الثورة نت:
2025-08-12@18:58:39 GMT

خناجر الخيانة في خاصرة الوطن!

تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT

من قلب المعركة الكبرى التي يخوضها اليمن، شعباً وجيشاً وقيادة، ضد المشروع الأمريكي الصهيوني وأدواته الإقليمية والمحلية، تتكشف أوراق الخيانة من جديد، وتحاول الفلول القديمة أن تنهض من تحت ركام التاريخ بوجه قبيح وروح مأجورة، علّها تظفر بفرصة أخرى لطعن الوطن في خاصرته.

إن خناجر العفافيش، التي ما زالت ملطخة بدماء الأبرياء، تسعى اليوم للعودة لتطعن في الظهر، بعدما فشل الأعداء  في إسكات اليمن، فاتجه نحو الجبهة الداخلية ليبحث عن شقوقٍ يتسلل منها إلى النسيج الوطني، مستعيناً بأكثر أدواته قذارة ورخصا.

العفافيش الذين باعوا السيادة منذ زمن بعيد، هم ذاتهم الذين جعلوا من اليمن طاولة مزادات يديرها السفراء وتُحسم قراراتها في واشنطن والرياض، لقد كان مشروعهم منذ البداية واضحاً، دولة رخوة، مرتهنة، منهوبة، تُدار من خلف الستار، فثلاثة عقود من الحكم العفاشي لم تكن سوى مسيرة تدمير ممنهج، تخلّلتها صفقات فساد وتهريب ثروات وإضعاف لمؤسسات الدولة، حتى صار القرار اليمني ورقة في يد الخارج.

لقد قُسّم الوطن إلى مناطق نفوذ، وحُوّلت الثروات النفطية والغازية إلى حسابات بنكية في الخارج، وتحوّل الفساد إلى قانون غير مكتوب، حتى صار كل شيء خاضعا للبيع والنهب باسم الدولة.

لكن الأخطر من كل ذلك، أن خيانة هؤلاء لم تقتصر على الداخل، بل امتدت إلى تعاون سري وخطير مع العدو الصهيوني، بدأ منذ سبعينيات القرن الماضي، حين فُتحت الأبواب للموساد ليمارس نشاطه على الأرض اليمنية تحت غطاء التهجير، في لحظة كانت فيها القضية الفلسطينية بأمسّ الحاجة للثبات، تواصل هذا التعاون وبلغ ذروته في التسعينيات، بدعم استخباراتي وتسليحي استخدم في الحرب الظالمة على صعدة، ليظهر جليًّا أن النظام السابق لم يكن مجرد أداة محلية للفوضى، بل جزء من مشروع أوسع هدفه ضرب روح المقاومة في المنطقة وتمرير أجندة التطبيع بالتقسيط .

وحين سقط الخائن عفاش، لم تسقط المؤامرة، بل ورث العفافيش أدوات الخيانة وتقمصوا أدوارًا جديدة، لكن بذات الولاء للخارج، متحولين إلى أذرع تعمل لصالح الرياض وأبوظبي، تحت الرعاية الأمريكية المباشرة، فاستمرّ العبث، واستمرت محاولات تمزيق الصف، وإشغال الداخل بالأزمات، في لحظة كانت البلاد فيها أحوج ما تكون للوحدة واليقظة.

إنهم لا يزالون يعملون بنشاط في تأجيج الصراعات، وتشويه المقاومة، وزرع الفتنة، متناسقين تماما مع مشروع صهيوني يستهدف تحويل اليمن إلى ساحة فوضى لا تنتهي.

ولأنهم تعوّدوا على نهب الوطن وكأنّه غنيمة، لم يترددوا في الاستيلاء على الأراضي العامة، ففي عام 1991، صدرت توجيهات رئاسية بتمليك مجاني وليس حتى بتأجير، لآلاف اللبَن من الأراضي الحكومية لصالح حزب المؤتمر الشعبي العام، في واحدة من أكبر عمليات النهب المشرعن في تاريخ الدولة اليمنية.

أراضٍ في قلب العاصمة، كانت ملكًا للشعب، تحوّلت بلمسة قلم إلى ملكيات شخصية يتاجر بها قيادات الحزب، بينما بقية الشعب يعيش بين الجوع والحرمان، لم تكن تلك مجرد عملية فساد، بل جريمة بحجم وطن، جسّدت كيف تحوّلت الدولة حينها إلى شركة عائلية، يُدار قرارها من فوق ويُنهب مالها من تحت.

ورغم هذا الإرث الأسود، فإن اليمن اليوم يكتب قصة جديدة، منذ انطلاق ثورة 21 سبتمبر، استعاد اليمنيون زمام المبادرة، وبدأوا بصياغة مشروع دولة حرة، تملك قرارها، وتحمي سيادتها، وتقف بصلابة في وجه عدوان لم يعرف للإنسانية طريقا، لم يعد القرار اليمني مرهوناً، ولم تعد الكلمة العليا إلا للشعب، وهذا ما أفزع أعداء الداخل والخارج، فاستنفروا أدواتهم لعرقلة المسار التحرري الذي يمضي بخطى ثابتة.

إن المعركة ليست فقط عسكرية، بل معركة وعي، معركة بين مشروع تحرري يحمل همّ الأمة ويقف إلى جانب فلسطين، وبين مشروع تابع لا يرى الوطن إلا سوقاً للنهب ومسرحاً للتطبيع، ولن يتحقق النصر الكامل إلا بتطهير الداخل من كل رموز الخيانة، وكشف كل الأقنعة، وفضح كل من تآمر على هذا الشعب.

فالعفافيش، رغم محاولاتهم للعودة من النوافذ بعدما أُخرجوا من الأبواب، لا مستقبل لهم في يمن الثورة والسيادة، وقد آن الأوان لأن يُغلق ملفهم القذر إلى الأبد، وتُطوى صفحة كانت مليئة بالقبح والخيانة، ليفتح اليمن صفحة المجد والبناء والانتصار.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

 اتجاهات مستقبلية   

 

 

اتجاهات مستقبلية

سيناريوهات ما بعد السيطرة الإسرائيلية على غزة!

 

 

يتسارع المشهد الفلسطيني بصورة تجعل من العصي على كثير من المتابعين توقع تبعاته لتعقد متغيراته، وتبرز خطة السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة كتحول استراتيجي يحمل أبعادًا أمنية وسياسية وإنسانية بالغة التعقيد. وقد كشفت التقارير الإعلامية عن تفاصيل هذه الخطة، التي تتضمن مراحل زمنية محددة واستعدادات عسكرية ولوجستية تهدف إلى فرض واقع جديد في القطاع. إذ أشارت تقارير إلى أنها قد تمتد إلى نصف عام على الأقل، وذلك وفقًا لجدول زمني يبدأ خلال أسبوعين بإخلاء تدريجي لسكان شمال القطاع نحو “مناطق إنسانية” في جنوبه، وتبدأ المرحلة الأولى من العملية بنقل أكثر من 800 ألف فلسطيني من مدينة غزة إلى منطقة المواصي، وهو ما يُتوقع أن يستغرق ما لا يقل عن 45 يومًا وفقًا للتقديرات.

وعليه تأتي هذه الخطة في سياق ديناميكيات إقليمية ودولية متشابكة، ما يستدعي تحليلًا معمقًا للسيناريوهات المحتملة التي قد تنجم عن تنفيذها، سواء على مستوى الداخل الفلسطيني أو على صعيد العلاقات الفلسطينية- الإسرائيلية، وكذا العربية الإسرائيلية، فضلًا عن انعكاساتها على الأمن الإقليمي والاستقرار الدولي.

فأمنيًّا؛ من المرجح أن يؤدي تنفيذ الخطة إلى تعزيز الوجود العسكري الإسرائيلي داخل غزة، مما قد يفضي إلى مواجهات مسلحة طويلة الأمد مع الفصائل الفلسطينية، ولا سيما في ظل غياب تسوية سياسية شاملة. هذا التصعيد قد ينعكس سلبًا على الأمن الداخلي الإسرائيلي، ويزيد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة برمتها، كما يفتح الباب مليًّا لتنامي النزعات المتطرفة في كلا الجانبين. أما سياسيًّا؛ فتطرح الخطة تساؤلات جوهرية حول مستقبل الحكم في غزة، خاصة في ظل ما أُثير سابقًا عن احتمالات فرض إدارة مدنية بديلة، وهو ما يخلق عبئًا مضاعفًا على أي طرف يتحمل المسؤولية بعد انقضاء خطة السيطرة الإسرائيلية. كما قد يقوض ما تبقى من أي آمال تتعلق بجهود المصالحة الفلسطينية ويُعمق أزمة السلطة الفلسطينية وشرعيتها في الشارع الفلسطيني، وعليه سيؤثر ذلك جوهريًّا على أية احتمالات لاستئناف المفاوضات السياسية.

من ناحية أخرى، إذا كانت الخبرات السابقة للجيوش تشير إلى الحاجة لنحو 20- 25 جنديًّا للسيطرة على 1000 مدني، فإن ذلك يعني حاجة إسرائيل إلى نشر 40- 50 ألف جندي (فرقتين عسكريتين) للسيطرة على قطاع غزة. بل وقد تحتاج إلى أعداد أكبر في حال إذا أطلق الغزاويون انتفاضة واسعة النطاق كالانتفاضتين الأولى والثانية. ومن أجل تفادي الدوائر الإسرائيلية لهذا الخطر ولأغراض تخفيف التكاليف الاقتصادية والعسكرية، من المرجح أن تنفذ إسرائيل إعادة احتلال غزة جزئيًّا فقط، مما يعني استمرار الفراغ الأمني، وتدهور الظروف الإنسانية في ظل الافتقار المستمر لسلطة حاكمة مستقرة. كما قد تتضمن الاستراتيجية الإسرائيلية لتخفيف التكاليف، زيادة حصر السكان المدنيين الفلسطينيين في مناطق خارج سيطرة الجيش الإسرائيلي. وتجنب دمج القوات العسكرية الإسرائيلية في النسيج الأمني المدني في غزة، على عكس الضفة الغربية. أيضًا من المرجح أن تُؤخر إسرائيل جهود إعادة الإعمار المهمة في غزة.

هذه الإجراءات قد تعني في المقام الأخير، استمرار الفراغ الأمني والاقتصادي حتى مع إعلان غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي الكامل، وتمكين خلايا حماس من مواصلة عملياتها وهجماتها ضد القوات الإسرائيلية، واستمرار تفاقم الأزمة الإنسانية ووصول السكان إلى شفا المجاعة. فنتيجة للعمليات العسكرية وتقييد حركة المنظمات الإغاثية، ستتصاعد التحديات أمام مواصلة الجهود الإغاثية، كالجهود الإماراتية الحيثية عبر استمرار عمليات الإنزال الجوي للمساعدات والمستشفى العائم أمام العريش، مما ينال من مردود هذه الجهود ويهدر مستهدفاتها في تخفيف المعاناة الإنسانية في الداخل.

من ناحية ثالثة، تفتح هذه العملية الإسرائيلية الباب على مصراعيه أمام مواصلة بعض الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين تأييدهم لكل من تهجير الفلسطينيين قسرًا، والاستيلاء العسكري الإسرائيلي الفعلي على السلطة في غزة. صحيح أن عدم شعبية إعادة احتلال غزة، في الداخل الإسرائيلي قد يشير إلى احتمال أن تُجبر أي حكومة إسرائيلية ستنبثق عن انتخابات أكتوبر عام ٢٠٢٦، على تغيير استراتيجيتها، لكن تزايد الخلاف حول مستقبل غزة بعد الحرب قد يجعل من أي تغيير يُحدثه خليفة نتنياهو غير جوهري، حيث يتراوح بين إطالة أمد الاحتلال المفتوح للسيطرة على غزة وتغيير تركيبتها السكانية، أو انسحاب فوضوي يُعيد خلق الظروف الأمنية التي أدت في البداية إلى صعود حماس.

في النهاية؛ يبدو أن خطة السيطرة الإسرائيلية على غزة لا تمثل مجرد إجراء عسكري أو أمني، بل هي خطوة تحمل في طياتها تداعيات استراتيجية قد تعيد تشكيل المشهد الإقليمي برمّته. وأن هذه الخطة إذا ما تم تنفيذها وفقًا لما هو معلن، قد تفتح الباب أمام سلسلة من الأزمات المتداخلة، تبدأ من الداخل الفلسطيني، وتمتد للداخل الإسرائيلي، وتعبرهما وصولًا للعلاقات الدولية.

وعليه يمكن القول: تبرز الحاجة إلى مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية، وتُبنى على أسس الحوار والتفاهم وركائز عملية السلام والشرعية الدولية، لا على منطق القوة والسيطرة. فغزة، بما تمثله من رمزية وطنية وإنسانية، لا يمكن أن تُدار بمنطق التجريب العسكري، بل تحتاج إلى رؤية استراتيجية تُعيد للإنسان الفلسطيني حقه المسلوب، وتكون مدخلًا لسلام إقليمي شامل يجنب الجميع تبعات غيابه المكلفة.


مقالات مشابهة

  • برلمانية: الشباب شريك أساسي في بناء الجمهورية الجديدة ونهضة الوطن
  • نواب البرلمان: التعليم مشروع قومي لبناء الإنسان المصري وضمانة لنهضة الوطن
  •  اتجاهات مستقبلية   
  • من أجل وطن يسوده السلام بين الدولة والمواطن
  • من أجل وطن يسوده السلام بين الدولة والمواطن (1)
  • حذاري أدوات الخيانة حذاري..!
  • إطلاق مشروع إنارة دوار وجسر اليمن بالطاقة الشمسية في اللاذقية
  • قيادي إخواني بارز: نكبة 2011 دمّرت اليمن والقيادة كانت للسفارة الأمريكية
  • حمّاد: نملك مؤسسة عسكرية وطنية قوية قادرة على صون مؤسسات الدولة وحماية مقدراتها