يمانيون | تقرير
المعارك التي اندلعت في البحرالأحمر، والمواجهة البحرية بين القوات المسلحة اليمنية من جهة، والأساطيل الغربية بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا من جهة أخرى، إلى ما يشبه “منعطفًا تاريخيًا” في الحروب البحرية.

فالمعارك التي اندلعت في هذه الرقعة الحساسة من العالم، لم تكن مجرد صراع محلي، بل اختبارًا واقعيًا لأحدث منظومات الدفاع والهجوم في بيئة معقدة، حيث تتداخل الجغرافيا الضيقة مع المصالح الدولية، وتتصادم التكتيكات غير المتكافئة مع الترسانة التكنولوجية المتقدمة.

في هذا التقرير، نستعرض من خلال المصادر الغربية كيف شكّلت معركة البحر الأحمر نقطة فاصلة في تطور العقيدة البحرية العالمية، والتحديات التي تواجه البحرية البريطانية، والتحولات الصناعية التي تقودها الولايات المتحدة جراء الدروس التي تعلمتها من المواجهة مع اليمن.

التحول الأمريكي.. من الدفاع التقليدي إلى الابتكار منخفض التكلفة
حيث أكد موقع The War Zone العسكري الأمريكي أن البحرية الأمريكية اضطرت، تحت ضغط التجربة اليمنية، إلى إعادة تقييم منظوماتها الدفاعية، بعدما أظهرت المعركة محدودية فاعلية الأنظمة الصاروخية التقليدية في مواجهة التكتيكات اليمنية المعقدة والمبتكرة.

فقد اعتمدت القوة البحرية اليمنية على مزيج من الطائرات المسيّرة والصواريخ، بتنظيم هجومي متزامن ومفاجئ، أربك قدرات الاعتراض التقليدية، وأدى إلى استنزاف مخزون الصواريخ باهظة الثمن خلال زمن قصير.

وفي خطوة عملية، بدأت البحرية الأمريكية بتزويد عدد من مدمرات فئة “إيرلي بيرك” بأنظمة اعتراض متطورة، مثل “كويوت” و”رود رونر إم”، التي تتميز بقدرتها على التحليق قبل الاشتباك، وإمكانية إعادة التوجيه أثناء الطيران، وكلفتها المنخفضة مقارنة بالصواريخ الدفاعية التقليدية.

هذه الأنظمة وُصفت بأنها أكثر ملاءمة للتعامل مع التهديدات غير المأهولة، خاصة في بيئة القتال البحري التي تفرض قيوداً على إعادة التذخير أثناء العمليات.

إضافة إلى ذلك، تعمل البحرية على تطوير تقنيات إعادة التذخير في عرض البحر، مستفيدة من الخبرات الميدانية المكتسبة في مواجهة المسيّرات والصواريخ اليمنية، وكذلك التهديدات الإيرانية الموجهة نحو كيان الاحتلال الصهيوني.

انعكاسات التجربة اليمنية على صناعة السلاح الأمريكية
إلى ذلك أشارت مجلة Aviation Week الدفاعية إلى أن وزارة الحرب الأمريكية تعمل على زيادة إنتاج صواريخ Patriot PAC-3 وأنظمة THAAD، استجابةً للطلب المتزايد داخلياً وخارجياً، مدفوعة بتجارب الاشتباكات الأخيرة مع إيران والقوات اليمنية، بما في ذلك أكبر عملية اعتراض في تاريخ منظومة THAAD خلال يونيو الماضي.

وأكدت شركة Lockheed Martin المصنعة للـ THAAD أن الدروس المستفادة من هذه المواجهات ستُدمج في التحديثات المستقبلية للمنظومات، في إقرار واضح بأهمية التكتيكات الهجومية اليمنية في اختبار حدود الدفاعات الجوية والبحرية الغربية واختراقها.

الأزمة البريطانية.. فجوات استراتيجية وصناعية
وعلى الجانب الآخر، كشف موقع Navy Lookout البريطاني المتخصص في الشؤون البحرية أن البحرية الملكية البريطانية تواجه أزمة عميقة، وصفها بـ”المقلقة”، تهدد قدرتها على تنفيذ المهام العالمية.

فقد أدى خروج عدد من السفن والمقاتلات البحرية من الخدمة، مع نقص حاد في الكوادر البشرية، إلى غياب شبه كامل عن مناطق استراتيجية مثل غرب آسيا، وعدم القدرة على دعم العمليات في البحر الأحمر.

التقرير أشار أيضاً إلى فجوات صناعية وتمويلية متراكمة منذ ما بعد الحرب الباردة، تسببت في فقدان مهارات وقدرات حيوية، بينما يواصل المسؤولون تقديم صورة دعائية وردية تتناقض مع الواقع الميداني.

البحر الأحمر.. مختبر تكتيكي يعيد رسم خرائط القوة
تكشف هذه التطورات أن معركة البحر الأحمر لم تكن مجرد حدث محلي في سياق الإسناد اليمني لغزة، بل مختبراً تكتيكياً أعاد صياغة مفاهيم الحرب البحرية.

فقد أثبتت التجربة أن منظومات الدفاع البحري التقليدية، مهما بلغت كلفتها، يمكن تحييدها عبر تكتيكات ذكية وتكنولوجيا منخفضة التكلفة، وأن التفوق ليس بالضرورة لمن يمتلك السلاح الأغلى، بل لمن يوظفه في الإطار الزمني والميداني الأكثر فاعلية.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

موقع بريطاني يؤكد تراجع نفوذ لندن في البحر الأحمر

ونشر موقع "Navy Lookout"، المتخصص في الأخبار والتحليلات المتعلقة بالعمليات والمشتريات ومستقبل البحرية الملكية البريطانية، أن لندن عملت منذ العام 2022 على إيقاف تشغيل 15 سفينة حربية، بينها فرقاطات وغواصات وسفن إنزال وصائدات ألغام، مقابل إدخال عددٍ محدودٍ من الوحدات الجديدة.

 مشيرًا إلى تصاعد هذه الإجراءات في العامين الأخيرين، ما يؤكد أن اليمن تسبب في تحييد القوة العسكرية البحرية البريطانية، على غرار ما حدث للقوات الأمريكية المماثلة، التي كانت مهيمنة على المنطقة.

ولفت الموقع إلى أن "البحرية البريطانية تعاني نقصًا حادًا في القوة وإرهاقًا مفرطًا في جميع جوانب قدراتها".

ونوّه إلى أن "تراجع القدرات أدى إلى غياب شبه كامل للوجود البحري البريطاني في الشرق الأوسط وعدم القدرة على دعم عمليات البحر الأحمر".

وتأتي هذه التقارير بالتزامن مع اضطرار العديد من الدول الأوروبية لسحب فرقاطاتها من البحر الأحمر، مثل فرنسا وإيطاليا، بعد قناعة تامة بعدم جدوى البقاء في البحر، وسط معادلات معقدة وقواعد اشتباك نوعية فرضتها القوات المسلحة اليمنية.

 

مقالات مشابهة

  • العزلة الأمريكية تتسع.. والبحر الأحمر يتحول إلى ساحة مواجهة بين اليمن والكيان الصهيوني
  • واشنطن: إيران تقف خلف التصعيد والتوتر في المنطقة بدعمها للحوثيين وهجماتهم البحرية
  • البيض: إعادة رسم خرائط المصالح والتحالفات تقود مستقبل اليمن والمنطقة
  • تقارير غربية: اليمن حيّد القوة البحرية البريطانية وأربك الأساطيل الدولية في البحر الأحمر
  • روسيا: العمليات البحرية اليمنية سببها الحرب الإسرائيلية على غزة
  • شاهد - التحولات التي أحدثها القرار اليمني في 19 مايو على موازين القوة البحرية
  • من بغداد إلى بيروت.. لاريجاني و خرائط جديدة لمحور الممانعة
  • موقع بريطاني يؤكد تراجع نفوذ لندن في البحر الأحمر
  • كاتبة أمريكية: اليمن يحقق سابقة تاريخية في كسر هيبة البحرية الأمريكية