الدار البيضاءـ تعمّ شوارع المغرب وساحاته فعاليات حاشدة منذ أمس الأول الجمعة، احتفالا بوقف إطلاق النار في غزة، بعد سنتين من العدوان والإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في القطاع، والتي لم يتوقف خلالها حراك المغاربة أسبوعا واحدا، تعبيرا عن رفضهم للإبادة والتطبيع، ودعما للمقاومة الفلسطينية.

وخرج الآلاف في قرابة 60 مدينة مغربية، بينها وجدة وتطوان وسطات ومراكش، حيث نظمت تظاهرات شعبية احتفالية شملت توزيع الحلوى وإطلاق الألعاب النارية، وترديد تكبيرات العيد، والتجول بالسيارات مع الأعلام والأهازيج الفلسطينية.

مسيرات حاشدة في المغرب احتفالا بوقف إطلاق النار في غزة (الجزيرة)احتفال مغربي

وفي الدار البيضاء غطت ألوان العلم الفلسطيني ساحة رئيسية في درب السلطان، بينما برزت لوحة كبيرة تظهر مقاتلي كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" بطائرة "العبور" وهم يجرون جنديا إسرائيليا، على أحد المباني المطلة على الساحة التي امتلأت بالحشود لحضور مهرجان خطابي احتفالا بما عدوه انتصارا للمقاومة.

وقال أبو بكر الونخاري، عضو السكرتارية الوطنية للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع للجزيرة نت إن المقاومة استطاعت الصمود، مشيرا إلى أنها "لم تنكسر، بل انتصرت وفرضت شروطها على الاحتلال".

وأوضح الونخاري أن إسرائيل لم تحقق أيا من أهدافها التي أعلنت عنها قبل سنتين، بما فيها تدمير البنية التحتية لحركة حماس، وتهجير الغزيين وتحرير الأسرى وذلك "رغم جبروت سلاحها وقوة نارها"، وأضاف "بل على العكس، خضعت لشروط المقاومة التي فرضت إرادتها، واضطرت إلى التحاور والتفاوض معها".

وتابع "لذلك نحن اليوم سعداء"، معبرا عن فخر الشعب المغربي وابتهاجه بما حققته المقاومة في غزة.

وهتف المشاركون خلال الفعالية بشعارات تدعم المقاومة الفلسطينية، وتبارك لأهالي غزة وقف إطلاق النار، من قبيل "غزة انتصرت رغم الإبادة"، و"حيوا غزة حيوا الكتائب".

إعلان

كما حمل المتظاهرون الأعلام الفلسطينية إلى جانب صور أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب القسام، وعدد من قادة حركة (حماس) الشهداء، مثل إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد الضيف.

وأمام منصة كبيرة كتب عليها "الشعب المغربي يشارك الشعب الفلسطيني فرحة انتصار المقاومة"، إلى جانب شعارات فصائل المقاومة الفلسطينية، جلست الحشود وهي تتابع فقرات المهرجان التي تنوعت بين خطابات سياسية ومشاركات فنية، قبل أن تختتم الفعالية بإطلاق الألعاب النارية.

توزيع التمر على المشاركين خلال الاحتفال بغزة (الجزيرة)صمودهم انتصار

أما طنجة، فشهدت مسيرة ليلية حاشدة انطلقت من ساحة الأمم تحت شعار "غزة تنتصر على الكيان والخذلان"، وعبر المشاركون عن احتفالهم بوقف إطلاق النار في غزة، ملوحين بأعلام فلسطين ومردّدين شعارات داعمة للشعب الفلسطيني.

ويرى محمد حامي الدين، المسؤول الإقليمي لحركة التوحيد والإصلاح بطنجة أنه لابد من الاحتفاء بوقف إطلاق النار "بمسيرة تخلد هذا الإنجاز"، مشيرا إلى أنه رغم الفاتورة الباهظة التي دفعتها غزة، "تؤكد المقاومة أن ما يأخذ بالقوة لا يستعاد إلا بالقوة"، واعتبر أن "هذا الانتصار مرحلة من مراحل طويلة في مسار التحرير".

وأكد حامي الدين للجزيرة نت أن هذه المسيرة إعلان انتصار واستمرار، وقال "لن نتوقف عن دعم إخواننا في غزة، وإذا ما توقفت الحرب غدا، فستبقى أمامنا معركة كبرى لإعادة الإعمار، ولمواءمة الجراح، ومساعدة أهل غزة على النهوض من جديد".

متظاهرات يحملن صور عدد من قيادات حركة حماس خلال مسيرة في الدار البيضاء (الجزيرة)فرض المقاييس

من جانبه، أشار محمد بنجلول منسق المبادرة المغربية للدعم والنصرة في طنجة إلى أن الانتصار "ليس معيارا يقاس بعيون من يدعم الكيان أو من يفرض مقاييسه"، بل معياره، هو أن المقاومة صمدت لمدة عامين في وجه آلة تدمير بدعم سياسي ولوجستي وعسكري غربي.

وأكد بنجلول على أن صمود المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة، رغم النزوح المتكرر والمعاناة الشديدة، هو بحد ذاته انتصار إرادة، في الوقت الذي انهزم فيه العدو أمام تكاليف إستراتيجية باهظة دفعتها صورته ومكانته العالمية التي اهتزت هزة عنيفة.

وتحت شعار "غزة انتصرت"، خرج المغاربة في أكثر من 110 مظاهرات في 58 مدينة -يوم الجمعة- احتفالا بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة.

سياسيون وحقوقيون مغاربة في مهرجان شعبي احتفالي بغزة (الجزيرة)دعم بلا توقف

وأفادت الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، في تصريح خصت به الجزيرة نت، أن عدد الفعاليات التي نظمتها الهيئة وحدها حتى الآن منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة بلغ أكثر من 10 آلاف و500 مظاهرة ومسيرة، طالبت بوقف العدوان على قطاع غزة.

وقال محمد الرياحي الإدريسي، الكاتب العام للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، إنه يحق للشعب المغربي أن يفتخر بما قدّمه طيلة معركة طوفان الأقصى "من هبّة تضامنية غير مسبوقة"، مشيرا إلى أنه لم يتوقف عن التظاهر في أكثر من 60 مدينة مغربية "خرج أهلها ليعبروا عن رفضهم لمسلسل القتل والتجويع والتهجير".

إعلان

وشدد الرياحي في حديث للجزيرة نت على أن القضية الفلسطينية "استطاعت أن توحد مختلف الأطياف والهيئات الداعمة لها، باعتبارها قضية جامعة وموحدة لكل القوى الحية في الوطن"، كما أن المغاربة أكدوا استعدادهم الدائم، بحسب المتحدث "للدفاع عنها، رغم ما يعيشونه من معاناة داخلية وتحديات اقتصادية واجتماعية".

فتيات يقرعن الطبول احتفالا بانتصار غزة (الجزيرة)يقظة وحذر

وفي ظل هذه الاحتفالات، يسود جو من الحذر، إذ يرى حامي الدين أنه لا بد من "الإقرار بأن هذا الإنجاز قد يتعرض لنكسات".

من جانبه، قال الونخاري "أعيننا مفتوحة على الاتفاق، وعلى ما بعد الاتفاق"، داعيا المغاربة وكل الأحرار إلى أن يكونوا يقظين لأن "الصهاينة لا عهد ولا وفاء لهم، ولا يلتزمون بالمواثيق".

كما نبه الونخاري إلى أن هذه المناسبة تشكل فرصة مغربية لوقف اتفاق التطبيع مع إسرائيل، وقال "المجازر والمآسي التي استمرت لعامين توجب على النظام السياسي قطع علاقاته معها فورا"، وأضاف "غزة دمرت، وشُرّد أهلها، وقتل أطفالها ونساؤها، ماذا ننتظر؟".

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس الماضي عن توصل حركة (حماس) وإسرائيل إلى اتفاق على المرحلة الأولى من خطته لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وذلك بعد 4 أيام من مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين بمدينة شرم الشيخ، بمشاركة مصر وقطر وتركيا.

ودعت الخارجية المغربية -في هذا الصدد- إلى التنفيذ الكامل للاتفاق "بما يسمح بحفظ الأرواح، وإطلاق سراح الرهائن والسجناء، ودخول المساعدات الإنسانية بشكل سريع وكاف، وبدء عملية إعادة الإعمار، وفتح آفاق حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات بوقف إطلاق النار إطلاق النار فی إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

أهلًا بكم في المسرحية الإعلامية الكبرى

في 5 ديسمبر/كانون الأول، تساءلت الكاتبة الفلسطينية داليا أبو رمضان، والتي لا تزال في غزة: كيف يمكن للعالم أن يصدق ادعاء إسرائيل بأن "وقف إطلاق النار" لا يزال قائما؟

لقد كان التلاعب بالعالم جزءا أساسيا من "اتفاق السلام" منذ البداية. بدأ ذلك في 13 أكتوبر/تشرين الأول، في قمة شرم الشيخ في مصر، في اليوم الذي وقع فيه دونالد ترامب على ما سمي بـ"وقف إطلاق النار" أمام زعماء من نحو ثلاثين دولة.

وأعلن ترامب مرارا: "انتهت الحرب في غزة"، مضيفا: "لقد استغرق الوصول إلى هذه النقطة ثلاثة آلاف عام، هل تصدقون؟" وأردف: "سيصمد هذا الاتفاق، سيصمد".

وقد أشاد به على الاتفاق كل من بايدن، وبيل وهيلاري كلينتون، وكامالا هاريس.

ووصفت صحيفة "ذا هيل" الحدث بأنه "جولة نصر لترامب"، الذي حط في إسرائيل ليستقبل بالتصفيق من أعضاء الكنيست. وهناك، ادعى ترامب بأن اللحظة كانت "فجرا تاريخيا لشرق أوسط جديد"، وسط الأضواء والاحتفالات التي صاحبت إطلاق سراح عدد من الأسرى الإسرائيليين المتبقين لدى حماس.

من الواضح أن قمة شرم الشيخ كانت مُغرقة في "الاستعراض"، كما وصفتها صحيفة "العرب ويكلي"، التي قالت إن الحدث بدا وكأنه احتفال دعائي بشخص وجد فجأة لنفسه صورة "صانع السلام"، أكثر مما هو اجتماع تفاوضي رفيع المستوى. وقال أحد الدبلوماسيين الذي طلب عدم ذكر اسمه: "كان يوما غريبا للغاية… مجرد عرض، وخطاب، وصف طويل من القادة، كان أمرا جنونيا".

رسمت القمة بنجاح خريطة الطريق الرسمية التي سارت عليها وسائل الإعلام المؤسسية. وكأن الأمر استغرق 3 آلاف عام للوصول إلى هذه النقطة، لا عامين وحشيين من الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل بحق غزة، وقتلت خلالها عددا لا يحصى من الفلسطينيين (بلغ عددهم، بحسب قائد سابق في الجيش الإسرائيلي، نحو 200 ألف بين قتيل وجريح).

إعلان

وسرعان ما التقطت وسائل الإعلام العالمية رواية "وقف إطلاق النار"، والتي افترضت تلقائيا أن إسرائيل قد أوقفت هجماتها على الفلسطينيين.

ومع أن ترامب أعلن ذلك، فإن الواقع كان شيئا آخر، إذ لم يصمد "الاتفاق"، وإن ظلت الرواية الخيالية قائمة. وقد تحقق ذلك من خلال إستراتيجيات خطابية إعلامية- بعضها مألوف، وبعضها جديد- ومن خلال أقدم أشكال الرقابة الإعلامية: التعتيم الكامل على أخبار الهجمات الإسرائيلية.

كما أشار موقع FAIR، ففي الأيام العشرة الأولى من "وقف إطلاق النار"، قتلت إسرائيل ما لا يقل عن 97 فلسطينيا، وأصابت 230 آخرين، وانتهكت الاتفاق 80 مرة، ما دفع الصحفية بيلين فرنانديز إلى التساؤل: "كان من المتوقع أن نرى عنوانا أو اثنين يقولان إن إسرائيل انتهكت وقف إطلاق النار، لكن مثل هذه العناوين لم تظهر أبدا في الإعلام الغربي المؤسسي".

تم التهوين من القتل الإسرائيلي المتواصل في غزة، مع التأكيد المستمر على أن الإبادة الجماعية قد "توقفت تقريبا". وهذا تطلب قدرا هائلا من التلاعب اللغوي، أدى إلى عناوين صادمة، كما في تقرير شبكة NBC: "وقف إطلاق النار في غزة لا يزال قائما رغم الضربات الإسرائيلية". ومصدرهم؟ دونالد ترامب.

ورغم أن كل طرف قد "انتهك الهدنة الهشة"، فإن إسرائيل- بعد أن شنت ضرباتها- بدأت في "تجديد تنفيذ وقف إطلاق النار"! عبارات لا معنى لها. وكما قالت فرنانديز: "لم تستطع وسائل الإعلام ببساطة أن تقول: إن لم تتوقف عن إطلاق النار، فهذا ليس وقف إطلاق نار".

رغم أن كل طرف قد "انتهك الهدنة الهشة"، فإن إسرائيل- بعد أن شنت ضرباتها- بدأت في "تجديد تنفيذ وقف إطلاق النار"! عبارات لا معنى لها. وكما قالت فرنانديز: "لم تستطع وسائل الإعلام ببساطة أن تقول: إن لم تتوقف عن إطلاق النار، فهذا ليس وقف إطلاق نار"

في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، فجرت منظمة العفو الدولية فقاعة الإعلام، عندما أصدرت تقريرا قالت فيه: "السلطات الإسرائيلية لا تزال ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة"، وأكدت أن إسرائيل "لا تزال تفرض عن عمد شروط حياة من شأنها أن تؤدي إلى الفناء الجسدي للسكان، دون أي إشارة لتغيير في نواياها".

منذ بدء "وقف إطلاق النار"، منعت إسرائيل إيصال الكميات المتفق عليها من الغذاء والدواء والاحتياجات الأساسية إلى القطاع. وكما أفاد الصحفي أوين جونز، فإن إسرائيل لا تزال تمنع دخول المساعدات إلى غزة، ولم تسمح سوى لـ"خُمس عدد الشاحنات" التي وعدت بها. ولا يزال معبر رفح مغلقا أمام إدخال المساعدات.

وقد أفاد موقع Drop Site News أن الغارات الإسرائيلية اليومية داخل غزة أسفرت عن مقتل أكثر من 350 فلسطينيا، من بينهم 136 طفلا. وبحلول 3 ديسمبر/كانون الأول، ارتفع العدد إلى 360 قتيلا و922 جريحا. وخلص تقرير العفو الدولية إلى أن: "على العالم ألا ينخدع. الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل لم تنتهِ".

ويكفي أن نستمع إلى الشهادات القادمة من غزة لنفهم ذلك.

تعود الكاتبة داليا أبو رمضان لتصف ليلة 19 نوفمبر/تشرين الثاني: "استيقظت مرعوبة، إذ كانت الانفجارات تهز الأرض تحت جسدي، وكنت على يقين لوهلة أن الحرب قد عادت، وأن وقف إطلاق النار قد انهار تماما". رغم أن الضربات كانت على بعد 5 كيلومترات، فإن قوتها جعلتها تبدو وكأنها تنفجر خلفها مباشرة.

تقول: "كأن الاحتلال أراد أن يذكرنا بأن وقف إطلاق النار الذي يتحدث عنه العالم، ليس سوى ستار رقيق يسدل فوق نار لا تتوقف عن الاشتعال".

إعلان

تلك الليلة، قتل 28 فلسطينيا، من بينهم 17 طفلا، وأصيب أكثر من 77 آخرين، في غارات على أحياء مكتظة. وادعت إسرائيل أنها كانت تستهدف "قادة المقاومة".

وبحث بسيط عبر الإنترنت أظهر أن الإعلام المؤسسي الأميركي لم يغطِ هذه الهجمات الدامية إطلاقا.

القليل من التقارير التي نُشرت، تمسكت بإطار كاذب يقضي بـ"تحميل الطرفين المسؤولية". مثال نادر جاء في تقرير إذاعة NPR بتاريخ 24 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث قالت: "إسرائيل وحماس تتهمان بعضهما البعض بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار".

واعترفت الإذاعة بأن إسرائيل "نفذت سلسلة من الغارات في أنحاء غزة"، أوقعت ما لا يقل عن 20 قتيلا. ومع ذلك، أكدت أن وقف إطلاق النار "الذي أعلنه الرئيس ترامب" كان "لا يزال قائما" بعد أكثر من ستة أسابيع.

ورغم أن حماس لم تقتل أحدا، أعادت NPR تكرار مزاعم إسرائيل بأن "مسلحين عبروا الخط الأصفر" الذي يحدد الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. لكن وفقا لـDrop Site News ومنظمات مستقلة مثل "يوروميد لرصد حقوق الإنسان"، فإن "الخط الأصفر" الإسرائيلي يتقدم باستمرار نحو داخل غزة، فيما يشبه الاستيلاء غير القانوني على الأراضي. وقد أطلقت إسرائيل النار وقتلت شقيقين صغيرين كانا يجمعان الحطب، بزعم أنهما عبرا هذا الخط المتحرك.

تختم داليا أبو رمضان بقولها: "أقنع الاحتلال العالم بأن حمام الدم في غزة قد توقف، بينما في الواقع، لا تزال العائلات تمحى من السجلات المدنية في صمت تام. العالم صامت، ربما فقط لأن شيئا ما يدعَى وقف إطلاق نار قد أعلن؟"

ثم تتساءل: "كيف يمكن للعالم أن يبتلع هذه الكذبة، بينما يتوسع الاحتلال أمام أعين الجميع؟"

قد تساعدنا تصريحات هيلاري كلينتون الأخيرة في نيويورك على فهم ذلك. فقد زعمت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة أن الشباب يدعمون فلسطين فقط بسبب تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة تيك توك، الذي "ينشَر فيه محتوى ملفق تماما عن غزة"، حسب قولها.

بالنسبة لكلينتون، إذن، وسائل التواصل الاجتماعي مجرد أكاذيب.

إن حجتها تعني أن من يثقون في تقارير منظمات حقوق الإنسان، والشهادات، والأدلة البصرية على الإبادة، ما هم إلا ضحايا غسل دماغ على يد "الشيطان الجديد" الذي يدعى الإعلام الاجتماعي.

ومع هذا التلاعب المتغطرس بأسلوب "كلينتوني"، ومع مسرحيات ترامب السياسية وتواطؤ الإعلام مع الإبادة الإسرائيلية، يجري نفي كل ما يمكن لأي إنسان أن يراه بعينيه أو يشعر به بقلبه. لهذا، يجب شيطنة المصادر المستقلة والتشكيك فيها وحظرها.

لكن كما قال الصحفي علي أبو نعمة في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، "رغم الإعلام والدعاية، فإن التغير في الوعي العالمي تجاه إسرائيل، خاصة لدى الشباب، يشير إلى أننا بلغنا نقطة اللاعودة". فالدعم العالمي لـ"الدولة الإبادية" يتراجع، ومع شعور النخب بأن سيطرتهم على السردية تضعف، يلجؤون إلى المزيد من القمع والرقابة لحماية الوضع القائم.

أما ترامب، المنتشي بدور "صانع السلام الأعظم"، فقد طبع اسمه في 3 ديسمبر/كانون الأول على مبنى "معهد السلام الأميركي" في واشنطن. وكان قد جرد هذه المؤسسة المستقلة، التي أنشأها الكونغرس عام 1984، من تمويلها الفدرالي في وقت سابق من هذا العام.

ونشرت وزارة الخارجية الأميركية على منصة "إكس" تغريدة قالت فيها: "مرحبا بكم في معهد دونالد جيه. ترامب للسلام"، معلنة أن تغيير الاسم يهدف إلى "عكس هوية أعظم صانع صفقات في تاريخنا". لكن، وكما هو حال إسرائيل، يعد ترامب اليوم أحد أكثر الرؤساء كراهية في تاريخ الولايات المتحدة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • أهلًا بكم في المسرحية الإعلامية الكبرى
  • أردوغان يدعو المجتمع الدولي لدعم وقف إطلاق النار بغزة وإشراك الفلسطينيين في جهود السلام
  • أردوغان: على المجتمع الدولي تقديم دعم قوي لترسيخ وقف النار بغزة
  • وزير خارجية تركيا: نتعاون مع مصر لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بغزة
  • عاجل | وزير الخارجية التركي للجزيرة: مستعدون لإرسال قوات بهدف التوصل إلى سلام في المنطقة إذا لزم الأمر
  • دعوة أردنية قطرية للالتزام بوقف النار في غزة
  • فرانشيسكا ألبانيزي: لا وقف فعليا لإطلاق النار بغزة
  • الثوابتة : جيش الاحتلال لم يلتزم بوقف إطلاق النار والبروتوكول الإنساني
  • الاحتلال ينسف مباني بغزة وآلياته تتقدم شرق خان يونس
  • الصحة: ارتفاع حصيلة الشهداء منذ وقف إطلاق النار بغزة لـ 379