بوابة الوفد:
2025-10-18@18:21:08 GMT

عذرًا سيدتي الزوجة

تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT

لقد كان سعيدًا قبل زواجه، ولكنّ بعد الزواج أصبح حزينًا، بل شقيًا محرومًا، فليتَهُ لم يتزوجْ، وما كان له أنْ يتورط … إذْ تبدلت الأحوال، وساءت من حال إلى حال. 
تلكم عباراتٌ يرددها كثير من الشباب، وتلوكها ألسنة أشباه الرجال، بل ويتهمون الزوجة باتهامات مزعومة، ويدعون أنها شيطان رجيم، وما هي بشيطان، وإنما هو ذلك الشيطان الذي نشأ وترعرع في بيئة سيئة.


تلكم عبارات اعتدنا مؤخرًا أنْ نسمعها، وتطوّر الأمر حتى صرنا نشاهدها عبر فيديوهات من هنا وهناك، تارة تسخر من الزوجة، وتارة أخرى تصورها أنها مصدر النكد، وقد تحولت العلاقة بين الزوجين لسخرية واستهزاء، وأضحت مجالا للتندر والاستهبال، ويصدر ذلك  أحيانًا -للأسف- من زوجين بهدف زيادة المشاهدات، وما هي إلا جمع سيئات، فبئس الزوجين هما، وبئس ما يفعلون..
وقد أمضّني كثيرا رؤية بعض الأسر التي لديها شاب سيئ الخلق، مقبل على الزواج، وتبحث هذه الأسر جاهدةً عن زوجة لابنها السيئ، على أن تكون ذات خلق ودين؛ كي يتزوجها، فربما تصلح من حاله، وتعلي من شأنه، لعل الهداية تكون على يديها، وما أرادوا لها إلا أنْ تتورط، فلا حبذا الابن ولا حبذا أسرته!
ويا له من ظلم بيّن، وغش وخداع، بل كذب وتضليل، قد ارتكبه هؤلاء في حق تلك الزوجة، التي ابتليت بحياة بائسة مع ذلك الشقي المأفون، فما ذنبها كي يكون مصيرها مرتبطًا بذلك الشقي؟؟ 
إنّ مثل هذه الزوجة ربما تكون زوجتك، وقد تزعم أنْ ما لا يعجبُك فيها أكثر مما يعجبك، وأنّ ما تكرهه فيها أكثر مما تحبه، وربما تشتكي عدم طاعتها أو انقيادها لك بسهولة، وربما تشتكي إهمالها لك بعد فترة من الزواج، وخصوصا بعد إنجاب أطفال، وربما تشكو كثرة أنينها ودموعها حين تناقشها وتحْتدُّ في جدالها، والأمر قد يطول لدى بعضنا؛ فيعيش حياة بائسة بلا روح ولا شعور، بل يتطور الأمر أحيانًا ويزداد تعقيدًا، وربما يكون الطلاق نهاية حياة آمنة، كانت الزوجة فيها السكن وكانت المودة.
ولذلك علينا أنْ نتعرف إلى طبيعة المرأة كما خلقها الله وهيأها؛ لأننا لو عرفنا ذلك، لما طلبنا منها ما نطلبه من الرجل، بل لرحمناها وأشفقنا عليها أكثر، فهي الأم الحنونة الصابرة، والزوجة المجاهدة معك ومع أولادها، في رعايتهم وتربيتهم، وهي الأخت التي لا تدخرُ جهدا في مساندة أخيها، وهي البنت التي تفيض حنانًا ورقةً على والديها.
على أنّ هناك أمورًا لا يمكن للمرأة أنْ تكون فيها مثل الرجل، وكذلك الرجل لا يمكن أنْ يؤدي دور المرأة في أحيان كثيرة، ليس لعيب في أحدهما، بل هي فطرة الله التي اقتضت أنْ يميز كليهما عن الآخر؛ حتى تستمر الحياة بشكل طبيعي.
على أنني آثرت إلا أنْ أستشهد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن المرأة، هذا الحديث الذي يستخدمه البعض ضد المرأة في سياقات خاصة لمصلحتهم الخاصة، إذ قال – صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع أعوج، وإنّ أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإنْ ذهبتَ تقيمُه كسرته، وإنْ تركته لم يزلْ أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا ".
فالرسول – صلى الله عليه وسلم يخبرنا أنّ المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإنّ هذا العوج من طبيعة المرأة وفطرتها، فإذا أراد الرجل أنْ يقيمه أخفق ولم ينجح مهما فعل، بل ينكسر الضلع. فهكذا أراد الله – سبحانه وتعالى.
وقد يقول قائل هذا دليل مؤكد على نقص في المرأة، ويتخذ ذلك ذريعة على السخرية منها أو الاستهزاء بها، ونسي تمامًا وصية الرسول – صلى الله عليه وسلم: “استوصوا بالنساء خيرا " فهي وصية واجبة على الجميع، فما أكرمهنَ إلا كريم، وما أهانهنَ إلا لئيم.
لقد أراد الله -سبحانه وتعالى اكتمال الحياة بين الرجل والمرأة، ففي المرأة نقص في جانب، ووفرة في جوانب عدة، وكذلك الرجل لديه نقص ولديه وفرة، فما ينقص في المرأة يتوفر في الرجل، والعكس صحيح؛ حتى يتقابلا ويكملا بعضهما، وهكذا..
إنّ كلمة العوج التي أشار إليها رسولنا العظيم في حديثه، تذكرنا بصورة الأم التي ترضع طفلها، فهل ترضعه وهي منتصبة القامة، هل تلبسه ثيابه وهي منتصبة القامة، وكيف تضمه إلى صدرها لترويه طعامًا وحنانًا، وهي منتصبة القامة؟
هذه صور عديدة نستحضرها في أذهاننا، وننحني أمامها؛ لندرك أنّ المرأة إذا خلت من العوج، فإنّ هذه الصور كلها قد تختفي، فهل تخيلنا ما يحدث، وهل تستطيع أيها الرجل أنْ تقوم بما تقوم به الزوجة؟
ولعلنا نلاحظ أنّ جميع الأعمال التي تتطلب من الأم رعاية ابنها، تقوم بها وهي منحنية القامة، وهذا ربما يفسر سر خلقها من ضلع أعوج، والله أعلم.

وإذا بحثنا في معاجمنا العربية وجدنا أنّ كلمة العاطفة ترتبط بالعوج، فأصلها "عَطَف" ومنها اشتق المنعطف، وهو المنحني، وفي لسان العرب: عطفت رأس الخشبة فانعطف، أي حنيته فانحنى. وكلمة الحنان تحمل معنى العاطفة والعوج أيضًا، تقول العرب: "انحنى العود وتحنى: انعطف".
أيُها الزوج النبيل، اعلمْ أنْ الزوجة مثل الطبيعة، فيها الري والنماء والخير، وقد يكون فيها الزلازل والبراكين، فكن صادقًا معها، تكسبْ ثقتها وحبها، وافهمْ احتياجاتها، وكما قالوا: 
"مقبرة المرأة رجل لا يفهم، ومقبرة الرجل امرأة لا ترحم" ولا تنسَ أنْ الصدق أساس لكل الفضائل الإنسانية، وإياك أنْ تقلل من شأنها، واحترمْها دائمًا وإنْ خالفتها في رأيها، وحينئذٍ سوف تغدق عليك عطفها وحنانها، واحذرْ أنْ تظلمها أو أهلهاعند حدوث خلاف معها. قمْ بواجبك دائمًا، وكنْ رجلًا نبيلًا في رضاك وغضبك، وابتسم دوما في وجهها، واصبرْ إنْ لم تعجبك بعض تصرفاتها، فإنْ عاملتها هكذا، فثقْ أنّها سوف تكون كما تريد في رضاها وغضبها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الزواج الاحوال أشباه الرجال الزوجة صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

حكم خلع النقاب للمرأة التي تضررت من لبسه

النقاب.. قالت دار الإفتاء المصرية إن النقاب للمرأة ليس من الحجاب الواجب عليها الالتزام به، بل هو من قبيل العادات والأعراف التي قد تناسب مجتمعًا دون آخر، ولا إثم على من قامت بخلعه، خصوصًا مع النصيحة الطبية بذلك بسبب حصول أضرار صحية.

صفة اللباس الشرعي للمرأة:

وأوضحت الإفتاء أن المقرر شرعًا هو أن الحجاب من الواجبات الشرعية، وقد ورد الأمر به في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: 31]، وفي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 59].

وفي حديث السيدة عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عند أبي داود وغيره: أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَقَالَ: «يَا أَسْمَاء،ُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.

والزِّيُّ الشرعي المطلوب من المرأة المسلمة هو كل زِيٍّ لا يصف مفاتن الجسد ولا يشف عما تحته، ويستر الجسم كله ما عدا الوجه والكفين، وكذا القدمين عند بعض الفقهاء، ولا مانع كذلك أن تلبس المرأة الملابس الملونة بشرط ألا تكون لافتة للنظر أو مثيرة للفتنة، فإذا تحققت هذه الشروط على أي زي جاز للمرأة المسلمة أن ترتديه وتخرج به.

الرأي المختار في لُبس النقاب:

أما ارتداء النِّقاب الذي يستر الوجه: فهو من قبيل العادات عند جمهور الفقهاء، وبمذهبهم نفتي، وليس من قبيل التَّشَرُّع، هذا هو المقرر في مذهب الحنفية والمالكية والشافعية، وهو الصحيح من مذهب الإمام أحمد بن حنبل وعليه أصحابه، وهو مذهب الأوزاعي وأبي ثور، ومِن قَبْلِ أولئك: عُمَر، وابن عباس رضي الله عنهم.

ومن التابعين: عطاء، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وأبو الشعثاء، والضحاك، وإبراهيم النخعي، وغيرهم كثير من مجتهدي السلف؛ بناءً على أن عورة المرأة المسلمة الحرة جميعُ بدنها إلا الوجه والكفين؛ استنادًا إلى حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها المذكور سابقًا، وكذلك القدمان عند الإمام أبي حنيفة والثوري والمزني، فيجوز لها كشفهما.

النقاب عند الفقهاء:

- فعند السادة الحنفية: قال العلامة القدوري في "مختصر القدوري" (ص: 26، ط. دار الكتب العلمية): [وبدن المرأة الحرة كله عورة إلا وجهها وكفيها وقدميها] اهـ.

- وعند السادة المالكية: قال الإمام الدرير في "الشرح الكبير" من كتب المالكية (1/ 214، ط. دار الفكر): [(وَ) هِيَ مِنْ حُرَّةٍ (مَعَ) رَجُلٍ (أَجْنَبِيٍّ) مُسْلِمٍ (غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) مِنْ جَمِيعِ جَسَدِهَا] اهـ.


- وعند السادة الشافعية: قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 176، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(وعورة الحرة في الصلاة وعند الأجنبي) ولو خارجها (جميع بدنها إلا الوجه، والكفين)] اهـ.

- وعند السادة الحنابلة: قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 431، ط. مكتبة القاهرة): [رُخِّصَ لها في كشف وجهها وكفَّيْها؛ لما في تغطيته من المشقة، وأبيح النظر إليه لأجل الخطبة] اهـ.

أدلة الجمهور على أن ارتداء النقاب من قبيل العادات

قد استدل الجمهور على ذلك بأدلة كثيرة من القرآن والسنة:
۞ فمن القرآن: قوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: 31] أي موضعها، فالكحل زينة الوجه، والخاتم زينة الكف، كما أخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في تفسير الزينة الجائز إظهارها: وجهها، وكفاها، والخاتم. قال ابن كثير في تفسيره عند هذه الآية: "ورُوي عن ابن عمر، وعطاء، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وأبي الشعثاء، والضحاك، وإبراهيم النخعي، وغيرهم نحوُ ذلك".

۞ ومن السُّنة: ما رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمٍ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا (وجاء في بعض الروايات: وكَانَتِ امْرَأَةً حَسْنَاء) وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، وَذَلِكَ في حَجَّةِ الْوَدَاعِ. ولو كان الوجه عورة يلزم ستره لَمَا أقرها عليه الصلاة والسلام على كشفه بحضرة الناس، ولأمرها أن تسبل عليه من فوق، ولو كان وجهها مغطًّى ما عرف ابن عباس رضي الله عنهما أحسناء هي أم شوهاء.

وروى البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ»، ولو كان الوجه والكف عورة ما حَرُم سترهما.
وروى مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفيه تذكير النبي صلى الله عليه وآله وسلم النساءَ بالصدقة لِتَوَقِّي النار، فقالت امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ -أي من خيارهن- سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ: لِمَ يا رسول الله..؟ إلخ، وفيه إشارة إلى أن المرأة كانت كاشفة عن وجهها، وأن راوي الحديث رأى ذلك منها.

مقالات مشابهة

  • الإفتاء: ممارسة العنف ضد الزوجة لا علاقة له بالإسلام
  • الإفتاء: العنف الأسري ضد الزوجة والأبناء لا علاقة له بالإٍسلام
  • عالم أزهري: المطالبون بالمساواة بين الرجل والمرأة يخالفون الشرع وينفخون في النار
  • أزهري: من يريد المساواة بين الرجل والمرأة ينفخ في النار ويخالف الإسلام
  • يسري جبر: أقرب طريق لإصلاح الزوج كثرة الصلاة على النبي
  • حكم خلع النقاب للمرأة التي تضررت من لبسه
  • عالم أزهري: أقرب طريق لإصلاح الزوج من سوء الخلق كثرة الصلاة على النبي
  • مخاطر الحالة النفسية والذهنية للبرهان..!
  • نسوية الاقتصاد البيئي التي يصعب إسكاتها