سلامة داود: بلاغة النبي صلى الله عليه وسلم تكشف عن أسرار دقيقة في إسناد الأفعال بين الحقيقة والمجاز
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، إن التدبر في أساليب النبي صلى الله عليه وسلم وكلامه الشريف يكشف عن دقائق ولطائف بلاغية ومعانٍ عميقة، تجمع بين البيان والإعجاز، وتفتح أمام الباحثين أبوابًا واسعة للتأمل في العلاقة بين اللغة والشرع والمعنى.
وأوضح الدكتور سلامة، خلال حلقة برنامج "بلاغة القرآن والسنة"، اليوم السبت، أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد الضالة فيه فقولوا لا رد الله عليك»، يحمل دقة بالغة في اختيار الألفاظ، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا أربح الله تجارتك»، فجعل فعل "أربح" مسندًا إلى فاعله الحقيقي وهو الله سبحانه وتعالى، بينما في قوله تعالى: «فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين» أُسند الفعل مجازًا إلى التجارة نفسها، مع أن الذي يخلق الربح في الحقيقة هو الله تعالى.
وأضاف أن هذا التفاوت في الأسلوب بين الآية والحديث الشريف يحمل أسرارًا بلاغية عظيمة؛ ففي الآية جاء الإسناد المجازي لتدل على أن التجارة سبب من أسباب الربح في العادة، بينما جاء في الحديث الإسناد الحقيقي إلى الله جل جلاله ليدل على أن من باع واشترى في المسجد فقد وضع تجارته في غير موضعها، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يتولى بنفسه كسادها وعدم ربحها.
وبيّن رئيس جامعة الأزهر أن هذا التمييز بين الإسناد الحقيقي والمجازي يحتاج إلى بصيرة وتأنٍّ من العلماء والدارسين، لأن النظر في الأساليب التي وردت في القرآن الكريم ونظائرها في كلام النبي صلى الله عليه وسلم يفتح بابًا واسعًا من المعرفة البلاغية والدينية، ويكشف سرّ اختيار اللفظ وسياقه ومناسبته للمقام، وهو كنز من كنوز العلم ينبغي التوقف عنده والبحث فيه بعمق وتأمل.
وأشار الدكتور سلامة داود إلى أن من لطائف الأسلوب النبوي أيضًا ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: «من أطعمه الله الطعام فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرًا منه، ومن سقاه الله لبنًا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه»، ففي هذا الحديث نلحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل "من أكل طعامًا أو شرب لبنًا"، بل قال «من أطعمه الله» و«من سقاه الله»، ليغرس في النفس أن كل نعمة، مهما صغرت، هي من عند الله وحده.
وأكد رئيس جامعة الأزهر، أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بهذا الأسلوب أن يعلّم الأمة أدبًا راقيًا في استحضار المنعم سبحانه في كل لحظة من لحظات الحياة، وأن يربط العبد بخالقه في طعامه وشرابه ومعيشته كلها، حتى يدرك أن الفضل لله وحده، وأن كل ما يجري في الكون إنما هو بقدرته وتوفيقه جل جلاله.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رئيس جامعة الأزهر الدكتور سلامة داود النبی صلى الله علیه وسلم رئیس جامعة الأزهر الدکتور سلامة سلامة داود
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة الأزهر يشهد حفل تخرج كليات طب الأسنان
شهد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، الاحتفال بتخريج ثلاث دفعات من كليات طب أسنان الأزهر؛ وهي: الدفعة (٥١) لطب أسنان بنين القاهرة، والدفعة (٢٢) لطب أسنان بنات القاهرة، والدفعة (٢٢) لطب أسنان بنين أسيوط، موصيًا إياهم بالإخلاص في العمل، وأن يكونوا خير سفراء للأزهر في خدمة مجتمعاتهم.
جاء ذلك بحضور الدكتور محمود صديق نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، المشرف العام على قطاع المستشفيات الجامعية، والدكتور مصطفى عبد الغني، نائب رئيس الجامعة لفرع البنات، والدكتور وائل المهندس، عميد كلية طب الأسنان بنين، والدكتور محمود عمار، عميد كلية طب الأسنان بنين أسيوط، والدكتورة إيناس طلعت، عميدة كلية طب الأسنان بنات القاهرة، ووكلاء الكليات، ولفيف من السادة أعضاء هيئة التدريس، وأسر الطلاب.
حكم الدعاء بقول: «اللهم بحق نبيك» .. يسري جبر يوضح
دعاء الشفاء .. 10 كلمات لمن أصابه تعب أو ألم في جسده
وفي كلمة سابقة له، أكد الدكتور سلامة داود، أن بناء الإنسان يبدأ من الكلمة الصادقة، والفكرة الهادفة، والصوت الذي يوقظ الضمير، وهي أمور يجب على الإعلام أن يتبناها، وأن يعمل جاهدًا على نشرها؛ اعتمادًا على تأثيره في الجمهور، وتأكيدًا على المسئولية الأخلاقية والاجتماعية للإعلام في بناء المجتمعات والذي يشكل الإنسان لبنته الرئيسة، لافتًا أن بناء الإنسان سياسة تنتهجها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، كجزء من المشروع القومي للتنمية البشرية؛ بهدف الارتقاء بالإنسان معرفيًّا وثقافيًّا.
وتابع رئيس جامعة الأزهر: «من هنا تأتي أهمية هذا المؤتمر، الذي تعقده كلية الإعلام للبنين بالقاهرة في تحقيق هدف بناء الإنسان من منظور الإعلام الدعوي الذي يميز هذه الكلية عن نظيراتها من كليات الإعلام بجمعها بين علوم الإعلام واللغة والدين في مناهجها، داعيًا الله- تعالى- أن تكلل جهود المؤتمر بما يتضمنه من بحوث ومناقشات بالخروج برؤية تسهم في تطوير الخطاب الإعلامي الدعوي، وتمد الجسور بين القيم الدينية ومتطلبات العصر».
وأضاف فضيلة الدكتور سلامة داود أن جامعة الأزهر بما تمتلكه من ميراث علمي، وبما تضمه من كليات ومعاهد وباحثين ملتزمة بأن تكون شريكًا فاعلًا في ترسيخ إعلام رشيد؛ انطلاقًا من إدراك الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بأن الإعلام ليس مجرد أداة لنقل الخبر؛ بل وسيلة لصناعة الوعي، والتزام أخلاقي في ظل تزاحم الأصوات والمنصات؛ حيث تصبح هناك حاجة ملحة إلى خطاب إعلامي دعوي يحمل رسالة راشدة تقدم للإنسان صحيح لإسلام وغايايه ومقاصده بأساليب إعلامية معاصرة.