ابتكار طريقة لمعرفة ما حصل قبل الانفجار العظيم
تاريخ النشر: 30th, August 2025 GMT
لطالما شكل الانفجار العظيم النقطة المحورية في علم الكونيات الحديث، حيث يعتقد العلماء أنه اللحظة التي انبثق منها الزمان والمكان وكل ما نعرفه من مادة وطاقة. غير أن السؤال الأكثر إثارة يظل بلا جواب حتى الآن وهو ماذا كان قبل الانفجار العظيم؟
على مدى عقود، اعتمد الفيزيائيون على فرضيات التماثل والتجانس الكوني لتبسيط معادلات آينشتاين في النسبية العامة.
لكن عند الاقتراب من لحظة الانفجار العظيم، تنهار هذه الفرضيات، فالكثافة ودرجة الحرارة تصبحان لا نهائيتين، ويظهر ما يسمى بـ "التفرد الكوني"، حيث تتوقف القوانين المألوفة، من نسبية وميكانيكا كم، عن العمل.
هنا يبرز دور النسبية العددية، والتي تعد، بحسب دراسة جديدة صدرت في دورية "ليفنج ريفيوز إن ريلاتيفيتي" منهجية تعتمد على المحاكاة الحاسوبية بدلًا من الحلول الرياضية المباشرة.
هذا النهج طُوّر منذ ستينيات القرن الماضي لدراسة الأنظمة شديدة التعقيد، وحقق نجاحًا باهرًا في التنبؤ بشكل موجات الجاذبية الناتجة عن تصادم الثقوب السوداء. واليوم، يحاول الباحثون توظيفه لاختراق حجب البدايات الكونية.
المحاكاة الحاسوبية هي استخدام الحاسوب والنماذج الرياضية لتقليد أو إعادة إنتاج ظواهر طبيعية أو عمليات معقدة لا يمكن دراستها مباشرة بالتجربة أو الرصد.
بمعنى آخر، هي مختبر افتراضي يسمح للعلماء بدراسة الكون أو الخلايا أو المناخ أو حتى الاقتصاد، على شاشة الحاسوب، بدلًا من انتظار ملايين السنين أو بناء تجارب مستحيلة.
تعتمد المحاكاة على استخدام الحواسيب الفائقة لمعالجة معادلات آينشتاين للنسبية العامة في بيئات شديدة الجاذبية، كاللحظات الأولى للكون أو التصادمات بين الأكوان.
إعلانوبفضل هذه المحاكاة الفائقة، قد نستطيع استكشاف ما حدث في فترة التضخم الكوني، التي يُعتقد أنها وسّعت الكون بشكل هائل في جزء ضئيل من الثانية بعد ولادته، وفرضية الأكوان المتعددة، أي احتمال وجود عوالم أخرى موازية، وسيناريو الكون الدوري، حيث تتوالى الانفجارات والانهيارات عبر أزمنة متعاقبة.
لكن بحسب بيان رسمي صادر من معهد "معهد فاونديشن كويستشنز" المعني بتقديم منح لتحفيز ودعم ونشر الأبحاث حول الأسئلة المتعلقة بأسس الفيزياء وعلم الكونيات، لا يزال الطريق طويلا، فهذه الحسابات تحتاج إلى حواسيب خارقة قادرة على معالجة معادلات آينشتاين بأدق تفاصيلها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الانفجار العظیم
إقرأ أيضاً:
تلسكوب جيمس ويب يرصد أقدم مستعر أعظم في تاريخ الكون ويكشف تفاصيل المجرة المضيفة
تمكن تلسكوب جيمس ويب الفضائي، بالتعاون مع مجموعة من المراصد الدولية، من رصد مستعر أعظم عمره 13 مليار سنة، وهو أقدم انفجار نجمي من نوعه يتم تسجيله حتى الآن.
وأعلنت وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) يوم الثلاثاء عن هذا الاكتشاف، الذي يسلط الضوء على النجوم والمجرات في مرحلة مبكرة جدًا من تاريخ الكون، حين كان عمره 730 مليون سنة فقط بعد الانفجار العظيم.
ويأتي هذا الاكتشاف بعد أن كان أقدم مستعر أعظم معروف سابقًا يعود لعمر الكون 1.8 مليار سنة، مما يعني أن هذا المستعر الجديد يسبق سابقه بما يزيد عن مليار سنة.
وقد أتاح تلسكوب جيمس ويب، بفضل تقنياته المتقدمة، رصد المجرة المضيفة لهذا الانفجار، وهو ما يوفّر للعلماء فرصة فريدة لدراسة خصائص النجوم والمجرات في العصور الأولى من الكون.
ويظهر المستعر الأعظم في الصور التي التقطها التلسكوب على شكل نقطة حمراء صغيرة داخل مربع مُكبّر على يمين الصورة، وعُرف باسم GRB 250314A.
وتُظهر الصورة المحيطة مئات المجرات بأشكال وأحجام مختلفة، بينها مجرة حلزونية كبيرة تقع إلى يسار مركز الصورة، وهو ما يعكس تنوع البنى المجرية حتى في المراحل المبكرة للكون.
وأشار أندرو ليفان، أحد الباحثين المشاركين، إلى أن هذا الرصد يثبت قدرة تلسكوب جيمس ويب على اكتشاف نجوم فردية منذ أن كان عمر الكون نحو 5% فقط من عمره الحالي.
وقال: "خلال الخمسين عامًا الماضية، تم رصد عدد قليل جدًا من انفجارات أشعة غاما في المليار سنة الأولى بعد الانفجار العظيم، وهذا الحدث نادر للغاية ومثير جدًا."
ولم تكن خصائص هذا المستعر الأعظم مختلفة بشكل كبير عن المستعرات العظمى الحديثة، رغم التوقعات السابقة بأن النجوم المبكرة كانت أكثر ضخامة وأقل احتواءً على العناصر الثقيلة، وربما تختلف عن النجوم المعاصرة.
وقال نيال تانفير، المؤلف المشارك في الدراسة: "بدأنا البحث بعقول متفتحة، ووجدنا أن هذا المستعر يشبه تمامًا المستعرات العظمى القريبة التي نراها اليوم."
وشارك في هذا الرصد سباق دولي متكامل، بدأ برصد مرصد نيل جيريلز سويفت التابع لناسا لمصدر الأشعة السينية، مما ساعد تلسكوب جيمس ويب على تحديد موقع الانفجار بدقة، ثم شارك التلسكوب البصري الشمالي في جزر الكناري بإسبانيا، وامتد التحديد إلى التلسكوب الكبير جدًا في تشيلي، الذي قدّر عمر المستعر بـ 730 مليون سنة بعد الانفجار العظيم، كل ذلك خلال أقل من 17 ساعة من اكتشاف الإشارة الأولية.
وتم منح فريق البحث ساعات إضافية لاستخدام تلسكوب جيمس ويب لدراسة انفجارات أشعة جاما الأخرى في الكون المبكر، إلى جانب دراسة المجرات التي تقع خلف هذه الانفجارات.
ويتوقع الباحثون أن يساعد هذا التوهج المستعر الأعظم في تحديد بصمات المجرات البعيدة وفهم تطورها المبكر، بما يعزز من قدرة العلماء على فهم الكون في مراحل نموه الأولى.
ويمثل هذا الاكتشاف قفزة نوعية في دراسة النجوم والمجرات القديمة، ويؤكد الدور الفاعل لتلسكوب جيمس ويب كأداة لا غنى عنها في استكشاف أسرار الكون المبكر، وفهم أصل النجوم والمجرات التي شكلت البنية الكونية التي نراها اليوم.