«الترياق: ما يستعمل لدفع السم من الأدوية والمعاجين» كما في لسان العرب. والسموم التي يواجهها الإنسان وتصيبه عديدة متنوعة، فمنها الجسدي ومنها الروحي ومنها النفسي. ولحسن حظنا اليوم ونحن نعيش في عصر الثورة الصناعية الخامسة، أننا نقف على قمة جبل ضخم من المعرفة المتنوعة في شتى مجالات الحياة اليومية العملية لما نحتاج إليه في المعيشة الأرضية، والروحية السماوية التي تشبع ذلك النقص والتوق إلى الكمال.
«كيف استطاع خمسون كتابا عظيما إنقاذ حياتي»، عنوان فرعي جذاب لكتاب وجدته قبل 8 سنوات فتحفزت لقراءته حينها. أمسكت الكتاب، وبدأت بتقليبه وقراءة ما كتب في ظهره، «كم هي الكتب التي طالما أردت قراءتها؟ شعرت أنك يجب أن تقرأها؟ تظاهرت بأنك قرأتها؟. كان آندي ميلر يملك وظيفته التي أعجبته وعائلته التي أحبها. ولكن شيئا ما كان مفقودا: الكتب. لذلك قرر بداية سنة كاملة من القراءة، غيرت حياته تماما». زادتني هذه الكلمات حماسا ورغبة، فحتى الذي يواظب على القراءة باستمرار، يراوده ذلك السؤال «لماذا؟؟» لماذا أقرأ؟، ماذا أريد من هذه القراءة؟ هل من الأولى أن أقرأ أم أن أخصص جُلَّ وقتي لطلب الرزق وما يقربني منه؟.
أسئلة كثيرة، كثيرة جدا في الحقيقة. فمن يقرأ بدايةً ليعرف جواب سؤال يؤرقه، تتولد عنده أسئلة أخرى غير التي بدأ البحث عنها حين شرع في رحلته، فتنبثق جرّاء بحثه سؤالات أعمق لا تغدو للسؤالات الأولى قيمة أمامها، أعني أمام هذه السؤالات الجديدة.
يبدو الأمر مخيفا لوهلة، هل يعني فعل القراءة البحث الدائم في دوامة مفرغة؟ هل يجعلنا البحث الدؤوب أشبه بالمجانين؟. في الحقيقة تبرز هذه الأفكار الشعبية عن القراءة، فلطالما اعتبر الناس القراء أشبه بالمجانين، ولطالما كانت القراءة أشبه بالتهمة. فحين يعتنق القارئ مبدأ يخالف المجتمع، وفي حقيقته مبدأ صحيح لا يعارض خلقا مجتمعيا ولا دينيا؛ ينظر الناس إليه بعين الريبة والشك، فقط لأنهم لم يعتادوا عليه إنما يعدُّونه دخيلا. وتتردد عبارات مثل «جننت به الكتب» أي جعلته مخبولا لا يفقه شيئا في الحياة. أو «دوّر لك شغلة بدل هذي الكتب» أي ابحث عن عمل نافع -يقاس نفع العمل في هذا السياق بالمردود المادي- بدلا من إنفاق الوقت في القراءة.
في الشطر الآخر الموازي من الحياة في المجتمع نفسه؛ ينظر الناس إلى الناجحين في محيط المجتمع الكبير «الدولة» أو «الإقليم» نظرة إكبار وإجلال. فهذا غازي القصيبي القارئ النهم يتقلد المناصب العليا والوزارة تلو الوزارة والتي لا يمت إليها بصلة علمية ولا عملية من قبل. ثم ينظرون إلى الناجحين - ماليا - في العالم كالراحل ستيف جوبز أو منافسه اللدود بيل جيتس أو عملاق البورصة والأسهم وارين بافيت، ويعزون الشطر الأكبر من نجاحهم إلى عادة القراءة!.
قبل قرابة السنتين من اليوم، التقيت رجلا أراد أن تنفذ له الشركة التي أعمل بها بعض الأعمال، أخذتنا الأحاديث المشتركة في مجالات شتى منها القراءة. صادف أن هذا الرجل كان المدير التنفيذي لإحدى كبريات الشركات في سلطنة عمان، وأخبرني كيف أن القراءة غيرته وكيف أن مساره الأول في العمل كان مختلفا عن مساره الحالي، ثم اتخذ قراره بترك عمله آنذاك وبدأ في تجربة أخرى مختلفة تماما عن المسار السابق، وأخبرني بأن جدوله اليومي يبدأ في الرابعة فجرا ويقضيه في القراءة حتى السابعة صباحا - تتخللها صلاة الفجر -. الشاهد في القصة أن هذا الرجل مثال على ما تفعله القراءة بنا وما يملكه فعل القراءة من تغيير لمصائر الناس ومساراتهم، وكيف أنه يجدد تطوره ومعارفه التي تتمثل واقعا في تعامله مع الناس وإدارته لتلك الشركة بسبب فعل القراءة وأثرها المستمر عليه.
نعود إلى كتابنا الأول، وعنوانه الرئيس «سنة القراءة الخطرة» للمؤلف البريطاني آندي ميلر. مما يميز هذا الكتاب الروح العفوية التي يبثها المؤلف فيه، فهو لا يعطي القارئ خلاصة جامدة عما قرأ؛ بل يأخذه معه في رحلته السنوية الرائعة التي قرأ فيها خمسين كتابا ووضعها في قائمة سماها بـ«قائمة الإصلاح» ووضعها ضمن ملاحق الكتاب الثلاثة. الملحق الثاني منها «مائة كتاب كان لها تأثير كبير علي»، والملحق الثالث «كتب ما زلت أنوي قراتها».
ما أثارني أثناء قراءتي للكتاب في تلك الفترة، أنه اختار كثيرا من الكلاسيكيات الغربية؛ فهو حداثي يقرأ الكلاسيكيات ويتحدث عن دهشته وما وجده فيها. بل إن المرء لتجتاحه رغبة عارمة في قراءة واقتناء كثير مما أورده المؤلف من هذه الكتب التي قرأها وذكرها في كتابه آنف الذكر. وهي دعوة لأن نعود لقراءة تراثنا العظيم ونعيد اكتشافه. فمن يقرأ كتب أعمدة الأدب العربي القديم؛ أضمن له متعة وفائدة لا يجدها في بقية الكتب؛ بل إنها الأساس وما تبعها فإنما يحذو حذوها أو يحاول. ككتب الجاحظ والتوحيدي والمبرد وغيرهم ممن سنذكرهم في الحلقة الثانية من هذه المقالة. فهل سنبدأ «سنة القراءة الخطرة» الخاصة بنا اليوم وحالا؟ وهل سنتخذ القراءة ترياقا للروح والجسد في آن؟ فلنجرب ذلك!.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
علامات الساعة الصغرى كاملة.. اعرف 70 أمارة بالأدلة
من عظمة يوم القيامة، كثرة علامات الساعة والتي قال الله فيها (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْراطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ) [محمد :18].
وذكرت الأحاديث النبوية علامات الساعة الصغرى بما يزيد عن سبعين علامة تدور أغلبها على: ظهور الفساد، وترك الدين، وقلة العقل، وقلة العلم، وشيوع ذلك بين الناس، وأن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، وإسناد الأمر إلى غير أهله، قلة العلم وظهور الجهل، وكثرة القتل، وشرب الخمور وتسميتها بغير اسمها، وكثرة الزنا والخنا، ولبس الرجال الحرير، ائتمان الخائن وتقريبه، وتخوين الأمين، وظهور الفحش والتفحش.
كما يعد من علامات الساعة الصغرى، اتخاذ المساجد طرقًا، ويظهر الموت فجأة، ظهور الفتن وعموم شرها، وكثرة الزلازل، وكثرة القتل، وتداعي الأمم وتكالبها على أمة الإسلام كما تتكالب الأكلة على قصعتها، والتماس العلم عند الأصاغر، ظهور النساء الكاسيات العاريات، وظهور أقوام معهم أسواط كأذناب البقر يضربون الناس بها، وتصدُّر السفهاء وتكلمهم في الأمور العامة للناس.
ومن علامات الساعة الصغرى أيضًا: عدم تحري الرزق الحلال، تتقارب الأسواق دلالة على كثرة التجارة وفشوها، وتباهي الناس في المساجد وتفاخرهم بها وبأثاثها وزخرفتها، تمني رؤية النبي وذلك عند عموم الفتن وغربة الدين، ويلقى الشح وينتشر بين الناس فيبخل كل بما في يده -صاحب المال بماله والعالم بعلمه والصانع بصناعته وخبرته-، وقتل الناس بعضهم بعضاً بغير ما هدف.
علامات الساعة الصغرى كاملةومن هذه العلامات أيضا، أن يُكرَم الرجل مخافة شره لا لفضله وكرامته، وعقوق الأم وطاعة الزوجة في غير طاعة الله، وعقوق الوالد، وطاعة الصديق في غير طاعة الله، وارتفاع الأصوات في المساجد، وتكثر الشرطة وذلك لزيادة الفساد، وتقديم الرجل لإمامة الناس في الصلاة لجمال صوته وإن كان أقل القوم فقهاً وفضلاً، وبيع الحكم -أي: تُنال المناصب بالرشوة-، والاستخفاف بالدم.
ومنها كذلك: فشو القلم وكثرة التصانيف والتأليف، وأن يكون الولد غيظاً -وذلك لكثرة عقوقه لوالديه وجلب المشاكل لهما فيغيظهما في كل وقت-، ويكون المطر قيظاً –أي: أنه يكون عذاباً بدلا من أن يكون خيراً ورحمة-، ويتعلم لغير الدين – أي: ابتغاء منصب أو وظيفة أو مال يكتسبه-، ظهور التَّرف وحياة الدعة في الأمة الإسلامية.
كما يعتبر من علامات الساعة الصغرى، تمني الموت لكثرة الفتن، ويقال للرجل ما أجلده وما أظرفه وما أعقله وما في قلبه حبة خردل من إيمان، تحاصر العراق ويمنع عنها الطعام والمساعدات، وتحاصر الشام، الموت الجماعي بالأوبئة والطواعي وغيرها -كطاعون عمواس في زمن عمر-، والحروب العالمية، فتح بيت المقدس، وبعثة النبي، وموته، وإتباع طرق اليهود والنصارى بغير وعي.
أدلة علامات الساعةوقد وردت أحاديث بكل هذه العلامات هي : ففي حديث جبريل عليه السلام مع النبي: (قال فأخبرني عن الساعة، قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال : فأخبرني عن أمارتها، قال : أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) [رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم].
وقول النبي: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) [رواه البخاري]، وقوله: (إن من أشراط الساعة أن يرفع العِلم، ويظهر الجهل، ويفشوا الزنى، وتشرب الخمر، ويذهب الرجال، وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيّم واحد) [رواه البخاري ومسلم]، وقوله: (إن بين يدي الساعة لأياماً ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج والهرج القتل) [البخاري ومسلم].
وردت أحاديث بكل هذه العلامات -الصغرى- هي : ففي حديث جبريل عليه السلام مع النبي: (قال فأخبرني عن الساعة، قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال : فأخبرني عن أمارتها، قال : أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) [رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم].
وقول النبي: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) [رواه البخاري]، وقوله: (إن من أشراط الساعة أن يرفع العِلم، ويظهر الجهل، ويفشوا الزنى، وتشرب الخمر، ويذهب الرجال، وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيّم واحد) [رواه البخاري ومسلم].
وقول النبي: (إن بين يدي الساعة لأياماً ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج والهرج القتل) [البخاري ومسلم].....(يتبع)
وقوله ﷺ: (ليكونن في هذه الأمة خسف، وقذف، ومسخ، وذلك إذا شربوا الخمور، واتخذوا القينات، وضربوا بالمعازف) [رواه ابن أبي الدنيا]، وقوله: (إن الله لا يحب الفاحش ولا المتفحش، والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش، وقطيعة الرحم وسوء المجاورة ويخون الأمين ويؤتمن الخائن) [رواه الحاكم في المستدرك].
ومن تلك الآثار قول النبي (وأن تتخذ المساجد طرقًا، وأن يظهر موت الفجأة) [رواه الطبراني في الصغير]، وقوله: (لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، وهو القتل) [رواه البخاري]
ومنها قول النبي: (لتركبن سنن من كان قبلكم، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو أن أحدهم دخل حجر ضب لدخلتم، وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه) [رواه الحاكم في المستدرك]. وقوله: (إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر) [الطبراني في الأوسط].
وقوله: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) [رواه مالك في الموطأ وابن حبان في صحيحه].
وقوله: (يأتي على الناس سنوات جدعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيهم الرويبضة. قيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما الرويبضة ؟ قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة) [أحمد وابن ماجة والحاكم]، وقوله: (ليأتين على أحدكم زمان لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله) [متفق عليه]، وقوله: (والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل فيما قَتَلَ ولا المقتول فيما قُتِلْ) [رواه مسلم].....(يتبع)