تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم قيام العامل أو الموظف بإثبات حضور زميله من دون أن يأتي للعمل؟

وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: قيام الموظف بإثبات حضور زميله في العمل من غير أن يأتي أمرٌ محرَّمٌ شرعًا، ومجرَّمٌ قانونًا؛ لما فيه من الكذب والإخبار على خلاف الحقيقة؛ بتوقيعه لزميله الغائب عن العمل، وكذلك لما يشتمل عليه فعله هذا من التزوير والغش؛ وكذلك خيانة صاحب العمل بإثبات شيء على خلاف الواقع، وفيه تعاونٌ على المعصية؛ وكذلك الموظف الموقَّع له بالحضور دون أن يأتي للعمل آثمٌ أيضًا، بل يتأكَّد الحكم في حقِّه؛ لخيانته الأمانة بالتقصير في وظيفته التي تعاقد عليها وائتُمِن على أداء مهامها؛ فإنَّ الموظف يتقاضى راتبًا مقابل عمله وعدم القيام بهذا العمل يجعل الراتب الذي يحصل عليه مقابل الساعات أو الأيام التي ثبت له فيها الحضور دون أن يأتي للعمل لا يحلّ له، بل يعدُّ من باب السُّحت، الذي ورد النهي عنه شرعًا.

هل يجوز شراء شقة لـ «الاستثمار» عبر التمويل العقاري؟.. الإفتاء تجيبهل تجوز الشراكة في بناء قاعة أفراح؟.. أمين الإفتاء: يجوز بضوابط شرعيةهل يشترط في المؤذن للصلاة الطهارة؟.. دار الإفتاء تجيبأشعر بفتور وتكاسل عن الصلاة أحيانا فماذ أفعل؟.. الإفتاء تضع روشتة شرعية

التحذير من التوقيع بالحضور للزميل الغائب عن العمل وخطورة ذلك

وأشارت إلى أن قيام الموظف بإثبات حضور أو انصراف زميله في العمل دون أن يأتي إلى مقر هذا العمل يتنافى مع قواعد الشريعة الغراء التي تأمر بالأمانة والصدق وإتقان العمل وحسن الخلق، وتنهى عن الخيانة والكذب والغش والتدليس؛ فيقع على الموظف الـمُثْبِت حضور زميله إلى العمل على خلاف الحقيقة الإثم من عدة أوجه:

الأول: أنَّه فعل ما فيه الكذب والإخبار على خلاف الحقيقة؛ بتوقيعه لزميله الغائب عن العمل، وقد قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119]، والأمر بالكون مع أهل الصدق يقضي بأن يلازم الإنسان الصدق في جميع الأقوال والأعمال؛ وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ كَذَّابًا» متفق عليه، وعن الحسن بن علي عليهما السلام قال: حفظتُ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ، إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ» رواه أحمد في "مسنده"، والترمذي في "جامعه".

الثاني: أنَّ فعله هذا يشتمل على التزوير والغش؛ وقد قال تعالى: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ [الحج: 30]، وروى الإمام مسلم في "صحيحه" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي».

الثالث: أنَّه يشتمل على الخيانة؛ وذلك لأنَّه خان ثقة صاحب العمل بإثبات شيء على خلاف الواقع؛ وقد قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ [النساء: 107]، وقال جلَّ شأنه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27].

قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (4/ 168، ط. المطبعة العلمية): [قال أبو عبيد: لا نراه خص به الخيانة في أمانات الناس دون ما فرض الله على عباده وائتمَنَهُم عليه؛ فإنه قد سمى ذلك كله أمانة؛ فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27]، فمَن ضيَّع شيئًا ممَّا أمر الله أو ارتكب شيئًا ممَّا نهاه الله عنه فليس بعدل؛ لأنَّه قد لزمه اسم الخيانة] اهـ.

الرابع: أنَّ فِعلَ هذا الموظف فيه من التعاون على المعصية؛ والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2].

قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/ 10، ط. دار الكتب العلمية) عند تفسير هذه الآية: [يأمر تعالى عبادَه المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو: البر، وترك المنكرات، وهو: التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل، والتعاون على المآثم والمحارم] اهـ.

اشتراك الموظف الموقع له بالحضور دون أن يأتي للعمل في الاثم مع القائم بالتوقيع

الموظف الموقَّع له سواء بالحضور دون أن يأتي للعمل أو بالانصراف قبل مواعيد العمل الرسمية آثمٌ أيضًا مشترك مع زميله الموقِّع في الإثم، بل يتأكَّد الحكم في حقِّه؛ لأنَّه مكلَّف بعمل محدد بمواقيت زمنية معلومة -حضورًا وانصرافًا-؛ وإثباته الحضور أو الانصراف على خلاف الحقيقة كذبًا وزورًا؛ هو من خيانة الأمانة بالتقصير في وظيفته التي تعاقد عليها وائتمن على أداء مهامها؛ وذلك لأنَّ العلاقة بين الموظف وبين صاحب العمل تُكَيَّف من الناحية الفقهية على أنَّها علاقة إجارة؛ لأنَّ الإجارة عقدٌ على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبَذْل والإباحة بعِوَضٍ مَعلوم.

قال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" (ص: 159، ط. دار الفكر): [وهي -أي: الإجارة- قسمان: واردة على عين؛ كإجارة العقار، ودابة، أو شخص معينين، وعلى الذمة؛ كاستئجار دابة موصوفة، وبأن يلزم ذمته خياطة أو بناء] اهـ.

طباعة شارك الإفتاء العمل القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل التوقيع إثبات الحضور فى العمل

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإفتاء العمل التوقيع على خلاف الحقیقة ی ه د ی إ ل ى ال قال تعالى ت خ ون وا الله ع ت حضور

إقرأ أيضاً:

هل يجوز شراء شقة لـ «الاستثمار» عبر التمويل العقاري؟.. الإفتاء تجيب

تلقى الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، سؤالًا من أحد المشاهدين حول جواز شراء شقة بنظام التمويل العقاري بغرض الاستثمار وتأجيرها للغير، حيث قال السائل إنه يمتلك مبلغًا ماليًا لا يكفي لبدء مشروع، ويرغب في شراء شقة بنظام التمويل العقاري، على أن يُسكن بها شخص آخر مقابل الإيجار، فهل هذا التصرف جائز شرعًا؟

وأوضح الدكتور شلبي، خلال لقاء تلفزيوني اليوم الأربعاء، أن شراء العقارات عن طريق التمويل العقاري جائز شرعًا، سواء أكان الشخص يمتلك ثمن العقار كاملًا أو جزءًا منه، طالما أن العقد لا يحتوي على أي شبهة ربا، ويكون البيع قائمًا على سلعة حقيقية محددة، بشروط واضحة ومتفق عليها بين الطرفين.

هل تجوز الشراكة في بناء قاعة أفراح؟.. أمين الإفتاء: يجوز بضوابط شرعيةخالد الجندي: جنات عدن تمثل النعيم الأبدي للمؤمنينالجندي يفسر سر اختيار الذهب لوصف نعيم الجنة ويدلل على رمزية اللون الأخضرهل أرباح الألعاب الإلكترونية حرام أم حلال؟.. أمين الفتوى يجيب

وأكد أمين الفتوى أن الاحتفاظ بالمبلغ المتاح واستخدامه كدفعة مقدمة لشراء شقة بالتقسيط أو عبر التمويل العقاري أمر جائز شرعًا، وليس فيه أي حرج، فهذا النوع من المعاملات يعد من الوسائل المشروعة لتمكين الشخص من التملك والاستثمار، ولا يمنع شرعًا من تحقيق منفعة مادية حلال إذا كانت النية سليمة والغاية مشروعة، سواء كان الاستثمار بغرض تأجير الشقة للغير أو السكن الشخصي.

وأضاف الدكتور شلبي أن الشرع الحنيف يحرم فقط الاقتراض أو التعامل المالي إذا كان لغرض غير مشروع أو من أجل الترفيه والاستهلاك الشخصي البحت، الذي قد يؤدي إلى زيادة الديون بلا سبب مبرر، مؤكدًا أن التمويل العقاري بنية الاستثمار أو السكن لا يندرج تحت دائرة الحرام، طالما كان البيع والتقسيط قائمًا على بيع حقيقي، والسلعة معرفة، والشروط واضحة، فلا يدخل في دائرة الربا المحرّم.

وأشار أمين الفتوى إلى أن البيع بالتقسيط أو التمويل العقاري مشروع ومباح، ويجوز شرعًا الاستفادة منه، مؤكداً أن التعامل مع البنوك أو المؤسسات المالية بنظام التمويل العقاري لا يشكل مخالفة شرعية إذا كان البيع حقيقيًا والمبالغ محسوبة وفق العقد، بعكس التعاملات الربوية التي تعتمد على زيادة مبلغ على المال الأساسي دون عوض شرعي، والتي نهى عنها الدين الإسلامي.

كما شدد الدكتور شلبي على أهمية أن يكون التعامل المالي في أي شراكة أو مشروع استثماري متوافقًا مع أحكام الشرع، بحيث لا يكون وسيلة للحرام أو للتعاون على الإثم، مستشهداً بقوله تعالى: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ»، مؤكداً أن المسلم مأمور بأن يكون شريكًا في الخير، وأن يتحرى الحلال في جميع معاملاته المالية، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، لضمان الأجر والبركة في ماله وأعماله.

وأوضح الدكتور شلبي أن الاستثمار العقاري من الأمور المباحة التي يمكن للمسلم الاستفادة منها لتحقيق عوائد مالية مشروعة، بشرط التأكد من خلو العقود والمعاملات من أي شبهة ربوية أو محرمات، بحيث يبقى الاستثمار في إطار الحلال، ويحقق الهدف الشرعي من التملك والإيجار دون مخالفة لأحكام الدين، مؤكداً أن التمويل العقاري أداة لتسهيل التملك والاستثمار، وليس هدفًا بحد ذاته، والغاية منه هي تحقيق منفعة مادية حلال.

طباعة شارك التمويل العقاري الاستثمار شراء شقة الإيجار الإسلام البيع بالتقسيط الربا أمين الفتوى

مقالات مشابهة

  • ما حكم الكلام أثناء الوضوء؟ الإفتاء تجيب
  • هل لمس عورة الطفل ينقض الوضوء؟.. الإفتاء تجيب
  • عقوق الأب والأم من كبائر الذنوب.. الإفتاء: اتقوه بـ5 حقوق للوالدين
  • هل يجوز تأخير الإنجاب بسبب عدم القدرة على القيام بمسؤولية رعاية الأولاد؟
  • دار الإفتاء توضِّح الحكم الشرعي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مراقبة الموظفين
  • هل يجوز شراء شقة لـ «الاستثمار» عبر التمويل العقاري؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يشترط في المؤذن للصلاة الطهارة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • هل الكلام على الآخرين ينقض الوضوء؟.. الإفتاء ترد
  • حكم أداء صلاة الجنازة على الميت الغائب.. الإفتاء تجيب