قرى درزية في الجنوب السوري معزولة عن العالم واتصالها الوحيد عبر الجنود الإسرائيليين
تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT
منذ سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تقدّم الجيش الإسرائيلي في الجنوب السوري مسيطراً على قمة جبل الشيخ ومتقدّماً في عدة قرى باتت تحت سيطرته مع منعه دخول قوات الحكومة السورية إليها، لتصبح هذه القرى معزولة عن العالم وتعتمد على الإسرائيليين لتلقي المساعدات. اعلان
وبحسب تقرير لصحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، ذكرت أن أربع قرى درزية في جبل الشيخ باتت خاضعة الآن للسيطرة الإسرائيلية وشبه معزولة عن العالم، واتصالها الوحيد هو عبر جنود الجيش الإسرائيلي، مشيرة إلى أن لدى الكثير من سكان هذه القرى أقارب في الجيش.
ولفتت الصحيفة إلى أن قافلة شاحنات تابعة للجيش الإسرائيلي تعبر الحدود إلى سوريا مرة واحدة أسبوعيًا محملة بالقمح ووقود الديزل وقائمة ثابتة من الإمدادات الأساسية. ومن حين لآخر، تطلب التجمعات الدرزية على سفوح جبل الشيخ مواد إضافية. وخلال الأسبوع الماضي، كانت الأدوية والمعدات الطبية الأساسية هي المطلوبة.
كتيبة من الجنود الدروز
يتم التنسيق مع مجالس القرى من قبل وحدة تابعة للجيش الإسرائيلي مكلفة بالتنسيق معها. القوات التي تحرس القافلة هي جنود احتياط من الكتيبة 299، كتيبة "حيريف" الدرزية، التي خدمت سابقًا تحت اللواء 300 في القطاع الغربي من الحدود اللبنانية كجزء من لواء الجبل.
يشكل الجنود الدروز اليوم 30% من الكتيبة، بينما يتكون الـ 70% الباقون في الغالب من قدامى المحاربين اليهود في لواء غولاني والمظليين. ويبقى معظم القادة من الدروز. وللعديد من الجنود الدروز أقارب في القرى الواقعة على الجانب الآخر من الحدود، مما يجعل الوحدة جسرًا إنسانيًا بين السكان المحليين وإسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن مقدّم ذكرت فقط الحرف الأول من اسمه وهو (ن): "من واجبنا، ومن قيمنا الأساسية، أن نوفر لهم احتياجاتهم الأساسية. إنهم لا يطلبون الكثير، وهم سعداء جدًا بوجود الجيش الإسرائيلي هنا. يتوسلون إليّ أن أرفع العلم الإسرائيلي من بزتي العسكرية. يقولون لي: في المرة القادمة التي تأتي فيها، أحضر لنا العلم الإسرائيلي".
في حين أن المساعدات هي في الغالب إمدادات أساسية، فقد تم أيضًا جلب مرضى إلى إسرائيل لتلقي العلاج.
ظروف صعبة للسكان
يعيش سكان هذه القرى الأربعة حياة بدائية إذ يعمل معظمهم في الزراعة ويربون الماشية بينما لا تتوفر المياه بالشكل الكافي حيث تكون متاحة لساعة واحدة فقط كل خمس ساعات، والكهرباء متوفرة لفترات محدودة يوميًا، وللاستحمام، يسخّن السكان الماء على النار.
ولفتت "إسرائيل هيوم" إلى أن الجيش الإسرائيلي وسّع طرقاً للوصول من الجولان إلى قرية حضر حيث بنى الجيش الإسرائيلي مستشفى لتقديم الرعاية الصحية للسكان.
تقع في المنطقة أيضاً قرى عرنة وريما وبقعاثا وقلعة جندل، ومعظم السكان فيها من الدروز، مع أقليات مسيحية وسنية صغيرة. بحسب الصحيفة، يُقدم الجيش الإسرائيلي المساعدة لهم جميعًا.
وأوضح المقدم (ن) أن "السيطرة على المنطقة، إلى جانب الجانب الإنساني، مصلحة أمنية واضحة، إذا سقطت هذه القرى، فالخطوة التالية هي تعزيز مواقعنا ومجتمعاتنا. لذلك، يجب علينا تعزيز القرى وسكانها. ما دامت سوريا غير مستقرة، فلن نتمكن من مغادرة جبل الشيخ".
Related توغل إسرائيلي واسع في جنوب سوريا وإقامة حواجز عسكرية قرب خط وقف إطلاق النارالجيش الإسرائيلي يداهم مواقع في جنوب سوريا قرب الجولان ويضبط أسلحةتحقيق يكشف: إسرائيل تستعد لسيناريو هجوم من جهة سورياتمدّد في السيطرة
في الماضي، كانت إسرائيل تسيطر على 7% فقط من جبل الشيخ. أما اليوم، فهي تسيطر على الجبل بأكمله، مما يجعله حاجزًا استراتيجيًا ضد أي قوة عسكرية قد تحاول السيطرة عليه.
ويلفت المقدم (ن) إلى أن السيطرة الكاملة على الجبل تسبب بقطع طرق التهريب بين سوريا وشبعا في جنوب لبنان، وحيث عمليات تهريب كانت تشمل الإلكترونيات والسجائر.
قال المقدم (ن): "تناول الحمص في دمشق أمرٌ منفصل عن الواقع. بصفتي درزيًا أتابع وسائل التواصل الاجتماعي، لا أصدق أبو محمد الجولاني (الرئيس السوري أحمد الشرع). الإرهابي يبقى إرهابيًا. لكن ربما يمكننا تناول الحمص هنا في القرى الدرزية". وأضاف، متطلعًا إلى المستقبل برؤية سياحية أكثر: "يمكن لإسرائيل أن تُنشئ منتجعًا دوليًا للتزلج هنا، وهو أمر لم يفعله السوريون قط".
للجيش الإسرائيلي موقعان عسكريان على جبل الشيخ: أحدهما يطل على القرى الدرزية وطريق المهربين، شمالًا، والآخر مبني على موقع سوري سابق.
يمكن أن يتراكم الثلج على أعلى القمم الجبلية لأكثر من 10 أمتار (33 قدمًا)، مع درجات حرارة شتوية متجمدة وتساقط ثلوج حتى منتصف الصيف.
إسرائيل تقيّد انتشار حكومة دمشق
منذ سيطرة إسرائيل على مواقع كان يشغلها الجيش السوري السابق، لم تتمكن حكومة دمشق من الانتشار كما فعلت في محافظات أخرى باتت تحت سيطرتها.
ففي مايو/ أيار الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي انتشاره في جنوب سوريا لمنع دخول قوات معادية إلى المناطق الدرزية، مع استمرار مراقبة الأوضاع دون توضيح تفاصيل الانتشار.
فيما طالبت الأمم المتحدة إسرائيل "بالوقف الفوري" لهجماتها على سوريا، منددة "بانتهاكاتها" المتواصلة لسيادة البلاد.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقد وضع هدفين في سوريا، بحسب ما أعلن سابقآً، هما "الحفاظ على جنوب غرب سوريا كمنطقة منزوعة السلاح" و"حماية الدروز".
عززت إسرائيل دعمها للدور في سوريا، فاستهدفت القوات الحكومية التي هاجمت السويداء في يوليو/ تموز الماضي حيث أدت الاشتباكات إلى مقتل أكثر من ألف شخص، كما قصفت مقر قيادة الأركان في دمشق.
من جانبه، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس استمرار سيطرة إسرائيل على منطقة جبل الشيخ في سوريا، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي مستعد للبقاء في سوريا لفترة غير محددة، ومحذراً الشرع بأن إسرائيل تراقبه في دمشق من أعلى قمة الجبل.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب روسيا غزة حركة حماس سوريا إسرائيل دونالد ترامب روسيا غزة حركة حماس سوريا سوريا إسرائيل هضبة الجولان إسرائيل دونالد ترامب روسيا غزة حركة حماس سوريا أزمة المهاجرين الصحة الضفة الغربية فلاديمير بوتين دراسة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الجیش الإسرائیلی جبل الشیخ هذه القرى فی سوریا فی جنوب إلى أن
إقرأ أيضاً:
زيارة نتنياهو للجولان تشعل الجدل .. تل أبيب تثبت شروطها الأمنية في الجنوب السوري
شكلت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس إلى المنطقة العازلة في الجولان خطوة سياسية أمنية مدروسة، هدفت إلى توجيه رسالة واضحة للنظام السوري الجديد وللرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مفادها أن إسرائيل لن تتراجع عن مصالحها الأمنية في الجنوب السوري.
وسمح القضاة في محاكمة نتنياهو بإلغاء يوم كامل من الجلسات لتمكينه من إجراء الزيارة التي حظيت بتغطية واسعة.
رافق نتنياهو وفد رفيع المستوى تضlن وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ورئيس الأركان إيال زامير، ورئيس الشاباك ديفيد زيني، ووزير الخارجية جدعون ساعر، في إشارة متعمّدة إلى الطابع السياسي للرسالة الإسرائيلية.
وخلال الجولة، ظهر نتنياهو بخوذة وسترة واقية ومنظار، مبرزًا تصميم إسرائيل على الإبقاء على انتشار قواتها في تسعة مواقع متقدمة داخل المنطقة العازلة، إضافة إلى تمركزها على قمة جبل الشيخ، ذات الأهمية الاستخباراتية.
الشروط الإسرائيلية لسوريا
أكد نتنياهو أن بقاء إسرائيل في مواقعها الحالية سيستمر حتى تلتزم دمشق بثلاثة مطالب مركزية:
إنشاء منطقة منزوعة السلاح تمتد من دمشق جنوبًا إلى الحدود الأردنية، وشرقًا لمسافة 30 كيلومترًا.
منع وجود أسلحة ثقيلة أو ميليشيات مدعومة من إيران في الجنوب السوري.
السماح بفتح ممر بري بين الجولان والقرى الدرزية في السويداء لنقل مساعدات وضمان حماية السكان الدروز.
ورغم جولات تفاوض بين الطرفين بقيادة مسؤولين إسرائيليين وسوريين، فإن المباحثات لم تُحقق أي تقدم. فقد طالب النظام السوري، بدعم أمريكي غير معلن، بانسحاب الجيش الإسرائيلي من مواقع المنطقة العازلة ووقف الضربات الجوية داخل سوريا. كما رفض الشرع مطلب الممر الإنساني للدروز.
الدور السعودي وقلق تل أبيب
تكشف المعطيات أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لعب دورا في التقريب بين الشرع وترامب، وقد سعى ترامب إلى ضم سوريا الجديدة إلى "اتفاقات أبراهام"، لكن الشرع اشترط انسحاب إسرائيل من الجولان، وهو ما رفضته تل أبيب.
ما أثار القلق الأكبر في تل أبيب كان الود غير المعتاد الذي أظهره ترامب خلال استقباله الشرع في البيت الأبيض، وصولًا إلى رشه عطراً خاصا عليه، وهو ما اعتُبر مؤشرا على تقارب قد يدفع واشنطن إلى تبني جزء من مطالب دمشق.
زيارة تحمل رسائل حادة
اختارت إسرائيل، بدلاً من التصريحات المباشرة، إرسال رسالة ميدانية عبر زيارة رفيعة المستوى للجولان، لتأكيد تمسكها بوجودها الدفاعي في المنطقة، وإبلاغ جميع الأطراف من دمشق إلى واشنطن وأنقرة وموسكو بأن أي ترتيبات مستقبلية في سوريا يجب أن تراعي مصالحها الأمنية.
ردود فعل غاضبة
التقط النظام السوري الرسالة سريعا، وأدان الزيارة بوصفها "غير شرعية" و"انتهاكًا لسيادة سوريا"، مطالبا بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة.
كما انعقد مجلس الأمن بطلب سوري، وشهد سجالًا بين المندوبين السوري والإسرائيلي.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أدان الزيارة، فيما دعت فرنسا إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجولان. أما واشنطن، فلم تصدر عنها أي رد حتى الآن.
وتبقى الأنظار متجهة نحو ترامب ومحمد بن سلمان، وما إذا كان هذا التحرك الإسرائيلي سيثير غضبهما أو ينعكس على مسار الاتصالات حول مستقبل الجنوب السوري.