سبحان الذى فى السماء عرشه، سبحان الذى فى الأرض حكمه، سبحان الذى أطلع من لا ينطق عن الهوى بنبأ من سيأتى بعده فقد روى المعصوم لأصحابه خبر أويس القرنى إمام التابعين الذى قال فيه سيموت على الشهادة ويدخل فى شفاعته مثل ربيعة ومضر إلا من لقيه فليقرأه منى السلام،
بالرغم من أن أويس حرم من صحبة أشرف الخلق بسبب بره بأمه لكن حاله فى البعد كان تجسيدًا لتلك الأبيات العطرة يا رسول الله يا سندى * يا ملاذ الخائف الوجل *نظرة يا اكرم الرسل * وبغوث حل لى عقدى لذلك وصى الرؤوف بالمؤمنين عمر وهو من هو بان يطلب من هذا التقى النقى أن يستغفر له إذا لقيه وعندما أذنت الأقدار كان الميعاد لكن الشيء العجاب هو سؤاله عمر وعلى هل رأيتما رسول الله حقًا !! فقالا بلى فأخذ أحدهما يصف الصورة الظاهريّة، ولم يكن ذلك مراده حتى وجد ضالته عند بنت الصديق فقالت له نعم لقد رأيته مرة واحدة عندما كنت أخيط له ثوبًا على سراج فهبت ريح أطفأت السراج ووقع منى المخيط فلما لاح أنار وجهه الشريف ظلمة الليل الحالك فقال لها بحلم الورع إنكم لم ترونه إلا كما يرى السيف فى غمده وانه لنور من السماء إلى الأرض.
هذا العارف بالله كان منشغلًا بجوهر الحقيقة المحمدية لأنها باب الوصول الأعظم ولكى ندرك مغزى قصده كان لزامًا أن نستبين النور لغة واصطلاحًا فهو الضياء، الشيء الظاهر فى نفسه المظهر لغيره وقد ورد فى الذكر الحكيم على خمسة أوجه نور الرحمن، نور القرآن، نور الإيمان، نور الأكوان. نور النبى العدنان فمولانا بشرًا ليس كالبشر لانه سيد ولد ادم صاحب المقام المحمود والدرجة الرفيعة الذى أنقذ الله به الثقلين من التخبط فى ظلمات الجهل والشرك فكشف به الغمة، وهدى به من الضلالة، وعلم به بعد الجهالة، وجعله إمام الهدى إلى قيام الساعة هذه الصفات النبيلة والأخلاق العظيمة توجب على كل مسلم حبه وتعظيمه وتوقيره كما أمر الله «لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه» لا ريب أن الأدب مع المصطفى هو أدب مع الله جل وعلا «من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظًا» ولما كان الأدب سلوكًا يتعلق بالأعمال التى هى إما قلبية أو قولية أو فعلية أمّا القلبى منها فهو سنام جميع الآداب، وأصله الإيمان والمحبة والتعظيم مع اعتقاد تفضيله على سائر المخلوقات، أما القولى فهو يتعلق باللسان الذى هو مغرفة القلب كما قال ابن القيم بأن لا يتقدم بين يديه بأمر ولا نهى، ولا إذن ولا تصرف حتى يأمر هو ويأذن، و ألا نذكر اسمه مجردًا دون ذكر السيادة «لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا»، أما الأدب العملى فهو ما يتعلق بالجوارح، ويكون بالعمل بشريعته، والتأسى بسنته ظاهرًا وباطنًا، والتمسك بها والحرص عليها، والدعوة إليها وأزيد على ذلك: ويل للقاسية قلوبهم الذين يحرمون الفرح به والاحتفال بمولده
اللهم صل على سيدنا محمد الذى سعدت بمولده الأزمان وتعطرت بعبيره الأكوان واهتدى به اهل الذوق والعرفان وسلم عليه واله وكل محب له ولهان.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
«السيسى» وبناء الدولة
تستحق مصر برلماناً يليق بتاريخها النيابى، الذى يعود إلى قرابة قرنين من الزمان، وتحديداً منذ عام 1824، منذ إنشاء المجلس العالى بموجب الأمر الصادر فى 27 نوفمبر 1824، ثم إنشاء مجلس الثورة عام 1827، ومجلس شورى الدولة عام 1854، ومجلس شورى النواب عام 1866، ومجلس شورى القوانين عام 1883، والجمعية التشريعية عام 1913، التى فاز فيها سعد باشا زغلول فى دائرتين، وتوقفت الحياة النيابية فى مصر بسبب الحرب العالمية الأولى، لتعود بعدها بصدور دستور 1923، وقد خص المجلس النيابى بغرفتين «مجلس النواب» و«مجلس الشيوخ».
استحقاق مصر لهذا البرلمان القوى الذى نرنو إليه فى تمثيل الشعب المصرى تمثيلاً حقيقياً للقيام بسلطة التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية ليس من باب الأمانى لأن مصر دولة كبيرة، أقدم دولة عرفها التاريخ، نشأت بها واحدة من أقدم الحضارات البشرية وقامت فيها أول دولة موحدة حوالى 3100 سنة قبل الميلاد، تمتلك أطول تاريخ مستمر لدولة فى العالم، وهى مهد الحضارات القديمة وملتقى القارات وأول دولة فى العالم القديم عرفت مبادئ الكتابة، وابتدعت الحروف والعلامات الهيروغليفية، حكمت العالم القديم من الأناضول للجندل الرابع حين بدأ العالم يفتح عينيه على العلوم والتعليم، فقد جاءت مصر، ثم جاء التاريخ عندما قامت مصر حضارة قائمة بذاتها قبل أن يبدأ تدوين التاريخ بشكل منظم.
هى دى مصر التى تعرضت لموجات استعمارية عاتية، ثم عادت لحكم أبنائها، محافظة على لغتها العربية، حاربت وانتصرت فى أعظم حرب عرفها التاريخ، حرب أكتوبر، ثم تعرضت لمحنة كادت تعصف بها على يد جماعة إرهابية لا يعرفون قدرها، وتعاملوا معها على أنها حفنة تراب، وكادت تضيع لولا أن هيأ الله لها جنداً أخذوا بيدها إلى بر الأمان على يد أحد أبنائها المخلصين الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أخذ على عاتقه مهمة بنائها من جديد حتى تبوأت مكانتها المرموقة بين الدول المتقدمة التى يحسب لها ألف حساب، أنقذ «السيسى» مصر من حكم الظلام، ثم أنقذها من الإرهاب المدعوم من الداخل والخارج والذى أرهقها عدة سنوات، ولم يكن «السيسى» طامعاً فى السلطة، ولكنه نفذ أمر الشعب الذى نزل بالملايين إلى الميادين يطالبه باستكمال مسيرة البناء. قبل «السيسى» المهمة الصعبة رئيساً للبلاد، فى وقت صعب وانحاز للشعب الذى انحاز له، وجعل «السيسى» الشعب له ظهيراً، لم ينتم لحزب، ولم يكن له حزب من الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة، وطبق الدستور كما يجب، وعندما لاحظ ارتباك الأحزاب السياسية بسبب التخمة الموجودة هى الساحة قدم نصيحة كم ذهب لو أخذت بها الأحزاب لكانت أوضاعاً كثيرة تغيرت أقلها نشأة البرلمان القوى الذى ننشده وتستحقه مصر، عندما اقترح الرئيس السيسى على الأحزاب أن تندمج، وأن يبقى على الساحة السياسية ثلاثة أو أربعة أو خمسة أحزاب قوية يتنافسون فى الانتخابات البرلمانية ليظهر منها حرب الأغلبية، ولكن الأحزاب الى أصبحت تزيد على المائة فضلت المظاهر والمناصب الحزبية على العمل الحزبى الحقيقى.
انحياز «السيسى» للشعب عندما أصدر «ڤيتو» لأول مرة يتخذه حاكم مصرى منذ فجر التاريخ، وهو تصحيح مسار الانتخابات البرلمانية هو انحياز للدستور الذى أكد أن السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها وهو مصدر السلطات، والبرلمان هو الضلع الثالث فى مثلث الحكم مع السلطة التنفيذية والسلطة القضائية والمسار الذى حدده «السيسى» هو ألا يدخل مجلس النواب إلا من يختاره الناخبون من خلال انتخابات حرة نزيهة، تحية لرئيس مصر الذى يبنى دولة الحضارة من جديد.