاهتمام بتنميتهم البشرية واستثمار طاقاتهم وإمكاناتهم وتقدير الجهود التي يقدمونها في تنمية مجتمعهم، يمثِّل أساسا تقوم عليه تلك التنمية؛ فالمجتمعات القوية الفتيَّة هي تلك التي يُسهم فيها الشباب بإبداعاتهم وقدراتهم في فتح آفاق تنموية جديدة، ويبتكرون سبلا أكثر انفتاحا وتطوُّرا لحل المشكلات التي تواجه مجتمعاتهم، إضافة إلى دورهم الأساسي في تحقيق الأهداف التنموية المستدامة لأوطانهم.
فالشباب شركاء التنمية، بل إنها قائمة على سواعدهم لأنهم أمل المجتمع في بنائه التنموي، ولهذا فإن معالجة التحديات والمشكلات التي يعانون منها وتلك العقبات التي تعيق طريقهم في التنمية الذاتية والمجتمعية واجب وطني، وأساس تنموي وأمني، كما أن إشراكهم في صناعة القرار وصياغة السياسات المستقبلية، ودعمهم وتمكين دورهم، يجعلهم أكثر قدرة على العطاء والتفاني وخدمة المجتمع، وبالتالي يُعزِّز من مواطنتهم الإيجابية.
وقد أعلنت الأمم المتحدة أن موضوع يوم الشباب الدولي للعام 2025 هو (العمل الشبابي المحلي من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وما بعدها)، تحت شعار (تمكين الشباب. بناء الغد)؛ انطلاقا من ذلك الدور الذي يمثِّله الشباب في مجتمعاتهم المحلية وقدرتهم على فهم احتياجاتها وتطلعاتها من ناحية، والتحديات التي يواجهها في سبيل تحقيق تلك الأهداف من ناحية أخرى، والدور الذي يضطلعون به من أجل تطوير السياسات والتطبيقات الملائمة لطبيعة مجتمعهم، ولهذا فإن (إشراك الشباب ليس ترفا بل ضرورة حتمية).
وعلى ذلك فإن دور الحكومات - حسب اليونسكو - في هذا الدعم وذلك التمكين يقوم على تهيئة البيئة الفاعلة، وإعداد السياسات وتخصيص الموارد، وتقديم آليات جديدة لتمكين الشباب من خلال إشراكهم في التخطيط واتخاذ القرارات، إضافة إلى أهمية إدماج أولوياتهم في الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية بُغية إيجاد سبل واضحة لتطوير مهاراتهم وقدراتهم ودعم توجهاتهم بما يُعزِّز رؤاهم ويحوِّلها إلى مشروعات وأنماط تنموية فاعلة، وإتاحة الفرص الوظيفية والإبداعية التي تمكِّنهم من تحقيق أهدافهم.
يمثِّل الاحتفاء باليوم الدولي للشباب لهذا العام أهمية خاصة لدى اليونسكو لأنه يتزامن مع الذكرى الثلاثين (لبرنامج العمل العالمي للشباب)، الذي يقوم بدور فاعل في دعم التنمية المستدامة والحوكمة والتشاركية، وهي المحاور التي ستكون جوهر المناقشات في هذا الاحتفاء للتحضير لانعقاد الدورة الثانية للقمة العالمية للتنمية الاجتماعية التي ستعُقد في نوفمبر المقبل في دولة قطر، لذا فإن الاحتفال الذي سيُقام في 12 أغسطس الحالي في نيروبي، كينيا، ليكون دعوة لدول العالم لاستثمار العمل الشبابي المحلي من خلال اتخاذ التدابير والسياسات وتنفيذها بما يُعزِّز هذا الدور ويوسِّع آفاق المشاركة المجتمعية للشباب.
ولعل ما تقدمه عُمان من رعاية وعناية فائقة بالشباب، دفع إلى إيجاد سياسات داعمة للأهداف الوطنية الخاصة بهذه الفئة فأولوية (تطوير قطاع الشباب)، مثَّل دعامة أساسية لهذا التوجه، بُغية تقديم منظومة متكاملة لهذا القطاع من حيث السياسات والتشريعات وتعزيز أنظمة الحوكمة وتنمية مهارات الشباب ومواهبهم، من خلال إيجاد بيئة محفِّزة للابتكار وريادة الأعمال، إضافة إلى تعزيز مشاركتهم الفاعلة في صناعة القرار، الأمر الذي يعكس فاعلية التواصل المجتمعي مع الشباب باعتبارهم أساس التنمية والعضد الذي يُعوَّل عليه في البناء المستقبلي.
والحق أن تطوير هذا القطاع وتنميته لا يقوم على مؤسسة واحدة فقط بل يحتاج إلى تكاتف الجهود وتعاضدها من أجل تحقيق الأهداف؛ ذلك لأنها أهداف وطنية كبرى تخص القطاعات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وحتى البيئية، فالشباب هم عصب تلك القطاعات وبدونهم لا يمكن أن تتحقق الأهداف والرؤى، فهم جزء أصيل من مشروعات التنمية والتطوير المستدامة، إضافة إلى أن الرؤية الوطنية 2040 قامت على أيدي فئات المجتمع كلهم، وسوف تتحقق بتكاتف تلك الفئات المجتمعية أفرادا ومؤسسات، غير أنها في النهاية سوف تحقِّق طموحات الشباب والناشئة لأنهم المخرَج الأصيل الذي سوف يقود مستقبل تلك الأهداف إلى آفاق أكثر طموحا وعطاء.
وبحسب المركز الوطني للإحصاء والمعلومات فإن نسبة ارتفاع العمانيين في الفئة العمرية (15-59) خلال الفترة (2024-2040) ستكون 5%، الأمر الذي يعني ضرورة إيجاد فرص مستدامة لسوق الوظائف، وريادة الأعمال من ناحية، وتوفير برامج قادرة على استيعاب الزيادة المضطربة في التركيبة السكانية خاصة لهذه الفئة العمرية، لذا فإن هناك حاجة إلى سبر متغيرات المرحلة الحالية من مراحل تطور المجتمع لتحديد اتجاهات الشباب وقدراتهم لريادة الأعمال بُغية إيجاد سبل واضحة وعملية لتعزيزها، من خلال خطة عمل محددة وقادرة على الاحتواء ودعم القدرات وتطويرها، بما يُسهم في فتح فرص جديدة خلاقة متوافقة مع متغيرات المجتمع وتطلعاته المستقبلية.
فعلى الرغم من الجهود المبذولة في قطاع ريادة الأعمال، إلاَّ أن هناك العديد من التحديات التي تمنع الشباب من بلوغ طموحاتهم، حيث نجد إحصائيات بآلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة غير أن الفاعل منها قليل جدا، إما بسبب عدم وعي الشباب بماهية تلك المشروعات وعدم قدرتهم على تحمُّل أعبائها، وإما بسبب التعقيدات الإدارية واللوجستية التي تواجههم، وإما أنهم اختاروا مجالات استثمار مكررة لا تقدِّم فرص حقيقية للمنافسة في الأسواق التجارية، وأيا كانت الأسباب فالنتيجة تبقى واحدة؛ مشروعات متوقفة ومديونيات وعقوبات مترتبة على ذلك، ثم عودة مرة أخرى للبحث عن وظيفة بعيدة عن مخاطر الاستثمار.
إن هذه الإشكالات والتحديات لا تقف أمام تحقيق الشباب لأهدافهم وتطلعاتهم للرفاه الاجتماعي وحسب، بل تحرم المجتمع طاقات كان من الممكن أن تكون أكثر فاعلية وإمكانات إبداعية يمكن أن تسهم في تحقيق أنماط جديدة من الاستثمار والإضافة في سوق الأعمال، لذا فإن هناك حاجة إلى مراجعة السياسات في منظومة ريادة الأعمال، فعلى الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة من الدولة في تطوير هذه المنظومة ودعم توجهات الشباب وتيسير أنماط التمويل وغيرها الكثير إلاَّ أن هناك إشكالات ما زالت تحتاج إلى معالجة خاصة في مجال استدامة تلك المشروعات والعمل على إيجاد فرص جديدة للاستثمار متواكبة مع المرحلة التطويرية التي تمر بها الدولة.
لقد قدمت الدولة وما زالت تقدِّم الكثير من فرص الدعم والتمكين لفئة الشباب إيمانا منها بأهميتهم في التنمية والبناء والتطوير، ولعل تكاتف الجهود من القطاعات المختلفة يستدعي اليوم التعاون من أجل تحقيق الأهداف الوطنية المشتركة التي ترسِّخ مفاهيم المواطنة الإيجابية، وتقدِّم لشبابنا فرصا واعدة في القطاعات التنموية كلها، ليكونوا طاقات بناء وتعمير، الأمر الذي يحتاج إلى التعاون الوطني بين القطاعات المختلفة الحكومية والخاصة، لفتح فرص للشباب للمشاركة الفاعلة في تحقيق الأهداف الوطنية المستدامة.
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: تحقیق الأهداف إضافة إلى من خلال من أجل التی ی الذی ی
إقرأ أيضاً:
بعد إقرار الأهداف الواردة في الورقة الأميركيّة.. هذا ما سيشهده لبنان
اعتبرت مصادر حكومية، أن "إقرار الأهداف الواردة في الورقة الأميركيّة يجنب لبنان التصعيد الدولي ويضع لبنان على سكة النهوض ويطالب بالانسحاب الاسرائيلي ووقف العدوان".وأكّدت المصادر أنّ "وزراء الثنائي لم يستقيلوا بل انسحبوا من الجلسة عند اقتراح تبنّي الاهداف الواردة في مقدمة الورقة الاميركية وهذا يُعتبر بمَثَابة تصويت ضد ويجب عدمُ تحميل انسحابهم اكثرَ من ذلك". مواضيع ذات صلة وزير الإعلام بول مرقص بعد جلسة مجلس الوزراء: مجلس الوزراء وافق على الأهداف الواردة في الورقة الأميركية Lebanon 24 وزير الإعلام بول مرقص بعد جلسة مجلس الوزراء: مجلس الوزراء وافق على الأهداف الواردة في الورقة الأميركية 07/08/2025 21:12:35 07/08/2025 21:12:35 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير العمل محمد حيدر: خرجنا من الجلسة لعدم موافقتنا على اقرار اهداف الورقة الاميركية اليوم بل طلبنا تأجيل دراستها (الجديد) Lebanon 24 وزير العمل محمد حيدر: خرجنا من الجلسة لعدم موافقتنا على اقرار اهداف الورقة الاميركية اليوم بل طلبنا تأجيل دراستها (الجديد) 07/08/2025 21:12:35 07/08/2025 21:12:35 Lebanon 24 Lebanon 24 مجلس الوزراء يناقش الأهداف العامة في ورقة براك ووزراء الثنائي يفندون مخاطر بعض البنود الواردة فيها (NBN) Lebanon 24 مجلس الوزراء يناقش الأهداف العامة في ورقة براك ووزراء الثنائي يفندون مخاطر بعض البنود الواردة فيها (NBN) 07/08/2025 21:12:35 07/08/2025 21:12:35 Lebanon 24 Lebanon 24 مرقص: نحن لم ندخل في الجزئيات المتعلقة بالورقة الاميركية واقتصر بحثنا على الأهداف Lebanon 24 مرقص: نحن لم ندخل في الجزئيات المتعلقة بالورقة الاميركية واقتصر بحثنا على الأهداف 07/08/2025 21:12:35 07/08/2025 21:12:35 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً مجلس الوزراء وافق على أهداف الورقة الأميركيّة.. مرقص: إنهاء الوجود المسلّح في كامل الأراضي اللبنانية Lebanon 24 مجلس الوزراء وافق على أهداف الورقة الأميركيّة.. مرقص: إنهاء الوجود المسلّح في كامل الأراضي اللبنانية 19:45 | 2025-08-07 07/08/2025 07:45:42 Lebanon 24 Lebanon 24 في جلستها الثانية.. الحكومة تستكمل مناقشة بند "حصر السلاح" وهذه أبرز التفاصيل Lebanon 24 في جلستها الثانية.. الحكومة تستكمل مناقشة بند "حصر السلاح" وهذه أبرز التفاصيل 14:47 | 2025-08-07 07/08/2025 02:47:06 Lebanon 24 Lebanon 24 مشهدٌ غريب... إستقرار سيارة على درج! Lebanon 24 مشهدٌ غريب... إستقرار سيارة على درج! 21:00 | 2025-08-07 07/08/2025 09:00:46 Lebanon 24 Lebanon 24 هل ستنحسب إسرائيل من لبنان؟.. تقريرٌ يكشف ما تُخطّط له تل أبيب Lebanon 24 هل ستنحسب إسرائيل من لبنان؟.. تقريرٌ يكشف ما تُخطّط له تل أبيب 21:00 | 2025-08-07 07/08/2025 09:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 البعريني: اليوم يبدأ طريق السيادة الحقيقية Lebanon 24 البعريني: اليوم يبدأ طريق السيادة الحقيقية 20:52 | 2025-08-07 07/08/2025 08:52:25 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة من أجل نصرالله.. هذا ما سيفعله "حزب الله" Lebanon 24 من أجل نصرالله.. هذا ما سيفعله "حزب الله" 21:41 | 2025-08-06 06/08/2025 09:41:12 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد تداول فيديو الفأر داخل كيس الخبز.. بيان توضيحي من أفران شمسين Lebanon 24 بعد تداول فيديو الفأر داخل كيس الخبز.. بيان توضيحي من أفران شمسين 15:07 | 2025-08-07 07/08/2025 03:07:27 Lebanon 24 Lebanon 24 جريمة في الضاحية.. مُطاردة تنتهي بعملية "طعن"! Lebanon 24 جريمة في الضاحية.. مُطاردة تنتهي بعملية "طعن"! 23:02 | 2025-08-06 06/08/2025 11:02:59 Lebanon 24 Lebanon 24 ابن الـ 25 عاما توفي قبل دقائق قليلة من زفافه.. هذا ما حصل معه Lebanon 24 ابن الـ 25 عاما توفي قبل دقائق قليلة من زفافه.. هذا ما حصل معه 08:53 | 2025-08-07 07/08/2025 08:53:14 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد غارات الجنوب.. بيانٌ من الجيش الإسرائيليّ Lebanon 24 بعد غارات الجنوب.. بيانٌ من الجيش الإسرائيليّ 23:40 | 2025-08-06 06/08/2025 11:40:26 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 19:45 | 2025-08-07 مجلس الوزراء وافق على أهداف الورقة الأميركيّة.. مرقص: إنهاء الوجود المسلّح في كامل الأراضي اللبنانية 14:47 | 2025-08-07 في جلستها الثانية.. الحكومة تستكمل مناقشة بند "حصر السلاح" وهذه أبرز التفاصيل 21:00 | 2025-08-07 مشهدٌ غريب... إستقرار سيارة على درج! 21:00 | 2025-08-07 هل ستنحسب إسرائيل من لبنان؟.. تقريرٌ يكشف ما تُخطّط له تل أبيب 20:52 | 2025-08-07 البعريني: اليوم يبدأ طريق السيادة الحقيقية 20:41 | 2025-08-07 برّاك في لبنان قريبًا فيديو بالفيديو: فضيحة الأدوية المزوّرة والمهربة.. هكذا خدعت صيدليات كبيرة اللبنانيين Lebanon 24 بالفيديو: فضيحة الأدوية المزوّرة والمهربة.. هكذا خدعت صيدليات كبيرة اللبنانيين 17:17 | 2025-08-07 07/08/2025 21:12:35 Lebanon 24 Lebanon 24 لن تتعرّفوا إليه.. فنان شهير يغيّر مظهره بالكامل ويطل بلوك جديد (فيديو) Lebanon 24 لن تتعرّفوا إليه.. فنان شهير يغيّر مظهره بالكامل ويطل بلوك جديد (فيديو) 09:20 | 2025-08-07 07/08/2025 21:12:35 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو: أسعار الحامض ترتفع بشكل كبير.. فما السبب؟ Lebanon 24 بالفيديو: أسعار الحامض ترتفع بشكل كبير.. فما السبب؟ 17:30 | 2025-08-05 07/08/2025 21:12:35 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24