لجريدة عمان:
2025-10-12@19:41:38 GMT

خمس حقائق عن الشرق الأوسط الجديد

تاريخ النشر: 12th, October 2025 GMT

ترجمة: بدر بن خميس الظفري 

غلبت على ديناميات المنطقة ملامح تُهيّئ لاتفاق حول غزة، لكن تحقيق الهدوء الدائم يظل مرهونًا بتبني حل الدولتين. يُوصَف دونالد ترامب عادة بأنه «زعيم صفقات»، وقد أثبت هذا الوصف دقته هذا الأسبوع حين قاد إلى نجاح ملموس؛ فالهدنة التي توصل إليها بين إسرائيل وحركة حماس كانت صفقة بكل معنى الكلمة، وصفقة معقدة أيضًا.

ورغم وجوب التحفّظ بأنها ليست سوى المرحلة الأولى التي قد تتعثر أو تنهار إذا أخلّ أحد الأطراف بالتزاماته؛ فإنها تُعد مسارًا واقعيًّا لإنهاء العنف المروّع في غزة، وفرصة تستحقّ المحاولة، وهي تكشف في الوقت نفسه خمس حقائق أساسية عن الشرق الأوسط اليوم.

أولًا: إسرائيل باتت في موقع قوة لا مثيل له.

المحلل الجمهوري دان سِنور -وهو كاتب معروف- أشار في برنامجي على قناة «سي إن إن» الأسبوع الماضي إلى أن الخطة التي انبثق عنها الاتفاق كانت في الأصل خطة إسرائيلية، أو على الأقل خطة أمريكية يمكن لإسرائيل التعايش معها؛ فإسرائيل هي القوة المسيطرة ميدانيًّا، وقد ازدادت قوة خلال العامين الماضيين بعد أن هزمت خصومها في الخارج واحدًا تلو الآخر. لن يحدث أي شيء دون موافقتها. ومن الناحية العملية؛ من يريد وقف نيرانها عليه أن يقدم خطة تستطيع القبول بها. إن صعود إسرائيل كان لافتًا إلى حدّ أن كلًا من قطر والسعودية بدأتا تتعاملان بحذر مع هذه القوة المتزايدة؛ فالدوحة طلبت ضمانات أمنية من واشنطن فيما وقّعت الرياض اتفاقية دفاع متبادل مع باكستان الدولة التي تمتلك السلاح النووي.

ثانيًا: يمكن انتزاع تنازلات من إسرائيل، لكن الأمر يتطلب رأسمال سياسيًّا، ومهارة عالية.

استخدم ترامب كليهما بذكاء لإقناع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بقبول الصفقة. يتمتع ترامب برصيد سياسي هائل لدى الإسرائيليين، وقد استخدمه للضغط على نتنياهو في اللحظة المناسبة بعد أن أثار الهجوم الإسرائيلي على عناصر من حماس في الدوحة ردود فعل غاضبة في المنطقة. كما استغل قبول حماس الجزئي للخطة، واعتبره قبولًا كاملًا في حين بدأت إسرائيل تتراجع، فدفع نحو إتمام الاتفاق حتى النهاية.

ثالثًا: المفاوضات عكست ملامح الشرق الأوسط الجديد.

يكفي أن نلقي نظرة على من جلس حول طاولة التفاوض: المصريين، والأتراك، والإسرائيليين، والقطريين، والأمريكيين إضافة إلى ممثلي حماس. كان دور مصر مهمًّا فقط في هذا السياق الخاص؛ بسبب حدودها مع غزة ومعبر رفح الذي يمثل الممر الحيوي لإدخال المساعدات. ومشاركتها تُعيد إلى الأذهان ملامح الشرق الأوسط القديم الذي كانت تتزعمه دول كبيرة ذات كثافة سكانية وثقافة عريقة.

أما الشرق الأوسط الجديد فهو اليوم تحت نفوذ إسرائيل ودول الخليج.

ويتجلى ذلك بوضوح في صعود قطر الدولة الصغيرة الغنية بالغاز، لكنها بفضل قيادتها الذكية استطاعت أن تكون طرفًا محوريًّا في أي وساطة؛ لأنها تبقي قنواتها مفتوحة مع جميع الأطراف لا سيما إيران وحماس. وفي حين كان الشرق الأوسط القديم تقوده دول كبرى رفعت شعارات القومية العربية، وشجعت الكفاح الفلسطيني المسلح؛ فإن دول الخليج تسعى اليوم إلى التحديث والتقدم التقني، وتضع السلام والاستقرار في مقدمة أولوياتها.

أما تركيا فسياساتها غير مستقرة؛ فهي دولة قوية متقلبة السياسات تميل أحيانًا إلى مغازلة التيارات الإسلامية.

رابعًا: تراجع التهديد الإيراني بدرجة ملحوظة.

منذ الثورة الإسلامية عام 1979 كانت الدول العربية تخشى إيران التوسعية ذات النزعة الأيديولوجية، لكن خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية غَرِقت إيران في أزمات اقتصادية وسياسية متكررة من حركة «الخُضر» إلى احتجاجات النساء الواسعة إلى الانقسامات داخل النخبة الحاكمة. وقد واجهت سلسلة من الضربات الإسرائيلية الموجعة التي طالت علماءها النوويين وقادتها العسكريين ومنشآتها الحساسة بلغت ذروتها في هجمات يونيو الأخيرة التي وُصفت بأنها كانت أقرب إلى غزو شامل منها إلى عملية محدودة.

خامسًا: رغم العنف والتطرف والكراهية لا توجد رؤية طويلة الأمد للمنطقة سوى العودة إلى حل الدولتين.

الدبلوماسي الأمريكي المخضرم مارتن إنديك المعروف بدعمه القوي لإسرائيل وبإيمانه في الوقت نفسه بضرورة قيام دولة فلسطينية كتب قبل وفاته العام الماضي مقالة في مجلة فورين أفيرز بعنوان «العودة الغريبة لحل الدولتين».

أوضح فيها أن التخلي عن هذا الهدف طوال العقود الماضية أثبت أنه لا بديل عنه؛ فكل الخيارات الأخرى من استمرار الاحتلال، أو الاكتفاء بدولة واحدة، أو الترحيل، لا يمكن تطبيقها واقعيًّا؛ لذلك سيعود الجميع إليه عاجلًا أم آجلًا، ولو على مضض.

غير أن تحقيق ذلك لن يتم إلا إذا تبناه ترامب نفسه، ووضع ثقله السياسي وراءه. خطته الحالية تذكره إشارة عابرة، لكنه في أثناء إعلان الهدنة عبّر عن أمله في تحقيق «سلام دائم».

ذلك الهدف يتطلب أكثر من صفقة يحتاج إلى رؤية بعيدة المدى. وثمرة هذه الرؤية -أي السلام الحقيقي الدائم- ستكون صدى خالدًا في التاريخ، وجائزة أعظم من كل الجوائز التي تمنحها لجنة نوبل في أكتوبر من كل عام.

فريد زكريا كاتب عمود في الشؤون الدولية بصحيفة واشنطن بوست، ومقدم برنامج (جي. بي. إس) على شبكة -سي إن إن- .

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

أول تصريح لـ ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين بعد التوصل لاتفاق غزة

أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الخميس أنه لن يجبر أحد على مغادرة غزة وفق خطة السلام التي نعمل على تنفيذها، في أول تصريح له بشأن التهجير بعد  الإعلان عن اتفاق غزة.

رئيس وزراء أستراليا يرحب بخطة السلام بين إسرائيل وحماس ويدعو إلى الالتزام بتنفيذهاالسودان: اتفاق سلام غزة خطوة نحو إيقاف نزيف الدم ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني

وأضاف الرئيس الأمريكي أنه سيتم تحديد القوات الدولية التي ستنشر في قطاع غزة، لافتا إلى أنه يعتزم التوجه إلى الشرق الأوسط يوم الأحد المقبل.

وأضاف الرئيس الأمريكي خلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، أنه يأمل أن يكون في الشرق الأوسط عندما يتم إطلاق سراح الرهائن. 

وقال ترامب إنه لم يحدث أن تمكن أحد من وقف 8 حروب في 8 أشهر كما فعلت أنا، لافتا إلى أن بعض من حصلوا على جائزة نوبل للسلام لم يحققوا إلا القليل مما حققته.

وأوضح أنه جرى إتمام كل شيء بشأن اتفاق وقف الحرب في غزة والجميع  يحتفلون بتحقيقه، مبينا أن الشرق الأوسط سيكون عظيما بعد سنة من الآن.

وفي وقت سابق من اليوم الخميس، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتهاء الحرب في قطاع غزة، مؤكدا أن مراسم توقيع الاتفاق ستُعقد في مصر خلال الأيام المقبلة.

وقال الرئيس الأمريكي في كلمة له مساء اليوم الخميس، إنه سيتوجه إلى مصر لحضور مراسم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأعرب الرئيس الأمريكي عن امتنانه لقيادة مصر وقطر وتركيا على جهودهم الكبيرة في التوصل إلى الاتفاق، مؤكدا أن هذا الاتفاق ينهي الحرب في غزة.

ترامب: أوقفت 8 حروب في 8 أشهر.. وبعض الأشخاص لا يستحقون نوبل للسلامأوتشا تؤكد استعدادها تزويد قطاع غزة بالإمدادات الإغاثية مع أنباء اتفاق وقف إطلاق النار

وأوضح الرئيس الأمريكي أن الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين سيتم الإثنين أو الثلاثاء المقبلين.. مضيفا أن كل دول المنطقة كانت متفقة بشأن السلام.

وأشار إلى أن"السلام الذي ساعدنا في التوصل إليه في الشرق الأوسط سيكون مستداما.. مبينا في الوقت ذاته أن غزة سيعاد إعمارها، ودولا كثيرة ستساهم في إعادة إعمارها.

وفي سياق متصل، قال ترامب إن إيران تريد العمل على إحلال السلام وسنعمل معها"، مضيفا أن "الهجوم على إيران كان مهما للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة.

طباعة شارك أول تصريح لترامب تهجير الفلسطينيين الرئيس الأمريكي خطة السلام التهجير اتفاق غزة الشرق الأوسط

مقالات مشابهة

  • الشرق الأوسط الجديد: طبخة على نار هادئة
  • تفاصيل مخطط تحالف “العيون الخمس” الجديد في الشرق الأوسط ودور 6 دول عربية في إبادة غزة ومواجهة اليمن
  • ترامب يوقف حرب غزّة.. خطة سلام أم فخّ لإعادة رسم الشرق الأوسط؟
  • الشرق الأوسط يتوحّد خلف اتفاق غزة.. فهل باتت إيران خارج المشهد؟
  • وول ستريت جورنال تتحدث عن بصمات كوشنر على خطة سلام غزة
  • زيلينسكي يهنئ ترامب على النجاح في الشرق الأوسط
  • انخفاض الأسهم الأوروبية بعد تهديدات ترامب للصين
  • طلائع قوات أميركية تصل إسرائيل لمراقبة جهود خطة ترمب في غزة
  • أول تصريح لـ ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين بعد التوصل لاتفاق غزة