المرأة العُمانية .. شريكة في صناعة مستقبل الاستثمار ورائدة في بناء اقتصاد متنوع ومستدام
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
تواصل المرأة العمانية ترسيخ حضورها كعنصر فاعل وشريك حقيقي في صياغة مستقبل الاقتصاد الوطني، في ظل المشهد الاقتصادي الذي تتسارع فيه التحولات وتتعاظم فيه فرص الاستثمار، فقد تجاوزت المرأة العمانية مرحلة المشاركة الرمزية، لتصبح اليوم قائدة لمشروعات نوعية، ومؤسسة لشركات في قطاعات حيوية، من الفضاء والتقنيات الذكية إلى التمويل والاستثمار الرقمي، مجسدة رؤية وطنية تؤمن بالكفاءة وتستثمر في الإنسان.
وفي استطلاع صحفي أجرته "عمان" مع عدد من المستثمرات والمختصات في مجالات الاقتصاد والتقنية ، أكدن أن مسيرة المرأة الاستثمارية في سلطنة عمان ترجمة لرؤية وطنية تحتفي بالتمكين وتؤسس لاقتصاد أكثر شمولا واستدامة.
وقالت المهندسة بهيّة بنت هلال بن سلطان الشعيبية، المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية للشركة العالمية للفضاء والتكنولوجيا، والمستثمرة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم: إن المرأة العُمانية برهنت قدرتها على قيادة مشاريع استراتيجية تسهم في البيئة الاستثمارية الوطنية.
الصناعة العالمية
وأضافت: " إنه من خلال تجربتي في تأسيس أول شركة عُمانية في قطاع الفضاء، سعينا إلى أن يكون حضور سلطنة عمان في هذه الصناعة العالمية انعكاسا لرؤية حكيمة تستثمر في المستقبل وتبني شراكات قائمة على الابتكار والمعرفة، فقطاع الفضاء اليوم لم يعد خيارا تقنيا فحسب، بل أصبح ركيزة استراتيجية تخدم عدة قطاعات الأمنية منها والاقتصادية والتنموية".
وأكدت: أن دور المرأة العُمانية أصبح جزءا لا يتجزأ من صياغة مستقبل الاقتصاد، فهو امتد ليقود استثمارات نوعية في قطاعات الطاقة، اللوجستيات، والتقنيات المتقدمة ، ويعكس هذا الحضور الصورة المشرقة للمرأة العُمانية كقوة ناعمة تمثل بلدها في المحافل الدولية.
وأشادت المهندسة بهية الشعيبية بالدور الحكومي والمؤسسي، مؤكدة: إن ما تحقق في إطار "رؤية عُمان 2040" من إصلاحات تشريعية، هو انعكاس لرؤية سياسية حكيمة وآملة إلى توفير المزيد من الأدوات التمويلية الجريئة التي تحتضن المشاريع والشركات النوعية.
واختتمت حديثها بقولها: "إنني أؤمن أن رسالة المرأة العُمانية لا تقتصر على الاقتصاد والاستثمار، بل تتعدى ذلك لتعكس صورة وطن يوازن بين الأصالة والمعاصرة، ويبني علاقاته الإقليمية والدولية على أسس الحكمة، والاحترام، والشراكة"
وفي ذات السياق قالت ليلى بنت عبدالله بن خصيب الحضرمية مستشارة عالمية في المدن الذكية والتحول الرقمي أصبح حضور المرأة العمانية في قطاع الاستثمار خلال السنوات الأخيرة أكثر قوة وتأثيرا، ليس فقط من خلال مشاركتها في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإنما أيضا من خلال قيادتها لمبادرات استراتيجية وابتكارية لها أثر واسع، والمرأة العُمانية اليوم، بفضل الرؤية الحكيمة لعُمان ، لم تعد مجرد عنصر مشارك بل أصبحت صانعة قرار، تدير استثمارات نوعية وتُسهم في تشكيل مستقبل الاقتصاد الوطني، ومن خلال مبادرة نساء مدن المستقبل لمسنا كيف استطاعت الكثير من النساء أن يثبتن أنفسهن كقدوة ملهمة، حيث أصبحن قائدات يستثمرن في التقنيات الذكية، وفي مجالات الاستدامة وريادة الأعمال، مما يعكس نقلة نوعية في مكانة المرأة على الصعيدين المحلي والدولي
الاقتصاد الرقمي
وأوضحت ليلى الحضرمية، أن الفرص أمام المرأة العُمانية اليوم واسعة ومتنوعة ، وأبرزها يكمن في الاقتصاد الرقمي والتقنيات الذكية، حيث يمكن للمرأة أن تقود استثمارات في مجالات الذكاء الاصطناعي، والمدن الذكية، والتحول الرقمي ، وكذلك، قطاع السياحة المستدامة يمثل فرصة ذهبية، خاصة وأن المرأة العُمانية بطبيعتها قريبة من التراث والثقافة، وقادرة على إبراز هذه الهوية بأساليب مبتكرة تعزز من القيمة المضافة للمجتمع والاقتصاد أيضا، هناك مجالات واعدة في الطاقة النظيفة والاقتصاد الدائري، وهي قطاعات مستقبلية تتماشى مع توجهات سلطنة عمان نحو الاستدامة ، ومن خلال نساء مدن المستقبل تعمل الحضرمية على تمكين النساء للاستفادة من هذه الفرص، ليس فقط كمستثمرات، بل كقائدات للتغيير في مجتمعاتهن ومدنهن.
وأشارت ليلى الحضرمية إلى أن نجاح المرأة في الاستثمار يتطلب امتلاك مجموعة متكاملة من المهارات أهمها الجرأة في اتخاذ القرار والقدرة على إدارة المخاطر بذكاء، و المعرفة المالية والتحليلية لفهم الأسواق وبناء قرارات مدروسة، إضافة إلى المهارات الرقمية التي أصبحت اليوم أداة لا غنى عنها لمواكبة التحولات العالمية ومشيرة إلى أن بناء العلاقات والشبكات يشكل عنصرا حاسما في توسيع دائرة التأثير والفرص ، وفي مبادرة نساء مدن المستقبل، ركزت على تطوير مهارات قيادية أساسية للمرأة تشمل التواصل، والتفاوض، وحل المشكلات، واتخاذ القرار، وهذه المهارات أثبتت أنها عوامل نجاح رئيسية لتمكين النساء من دخول عالم الاستثمار وريادة الأعمال بثقة عالية وقدرة مؤثرة، لتصبح المرأة ليس فقط مستثمرة، بل شريكة في صياغة مستقبل المجتمعات والمدن.
و ترى رانيا الخصيبية مدربة في الوعي المالي أن الفرص أمام المرأة العمانية اليوم واسعة ومتنوعة، وأصبحت الأسواق المالية أكثر سهولة في الوصول من خلال المنصات الرقمية، مما يفتح المجال للاستثمار في الأسهم والصناديق الاستثمارية والصكوك، وكذلك العقار، فهو يعد من أفضل الاستثمارات وكون لدى معظم النساء خبرة في الذهب فهو خيار آمن جدا لحفظ الأموال على المدى البعيد، ومشيرة إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تحمل فرصًا كبيرة، خصوصًا في مجالات التقنية المالية، والتعليم الرقمي، والتجارة الإلكترونية.
وتقول رانيا الخصيبية، أن النجاح في الاستثمار يحتاج أولا إلى وعي مالي عميق، وفهم لكيفية إدارة الأموال وتوزيعها بذكاء، ومن المهم أن تمتلك المرأة معرفة ولو بسيطة بشتى أنواع الاستثمارات المتاحة لها حتى تستطيع اتخاذ قرارات مبنية على معرفة وعدم التعرض للاستغلال، وترى أن الإلمام بالتكنولوجيا والمنصات الرقمية أصبح ضرورة لا غنى عنها إضافة إلى مهارات التفاوض وبناء العلاقات أيضا أساسية لأنها تفتح أبوابًا لشراكات وفرص جديدة، و الانضباط والصبر، فهما مفتاح النجاح الحقيقي في الاستثمار طويل المدى.
وبينت رانيا الخصيبة أن المرأة العُمانية أثبتت كفاءتها في مختلف المجالات، وقطاع الاستثمار لن يكون استثناءً وتتوقع خلال العقد القادم أن ترى المزيد من النساء يشغلن مناصب قيادية في شركات الاستثمار الكبرى، ويدرن محافظ مالية باحترافية، وآملة أن تحظى المرأة بمزيد من المبادرات الوطنية التي تدعم تمكين المرأة اقتصاديًا، وتزيد من مشاركتها في المشاريع الاستثمارية ، ومشيرة إلى أن المرأة العُمانية سيكون لها دور بارز أيضا في الاستثمارات الدولية والمستدامة، بما يعكس صورة مشرّفة عن عُمان في الساحة العالمية.
إثراء بيئة الاستثمار
ووجهت رانيا الخصيبية رسالة إلى الراغبات في الانخراط في مجال الاستثمار قائلة : " ابدأن من اليوم ، و لا تنتظرن اللحظة المثالية، فحتى الخطوات الصغيرة تصنع فرقًا على المدى البعيد ، و اجعلن من الاستثمار وسيلة لتحقيق الاستقلالية المالية وصناعة المستقبل ، لا تخفن من المخاطر، لكن تعلمْن كيف تُدرنها بحكمة ، والأهم من ذلك، استثمرن أولاً في العلم، في المهارات، وفي بناء الوعي المالي ، وهذا الاستثمار في الذات هو الأصل الذي لا يخسر، وهو الذي سيمكّنكن من النجاح في كل استثمار آخر".
من جهتها قالت مروى العجمية محترفة في مجال التمويل والاستثمار، بخبرة تزيد عن 15 عاما، و تدير محفظة متعددة المراحل تضم أكثر من 50 شركة ناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أسهمت المرأة العمانية في إثراء بيئة الاستثمار من خلال تقديم رؤى جديدة وانضباط ومرونة عالية. العديد منهن يساهمن في مجالات التحليل وإدارة المحافظ والاستشارات، مما يساعد على بناء عمليات أقوى وتوسيع قاعدة الكفاءات التي تدعم النمو الاقتصادي في سلطنة عمان.
ولفتت العجمية إلى أن حضور المرأة العمانية أصبح أكثر وضوحا وتأثيرا خلال السنوات الأخيرة ، وقد أدخلت مشاركتهن تنوّعا في الرؤى والأساليب، وهو ما تؤكد الدراسات أنه يعزز جودة اتخاذ القرار ويؤدي إلى نتائج أكثر توازنا وابتكارا ، و هذا التنوع يضيف بالفعل قيمة في مجالات مثل إدارة المحافظ، تقييم المخاطر، والتخطيط الاستراتيجي طويل المدى.
وبينت العجمية، أن النجاح في الاستثمار يتطلب أساسا متينا في التحليل المالي والتفكير النقدي وتفسير البيانات، إلى جانب القدرة على التكيّف والتحمّل، كما تُعد مهارات التواصل وبناء العلاقات أمرا بالغ الأهمية، وللنساء بشكل خاص، فإن الثقة بالخبرة والمبادرة في طرح وجهات النظر قد تكون بنفس أهمية المهارات التقنية.
وتابعت بقولها خلال العقد القادم، من المتوقع أن تتقدم المزيد من النساء العمانيات إلى مواقع القيادة واتخاذ القرار، ومع زيادة الوعي بفوائد التنوع، ستزداد مساهماتهن في صياغة الاستراتيجيات والنتائج الاستثمارية. كما سيسهم ظهور نماذج ملهمة في تشجيع الأجيال الشابة على دخول هذا المجال"
وتوجه رسالتها للنساء العمانيات بقولها : "رسالتي هي أن تؤمن كل شابة بقدرتها وأن تلتزم بالتعلّم المستمر، والاستثمار مجال يتطلب مثابرة وفضولا ومرونة، لكن عوائده المهنية كبيرة ، لا تترددن في التعبير عن آرائكن، فتنوع وجهات النظر يُعد قيمة مضافة ، بالانضباط والاستعداد للتعلّم، تستطيع الشابات أن يكنّ جزءاً مؤثراً في رسم مستقبل الاستثمار في سلطنة عمان.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المرأة الع مانیة المرأة العمانیة فی الاستثمار سلطنة عمان فی مجالات من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
المرأة العُمانية.. "استثناء"
ريم الحامدية
reem@alroya.info
في صباح من صباحات عُمان المشرقة، حين انبثقت الشمس من جبال مسندم لتداعب قمم ظفار، وبينما تختلط رائحة القهوة باللُبان العُماني العطر، فتملأ البيوت دفئًا وطمأنينة كانت الحياة تسير بهدوئها الخاص: الأم تجهز أولادها للمدرسة وتلملم كتبهم وحقائبهم بخفة وحب، والأخت تعد الإفطار للعائلة ورائحة الخبز والشاي تملأ المكان، والمعلمة تلم دفاترها استعدادًا للحصة الأولى، والطبيبة تفتح باب مكتبها لتباشر مُقابلة المريض الأول بابتسامة تواسيه في بداية يومه… وبينما ينساب روتين اليوم في صمته المُعتاد، ظهرت المذيعة على تلفزيون سلطنة عُمان لتُعلن النطق السامي، بتخصيص يوم السابع عشر من أكتوبر من كل عام يومًا للمرأة العُمانية، احتفاءً بها، وبمساهماتها، باختلاف مناصبها وصفاتها ومسمياتها.
كان ذلك اليوم لحظة فرح صامتة تخترق تفاصيل كل يوم، لحظة قالت لكل امرأة عُمانية: لقد رُصد عطاؤك، وقُدِّرت جهودك، وأصبح الآن للمرأة صوتٌ مسموع، ولحضورها اعتراف رسمي ووفاء يليق بمن صنعت وما صنعت؛ بل كان إشراقة فرح لكل امرأة عُمانية، لحظة اعتراف بما تمنحه من عطائها بلا انتظار، وبحضورها الصامت الذي يضيء كل مكان تمر فيه.
المرأة العُمانية لم تكن تنتظر التكريم، ولم تكن تبحث عن الأضواء؛ فهي الأم التي تحمل الحنان في قلبها، وتزرع الأمل في أعين أطفالها، وهي الأخت التي تشارك أسرار الحياة والضحكات والدموع، وهي الصديقة التي تقف بجانبك في كل منعطف، وهي ربة البيت التي تصنع من كل ركن صغير عالمًا كاملًا من الحنان والجمال والنظام. وهي العاملة، والفنانة، والمعلمة، والطبيبة، والرياضية، والمبدعة، والقيادية… كل خطوة تخطوها، كل قرار تتخذه، وكل إنجاز تحققه هو شهادة صامتة على قوتها وعزيمتها، وعلى قدرتها أن تحوّل كل تحدٍ إلى فرصة، وكل حلم إلى حقيقة ملموسة.
وإذ أغنتم هذه الفرصة لأرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات للسيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم- حفظها الله ورعاها- رمز الحكمة والتقدير، وجوهرة هذا الوطن، التي يضيء حضورها كل مناسبة، ويلمس تأثيرها كل قلب، ويشهد لها الجميع بالعطاء والرقي والكرامة. كما أخصّ بالذكر والتهنئة أمي الحبيبة، القائدة والقدوة والمُلهِمة، التي جلست في البيت، ترفع يدًا بالدعاء وتمد أخرى بالعطاء، تُعلِّمُنا الصبر، تمنحنا الحب، وتزرع فينا الإيمان، وتسهر على أن يكون لنا مستقبل مشرق… هي القلب الكبير، والنبع الدافئ، والمثل الأعلى في كل يوم من حياتنا، ولكل النساء اللاتي صنعن إشراقة هذا الوطن، من نور صحرائه إلى بحاره وجباله. كل عام وأنتن بخير، وكل عام والمرأة العُمانية في أعظم حالاتها من العطاء والحضور والإبداع، نبراسًا للحياة، إشراقة لا تنطفئ
إلى كل نساء عُمان الماجدات.. أنتنّ عظيمات ومُلهمات في كل مجال، ونفخر ونُفاخر بكنَّ، ونحتفي بعطائكنّ الذي لا ينضب، وبنوركنّ الذي يضيء كل زاوية من حياتنا ومجتمعنا.