صحيفة البلاد:
2025-12-12@23:43:05 GMT

مكارم الأخلاق.. جوهر الإنسانية المتألقة!

تاريخ النشر: 8th, October 2025 GMT

مكارم الأخلاق.. جوهر الإنسانية المتألقة!

في عمق المجتمع؛ حيث تتشابك العلاقات وتتعانق القيم، تتلألأ مكارم الأخلاق كنجوم الهداية التي تنير دروب الحياة، وتدل الإنسان على سبل الكمال والسمو. فهي جوهر الإنسانية وميزان الرقي الذي تُقاس به عظمة الأفراد والأمم.
وقد أحسن الإمام الشافعي- رحمه الله- بوصفه لها حين قال:
“إنّ المكارمَ أخلاقٌ مطهّرةٌ
فالدّينُ أوّلُها والعقلُ ثانيها
والعلمُ ثالثُها والحِلمُ رابعُها
والجودُ خامسُها والفضلُ سادِيها
والبِرُّ سابعُها والصبرُ ثامِنُها
والشكرُ تاسِعُها واللينُ باقيها.


ولقد أدرك العرب منذ القدم أن مكارم الأخلاق هي تاج المروءة وعنوان النبل، فعدّوها عشراً من أسمى الصفات، التي ترفع قدر الإنسان وتمنحه المجد الحقيقي. وهي الصدق والوفاء والأمانة ومداراة الناس والمكافأة بالصنائع وإكرام الضيف وحسن الجوار وإغاثة الملهوف وإجارة المستجير والإقدام والذود عن المحارم.
فالصدق هو أصل الأخلاق ومفتاح الثقة وبه تُبنى جسور المودة بين الناس.
كما أن الوفاء بالعهد دليل أصالةٍ ونقاء في السريرة. تُقاس به الرجولة وتُعرف به النيات. أما الأمانة فهي تاج القيم، لا يحملها إلا من طهرت سريرته وصحا ضميره. والحقيقة أن مداراة الناس ومراعاة مشاعرهم سلوك راقٍ يجمع القلوب، ويظهر الحكمة ويعكس كمال العقل وحسن التقدير. ولا شك أن المكافأة بالصنائع ورد الجميل سموّ في النفس لا يعرفه إلا الكرماء النبلاء الذين يهتمون دائماً بتقديم العطاء. والمعروف لدى الجميع بأن إكرام الضيف وحسن الجوار وإغاثة الملهوف وإجارة المستجير، كلها صفات من شيم العرب الأوائل، وهي تجسّد الكرم والنجدة والنبل، وتغرس في النفوس معنى الإنسانية الصافية. أما الإقدام والذود عن المحارم، فهما عنوان الشجاعة وحصن الكرامة ودرع الدفاع عن الحق.
ومن جمع هذه الصفات كلها فقد تزيّن بوشاح الفضيلة، وبلغ ذروة المجد الإنساني.
وبهذا نعلم أن مكارم الأخلاق ليست مجرد منظومة ورقية من القيم والمبادئ، بل أسلوب حياة يترجم الإيمان إلى عمل والعلم إلى سلوك والنية الصادقة إلى أثرٍ طيب في الناس. فبها ترتقي الأمم وتُزهر المجتمعات.
ومن الجميل أن نجعل مكارم الأخلاق نبراساً لحياتنا، فهي الطريق إلى سعادة الدنيا ورفعة الآخرة.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: مکارم الأخلاق

إقرأ أيضاً:

الوجوه المتعددة للبذاءة (2)

د. ناهد محمد الحسن

لم تولد البذاءة ثورية، ولم تُخلق لتكون شعارًا سياسيًا أو صوتًا للجماهير. لكن عندما تشتدّ الأزمات، يعاد ترتيب وظائف الأشياء، وتجد الكلمات المنفية إلى حواف اللغة طريقها فجأة إلى مركز الساحة. ولكي نفهم البذاءة في سياق المقاومة، لا بد أن نستدعي أعمق نقد وُجه للّغة. وهو النقد الذي قدمه ماركس، وإنجلز، وتروتسكي لما يسمّى بالأخلاق البرجوازية. فالأدب الاجتماعي يخبرنا أن “التهذيب” لم يكن يومًا قيمة محايدة. كأن طبقة كاملة من القواعد صُمِّمت لتقول من يحق له الكلام، وكيف يجب أن يتكلم، وعلى أي نبرة، وضمن أي حدود. بهذه القواعد، تُحكم المجتمعات دون شرطة، ويُربّى الناس على احترام كلمات معينة وتجنّب أخرى،

لا بدافع الأخلاق… بل بدافع السلطة. “فالطبقة التي تملك الامتيازات تملك أيضًا حق تعريف “اللغة المهذّبة”، ومن يخرج عن لغتها، يخرج عن طاعتها. هنا تمامًا يظهر معنى استخدام البذاءة كسلاح مقاومة. إنها ليست رغبة في “التدنّي”، بل رغبة في نزع قدسية اللغة التي حصرت الحقيقة في يد الأقوياء. ولهذا قال تروتسكي  رأيًا جوهريًا:

إن البذاءة حين تخرج من أفواه المقهورين لا تشرح يأسهم، بل تشرح وعيهم بما فُرض عليهم.

يرى عالم الإجتماع إرفنغ غوفمان أن المجتمع يشبه مسرحًا كبيرًا. في واجهته الأمامية الناس مؤدّبون، منمقون، خاضعون للسياق. بينما يقبع في واجهته الخلفية الغضب، السخط، الخوف، التناقضات. السلطة تريد من الناس أن يظلّوا على الواجهة الأمامية دائمًا. أن يبتلعوا الظلم بهدوء. أن يتحدثوا بلغة مهذّبة حتى وهم يُعذبون. لكن الثورات لا تقوم على المسرح الأمامي.

الثورات تبدأ حين يقتحم الناس الواجهة بالكلمات التي كانت محصورة في الخلفية. وهنا يتضح دور البذاءة. فالبذاءة هي اللحظة التي يسقط فيها الستار. ويظهر الواقع كما هو دون تجميل. وتفسد اللعبة الاجتماعية. لهذا تخشاها السلطة…لأنها تكسر وجودها الرمزي قبل وجودها العسكري. تحوّل الزعيم إلى رجل، والشرطة إلى أفراد، والدولة إلى جهاز قابِل للنقد.

 

في السودان، لم يكن شعار “تسقط بس” بذاءة، لكنه كان كسرًا للنبرة الرسمية. أما البذاءات التي لحقت به في الشوارع فكانت…تمرّدًا على اللغة التي طالبت الناس بالانحناء قبل التفكير.

تُظهر التجارب النفسية أن الخوف يُفقد الإنسان قدرته على الكلام المنظّم. البذاءة تظهر عندما يبدأ الحاجز العصبي بين الخوف والصوت في التهشّم. في الأنظمة السلطوية، يُربّى الناس على الصمت. يُعلَّمون أن الكلام مخاطرة. وأن الغضب يحتاج إذنًا. وأن الاعتراض يجب أن يكون “محترمًا” لكي يُسمع. لكن الانفجار الأول للحرية ليس هتافًا مهذّبًا. إنه كلمة حادّة، بسيطة، محرّمة، تنجح في اختراق الصمت لأن الجهاز العصبي نفسه يدفع بها إلى الخارج.

وهذا يفسّر شيئًا مهمًا؛ ان الجماهير لا تختار البذاءة لأنها جريئة، بل لأنها الكلمة الوحيدة القادرة على حمل الانفعال عندما تضيق اللغة المهذّبة. البذاءة هنا ليست إساءةبل استعادة لسلطة الصوت.

حين تتراكم كل هذه الطبقات، اللغة، الطبقة، التمثيل الاجتماعي، علم النفس، يتحوّل معنى البذاءة. لتصبح دفاعًا عن الحق في الكلام. انحيازًا للحقيقة العارية على حساب التجميل. رفضًا للمقام اللغوي الذي تفرضه السلطة. نقطة التحوّل من الخوف إلى الجرأة.

تاريخيًا، استخدمت المجتمعات البذاءة حين ينهار العقد الاجتماعي، أو يتوحّش الاستبداد، أو تصبح اللغة الرسمية عقبة أمام قول الحقيقة. في تلك اللحظة، لا يعود للكلمة البذيئة معناها الأخلاقي، بل معناها السياسي: أن أستعيد حقي في اللغة لكي أستعيد حقي في العالم.

 

نواصل. عن البذاءة كأداة مقاومة

 

 

 

الوسومناهد محمد الحسن

مقالات مشابهة

  • حين يسيء الناس لدينهم قبل أن يسيء إليه خصومه
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • الأزهر يوضح مفهوم الوسطية في الإسلام ودورها في تحقيق التوازن
  • يعلن مستشفى الناس الدولي لأصحاب الرهونات بأن عليهم مراجعة المستشفى
  • الوجوه الثلاثة!!
  • اصنع لنفسك حلمًا جميلا
  • الداخلية تحتفي باليوم العالمي لحقوق الإنسان بشعار حقوق الإنسان جوهر حياتنا اليومية
  • الوجوه المتعددة للبذاءة (2)
  • برلماني: برنامج دولة التلاوة خطوة رائدة لتعزيز القيم الروحية والثقافية
  • لماذا تحتاج المؤسسات المالية إلى الأخلاق؟