موقع النيلين:
2025-08-14@13:52:45 GMT

الكَهَانَةُ والكَهَنُوت وتحركات [الكاهِن!!]

تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT

يطيب للمعجبين بأداء سعادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالى، القائد العام للقوات المسلحة، لواجباته السياديِّة والعسكرية،أن يُطلقوا عليه لقب [الكاهِن] لكثرة ما يُفاجئ المتابعين بتحركاته المتلاحقة، وقراراته الجريئة غير المتوقعة، ومع كوني من المعجبين بذلك، إلا أنه لا يروقني لقب الكاهن، فإنَّ ما يقوم به الفريق أول الركن البرهان أبعد ما يكون عن الكهانة والعِرافة وادعاء علم الغيب، ولا يمكن أن يُقال عنه الكهنوت وهو لقبٌ كان يُطلق على رجال الدين المسيحي الَّذين كانت لهم سلطات فوق الجميع وكان ذلك في العصور المظلمة في أوروبا، ولا كهانة في الاسلام.

وقد صحَّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: من أتىٰ كاهناً فصدَّقه بما يقول فقد كَفَرَ بما أُنزِل علىٰ محمدٍ.

لكن نشاط البرهان الكثيف أتعب الناس، وترك لهم الباب مُشْرَعاً للتكهنات، وأحياناً التَخَرُّصات مثل تلك التى جَرَتْ هذه الأيام بعد زيارة زيورخ (السِّرية!!) لا أدري كيف هي سريِّة اللّٰهُمَّ اِلا أن تكون مثل تلك (السِّرية) حين قال المعلم للمستجدين: (حيكون فى تفتيش مفاجئ يومياً الساعة عشرة شوكة وحيبدأ التفتيش من يوم الليلة، وده حيكون متين بالضبط؟ مامعروف !!

لقاء البرهان مع مسعد بولس فى زيورخ بطلب أمريكي وبوساطة قطرية، كما أقلته طائرة أميرية قطرية، مما يعني الكثير، وأول هذه الأشياء هو (قتل الرباعية) قتلاً رحيماً، وذلك بتغيير أمريكا لنهجها في التعاطي مع مشكلة الحرب في السودان، وذلك بالتواصل المباشر مع الحكومة الشرعية، ومنع سماسرة الأزمات من التَّرَبُّح في أزمات الانسان السوداني، واستبعاد المليشيا الارهابية، التي يسعىٰ الكونغرس لاعلانها (كيان إرهابي) عن طاولة المفاوضات، وبالتالي عن معادلة السلطة بعد الحرب.

ومن النتائج المهمة التى تولَّدت من لقاء زيورخ هو تَسْفِيه دور دويلة الإمارات الساعية للفِكاك من إدانتها بالتورط فى الحرب ومن تبعات التعويضات الواجبة لإعمار ما دمرته يدها (الإمارات) وامدادها بالسلاح وكل اللوجستيات للمليشيا المجرمة طمعاً فى أراضي السودان الخصبة، والوصول اِلىٰ الموانئ الهامة.

وهنا ستجد أمريكا نفسها في وضع لا تُحسَد عليه فالإمارات دويلة صديقة لأمريكا وبالتالي لدويلةاِسرائيل، وكذلك هي خزانة مترعة بأموالٍ يسيل لها لعاب ترمب وإدارته، ودويلة الشر تعلم ذلك، وتعرف أن الأموال هي سلاحها الوحيد لكي توجد لنفسها موطئ قدم مع الكبار لكن لأمريكا حساباتها غير المال!!

البرهان [لا يتكهن] لأنه يعرف الحرب بكل وجوهها، ومنها الخداع الاستراتيجي الذي نال فيه درجته العلمية، ولست أدري إن جاء فى أطروحته ذكر نص الحديث الصحيح (الحربُ خُدعة) كما جاء فى البخارى. صدق رسول الله صلَّ الله عليه وسلم. لكنه قطعاً اِستلهم من النَّص الشريف ما اكتملت به رسالته لنيل درجة الماجستير فى العلوم العسكرية.

طارت أنفس القحاطة شعاعاً وهم يرون نجاح لقاء البرهان وبولس في زيورخ، وملأوا الفضاء الاسفيرى ضجيجا بأن البرهان ذهب لسويسرا للقاء (الأشوس الأعظم!!) وأن أمريكا ألقت بثقلها لفرض ما تريده على السودان بذهاب البرهان وجيش الكيزان إلى الجحيم، لكي تأتي بالقحاطة إلى نعيم الحكم، فاذا بأمريكا تملأ أشرعة الجيش بالأمل فى حسم المليشيا عسكرياً، وقد استمع مسعد بولس لوجهة نظر رئيس مجلس السيادة القائد العام الذي قطع له الشك باليقين بأن لا تفاوض مع المليشيا إلا بشروط الشعب والجيش ألا وهى تسليم المليشيا للجيش وتجريدها من السلاح وحصرها فى معسكرات محددة، وخضوع قادتها وجنودها للمحاكم العسكرية بمواد قانون قوات الشعب المسلحة على جرائمها التى اقترفتها ومحاسبة كل من تعاون معها، أمام المحاكم المدنية، وتحميل المسؤولية للدويلة الضالعة فى دعم المليشيا التي بادرت بالحرب على بلادنا، وهذا ما يُقلِق منام القحاطة والمليشيا معاً، ويبدد أحلامهم في العودة لكراسي حكم السودان، بل والخشية من تسليمهم لحكومة السودان كونهم مطلوبين للعدالة بموجب الدعاوىٰ الجنائية المرفوعة ضدهم، وباخت فِرية أن البرهان باع القضية وخان دماء الشهداء وخذل الشعب الذي يلتف حوله كونه القائد العام لقوات الشعب المسلحة، والرجل أذكى وأنبل وأشجع من أن يفعل ذلك، ولم يخلُ جراب خبثهم من المكائد فزعموا أن احتجاز المصباح في مصر كان بايعازٍ من البرهان نفسه! ليقدمه كبش فداء وعربون صداقة وصك براءة للبرهان من سيطرة الكيزان !!

ولسنا ندري أيّ وسواسٍ خنَّاسٍ ذلك الذي يوحِي إلى القحاطة زُخْرُفَ القولِ غُروراً، اِنَّ كَيْدَ الشَيْطَانِ كَانَ ضَعيفاً.

-النصر لجيشنا الباسل.

-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.

واللهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.

محجوب فضل بدري

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

السودان الذي يسكننا… وما يخسره العالم إن غاب

السودان الذي يسكننا… وما يخسره العالم إن غاب
بقلم: عبدالعزيز يعقوب – فلادلفيا
[email protected]
٩ اغسطس ٢٠٢٥
(١)
في إحدى الأمسيات البعيدة، قلت لأصدقاء من زملاء الدراسة ونحن نتداول الأفكار ونرسم خرائط السياسة والتاريخ: “تخيلوا… ماذا لو اختفى السودان من الخريطة السياسية؟ لا اسم، لا لون، لا خط حدود… فقط فراغ صامت.”
ابتلعنا الفكرة بصمت ثقيل، ليس لأنها مستحيلة، بل لأنها باتت ممكنة في عالمٍ لا يُحسن الإصغاء إلى من يتألم في صمت.
لكن حين أغلقت الخرائط وعدت إلى نفسي، أدركت الحقيقة؛ حتى لو غاب السودان عن الورق، فلن يغيب عن الذين أحبوه. لأن السودان لم يكن يومًا مجرد وطن نعيش فيه، بل وطن يسكننا.
ليس مجرد مساحة بين نهرين، بل ذاكرة طينية لازبة هي أصل الخلق. ليس علمًا يُرفع، بل حكاية تُروى من جيل إلى جيل.
ليس نشرة جوية عابرة، بل دفء شمس على ظهر قفة، ورائحة بنّ على نار هادئة. ليس دولة فقط… بل وجدان عميق يشبه الحنين الذي لا يُفسَّر.
(٢)
السودان الذي فينا لا تمحوه الحروب، ولا تفككه النزاعات، ولا تطفئه نيران الأطماع. هو صورة الجدة حين تروي عن سيف أبيها الذي قاتل “الفرنجة”، وعن الكرامات لدرويش في القرية.
هو صوت الكاشف ووردي والعطبراوي حين يغنون للمستقبل.
هو لهجة أم تدعو في الفجر لأولادها الغائبين، ودمعة مغترب تتسلل خفية حين يشاهد “توتي” وجروف النيل عند الشروق في صورة عابرة.
وإن كانت ثمة خريطة تُمحى وتزول، فهي خريطة العقل السياسي والنخب الفاشلة، لا خريطة القلب.
(٣)
لكن… ماذا عن العالم؟
ماذا يخسر العالم لو غاب السودان، أو نُفي من الذاكرة الجغرافية الكبرى؟
سيخسر أكثر مما يظن.
سيخسر سلة غذائية لم تُستثمر، ونيلًا عذبًا فراتًا كان يمكن أن يكون شريانًا للحياة لا ساحةً للخصام.
سيخسر مخزونًا نادرًا من الذهب، والنحاس، واليورانيوم، والمعادن النادرة التي تبني المستقبل.
وسيفقد معبرًا لا بديل له بين البحر الأحمر وعمق إفريقيا.
لكن الخسارة الأكبر ليست في الأرض… بل في الإنسان.
سيخسر العالم إنسانًا سودانيًا فريدًا، بطاقته التي تمشي بين البساطة والنباهة، بروحه التي تصبر وتغفر وتقاوم، بكرمه الذي لا يُنسى، وبأدبه الذي يجاور الكبرياء دون أن يعلو عليه.
سيخسر العالم ثقافةً لم تُكتشف،
وأغانٍ لم تُترجم،
وأشعارًا لم تُنشر،
وحكاياتٍ ما زالت تُروى في قرى لا تعرف الكهرباء، لكنها تعرف الله، واللوح، والدواية، والإنسان.
السودان هو النموذج الذي فشل العالم في أن يراه، وفشل أبناؤه في أن يُعرّفوا العالم به.
شعبٌ جريح لم يتحول إلى قاتل، ووطنٌ مُنهك لم يفقد الأمل، وصوتٌ خافت لو أُصغي إليه، لعلّم البشرية كيف يُبنى الحُلم وسط الركام والألم.
(٤)
أخيرًا… نحن الشعب السوداني نراهن على الأمل والإنسان لا الجغرافيا.
في خضمّ هذا الألم الذي يكاد يطغى على كل شيء، يبقى السودان ليس كمساحة متنازع عليها، بل كإمكان هائل لم يُفعّل بعد.
بلدٌ لم يعجزه الفقر، بل أعاقه سوء التدبير وسوء الفهم. وما يزال، رغم العثرات، يحتفظ بمخزون بشري فريد، وبثروات طبيعية قلّ نظيرها.
الرهان الحقيقي اليوم ليس على استقرار زائف تفرِضه معادلات الخارج، بل على نهضة داخلية قوامها الإنسان، لا سيما الشباب، أولئك الذين خبروا الألم فلم يتعلموا منه اليأس، بل الصبر والإبداع.
وعلى الأطفال الذين ينبغي ألا نُسلّمهم أمة ممزقة، بل فرصة ليكونوا صُنّاعًا للمستقبل وعالمًا جديدًا.
إن السودان – بمن فيه وما فيه – قادر أن يتحول من ضحية الأجندة والأطماع إلى محرّك للإنتاج الكثيف في الغذاء، والمعادن، والطاقات النظيفة، إذا ما أُعيد تصميم العقد الاجتماعي والسياسي على أساس العدالة، والكفاءة، والكرامة الإنسانية.
ولن يكون هذا ممكنًا دون إعادة الاعتبار للقيم التي شكّلت جوهر هذا البلد؛ المروءة، والكرم، والتسامح، والتعاضد، والتكافل، والحكمة العميقة من بسطائه.
العالم لا يخسر السودان لأنه فقير أو هش، بل لأنه لم يمنحه حقه في أن يكون كما يريد،
والسودان لا ينهار لأنه ضعيف، بل لأن أبنائه الأقوياء لم يؤمنوا بعد بقوّته ولم يتوافقوا ليعملوا معًا للسودان والسودانيين.
إن كان للسودان أن يُولد من جديد، فسيولد من قلب شعبه، من جذور أرضه، ومن الأمل والحلم الصامد في عيون شبابه.
(٥)
أيها العالم، إن خسارتكم للسودان ليست مجرد فقدان مساحة جغرافية على الخريطة، بل خسارة إنسان بكيانه وروحه. إنها فقدان ثقافة فريدة من نوعها، تراث متراكم عبر آلاف السنين، يحكي قصة الإنسان في أعماق إفريقيا، في تمازج بين البساطة والعبقرية، بين الصبر والإبداع.
إنكم تخسرون إنسانًا قادرًا على الصمود في وجه المحن، ومثالًا للكرم والتسامح رغم كل الألم. تخسرون ثروة طبيعية هائلة من معادن ثمينة ونهر خالد، طاقة كامنة كانت يمكن أن تشكل رافدًا للتنمية الإقليمية والدولية.
إن غياب السودان يعني غياب جسر يربط بين ضفتي إفريقيا، ويقطع الطريق على مستقبل مزدهر قائم على التعاون والتنمية. وخسارتكم للسودان تعني تخليكم عن فرصة عظيمة لصناعة السلام والنهضة في قلب القارة.
لا تدعوا السودان يختفي… فبغيابه، يختفي جزء لا يُعوّض من الإنسانية نفسها.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • البرهان يحسم الجدل: لا مهادنة ولا مصالحة مع من خانوا دماء شعبنا
  • البرهان.. لن نخون دماء شعبنا وأبنائنا وإخواننا الذين مضوا وقدموا أنفسهم دفاعا عن السودان
  • السودان وامريكا: لقاء البرهان وبولس
  • بعد لقاء زيورخ وانتصاراته في الميدان.. هل تتغير المعادلة ويصبح البرهان رجل أمريكا القوي في السودان؟
  • ‏التفاصيل الكاملة لمباحثات الفريق أول البرهان وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي
  • «المحقق» تكشف تفاصيل اجتماع البرهان بمستشار ترمب في سويسرا
  • السودان الذي يسكننا… وما يخسره العالم إن غاب
  • البرهان عقد لقاء مع مسعد بولس مستشار ترمب في سويسرا
  • خطوة لإنهاء الحرب.. البرهان يسجل زيارة سرية لدولة أوروبية