الثورة نت:
2025-12-13@09:07:25 GMT

قراءة في خطة السلام المزعومة وكشف حقيقتها

تاريخ النشر: 8th, October 2025 GMT

 

 

يقول الحق سبحانه وتعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَ?لِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ).


الكبر رذيلة اجتماعية تغرس الفرقة بين الناس، وتقضي على التعاون والمحبة بينهم، وتجعل السعي للإصلاح بين أبناء المجتمع الإنساني أمراً عسيراً إن لم يكن مستحيلاً. فالمتكبرون يتعامون عن إدراك نقائصهم وعيوبهم، ويضعون أنفسهم فوق مستواها. والمتكبر يصم أذنيه عن سماع أي حديث يرفع الظلم ويهدي إلى الرشد؛ فمن أعجبته نفسه أبى أن يسمع النصيحة من غيره. فالمتكبرون بكبريائهم وإعراضهم عن الحق أوقعوا أنفسهم في الشقاء، فكان جزاؤهم أن صرف الله عنهم الهدى.
وأولئك قوم عاد، حينما أعجبوا بأنفسهم واستكبروا لامتلاكهم القوة، كان جزاؤهم الهلاك والخزي في الدنيا، والعذاب المهين المخزي في الآخرة. قال تعالى: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ، فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى? وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ). وهذه سنة الله في خلقه.
إن الشعور بالقوة والاغترار بها يجعلان الإنسان يتخذ من الهوى مطية للاستعلاء على الناس. ولهذا نرى القرآن الكريم يصف الهوى بأنه مفسد للنظام الطبيعي لهذه الحياة، قال تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ). فإذا وقع الإنسان في حبال الهوى تشوش عليه النظام الطبيعي، وفسد وأفسد.
وإن من أعظم أضرار هوى النفس غرورها وكبرياؤها، الذي غالباً ما يجيء عن طريق الحكام الذين من واجبهم إقامة العدل في الأرض. فإن هم اغتروا وتكبروا، سخروا جميع قدراتهم وقوتهم لأهل القوة والجور، فيحصل الظلم ومن أجل ذلك الفساد الذي لا يلبث أن تظهر بوادره على المجتمعات الإنسانية.
وفي عصرنا هذا، يصاب المجتمع الإنساني بفاجعة من آثار الكبر والفساد التي تمارسه الصهيونية اليهودية في فلسطين؛ فتقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتهدم الديار على رؤوس ساكنيها، ولا تنصاع الحكومة الإسرائيلية لنداء المؤسسات الحقوقية والإنسانية، معتمدة على ما تملكه من قوة، ومغترة بدعم الولايات المتحدة الأمريكية. ويجعل ترامب من نفسه أكبر داعم لمسيرة الاستكبار في عصرنا هذا، وقد أعلن خطته لوقف الحرب في غزة، بما يتضمن تدمير الأسلحة الهجومية لحركة حماس الفلسطينية، ويشمل حكماً انتقالياً لإدارة الخدمات العامة تحت إشراف هيئة دولية.
وهذه الخطة التي تتجاهل جذور الصراع، وهو الاحتلال والحرمان من الحقوق، وتتعارض مع أحكام القانون الدولي الإنساني الذي يجيز للشعوب المحتلة مقاومة المحتل بكل الوسائل المتاحة. ونزع السلاح يجرد الفلسطينيين من وسيلة الدفاع عن أنفسهم، بينما المستوطنون والجيش الإسرائيلي مسلحون. وذلك فيه انتهاك لما ورد في المادة [3] من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ فحياة الفلسطينيين وأمنهم يبقى معرضاً للخطر بشكل متواصل. فتلك عنصرية وظلم معلن؛ إذ ينتهك روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويشرعن لعدم التوازن في القوة بين المحتل وغير المحتل، ويسلب الشعب الفلسطيني الحق الطبيعي في الدفاع عن النفس، ويميز بين البشر على أساس هويتهم القومية، ويتجاهل جذور الصراع والحرمان من الحقوق.
وهذه منظمة العفو الدولية تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي نفسه هو انتهاك منهجي لحقوق الإنسان.
إن الدعم الأمريكي لإسرائيل غير مشروط، سواء كان عسكرياً أو سياسياً أو مادياً أو معنوياً، واستمرار ذلك يشكل حرباً مفتوحة على فلسطين. كما أن الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل من قبل ترامب، ودعمه لضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية، بمثابة إعلان حرب على الأمة الإسلامية ومقدساتها، ومحاربة صريحة للمنظمات الدولية التي تنتقد إسرائيل، مثل: الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية وغيرها.
وإذا رجعنا إلى الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى العدل، وإلى حماية النفس والوطن والعرض، نجد القرآن العظيم يرشدنا إلى إعداد القوة وحمل السلاح، إذ يعد ذلك أصلاً من أصول التشريع العظيم بوجوب الإعداد العسكري: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ).
فهذه الآية لا تأمر بالإعداد فحسب، بل تذكر النتائج والفوائد المترتبة عليه. فإعداد القوة العسكرية يترتب عليه الرهبة والخوف في قلوب الأعداء. فالقوة الرادعة تمنع الحرب أصلاً قبل أن تبدأ؛ هذا هو السلام من موقع القوة، وليس من موضع الضعف.
ولو كان الفلسطينيون يملكون سلاح ردع نووياً، أو الطائرات والدبابات والصواريخ والغواصات الحربية كما تملك إسرائيل، لما وجد الاحتلال من أصله. فكيف يطلب منهم تسليم السلاح الهجومي وتجريدهم منه، وإدارة دولتهم من قبل هيئة مختارة من قبل أعدائهم؟! (إِنَّ هَ?ذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ).
إن حماية المصالح ودرء الأخطار لا يتم إلا بالقوة التي أمر الله بالإعداد لها: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ… تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ)؛ يشمل كل من يعاديكم، لدينكم أو لمصالحكم الوطنية. فحماية الوطن ومقدساته وثرواته وأمن المواطنين تستدعي الإعداد. فالأمة التي لا تملك قوة عسكرية أو سلاحاً نووياً في هذا العصر تستضعف، وربما تُهاجم. فالقوة عماد الأمن الداخلي والخارجي، والشعب الذي يعلم أن دولته قادرة على حمايته يعيش في طمأنينة وأمان، مما يفضي إلى استقرار المجتمع، وازدهار الاقتصاد، ونماء العمران.
فعلى ساسة الأمة جميعاً أن يسعوا إلى تطوير الصناعات العسكرية؛ فذلك ما يقودهم إلى تقدم تقني في مجالات أخرى، مثل الطب والحاسوب وغير ذلك. وليتدبروا فيما أرشد إليه القرآن في وجوب التصنيع والإعداد، وليتذكروا أن الله علم نبيه داود ذلك: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ). فالتعليم الإلهي للصناعة العسكرية مما يرفع من شأنها؛ فهذا ليس مجرد إباحة، بل هو توجيه إلهي لضرورة امتلاك المعرفة الصناعية الدفاعية. فكلمة: (لِتُحْصِنَكُمْ) تعني: لتقيكم وتحميكم. فالوقاية والحماية تشمل حماية الأبدان والأوطان والعقيدة والمستضعفين من العدوان. وقوله تعالى: (مِنْ بَأْسِكُمْ) يعني الحرب والقتال والشدة. ويستفاد من هذه الآية وغيرها وجوب إعداد السلاح وتصنيعه.
أما التقييم لخطة ترامب لوقف الحرب في غزة من وجهة نظر فلسطينية وعربية ودولية مستقلة، فإنها قد تؤكد أن هذه الخطة التي يروج لها إعلامياً ليست خطة سلام، بل هي طريقة لتصفية القضية الفلسطينية؛ لأنها تنتهك القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، وتقتل أي أمل لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة. وإذا حاول ترامب تطبيقها، فإنها من وجهة نظر واقعية ستؤدي إلى تفجير الموقف في المنطقة، وإشعال الحروب وإطالة أمد الصراع بدلاً من إنهائه.
فهل تعي الأمة العربية والإسلامية -حكاما وشعوبا- حجم المخطط؟ ، فتعد العدة لنصرة الضعفاء والمظلومين في فلسطين؟ فقد أذن الله لهم بالقتال دفاعاً عن أنفسهم وأوطانهم ومعتقداتهم والمستضعفين منهم: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى? نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).
وهل يعي أحرار العالم ورجال الفكر والقرار في أمريكا وأوروبا أن القوة الغاشمة لا تصنع أصول العدالة، وإن أُلبست كذباً بلباس الإصلاح فإنها ستودي بمن يصر عليها إلى الهلاك؟!
فمعاملة الشعوب بالقسوة والجبروت يفضي إلى عدم النجاح، والتاريخ شاهد على ذلك. والقرآن يخاطب خاتم رسل الله بمن هكذا حاله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى? مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، وَإِذَا تَوَلَّى? سَعَى? فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ، وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ)، (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَ?كِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)، (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

روائع النغم بصوت ريم كمال فى معهد الموسيقى.. غدا

تقيم دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتور علاء عبد السلام، حفلا للمطربة ريم كمال وفرقتها روائع النغم، بقيادة المايسترو محمد سعودى.

وذلك فى الثامنة مساء غد الأحد ١٤ ديسمبر على مسرح معهد الموسيقى العربية.

يتضمن البرنامج كوكبة من الأعمال الغنائية التى قدمها عظماء زمن الفن الجميل منها مقطوعة ليلة من الليالى، ع الحلوة والمرة، أنا بعشقك، ميتا أشوفك، على عينى، كلثوميات وهابية وغيرها .

يأتى الحفل استمراراً لرسالة وزارة الثقافة ودار الأوبرا الهادفة إلى إعادة إحياء التراث وتقديم عروض تحتفى بأيقونات الغناء العربي.

اقرأ أيضا:

بدء تحصيل تذاكر ركوب لأتوبيسات النقل الداخلي بالعاصمة الإدارية يناير المقبل

الصحة: غلق 18 مركزًا لعلاج الإدمان في المقطم للعمل بدون ترخيص

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

ريم كمال دار الأوبرا معهد الموسيقى العربية أخبار ذات صلة جلاس أونيون يستعيد ذكريات البيتلز بالأوبرا أخبار السيسي يشهد فيلما تسجيليا بعنوان «سلام يا مصر» في احتفالية وطن السلام أخبار الرئيس السيسى يصل مقر احتفالية وطن السلام بدار الأوبرا فى العاصمة الإدارية أخبار

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

أحدث الموضوعات أخبار مصر دولة التلاوة.. لجنة التحكيم توجه رسالة للمتسابق محمد أحمد حسن "فخر للجميع" شئون عربية و دولية "يظهر فيها ترامب".. الديمقراطيون ينشرون صور جديدة لـ"جيفري ابستين" حوادث وقضايا ثوانٍ مرعبة.. شاب ينهي حياة والدته داخل كافيه شهير بمدينة نصر مصراوي ستوري 11 صورة لزوجة محمد عواد والجمهور يعلق أخبار مصر عمرو أديب: "لو فيه تسرب مياه للأمطار في المتحف الكبير قولوا" "النهر الخالد" في أوبرا الإسكندرية.. غدًا "كليوباترا" برؤية شوقي وشيكسبير في الليلة الـ17 من ليالي اللغة العربية أخبار مصر نشرة التوك شو| انخفاض نسب المشاركة في انتخابات النواب.. ومصر تحولت إلى منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر بحضور رئيس مجلس الشيوخ ووزراء وكبار القضاء.. 23 صورة من زفاف نجل مساعد منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر عمرو أديب: "لو فيه تسرب مياه للأمطار في المتحف الكبير قولوا" منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر عمرو أديب عن واقعة عروس المنوفية: الضرب في الزواج ليس "عادي".. مجتمعنا منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر

مقالات مشابهة

  • روائع النغم بصوت ريم كمال فى معهد الموسيقى.. غدا
  • هذا موعد انتشار القوة الدولية في غزة.. هل ستقاتل حماس؟
  • واشنطن تضغط على أوروبا للمشاركة في "القوة الدولية" في غزة
  • واشنطن تضغط على أوروبا للمشاركة في "القوة الدولية" في غزة
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • على صلة بحزب الله وايران.. اليكم آخر المعلومات عن ناقلة النفط التي احتجزتها أميركا في الكاريبي
  • قطيعة بين حزب الله وفرنسا؟
  • لا ضمانات اميركية للبنان
  • عدية يس.. ما حقيقتها وهل لها أصل في السنة؟ | اعرف حكم الشرع
  • حين تُختطف الحريّة من معناها.. قراءة فلسفة الانعتاق وتحريف المفهوم عن مواضعه