تحوّل مرض الجدري المائي، الذي يعتبر غالبًا أحد الأمراض البسيطة والشائعة لدى الأطفال، إلى مأساة صحية قاسية حين أصيب طفل صغير بسكتة دماغية نادرة بعد عدة أشهر من تعافيه من المرض.

سلطت هذه الواقعة الضوء على المخاطر الخفية التي قد يسببها الجدري المائي، وعلى أهمية الوقاية منه عبر برامج التطعيم.

في البداية، بدا الأمر طبيعيًا؛ إذ ظهرت البقع الجلدية المميزة على جسد الطفل، وتعافى خلال أسبوعين تقريبًا مثل آلاف الأطفال الآخرين سنويًا.

 
لكن بعد مرور ستة أشهر، لاحظت والدته أثناء رعايته أن جزءًا من وجهه قد ارتخى فجأة، وهو ما أثار شكوكها الكبيرة بوجود مشكلة خطيرة، وبالفعل وبعد سلسلة من الفحوصات الطبية، تأكدت إصابة الطفل بسكتة دماغية نتيجة جلطة في الشريان الدماغي الأوسط، وهو أمر نادر للغاية في مثل هذا العمر.

 

خضع الطفل للعلاج العاجل، حيث وُضع في غيبوبة طبية استمرت نحو أسبوع للسيطرة على التورم الدماغي، وكان الأطباء على وشك اللجوء إلى عملية جراحية لإزالة جزء من الجمجمة لتخفيف الضغط، لكن تمت السيطرة على حالته دون ذلك.

وبعدها بدأ رحلة علاجية طويلة داخل مستشفى ساوثهامبتون استغرقت أكثر من شهرين، تمكن خلالها من إعادة تعلم المشي والحركة والبلع والكلام، بعدما فقد تلك القدرات بشكل كامل تقريبًا.

الأطباء أوضحوا أن السبب المباشر كان فيروس الجدري المائي، الذي قد يؤدي في حالات نادرة إلى ما يُعرف بالتهاب الشرايين الدماغية بعد العدوى (post-varicella arteriopathy)، حيث يضعف الفيروس الأوعية الدموية ويجعلها عرضة للتجلط. وتشير الإحصاءات الطبية إلى أن الأطفال الذين يُصابون بالجدري المائي ترتفع لديهم احتمالات الإصابة بالسكتة الدماغية بمعدل أربعة أضعاف خلال الأشهر الستة التالية للعدوى.

هذه الواقعة أعادت النقاش حول أهمية لقاح الجدري المائي، خاصة مع إعلان هيئة الصحة الوطنية البريطانية (NHS) إدراجه قريبًا ضمن برنامج التطعيمات الأساسية للأطفال. فاللقاح، الذي يُعطى على جرعتين في عمر 12 شهرًا و18 شهرًا، سيوفر حماية لأكثر من نصف مليون طفل سنويًا، ويُتوقع أن يقلل من الوفيات والمضاعفات الناتجة عن المرض.

وقد أثبتت تجارب دول مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وألمانيا نجاحًا ملحوظًا في الحد من انتشار الجدري المائي بنسبة وصلت إلى 97% بعد إدخال اللقاح ضمن برامج التطعيم.

ورغم أن الطفل تجاوز عامه الرابع، ما زال يواجه صعوبات في الحركة والتواصل أثرت على دخوله المدرسة وبداية مسيرته الدراسية، وقد عبّرت والدته عن حزنها قائلة: "كان يمكن ألا يحدث كل هذا لو حصل على اللقاح، لكنه الآن سيعيش مع هذه الآثار طوال حياته".

هذه القصة المؤلمة تعكس حقيقة أن بعض الأمراض التي يُستهان بها قد تُخفي وراءها مضاعفات قاتلة أو مدمرة للحياة، وتؤكد مجددًا أن الوقاية عبر اللقاحات تظل الخيار الأهم لحماية الأطفال من أخطار غير متوقعة.

 

 

هالة فهيم لـ"الوفد": سطوة الإنجليزية تقود أطفالنا لمراكز التخاطب وتهدد هويتنا مليار دولار لنيمار من معجب برازيلي.. وصية تقلب الموازين وتثير الجدل بدرية طلبة بعد إحالتها للتحقيق: عمري ما أغلط في المصريين ليدي جاجا تؤجل حفلها في ميامي لهذا السبب نضال الشافعي يكشف لأول مرة أسرار حياته بعد فقدان حب عمره أمل جديد يحمي الشعر من التساقط أثناء العلاج الكيميائي خاص| دكتور جمال فرويز: الطفلة هايدي ستواجه تحدٍ نفسي بعد انتهاء التريند حظر مادة خطيرة في طلاء الأظافر الجل.. ما السبب؟ أمير المصري يشارك بفيلمين عالميين في مهرجان لندن السينمائي الدولي 13 زيجة وطلاق أبيض.. محطات في حياة إيهاب نافع وعلاقته بجمال عبدالناصر

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الجدري المائي مرض الجدري المائي الجدری المائی

إقرأ أيضاً:

الطفولة والمستقبل... وجهان بالملامح نفسها

من أكثر الأيام الدولية التي تضع العالم في حرج حقيقي، نذكر في المقام الأول ومن دون أدنى تفكير: اليوم العالمي للطفل الذي صادف يوم العشرين من الشهر الحالي.

فمن أين يأتي الحرج والحال أن للطفل مناسبة دوليّة يتم الاحتفال بها منذ سنة 1990 أي بعد وضع اتفاقية حقوق الطفل الدولية في سنة 1989؟

من النقاط اللافتة للانتباه أن الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل تعد من أكثر الاتفاقات تصديقاً من دول العالم، إذ إن نحو 196 دولة صادقت عليها مما يعد التزاماً دولياً صريحاً باحترامها والعمل وفق بنودها.

المشكلة التي تصادف الاحتفاء بمثل هذا اليوم تحديداً، تتمثل في الوضع المأساوي الذي يعيشه ملايين من أطفال العالم بشكل يطيح بشعار أن «الأطفال قضية دولية»، وهو الشعار الذي تم رفعه في أعقاب الحرب العالميّة الثانية بوصف الأطفال أكثر الضحايا في أوروبا آنذاك.

صحيح أن أطفال أوروبا هم اليوم أفضل حالاً مما كانوا عليه، ويتمتعون بثمار التقدم في بلدانهم سواء كانوا في شمال أوروبا أو في شرقها، حيث أصبح الطفل في بلدان عدة عملة نادرة للوالدين اللذين يقدمان على تجربة الإنجاب فينالان امتيازات وتحفيزات شتى. ولكن ليست هذه هي حال أطفال القارة الأفريقية ولا أطفال منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يعني أن الفجوة قائمة بشكل هائل بين أطفال العالم. ومثل هذا الاستنتاج في حدّ ذاته يعد ضربة موجعة للاتفاقية الدوليّة لحقوق الطفل التي تمنع التمييز بين الأطفال، بينما واقع الحال العالمي يشهد أنواع التمييز كافة.
واقع الأطفال في أي مجتمع هو نتاج موقع الدولة في خريطة التقدم والتنمية وأسباب القوة
إذن لا يوجد واقع واحد للطفولة في العالم بقدر ما هناك صور متعددة ومختلفة للواقع. كما أن المتأمل في الواقع العام العالمي للطفولة يلاحظ أن واقع الأطفال في أي مجتمع هو نتاج موقع الدولة في خريطة التقدم والتنمية وأسباب القوة. وكما تكون الدولة يكون أطفالها. طبعاً هذا بشكل عام ونظري جداً.

إن الطابع الغالب على مثل هذا اليوم الدولي هو الحرج، ووقوف العالم عند ظاهرة انفصامه وجرائمه أيضاً: ففي عالم يموت فيه الأطفال جوعاً وقصفاً، ويعرف فيه الملايين التشرد والضياع والتسول والاختطاف والاستغلال الجنسي لا يمكن أن يكون اليوم العالمي للطفل مدعاة للافتخار بالمكاسب وبمناصرة العالم للطفولة. وللعلم فإن المشكل ليس في الظواهر السلبية المذكورة فحسب، بل في العدد المفجع من الأطفال الذين يعانون من هذه الظواهر الخطيرة والمأساوية، الأمر الذي يُبطل أهمية أن تكون الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل من أكثر الاتفاقات مصادقة، إذ لا معنى للمصادقة في ظل واقع يُنكل فيه بالأطفال.

ونعتقد أن وعي العالم ما زال محدوداً في مقاربته لقضية الطفولة وليس مبدئياً، بدليل أن موقع الدولة في خريطة القوة بأبعادها كافة أو حتى البعض المهم منها، هو الذي يحمي الطفل وليست طفولته بوصفها قيمةً متفقًا على حمايتها دولياً.

في هذا السياق، الذي لا يمكن رؤيته إلا من منظور سلبي، نضع واقع الأطفال في غالبية دول منطقة الشرق الأوسط، حيث إن 50 ألف طفل قتلوا أو أصيبوا في قطاع غزة من دون أن نغفل عن معاناة أطفال السودان وتعرضهم للموت بسبب الجوع وسوء التغذية. ناهيك من أن تقرير اليونيسف الذي يقول إن 30 مليون طفل خارج المدرسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعانون من الحرمان من التعليم.

وبناء عليه، فإن واقع الأطفال بمثابة المرآة التي نتهجى من خلالها لا فقط الحاضر بل والمستقبل أيضاً. فأي مستقبل لعالم يعاني فيه الملايين من أطفاله من الجوع، والحرمان من التعليم والصحة؟!
لقد علمنا التاريخ أن التمييز والحرمان ينتجان مستقبل التوتر. فالمحرومون اليوم هم قنابل موقوتة غداً. وفي كل عصر يظهر من ينتدب المحرومين والبؤساء ليكشر عن أنياب أطروحاته المناهضة للاختلاف والحوار.

إن الفئات التي تلقى التهميش في ميزانيات دولنا والتي لا نتعاطى معها بوصفها أولوية هي التي ستفعل فعلها بشكل عكسي وكارثي في الغد. فنحن لا ننفق على الطفولة إلا قليلاً جداً، ولا نهتم ببناء الإنسان عقلاً وكياناً وصحة إلا بالقليل جداً أيضاً، في حين أن الإنسان هو جوهر كل شيء. فالمجتمعات التي تحترم الإنسان يتمظهر احترامها واهتمامها من مرحلة الطفولة، إضافة إلى التكلفة التي تضعها الدولة والمجتمع من أجل الإنفاق مادياً ورمزياً على الطفولة التي هي مستقبل الأسرة والمجتمع والدولة والعالم والحياة على كوكب الأرض.

الشرق الأوسط

مقالات مشابهة

  • نشرة تكشف دور التأمين في تمكين المرأة وسط صدام مخاطر المناخ
  • على مدى 10 سنوات.. كاميرا في عرين مهجور تكشف أسرار الحياة البرية | ما القصة؟
  • الرباط.. منتدى يقرر إحداث (الشبكة الإفريقية لحقوق الطفل)
  • خلال 19 دقيقة.. تدخل جوي عاجل ينقذ مريض سكتة دماغية في الشلايل
  • الطفولة والمستقبل... وجهان بالملامح نفسها
  • بحضور نائبة وزيرة التضامن | انطلاق المنتدى الأفريقى الأول لبرلمان الطفل بالرباط
  • أين الطفولة
  • منظمة حقوقية: اليوم العالمي للطفل محطة تكشف حجم الانهيار الذي يعيشه أطفال اليمن
  • تيليجرام يشعل المنافسة.. مزاد خفي وهدايا نادرة تكشف سر التحديث الجديد
  • قومي الإعاقة: حماية وحقوق الأطفال ذوي الإعاقة أولوية وطنية