عثر غواصون وعلماء آثار في المنبع العلوي لنهر أوكا على عملات فضية عربية تعود إلى القرنين الثامن والتاسع الميلاديين، وقطع أثرية من أصل بيزنطي، بالإضافة إلى العديد من القرى التي تعود إلى العصر السلافي المبكر (القرن الثالث إلى السابع الميلادي).

ووفقًا للباحثين، تؤكد هذه الاكتشافات وجود طريق تجاري قديم في هذا المكان، يربط البحر الأسود ببحر قزوين، توجه فريق مشترك من غواصي نادي "ديفو" وموظفي معهد الآثار التابع للأكاديمية الروسية للعلوم إلى منابع نهر أوكا في مقاطعة أوريول للعثور على آثار لطريق تجاري قديم كان يربط بين شعوب مختلفة.

وينبع نهر أوكا، الذي يحمل الماء إلى نهر الفولغا ثم إلى بحر قزوين، على بعد عشرات الكيلومترات فقط من منبع نهر سوسنا، الذي يصب في بحر آزوف عبر نهري الدون والسيم، أحد روافد نهر الدنيبر.

وصرح أوليغ راديوش، الباحث في قسم آثار فترة الهجرة الكبرى وأوائل العصور الوسطى في معهد الآثار التابع للأكاديمية الروسية للعلوم: "كانت بحيرة سامودوروفسكوي في أعالي نهر أوكا إحدى المناطق الرئيسية لطريق التجارة القديم. كانت تتدفق منها أنهار من أحواض مختلفة. هنا كانت الحركة التجارية الدولية، وتبحر السفن المحملة بالبضائع والشحنات. تعد دراسة هذه الأماكن بالغة الأهمية. وقد أكملنا الآن المرحلة الأولى، التي قدّمت لنا نتائج مثيرة للاهتمام حول الاستيطان في أعالي نهر أوكا، وطرق التجارة والعلاقات التي كانت قائمة هناك".

ووفقًا له، افترض العلماء منذ زمن طويل أن أحد مسارات الطريق الأسطوري من البحر الأسود إلى بحر قزوين ربما مرّ من هنا. ومع ذلك، لم تتوفر أدلة مباشرة حتى زار الغواصون وعلماء الآثار هذه الأماكن.

نهر أوكا في منابعه العليا هو نهر ضيق متعرج ذو قاع رملي وتيار سريع. غاص غواصو نادي "ديفو" بمعدات خاصة لعمليات البحث. وتمكنوا من انتشال شظايا من الخزف القديم وأحجار المرساة والقطع المعدنية من القاع. ومن المثير للاهتمام بشكل خاص اكتشاف العديد من العملات المعدنية التي تعود إلى العصور الوسطى، مما يشير إلى وجود تجارة نشطة هنا.

قال أليكسي بيتركين، غواص في نادي "ديفو": "عُثر على أوانٍ وخزفيات وقطع صغيرة في قاع النهر في هذا المكان بالقرب من المستوطنات. كما تمكنا من العثور على العديد من العملات المعدنية القديمة. هذه أول مرة أرى هذا، وربما تكون هذه قطعًا أثرية نادرة جدًا سنسلمها للمتخصصين لدراستها".

في الوقت نفسه، استكشف علماء الآثار ضفاف النهر، وسجلوا آثارًا تاريخية من عصور مختلفة باستخدام أدوات المسح الجيوديسي. ومن بين الاكتشافات من الصخور فخاريات ذات أنماط متموجة وخطية، والعديد من الأدوات المنزلية والزراعية والحرفية.

وصنعت بعض القطع الخزفية بتقنية صب الطين الخشن، دون استخدام عجلة الخزاف، التي بدأ استخدامها النشط في القرنين التاسع والعاشر، تعدّ العملات المعدنية آثارًا مهمة للعلاقات التجارية. وقد استخدمت الفضة العربية التي عثر عليها الغواصون في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين بنشاط كبير في الاتصالات الاقتصادية الدولية.

وأضاف راديوش: "في الأماكن التي توقف فيها التجار وحيث جرت معاملات التبادل، غالبًا ما تبقى كنوز أو عملات معدنية فردية. ومن بين الاكتشافات الأثرية، تجدر الإشارة إلى مصباح من القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، يحتمل أنه من صنع بيزنطي. كما تمكنوا من العثور على نصب تذكاري مرتبط بحصار مدينة كرومي عام 1605، والعديد من قرى العصر السلافي المبكر من القرنين الثالث والسابع الميلادي".

ووفقًا للباحثين، فقد تمكنوا من فتح صفحة جديدة في دراسة العلاقات التجارية القديمة. وقد شكّلت الروافد العليا لنهر أوكا، حيث التقت ثلاثة بحار، البحر الأسود وبحر قزوين وبحر آزوف، مركزًا تاريخيًا مرت عبره البضائع والشعوب والثقافات. على الأرجح، نحن نتحدث عن جزء من نظام المجاري المائية لبحر قزوين أو نهر الفولغا-قزوين، والذي وجد في أوائل العصور الوسطى ولم يُدرَس عمليًا في هذه المنطقة.

لا تحتوي السجلات الروسية القديمة الباقية على معلومات حول استخدام "موصّل سامودوروفسكي المائي"، لكن اكتشاف دراهم عربية وعملات رومانية وبيزنطية في الروافد العليا لنهر أوكا يؤكد هذا الاحتمال، كما يعتقد علماء الآثار. علاوة على ذلك، ظل مجرى أورلوفسكوي في نهر أوكا صالحًا للملاحة حتى منتصف القرن التاسع عشر، وخاصةً خلال فيضان الربيع.

وقال سيرغي كوليكوف، رئيس نادي "ديفو": "كانت مهمتنا مسح قاع النهر، وقد أبدع الغواصون فيه. هذه مجرد بداية لمهمة كبيرة. نخطط مستقبلًا لمواصلة البحث بتوسيع نطاق البحث واستخدام تقنيات جديدة، بما في ذلك المسح ثلاثي الأبعاد للقاع، ومسح راداري لعمق الأرض للضفاف، وتحليل التضاريس باستخدام الليدار. من المثير للاهتمام رسم خريطة ثلاثية الأبعاد لطريق التجارة القديم. ربما تنتظرنا اكتشافات أكثر أهمية، على سبيل المثال، بقايا قرية قديمة أو قطع أثرية جديدة ستلقي الضوء على تاريخ مقاطعة أوريول".

وتعد هذه الدراسة جزءًا من مشروع بحثي كبير أطلقه غواصون وعلماء آثار بشكل مشترك عام 2021، وقد نتج عنه العثور على العديد من القطع الأثرية المتعلقة بمعركة "سودبيش".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: علماء آثار قطع أثرية بحر قزوين البحر الأسود العثور على العدید من آثار ا

إقرأ أيضاً:

إنفيديا تكشف أسرار مختبرها العملاق.. هكذا نصنع عقول الروبوتات

في قلب ثورة الذكاء الاصطناعي العالمية، يقف مختبر أبحاث إنفيديا كعقل إبداعي ضخم، يضم مئات العلماء والمهندسين الذين يعملون على تحويل الأفكار العلمية الجريئة إلى تقنيات واقعية تغيّر شكل المستقبل. من تصميم معالجات الذكاء الاصطناعي إلى ابتكار نماذج تحاكي العالم الحقيقي بدقة غير مسبوقة، يكشف المختبر عن جانب من أسراره التي تضع الشركة على طريق صناعة "أدمغة" الروبوتات الذكية، القادرة على التعلم والتفاعل بسرعة تفوق خيال الإنسان.

اقرأ أيضاً.. "إنفيديا" تخطط لتصنيع شرائح خارقة في مجال الذكاء الاصطناعي بالولايات المتحدة



من مختبر صغير إلى قوة علمية عالمية


عندما انضم بيل دالي إلى مختبر أبحاث إنفيديا في عام 2009، كان الفريق لا يتجاوز 12 باحثاً يركزون على تقنية تتبع الأشعة في الرسوميات.
اليوم، أصبح المختبر يضم أكثر من 400 باحث ومهندس، قادوا تحول الشركة من مبتكر رقاقات ألعاب الفيديو في التسعينيات إلى عملاق تكنولوجي بقيمة 4 تريليونات دولار، يقود الابتكار في الذكاء الاصطناعي والروبوتات.

 

 
من الرسوميات إلى الروبوتات


منذ توليه قيادة المختبر، عمل دالي على توسيع نطاق الأبحاث لتشمل تصميم الدوائر وتقنيات الدمج واسع النطاق في الرقائق الإلكترونية.
وفي عام 2010، بدأت إنفيديا في تطوير معالجات رسوميات مخصصة للذكاء الاصطناعي، قبل أكثر من عقد على موجة الذكاء الاصطناعي الحالية، وهو قرار استراتيجي أثبت لاحقاً أنه نقطة تحول فارقة في تاريخ الشركة.


 
تطوير "أدمغة" الروبوتات



مع إحكام قبضتها على سوق معالجات الذكاء الاصطناعي، وضعت إنفيديا أنظارها على الذكاء الاصطناعي المادي وتطوير "أدمغة" الروبوتات.
وتقود هذا المسار سانيا فيدلر، نائبة رئيس أبحاث الذكاء الاصطناعي، التي أسست مختبر أومنيفيرس في تورونتو لتطوير بيئات محاكاة ثلاثية الأبعاد للعالم الواقعي، باستخدام تقنيات إعادة الإعمار العصبية التي تحول الصور والفيديوهات إلى نماذج افتراضية غنية بالتفاصيل.

 

أخبار ذات صلة إرجاء إطلاق نموذج ذكاء اصطناعي جديد لديب سيك عمر الدرعي يبحث مع أسامة الأزهري التعاون في الشأن الديني وخدمة المجتمعات


 
تسريع العالم


تعمل فرق إنفيديا على جعل الروبوتات "تشاهد" العالم وتتفاعل معه بسرعة تصل إلى 100 ضعف من الزمن الحقيقي، ما يمنحها قدرة فائقة على التعلم والتكيف.

وفي مؤتمر SIGGRAPH الأخير، كشفت الشركة عن مجموعة نماذج ذكاء اصطناعي جديدة لتوليد بيانات تدريب اصطناعية، بالإضافة إلى مكتبات برمجية متقدمة لمطوري الروبوتات، في خطوة تهدف إلى تسريع تطوير الجيل القادم من الروبوتات الذكية، وفقاً لموقع تك كرانش.

 

 

المستقبل.. خطوات ثابتة نحو الثورة الروبوتية



رغم هذا التقدم المذهل، يؤكد قادة أبحاث إنفيديا أن الطريق أمام الروبوتات المنزلية لا يزال طويلاً، وأن الوصول إليها يشبه رحلة السيارات ذاتية القيادة: تقدم تدريجي، اختبارات دقيقة، ونضج بطيء لكنه حتمي.
ومع كل إنجاز، تقترب إنفيديا من هدفها الأسمى: أن تكون العقول الاصطناعية التي تدير عالم الروبوتات في المستقبل.


إسلام العبادي (أبوظبي)

 

مقالات مشابهة

  • مشيرة إسماعيل تكشف أسرار رحلتها مع الرقص الشعبي في بيت السحيمي.. "الليلة"
  • أعلى طريق مطروح.. التصريح بدفن جثة ضحية حادث الميكروباص والملاكي
  • العثور على 4 سفن قديمة غرقت في القرن الـ18 بالقرب من ساحل كارولينا الشمالية
  • تايلور سويفت تكشف أسرار ألبومها الجديد "Showgirl"
  • نظراتهم مرعبة.. أحدى ضحايا حادث طريق الواحات تكشف تفاصيل الواقعة
  • الداخلية تكشف تفاصيل القبض على المتهمين بمطاردة فتيات على طريق الواحات
  • إنفيديا تكشف أسرار مختبرها العملاق.. هكذا نصنع عقول الروبوتات
  • جيجل: العثور على جثة غريق تطفو فوق سطح البحر
  • تسجيلات مصوّرة تكشف تهريب وبيع قطع أثرية نادرة في مزادات عالمية