عربي21:
2025-12-12@15:43:29 GMT

قمة ترامب- بوتين: تروّض أوكرانيا وتُحبط أوروبا

تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT

فيما كانت بروكسل تحاول هضم الاتفاق التجاري المذل الذي أجبرت على توقيعه مع واشنطن، عاجلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضربة أشد قوة وتأثيرا، بإعلانه عبر منصته "تروث سوشيال" عن لقاء سيجمعه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في 15 آب/ أغسطس الجاري في "ألاسكا"، وعنوانه السعي إلى التوصل إلى تفاهمات من أجل صياغة اتفاق سلام ينهي الصراع في أوكرانيا.



خبر هذا اللقاء أحدث اضطرابا أوروبيا وأوكرانيا، وسط شعور عارم بالإقصاء والتهميش، وتسارعت وتيرة الاتصالات بين كييف وشركائها لتنسيق الموقف إزاء هذا التطور المفزع.

رمزية "ألاسكا"

اختيار مكان الاجتماع في ولاية "ألاسكا" القريبة جغرافيا من روسيا بالذات ليس تفصيلا عابرا. كانت هذه الولاية تقع ضمن أراضي وممتلكات الإمبراطورية الروسية التي باعتها إلى أمريكا عام 1867. يقول مستشار الكرملين يوري أوشاكوف إن "ألاسكا" و"القطب الشمالي" منطقتان تتقاطع فيهما مصالح البلدين الاقتصادية، وثمة إمكانيات لتحقيق مشاريع واسعة تعود بالمنفعة المتبادلة.

تحمل مواقف وتصريحات ترامب دلالات واضحة على هذا التوجه، حيث سبق أن أظهر تأييده لشروط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضم إقليمي "لوغانسك" و"دونيتسك" ومقاطعتي "زابورجيا" و"خيرسون" إلى "الاتحاد الروسي"، بالإضافة إلى رفضه انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"
بيد أن الأمور تذهب أبعد من ذلك، حيث تشير العديد من التقارير إلى أن اختيار "ألاسكا" الواقعة جغرافيا بين روسيا وأمريكا، يستبطن رمزية إبعاد القوى الأوروبية وأوكرانيا عن طاولة مفاوضات السلام لإنهاء الصراع في الثانية، في موازاة الدفع باتجاه توطيد وتوثيق عرى التحالف بين القوتين الروسية والأمريكية، وفق الاستراتيجية التي يتبناها ترامب وفريقه لمأسسة توازنات جديدة ضمن النظام العالمي.

وتحمل مواقف وتصريحات ترامب دلالات واضحة على هذا التوجه، حيث سبق أن أظهر تأييده لشروط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضم إقليمي "لوغانسك" و"دونيتسك" ومقاطعتي "زابورجيا" و"خيرسون" إلى "الاتحاد الروسي"، بالإضافة إلى رفضه انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، كما تطالب موسكو. وهو الذي يظهر الكثير من الازدراء بالحلف ويعتبره أداة سياسية- عسكرية منتهية الصلاحية. زد عليها تصريحات نائبه، جي دي فانس، الذي قال إن أمريكا تسعى للتوصل إلى تسوية للأزمة الأوكرانية، مع ملاحظة استخدامه مصطلح "الأزمة" بدل "الحرب"، من خلال الأخذ بالاعتبار خط الجبهة الحالي على الأرض. وأضاف أنّه "إذا أراد الأوروبيون شراء أسلحة من شركات أمريكية لنقلها إلى أوكرانيا فإن واشنطن لا تمانع، لكننا لن نمول هذا بأنفسنا".

وفي حين تطالب كييف بضمانات أمنية أوروبية وأمريكية من ضمنها نشر قوات أوروبية على الأراضي الأوكرانية لحفظ السلام، وهو ما ترفضه موسكو بحسم ضمن شروطها للسلام بأن لا تكون أوكرانيا ساحة للتمدد الجيوسياسي والعسكري الغربي قرب حدودها، فإن ترامب لا يظهر أدنى اهتمام بهذا المقترح، في ظل سياسته المعروفة بالحد من التورط الأمريكي في الصرعات، وخصوصا نشر قوات عسكرية.

زيلينسكي والتحول نحو الدبلوماسية

رغم كل المحاولات التي بذلها الرئيس الأوكراني بالتعاون مع شركائه الأوروبيين لاستثمار الفجوة التي ظهرت بين واشنطن وموسكو خلال الأسابيع الأخيرة ضمن مناورات الضغط الترامبية، من أجل تحسين موقفه التفاوضي، إلّا أنّه أظهر نوعا من البراغماتية المغلفة بالمرارة بعد الإعلان عن القمة بين الرئيسين الروسي والأمريكي.

من خلال هذه المرونة، سعى زيلينسكي إلى تعزيز الدفع نحو توسيع القمة لتصبح ثلاثية، دون أن يستطيع إخفاء شعوره بالإقصاء. هذا المقترح سبق أن أعرب المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف تأييده له، وأكد ممثلو روسيا في جولة مباحثات إسطنبول الأخيرة أنه يمكن أن ينعقد فقط في المرحلة الأخيرة من المفاوضات، بعد توافق الطرفين على شروط السلام.

غير أن الإشارة اللافتة التي تستحق التوقف عندها في مواقف زيلينسكي الأخيرة، هي مواصلته التأكيد على عدم التخلي عن الأراضي، وسعي بلاده إلى استردادها بالدبلوماسية وليس بالمواجهة العسكرية. تحمل هذه المواقف دلالات على تحول هائل يرتكز على قناعة عميقة داخل الإدارة الأوكرانية بالعجز عن تغيير الواقع الميداني، ولا سيما بعد فقدان الحليف الأمريكي الذي يواصل ابتعاده وتقنين المساعدات المالية والعسكرية، وغالبيتها مرتبطة بتنفذي تعهدات إدارة بايدن، فيما الباقي منها جرى تلزيمها إلى بروكسل.

لذلك تسعى كييف إلى التقاط الفرصة من أجل الحد من خسائرها، حيث تشير التقارير إلى أن زيلينسكي وويتكوف تفاهما في لقائهما الأخير على وساطة أمريكية لإقناع بوتين بحل وسيط يقضي بالاحتفاظ بجزء من الأراضي التي يطالب بها وليس كلها، مما يؤسس لأرضية صلبة تسرع التوصل إلى اتفاق سلام.

"يالطا" الجديدة

في المقابل، أجرت موسكو مناورة عسكرية ميدانية في أوكرانيا من خلال التقدم نحو مناطق خارج تلك التي تريد ضمها إلى سيادتها، وإنشاء رؤوس جسور فيها، من أجل توظيفها على طاولة المفاوضات. ويبدو أن واشنطن تؤيد هذه المناورة لزيادة الضغط على كييف، حيث غضت الطرف عنها وغابت عن مواقف المتحدثين باسمها.

الإشكالية الكبرى التي ما تزال تعرقل تطوير مسار جدي لإنهاء الصراع في أوكرانيا هي أوروبية الطابع، حيث تواصل بروكسل والقوى المؤثرة في صياغة قرار القارة العجوز الدفع باتجاه تعميق الصراع واستدامته، وعرقلة كل المساعي والجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية للتوصل إلى سلام، بسبب تخلي واشنطن عن حليفها الأوروبي
ومع ذلك، تشير بعض التقارير إلى إمكانية إبداء بوتين لمرونة يتخلى من خلالها عن "زابورجيا" و"خيرسون"، والاحتفاظ بـ"لوغانسك" و"دونيتسك"، مقابل إيقاف الدعم العسكري والاستخباراتي الغربي لأوكرانيا، وضمان عدم انضمامها إلى "الناتو" مستقبلا.

بيد أن الإشكالية الكبرى التي ما تزال تعرقل تطوير مسار جدي لإنهاء الصراع في أوكرانيا هي أوروبية الطابع، حيث تواصل بروكسل والقوى المؤثرة في صياغة قرار القارة العجوز الدفع باتجاه تعميق الصراع واستدامته، وعرقلة كل المساعي والجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية للتوصل إلى سلام، بسبب تخلي واشنطن عن حليفها الأوروبي وإبعادها عن طاولة المفاوضات. وهذا ما يمكن تبينه في المواقف الأوروبية التي صدرت ردا على قمة ترامب- بوتين، والإشارة إلى أن أي اتفاق يجب أن تكون أوكرانيا وأوروبا شريكتين في صياغته لأن الأمر يتعلق بأمنهما.

وتظهر تقارير وسائل الإعلام الأوروبية أن مفاعيل القمة تبث شعورا في أوساط النخب الأوروبية أنها إزاء "يالطا جديدة"، في إشارة إلى اللقاء التاريخي بين الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل عام 1945 في منتجع على البحر الأسود، من أجل إعادة ترسيم الخارطة الأوروبية وتقسيم مناطق النفوذ بينهم.

وبالتالي، ورغم كل التوقعات التي تشير إلى صعوبة خروج القمة الروسية- الأمريكية بتسوية للصراع في أوكرانيا، إلا أنها تشكل خرقا سياسيا جديا يفضي لإبرام سلام خلال وقت قصير، ويؤسس لشراكة جيوسياسية واستراتيجية تعيد تشكيل النظام العالمي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء ترامب بوتين روسيا امريكا روسيا بوتين اوكرانيا ترامب مدونات مدونات مدونات قضايا وآراء مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی أوکرانیا الصراع فی من خلال من أجل

إقرأ أيضاً:

بشرط واحد.. زيلينسكي يبدي استعداده لإجراء انتخابات في أوكرانيا بمساعدة ترامب

قال الرئيس  الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه مستعد لإجراء انتخابات جديدة في أوكرانيا شريطة ضمان الأمن، متوقعًا إرسال مقترحات منقحة إلى واشنطن في غضون يوم واحد بشأن إنهاء الحرب التي استمرت قرابة أربع سنوات مع روسيا.

 اتفاق صاغته واشنطن

يضغط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على كييف لقبول اتفاق صاغته واشنطن، والذي انتقد حلفاء أوكرانيا نسخته الأولية باعتبارها مواتية للغاية لروسيا.

قال زيلينسكي للصحفيين بعد تنقله بين العواصم الأوروبية للتوصل إلى رد مع الحلفاء: "نعمل  وسنواصل العمل".

ذكر ترامب، الذي اتهم زيلينسكي في وقت سابق بعدم قراءة أحدث المقترحات الأمريكية، إن روسيا لديها "اليد العليا" في الصراع، وذلك في مقابلة مع مجلة بوليتيكو نُشرت يوم الثلاثاء.

كما اتهم كييف بـ "استخدام الحرب" لتجنب الانتخابات، التي تم تأجيلها في ظل فرض الأحكام العرفية منذ أن تدخلت روسيا بقوة عند جارتها.

قال ترامب: "كما تعلمون، يتحدثون عن الديمقراطية، لكن الأمر يصل إلى نقطة لا تعود فيها ديمقراطية".

يحظر القانون الأوكراني إجراء الانتخابات في ظل الأحكام العرفية، وبدونها كان من المقرر إجراء الاقتراع الرئاسي في مارس 2024.

بيونج يانج تستعد.. كيم جونج أون يطلق التحضيرات لمؤتمر يعقد كل 5 سنواتترامب محذراً مادورو: أيامك «معدودة» كرئيس لفنزويلاخلال اشتباكات حدودية.. إجلاء نصف مليون شخص في كمبوديا وتايلاند بحثًا عن الأمانغزة تحت النار مُجددًا .. جيش الاحتلال ينسف منازل في حي التفاح وخان يونس

لكن يوم الثلاثاء، وبعد تصريحات ترامب، قال زيلينسكي إنه مستعد لتنظيم انتخابات جديدة.

قال زيلينسكي للصحفيين: "أنا مستعد للانتخابات"، مضيفاً أنه يطلب من المشرعين الأوكرانيين إعداد "مقترحات بشأن إمكانية تعديل الأسس التشريعية وقانون الانتخابات أثناء الأحكام العرفية".

وقال إنه لكي يتم التصويت، يجب ضمان الأمن في البلد الذي تتعرض مدنه لهجمات الطائرات المسيرة والصواريخ الروسية بشكل يومي.

وذكر: "أنا الآن أطلب، وأعلن هذا صراحة، من الولايات المتحدة الأمريكية أن تساعدني، ربما بالتعاون مع زملائي الأوروبيين، لضمان الأمن لإجراء الانتخابات".

أمضى زيلينسكي الأيام القليلة الماضية متنقلاً بين العواصم الأوروبية لصياغة رد على الخطة الأمريكية. وعقد يوم الاثنين محادثات مع قادة أوروبيين في لندن وبروكسل. وفي يوم الثلاثاء، توجه إلى إيطاليا للقاء البابا ليو الرابع عشر ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.

تضمنت مقترحات واشنطن تنازل أوكرانيا عن أراضٍ لم تستول عليها روسيا - منطقة دونباس الصناعية بأكملها - مقابل وعود أمنية لا ترقى إلى مستوى تطلعات كييف للانضمام إلى حلف الناتو.

قال زيلينسكي يوم الاثنين إن خطة واشنطن المكونة من 28 نقطة قد تم تعديلها إلى 20 نقطة بعد محادثات الولايات المتحدة وأوكرانيا.

وذكر :"إن قضية الأراضي والضمانات الأمنية الدولية كانتا من بين النقاط الخلافية الرئيسية هل نتصور التنازل عن أراضٍ؟، ليس لدينا أي حق قانوني للقيام بذلك، بموجب القانون الأوكراني ودستورنا والقانون الدولي. وليس لدينا أي حق أخلاقي أيضاً".

طباعة شارك مبنى الكابيتول الأمريكي مجلس النواب أوكرانيا واشنطن روسيا زيلينسكي الرئيس الأوكراني الحرب القانون الأوكراني الأحكام العرفية

مقالات مشابهة

  • البيت الأبيض: ترامب محبط بشدة من أوكرانيا وروسيا
  • البيت الأبيض: ترامب يعمل بنشاط على تسوية الصراع في أوكرانيا
  • عاجل. الكرملين: بوتين أكد في مكالمة هاتفية دعمه لمادورو
  • ترامب: استخدمت كلمات “حادّة” مع قادة أوروبا ولا قرار بعد بشأن اجتماع أوكرانيا
  • ستارمر يرد على هجوم ترامب: أوروبا «متحدة خلف أوكرانيا»
  • لافروف يعتبر أي قوات أوروبية في أوكرانيا أهدافًا مشروعة
  • لافروف يتهم أوروبا بإعاقه السلام في أوكرانيا ويهدد بالرد على أي خطوات عدائية
  • بريطانيا ترد.. أوروبا قوية وسنبقى خلف أوكرانيا
  • تحليل.. الخلاف المتزايد بين ترامب وأوروبا هدية لفلاديمير بوتين
  • بشرط واحد.. زيلينسكي يبدي استعداده لإجراء انتخابات في أوكرانيا بمساعدة ترامب