مكتبة الإسكندرية تنظم جلسة حوارية حول "الأمير طلال والتنمية المستدامة"
تاريخ النشر: 8th, September 2025 GMT
ضمن فعاليات معرض "طلال.. تاريخ تقرأه الأجيال"،نظّمت مكتبة الإسكندرية جلسة حوارية بعنوان "الأمير طلال والتنمية المستدامة" تحت شعار "التنمية المستدامة نهج مؤسسي"، وذلك ضمن جدول فعاليات النسخة السادسة من معرض "طلال.. تاريخ تقرأه الأجيال"، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز آل سعود، رئيس المجلس العربي للطفولة والتنمية، وعدد من الشخصيات الفكرية والدبلوماسية والثقافية البارزة.
أكد الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، أن الجلسة تكتسب أهمية خاصة كونها تطرح قضية جوهرية في مسار التنمية، وهي ضرورة تحويل الخطاب التنموي إلى ممارسة مؤسسية قابلة للاستمرار والتأثير. وأوضح أن الأمير طلال بن عبد العزيز رحمه الله لم يكتف بطرح أفكار تنموية، بل أسس مؤسسات فاعلة في مجالات التعليم، مكافحة الفقر، دعم المجتمع المدني، والتعاون مع منظمات دولية مثل اليونيسف واليونسكو، مما جعل من رؤيته نموذجًا عمليًا يحتذى به.
وأضاف زايد أن العمل المؤسسي هو ما يضمن بقاء الأثر واستمرارية الإنجاز، مشيرًا إلى أن الشعوب التي تنجح في الانتقال السلس بين السلطات تعتمد على مؤسسات قوية، لا على الأفراد وحدهم. وأكد أن هذا النهج يجب أن يُحتذى في العالم العربي، ليس فقط في التنمية، بل في إدارة التحولات السياسية والاجتماعية، لأن الأفراد يأتون ويغادرون، فيما تبقى المؤسسات شامخة راسخة عبر التاريخ.
من جانبه، تناول الدكتور حسن البيلاوي، الأمين العام للمجلس العربي للطفولة والتنمية، الجانب الفكري في مسيرة الأمير طلال، واصفًا إياه بالمفكر الذي حمل هموم أمته وسعى إلى نهضتها من خلال الحوار والانفتاح على مختلف التيارات الفكرية. وأشار إلى أن الأمير طلال خاض معركة حضارية وسياسية في آنٍ واحد، وأن الأمة العربية اليوم في أمسّ الحاجة إلى أفكاره وشجاعته الفكرية.
وأكد البيلاوي أن الأمير طلال ساهم في تعزيز الحوار بين مختلف الأطياف الفكرية، من اليمين إلى اليسار، ومن الإسلاميين إلى الراديكاليين، وكان يتحاور معهم بصدر واسع وفكر مفتوح، ويعلق بشجاعة المفكر.
شددت السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة، عضو مجلس أمناء المجلس العربي للطفولة والتنمية، على أن التنمية المستدامة لم تعد خيارًا يمكن تأجيله، بل أصبحت شرطًا وجوديًا لبقاء الأوطان واستقرار الشعوب. واستعرضت المبادرات التي أطلقها الأمير طلال، مؤكدة أنها تمثل نهجًا مؤسسيًا متكاملًا يقوم على الرؤية الاستراتيجية والحكومة الرشيدة والمشاركة المجتمعية الواسعة.
واقترحت السفيرة أبو غزالة مجموعة من المحاور لتطوير التنمية المستدامة في العالم العربي، من بينها تطوير الإطار التشريعي والمؤسسي وربطه بمراكز صنع القرار العليا، وإنشاء مرصد عربي للتنمية المستدامة لمتابعة الأداء وضمان الشفافية، وتعزيز الموارد المالية عبر شراكات مبتكرة مع القطاع الخاص والصناديق الإقليمية، إلى جانب مشاريع تكاملية في الطاقة المتجددة.
قال هدى البكر؛ المدير التنفيذي للشبكة العربية للمنظمات الأهلية، عن رؤية الأمير طلال المبكرة لأهمية المجتمع المدني، مشيرة إلى أن المؤسسات التي أسسها تعكس فكر التنمية المستدامة من خلال الاهتمام بالأطفال، تمكين المرأة والشباب، التعليم، ومكافحة الفقر.
وفي مداخلة تحليلية، قدّم الدكتور سامح فوزي، كبير الباحثين بمكتبة الإسكندرية، قراءة معمّقة في المشروع التنموي متعدد الأبعاد الذي أسسه الأمير طلال بن عبد العزيز، من زاوية فكر الاستدامة، موضحًا أن ثمة فرقًا جوهريًا بين "فكر الاستدامة" و"التنمية المستدامة". وأشار إلى أن فكر الاستدامة هو مفهوم قديم يرتكز على العلاقة بين الأجيال، ويهدف إلى تحقيق العدالة في استخدام الموارد بين الجيل الحالي والأجيال القادمة، بما يضمن استمرارية الحياة والكرامة الإنسانية عبر الزمن.
وأوضح فوزي أن التنمية المستدامة تمثل صيغة حديثة ظهرت في العقود الأخيرة، واكتسبت طابعًا مؤسسيًا ومنهجيًا، إذ تجمع بين أهداف اقتصادية واجتماعية وإنسانية، وتضع في اعتبارها التحديات البيئية والمناخية. وهي ليست مجرد إطار نظري، بل منظومة متكاملة من السياسات والبرامج التي تسعى إلى التوفيق بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والحفاظ على البيئة.
وفي هذا السياق، أبرز الدكتور فوزي أن الأمير طلال قدّم نموذجًا فريدًا يجمع بين احترام التراث والحضارة التي ينتمي إليها، والانفتاح على العالم الخارجي من منطلق إنساني، حيث لم يكن الانفتاح لديه مرادفًا للتبعية، بل كان قائمًا على الندية والإسهام المتبادل. وقد تجلى ذلك في رؤيته للحوار، واحترام الكرامة الإنسانية، ورفضه للهيمنة الفكرية أو السياسية، مما جعله من أوائل المفكرين العرب الذين دعوا إلى بناء مؤسسات تنموية مستقلة، ذات طابع إنساني وتشاركي.
وأشار إلى أن الأمير طلال لم يكتف بتأسيس مؤسسات تنموية، بل حرص على أن تكون هذه المؤسسات حاضنة لفكر الاستدامة، من خلال برامج تعليمية، ومبادرات لتمكين المرأة والشباب، ومشروعات لمكافحة الفقر، وكلها ترتكز على مبدأ العدالة بين الأجيال، والمشاركة المجتمعية، والشفافية في إدارة الموارد.
واختتم الدكتور سامح فوزي مداخلته بالتأكيد على أن فكر الأمير طلال في التنمية المستدامة لا يزال صالحًا وملهمًا في مواجهة التحديات المعاصرة، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والبيئية التي تعصف بالعالم العربي، داعيًا إلى إعادة قراءة هذا الفكر وتفعيله من خلال مؤسسات قوية، وشراكات حقيقية، ورؤية استراتيجية تستند إلى الإنسان كقيمة ومركز لكل تنمية.
يأتي تنظيم هذه الجلسة بالتزامن مع اليوم الدولي للعمل الخيري، ضمن فعاليات معرض "طلال.. تاريخ تقرأه الأجيال" الذي انطلقت نسخته الأولى عام 2020، وتنقل بين الرياض والكويت والقاهرة، وصولًا إلى مكتبة الإسكندرية هذا العام. ويضم المعرض 11 جناحًا توثق مسيرة الأمير طلال التنموية والثقافية، ويعرض مقتنيات شخصية، ووثائق نادرة، ومراسلات رسمية، ومؤلفات وأفلام توثيقية.
ويفتح المعرض أبوابه للجمهور يومي 8 و9 سبتمبر 2025، من الساعة 11 صباحًا حتى 7 مساءً، بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية، ويصاحبه نشاط ثقافي يتضمن ندوات فكرية حول رؤية الأمير طلال في التنمية والتعليم والتمكين، بالإضافة إلى جلسة خاصة لشهادات حية ومواقف إنسانية ممن عاصروه، وتوقيع بروتوكول تعاون بين مكتبة الإسكندرية والجامعة العربية المفتوحة (فرع مصر) التي أسسها الأمير طلال، وتمتد فروعها اليوم إلى أكثر من 9 دول عربية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإسكندرية العام للمجلس لطاقة المتجددة السياسية والاجتماعية جلسة حوارية التنمیة المستدامة مکتبة الإسکندریة عبد العزیز من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
“معاً” ضمن أفضل الترشيحات بـ “تحدي الفيلم القصير لأهداف التنمية المستدامة” بنيجيريا
أعلن المخرج والفنان محمد فهيم عن ترشيح فيلمه القصير “معا” لجائزة أفضل مخرج بـ SDGs Short Film Challenge ويستهدف المهرجان تحدي الأفلام القصيرة حول أهداف التنمية المستدامة، بالشراكة مع مكتب المساعد الخاص الأول للرئيس النيجيري لشؤون أهداف التنمية المستدامة وشركة FreshNEWS Multimedia Ltd.
يهدف التحدي إلى توعية الناس بأهداف التنمية المستدامة من خلال الأفلام. سيُطلب من صانعي الأفلام في نيجيريا وخارجها إنتاج أفلام قصيرة تُركّز على هدف واحد على الأقل من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، وذلك للترشح للجائزة والعرض.
فيلم معا ..
يأتي فيلم معاً للمخرج محمد فهيم كتجربة إخراجية أولى له كعمل قصير به رموز بصرية ودلالات إنسانية، يُقدّم لنا معالجة سينمائية تُحاكي قلق الفرد العربي وسط الانكسارات السياسية والاجتماعية، عبر قصة بسيطة في ظاهرها، لكنها مشحونة بالمعاني في بنيتها العميقة.
يقف البطل، وحيدًا في مكتبه الضيق، أسيرًا بين الرغبة في التغيير والعجز أمام ثقل الواقع. يبدأ حضوره السينمائي على ملامح مشوشة، يقرأ الأخبار ويتابع ما يحدث في المنطقة العربية بعين يكسوها الاكتئاب والخذلان. وجهه المرهق وحركاته البطيئة تنقل للمشاهد إحساسًا بالشلل النفسي، وكأن جسده رهينة لحالة عامة من الجمود. ومع ذلك، يتضح من اختياره أن يحمل كتابًا لكاتبة نوبل ماريا ريسا أنه ما زال يحمل شرارة الأمل في أن يكون مثقفًا، فنانًا، ومُلهمًا.
يتحول الفيلم في حلم البطل إلى فسحة واسعة يلتقي فيها بشخصيات متعددة، جميعهم يتحدثون بلغات ولهجات مختلفة، لكن رسالتهم واحدة: الوحدة حق بشري قبل أن تكون خيارًا سياسيًا. هؤلاء الأبطال الفرعيون هم في الحقيقة انعكاس لآلام الشعوب؛ كل شخصية تحمل جرحًا أو فقدًا ما.
وجوههم المرهقة وعيونهم الحزينة تحكي قصصًا عن الخسارة والفقدان، سواء كان فقد وطن، أو فقد أمل، أو فقد أحبة.
لكنهم رغم الألم، يقفون في مواجهة البطل داعين إياه، ومعه المشاهد، إلى التمسك بفكرة أن الأرض خُلقت ليعيش الجميع معًا.
هؤلاء الأشخاص لم يظهروا كديكور بشري فقط، بل كان كل واحد منهم بمثابة صوت إنساني مستقل، يضيف بعدًا إلى الحلم، ويؤكد أن الوحدة ليست حلم البطل وحده، بل أمنية تتقاسمها البشرية جمعاء.
الألم والرمزية في السقوط
المشهد الفاصل هو مشهد السقوط: سقوط الأبطال واحدًا تلو الآخر، ومعهم سقوط الكتب من بين أيديهم. هنا يوظف فهيم الرمزية بذكاء:
سقوط الشخصيات يشير إلى الهزائم البشرية والمعاناة التي لم تحتمل ثقل الانقسام.
سقوط الكتب يكشف عن أن الثقافة ليست بعيدة عن ساحة الصراع؛ فالمعارف التي تمثل حصن الوعي قد تضيع بدورها إذا لم تجد من يحميها.
الإخراج جاء معتمدًا على توازن بين الكادر الضيق والخيال الرحب:
استخدم المخرج لقطات قريبة جدًا (Extreme Close-ups) لملامح البطل كي يُظهر توتره وشروده، وأحيانًا لإبراز العرق أو التعب على وجهه كعلامة على ضغط داخلي.
في مشاهد الحلم، لجأ إلى كادرات واسعة تُظهر تعدد الشخصيات وتنوع الخلفيات، ليخلق تباينًا بصريًا بين الوحدة الفردية والنداء الجماعي.
حركة الكاميرا كانت محسوبة: بطيئة في الواقع، أكثر انسيابًا في الحلم، كأنها تُترجم الفارق بين الجمود والحرية.
رغم قلة العناصر داخل المكان، إلا أن كل تفصيلة جاءت محسوبة:
المكتب المزدحم بالكتب والأوراق رمزٌ للتراكم الفكري الذي لم يُترجم بعد إلى فعل.
لوحة الفنان مايكل جاكسون على الحائط، تشير إلى أن الفن أداة مقاومة وجسر بين الألم والضحكة.
الكتاب الذي يقرأه البطل ليس مجرد إكسسوار، بل هو أيقونة داخل السرد؛ يربط بين حاضر البطل وحلمه في أن يكون مثقفًا وواعياً سياسيًا.
في مشاهد الحلم، الأزياء البسيطة المتنوعة للشخصيات كانت مقصودة لتدل على تنوع الثقافات وتعدد الجراح.
أداء البطل اعتمد على التعبير الجسدي والوجه الصامت أكثر من الحوار، ليعكس مأزقه الداخلي. بينما الأبطال الآخرون في الحلم أدوا أدوارهم بواقعية قريبة من تسجيل اعترافات حقيقية، وكأنهم شهود على فقدانٍ عميق. هذا التباين جعل الفيلم يجمع بين واقعية التسجيل ورمزية الحلم.
في النهاية، يستيقظ البطل من الحلم، هذه المرة لا ليستسلم للنوم مجددًا، بل ليهتز جسده بعنف وكأنه يريد الانفكاك من قيده الداخلي. وتأتي حركته التي تشبه رقصات تشابلن لتكون صرخة تحرر ودعوة للعودة إلى الفعل: “لا مزيد من النوم”.
فالفيلم رحلة نفسية رمزية تعكس وجع الفرد العربي وسط انهيارات العالم من حوله. من خلال الاعتماد على الكادرات المعبرة، والأكسسوارات الرمزية، والأداء الصادق، استطاع العمل أن يجمع بين البعد الشخصي (حيرة البطل) والبعد الجمعي (دعوات الوحدة) ويترك المتقريشاهد مع سؤال مفتوح: هل يمكن أن نستيقظ حقًا من حلم الانقسام لنعيش معًا، كما أراد الخالق؟ ، جدير بالذكر أن العمل شارك مؤخرًا فى مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان بورسعيد السينمائي الدولى فى دورته الأولى كما نال المشاركات العربية والعالمية وحصد الجوائز ،مشروع تخرج من أكاديمية كاليبر و بدرخان لصناعة السينما ، سيناريو و اخراج محمد فهيم.
عن حلم رقم ٢٤٠ من كتاب أحلام فترة النقاهة – الأحلام الأخيرة – للأديب الكبير نجيب محفوظ
تمثيل : باسل داري – أحلام علاء الدين – محمود القرعيش – مريم نشأت – ندى فرغل – عبدالرحمن هشام – مها موسى – أحمد ناجي
مدير تصوير/ عبدالله الحسيني
منسق مناظر/ رضوى الحضري
ساعد في الاخراج / محمود جاد – محمد مبروك
مهندس صوت موقع / ريمون مجدي
مدير موقع / رامي يسري
مونتاچ/ آندرو أنسي
تلوين : أحمد فؤاد
ميكساج و ماستر/ چورچ يعقوب
موسيقى تصويرية/ محمد فهيم