إيران: السجن لأكثر من 30 عاما لزوجين فرنسيين مدانين بالتجسس لمصلحة إسرائيل
تاريخ النشر: 15th, October 2025 GMT
أصدرت محكمة إيرانية، الثلاثاء، أحكامًا بالسجن لفترات طويلة بحق زوجين فرنسيين، بعد إدانتهما بالتجسس لصالح إسرائيل وفرنسا، والمساس بالأمن القومي الإيراني، وفقًا لما أعلنه القضاء الإيراني.
وبحسب المصادر الرسمية، فقد حكم على أحد المتهمين بالسجن 31 عامًا، والآخر بـ32 عامًا، دون أن يتم الإفصاح عن اسميهما في بيان القضاء.
ووفقا للسلطات الإيرانية، فإن الزوجين شاركا في احتجاجات مناهضة للحكومة، والتقيا بمعلمين محليين خلال وجودهما في إيران. وقد بث التلفزيون الإيراني في أكتوبر 2022 ما قال إنها "اعترافات" للزوجين، أوضح فيها أنهما وصلا إلى البلاد بتكليف من جهاز الأمن الفرنسي، خلال موجة الاحتجاجات التي شهدتها إيران آنذاك، بهدف "تمويل الهجمات، وتأجيج المظاهرات، وتمهيد الأرضية لإسقاط النظام".
من جهتها، رفضت الحكومة الفرنسية هذه الاتهامات، ووصفتها بأنها "لا أساس لها وغير مبررة"، مشيرة إلى أن كولر ناشطة نقابية في اتحاد المعلمين، وكانت تزور إيران كسائحة.
ووفقا لتقارير إسرائيلية يحتجز الزوجان حاليًا في سجن إيفين في طهران، حيث يعتقل العديد من السجناء السياسيين. وقد أثارت فرنسا مؤخرًا مخاوف جدية على سلامتهما، خاصة بعد تعرض السجن لقصف خلال الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران في يونيو الماضي.
تأتي هذه الأحكام في وقت تتصاعد فيه التوترات الدبلوماسية بين باريس وطهران، وفي ظل تقارير عن محادثات جارية بشأن صفقة تبادل أسرى.
وكانت إيران قد أفرجت في وقت سابق من هذا الشهر عن المواطن الفرنسي لينارت مونتريلو، الذي اعتقل أثناء قيامه بجولة بالدراجة الهوائية داخل إيران في يونيو الماضي، وسط الحرب مع إسرائيل. وتم إسقاط تهم التجسس الموجهة إليه، ما أثار تكهنات بقرب التوصل إلى اتفاق بين الجانبين.
وذكرت طهران مؤخرا أنها تسعى للإفراج عن مواطنتها مهدية اسفندياري، وهي مترجمة تقيم في مدينة ليون الفرنسية منذ عام 2018، ألقي القبض عليها في فبراير الماضي بتهم تتعلق بالإرهاب والتحريض، على خلفية منشورات لها على تطبيق تيليغرام دعمت فيها هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.
وفي سبتمبر، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بلاده باتت قريبة من التوصل إلى اتفاق مع باريس لتبادل السجناء، يشمل إطلاق سراح كولر وباري مقابل الإفراج عن اسفندياري. وأشار إلى أن الصفقة في "مرحلتها النهائية"، رغم أن فرنسا رفضت مؤخرًا منح المترجمة الإفراج المؤقت بكفالة، وهو ما اعتبرته طهران "انتهاكًا لحقوقها القانونية".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: محكمة إيرانية إيران القضاء الإيراني الحكومة الفرنسية إيران وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
برواية النساء.. معرض في طهران يعيد قراءة الفن الإيراني من منظور أنثوي
في أروقة المتحف الوطني للفن المعاصر في طهران، تتردد أصوات نسائية لا تُسمع بالكلمات، بل بالأشكال والألوان. معرض جديد بعنوان "برواية النساء" يثير هذه الأيام ضجة لافتة في الأوساط الثقافية الإيرانية، إذ لا يقتصر على عرض الأعمال الفنية، بل يسعى إلى إعادة قراءة قرنٍ كامل من الإبداع من زاوية مختلفة.
منذ افتتاحه، تحوّل المعرض إلى حدث ثقافي بارز، أعاد إلى الواجهة أسماء فنانات شكّلن ملامح الفن الإيراني الحديث في ظروف اجتماعية وسياسية معقدة. ويقول منظموه إن الهدف هو استعادة الذاكرة الإبداعية للمرأة الإيرانية وتسليط الضوء على تطور رؤيتها الجمالية وموقفها من التحولات التي عاشها المجتمع عبر قرن من الزمن.
تقول المشرفة على تنظيم المعرض أفسانه كامران إن "برواية النساء" يوثق مسار الفنانات الإيرانيات اللواتي وضعن اللبنات الأولى للفن الحديث منذ عشرينيات القرن الماضي، مشيرة إلى أن كثيرات منهن كن من أوائل خريجات كلية الفنون الجميلة بجامعة طهران، وأن بعضهن درّسن لاحقا أو واصلن دراساتهن في أوروبا والولايات المتحدة.
وتوضح كامران في حديثها للجزيرة نت أن المعرض يضم 125 عملا فنيا لـ65 فنانة من أرشيف المتحف الوطني للفن المعاصر، بينها 60 عملا تُعرض للمرة الأولى. وقد وُزعت القاعات الـ8 وفق محاور موضوعية مثل "الرواد"، و"البورتريه"، و"الحياة اليومية"، و"المنظر الطبيعي"، و"الحداثة"، و"الفن التجريدي"، مما يتيح تتبّع التحولات الأسلوبية والفكرية عبر العقود.
وتشير المشرفة على التنظيم إلى أن المعرض يتبنى منهجا بحثيا يتيح للزائر قراءة تطور اهتمامات الفنانات، خصوصا في الستينيات والسبعينيات، حين انخرطن بوعي في التيارات الحداثية العالمية كالتعبيرية والتجريد، متجاوزات الصورة النمطية عن "الفن النسائي" العاطفي أو الرومانسي. وتذكر أسماء بارزة مثل بهجت صدر، ومنير فرمانفرمائيان، وسونيا بالاستانيان اللواتي جسّدن هذا التحول بجرأة ووعي.
إعلانوتضيف أن المعرض يُعد الأول من نوعه الذي لم تُستبعد منه أي أعمال لأسباب سياسية أو ثقافية، في محاولة لتقديم رؤية شاملة ومحايدة لتاريخ الفن النسائي الإيراني. كما يضم مواد أرشيفية مرافقة – كدفاتر الفنانات وكتيباتهن – لإثراء الجانب البحثي.
ومن جانبها، تقول نائبة وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي للشؤون الفنية نادرة رضائي، إن مجال الفن في إيران ما يزال "محاطا بالأحكام المسبقة"، رغم أنه من أكثر المجالات حاجةً إلى التفاهم والتلاحم. وتشير في حديثها للجزيرة نت إلى أن الفنانات يواجهن تحديات مضاعفة، ليس بالضرورة بسبب القوانين، بل نتيجة النظرة الاجتماعية، موضحةً أن بعض المؤسسات لا تزال تتجنب إشراك النساء لتفادي الضغوط.
وترى رضائي أن هذه القيود لم تمنع النساء من إثبات حضورهن، إذ "كلما أُغلقت الأبواب الرسمية، فتحت الفنانات نوافذ جديدة للتعبير عن أنفسهن". وتوضح أن انتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي جعل من كل فنانة "وسيلة إعلام مستقلة بحد ذاتها"، قادرة على كسر العزلة وإيصال صوتها إلى الآخرين.
وبحسب رضائي، فإن معرض "برواية النساء" يربط بين أجيال الفنانات الإيرانيات، من الرائدات الأوائل إلى الفنانات المعاصرات، ليُظهر كيف عبّر كل جيل عن واقعه الاجتماعي والسياسي من خلال الفن. وتؤكد أن الوقت قد حان لمنح النساء فرصا متكافئة في إدارة المؤسسات الثقافية، إذ إن عدد النساء المتخصصات والبارعات في الإدارة كبير، فمثلا في مجال الخزف والسيراميك تبلغ نسبة النساء نحو 70 إلى 75% من العاملين في هذا الفن في إيران، لكن حضورهن في صنع القرار والإدارة الثقافية والفنية لا يزال محدودا للغاية.
وتشير رضائي إلى أن ضعف التمويل الثقافي يمثل أحد أكبر التحديات، غير أن الحل -كما تقول- يكمن في الابتكار، وتوسيع التعاون مع القطاع الخاص، وتمكين القيادات النسائية التي تمتلك حسّا فنيا وإداريا قادرا على تحويل الأزمات إلى فرص.
من أبرز الأعمال المعروضة تمثال حجري للفنانة فرزانه أسعدي، إحدى رائدات النحت في إيران. يجمع التمثال بين الصمت المادي والنطق الرمزي، ويعبّر عن علاقة الفنانة بالحجر ككائن حي. تقول أسعدي للجزيرة نت إنها شعرت وهي ترى عملها في المعرض بعد 25 عاما بـ"فرحة الأم التي تحتضن أحد أبنائها الغائبين".
تضيف أسعدي، التي نحتت مئات الأعمال داخل إيران وخارجها، أن الفن بالنسبة إليها "ليس ترفا بل وسيلة للبقاء والتعبير". وتقول: "أنا أعمل في النحت منذ نحو 40 عاما. كأم لـ3 أبناء وامرأة وحيدة، لم يكن الطريق سهلا. لكن الفن هو الذي منحني توازني. حجري صامت، لكنه يتكلم عني".
إعلانوترى أن المعرض يمثل "اعترافا متأخرا بجهد نساء قضين أعمارهن بين الغبار والحجر"، مؤكدة أن "المرأة الإيرانية قد تكون صامتة أحيانا، لكن أعمالها تتحدث بصوت أعلى من أي خطاب".
لا يقتصر المعرض على الجانب الفني، بل يُقدَّم أيضا كمشروع بصري بحثي يوثق تطور الخطاب الجمالي لدى الفنانات الإيرانيات. فمن خلال مقارنة الأعمال القديمة بالحديثة، يمكن ملاحظة الانتقال من الرمزية والقيود الشكلية إلى التجريب والانفتاح على المواد الحديثة.
ويرى نقاد أن المعرض يمثل استعادة رمزية لصوت المرأة في الفضاء الثقافي الإيراني، في وقت تتجدد فيه النقاشات حول دورها في المجتمع. فكل لوحة وتمثال يشهد على مسار طويل من المقاومة الهادئة، التي لم ترفع شعارات، لكنها تركت أثرا عميقا في الذاكرة البصرية للبلاد.
ويواكب المعرض برنامج من ورش العمل والجلسات الحوارية للفنانات الشابات، تناقش مفهوم "الفن النسائي" وحدود تصنيفه، في حين تُعرض في إحدى القاعات تسجيلات مرئية لفنانات رائدات يتحدثن عن تجاربهن مع الفن في عقودٍ سابقة.