الأحداث الأخيرة في حضرموت والمهرة.. ومصير الوحدة اليمنية
تاريخ النشر: 10th, December 2025 GMT
خلال الأسبوعين الماضيين ، شهدت محافظتا حضرموت والمهرة مشاهد ميدانية لم تكن مألوفة من قبل. فقد تمددت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، ومعها مليشيات “درع الوطن”، وسيطرتها على المحافظتين دون مقاومة تُذكر من مليشيات الإصلاح التي كانت تهيمن على تلك المناطق لسنوات.
هذا التحول السريع أثار كثيرًا من الأسئلة حول ما يجري خلف الكواليس، خصوصًا أن الأمر جاء منسّقًا وبصورة تدل على أنه لم يكن مفاجئًا لمن يقفون خلفه.
من يتابع تفاصيل الانتشار يدرك أن ما حدث لم يكن نتيجة فراغ أمني أو خلافات محلية فقط. الانتشار تم بسلاسة، وبخطوات متتابعة، ما يشير إلى وجود تفاهم سعودي وإماراتي مسبق يقضي بإعادة توزيع السيطرة في الجنوب والشرق.
لم تعد هذه المناطق ساحة تنافس بين الرياض وأبوظبي كما كان يبدو في السابق، بل تحولت إلى مساحة عمل مشتركة لهما، الهدف منها ترتيب الوضع بما يخدم مشروعًا سياسيًا أكبر.
تشكيل مليشيات “درع الوطن” نفسه يوضح كثيرًا من الصورة. هذه القوة ظهرت عام 2022م، وصُممت لتكون بديلة عن ألوية العمالقة. أغلب أفرادها ينتمون إلى التيار السلفي الذي تربّى ودرس في دماج، ما يجعلها قوة عقائدية جاهزة للقتال ضد القوات المسلحة اليمنية «أنصار الله»، ومن السهل توجيهها دون اعتراض.
القيادة الموالية للتحالف وصفتها بأنها “قوات احتياط”، لكن الواقع أثبت أنها قوة يتم إعدادها لتكون صاحب الكلمة في الجنوب، ولتحل محل مليشيات الإصلاح التي انتهى دورها ولم تعد مرغوبة لدى صانعي القرار الخارجيين.
في الوقت نفسه، شهدت منصات الإعلام الموالية للسعودية والإمارات موجة تحريض مناطقي وطائفي. الرسائل الإعلامية ركّزت على خلق شرخ اجتماعي بين أبناء المحافظات، وخاصة أبناء المحافظات الشمالية، وكأن الهدف هو تمهيد الأرض لواقع جديد يتم فيه فرض سلطة واحدة باعتبارها تمثّل الجنوب، وهي السلطة التي يُراد لها أن تكون جاهزة في أي مفاوضات قادمة كـممثّل مفروض بالأمر الواقع.
ويبدو واضحًا أن تشكيل هذا الكيان ليس من أجل خدمة حضرموت أو المهرة، ولا لاستعادة دولة ولا شرعية، بل لإيجاد صوت واحد يتم الدفع به لاحقًا للمطالبة بالانفصال أو “تقرير المصير”.
وهكذا تستطيع السعودية أن ترفع الحرج عن نفسها أمام المجتمع الدولي الذي وعدته مرارًا بالحفاظ على الوحدة اليمنية.
فالانفصال وفق هذه الترتيبات لن يظهر كقرار سعودي مباشر، بل سيبدو كخيار شعبي تقوده قوى محلية.
خلاصة القول، ما حدث في حضرموت والمهرة لم يكن حدثًا عابرًا ولا تحركًا عسكريًا غير محسوب. نحن أمام إعادة صياغة كاملة لمشهد الجنوب.
المجلس الانتقالي ومليشيات “درع الوطن” يجري تثبيتهما كأمر واقع، ليكونا الكيان الجاهز لتمثيل الجنوب سياسيًا، ولخوض أي معركة عسكرية مستقبلية ضد أنصار الله.
هذه التشكيلات العقائدية السلفية، المطيعة لقادتها بلا اعتراض، ليست سوى أداة ضمن مشروع أكبر:
تفكيك الوحدة اليمنية خطوة خطوة، وإعداد الجنوب ليظهر أمام العالم وكأنه يطالب بالانفصال من تلقاء نفسه، بينما الحقيقة أن الأمر لا يعدو كونه مخططًا خارجيًا مُحكمًا، تريد السعودية من خلاله التخلص من التزاماتها الدولية تجاه وحدة اليمن، وإعادة رسم خارطة النفوذ بما يتناسب مع مصالحها ومصالح أبوظبي وأسيادهم أمريكا وبريطانيا وإسرائيل.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
أشادت بجهود الرئيس العليمي.. الأحزاب اليمنية تعرب عن قلقها من التطورات المتسارعة في شبوة والمهرة وحضر موت
أصدرت أحزاب ومكونات سياسية يمنية بيانا حول التطورات المتسارعة في عدة محافظات يمنية، لفرض وقائع جديدة خارج إطار الشرعية ومؤسسات الدولة.
وجاء في البيان الذي وقعه أمس الثلاثاء، أحد عشر حزبا ومكونا سياسيا على رأسها المؤتمر الشعبي العام:
تتابع الأحزاب والمكوّنات السياسية الموقّعة على هذا البيان بقلق بالغ التطورات المتسارعة في محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، وما رافقها من محاولات المجلس الانتقالي الجنوبي لفرض وقائع جديدة خارج إطار الشرعية ومؤسسات الدولة. وإذ تثمّن هذه الأحزاب لقاء فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية، بحضور رئيس الوزراء، فإنها تؤكد التالي:
أولا: تعبّر الأحزاب والمكوّنات الموقّعة عن رفضها الكامل للإجراءات الأحادية التي أقدم عليها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، بما في ذلك تحريك قوات من خارج مناطقها، وإنشاء هياكل أمر واقع، والاعتداء على صلاحيات الحكومة الشرعية باعتبارها المرجعية التنفيذية الوحيدة. وتؤكد هذه الأحزاب والمكونات السياسية أن محاولة إخضاع المحافظات الثلاث بالقوة تمثل تهديدًا مباشرًا لوحدة القرار الأمني والعسكري، وقد تدفع نحو صراعات داخلية لا يستفيد منها سوى مليشيا الحوثي ومشروعها المدعوم من إيران.
ثانيا: إن ما حصل يعود إلى أسباب، سبق وأن حذّرت منها الأحزاب والمكوّنات الموقعة مرارًا، أهمها: حالة الانقسام في مجلس القيادة الرئاسي، وعدم تنفيذ اتفاق الرياض، وعدم الالتزام بإعلان نقل السلطة والمرجعيات الثلاث، إضافة إلى اختلال الشراكة السياسية وحصر القرار الوطني في مكوّنات محدودة تعاملت مع الوطن بعقلية الوصاية.
ثالثا: إن الانقسام الحادث الآن وبصورة حادة وعلنية والذي أدى إلى الأحداث الأخيرة سوف تترتب عليه أضرار مباشرة على الثقة بين مكوّنات الشرعية والمجتمع. ومن هذا المنطلق تدعو الأحزاب والمكونات السياسية الموقعة إلى احتواء الانقسام والعودة إلى الحوار لحل المسائل الخلافية، بما يحفظ المركز القانوني للدولة. كما تؤكد هذه الأحزاب على أهمية الاتفاق على إطار خاص للقضية الجنوبية يُطرح بصورة مشتركة في أي مفاوضات للحل الشامل، ووضع رؤية وطنية للخروج من الأزمة وللعمل المستقبلي.
رابعا: تثمن الأحزاب والمكونات السياسية الموقعة الجهود المبذولة من الأشقاء في المملكة العربية السعودية لاحتواء الانقسام وعودة القوات القادمة من خارج حضرموت والمهرة إلى مواقعها السابقة، وتحذر من أن أي اضطراب أمني أو سياسي في شبوة أو حضرموت أو المهرة سينعكس سلبًا على انتظام دفع الرواتب، وإمدادات وقود الكهرباء، وثقة المانحين بالإصلاحات الاقتصادية، وهو ما سيعمّق الأزمة الإنسانية ويفتح الباب أمام مزيد من عدم الاستقرار.
خامسا: تدعو الأحزاب والمكونات السياسية الموقّعة الشركاء الدوليين إلى اتخاذ موقف واضح يرفض الإجراءات الأحادية التي أقدم عليها المجلس الانتقالي، ويؤكد دعم الشرعية الدستورية ومؤسسات الدولة، ويمنع توفير أي غطاء سياسي أو دبلوماسي لتحركات تتجاوز إطار الدولة. كما تدعو إلى ممارسة ضغط فعّال لإعادة القوات الوافدة من خارج شبوة وحضرموت والمهرة إلى مناطقها وثكناتها، ووقف أي محاولات لمنازعة الحكومة سلطاتها أو خلق مسارات موازية للدولة.
سادسا: تقدّر الأحزاب والمكونات السياسية الموقّعة موقف القيادة الشرعية الرافض للانجرار إلى صراعات جانبية تستنزف الجهد الوطني، وتؤكد دعمها الكامل لكل الإجراءات التي تهدف إلى حماية السلم الأهلي وتعزيز حضور الدولة، وضمان توجيه البوصلة نحو المعركة الأساسية مع ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران.
سابعا: تؤكد الأحزاب والمكونات السياسية الموقّعة أن مستقبل اليمن مرهون بوجود الدولة لا بغيابها، وأن الدولة عندما تتماسك مؤسساتها وتتكامل مكوناتها تكون قادرة على ردع أي تهديد، فيما يؤدي سقوط منطق الدولة إلى تفكك السلطة وصعود المشاريع الصغيرة المسلحة، وتهديد الاستقرار في الشمال والجنوب على حد سواء. ومن هنا، تحمل هذه الأحزاب المجتمع الدولي مسؤولية تاريخية في منع البلاد من الانزلاق نحو الفوضى.
ثامنا: ترحّب القوى السياسية الموقعة بتأكيد سفراء الدول الراعية دعمهم الكامل لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة، وتجديد التزامهم بوحدة اليمن واستقراره، وحرصهم على وحدة الصف داخل مؤسسات الشرعية باعتبار ذلك الضمانة الأساسية لنجاح العملية السياسية واستعادة الدولة.
وفي الختام، تؤكد الأحزاب والمكوّنات السياسية الموقّعة أدناه موقفها الثابت في الاصطفاف خلف الشرعية، والتأكيد على عودة مجلس القيادة ومؤسسات الدولة وقياداتها للعمل من أرض الوطن، وحشد الطاقات لتحرير العاصمة صنعاء من المليشيات الحوثية الإيرانية، ودعم كل الجهود الهادفة إلى حماية السلم الوطني ووحدة التراب اليمني، ورفض أي إجراءات أو تشكيلات أو تحركات خارج إطار القانون.
حفظ الله اليمن وشعبه، وأعاد للدولة هيبتها وللمؤسسات دورها، وللوطن استقراره وسلامة أراضيه.
وقع البيان ممثلون عن كل من «المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح، وحزب الرشاد اليمني، وحزب العدالة والبناء، وحركة النهضة للتغيير السلمي، وحزب التضامن الوطني، التجمع الوحدوي اليمني، حزب السلم والتنمية، مجلس حضرموت الوطني، مجلس شبوة الوطني العام، الحزب الجمهوري».
اقرأ أيضاًتنتج 80% من نفط البلاد | حضرموت.. ماذا وراء الصراع في أكبر المحافظات اليمنية؟
كيف يقاتل العليمي لاستعادة ما تهدم ويمنع اليمن من الانهيار