قال الخبير في أبحاث التجزئة الدكتور حيزي جور مزراحي، إن التكنولوجيا تغلغلت في كل مجال من مجالات الحياة، لدرجة أن متاجر شركة وول مارت باتت تعرف ما سنشتريه حتى قبل أن نشعر بالجوع، مضيفًا أن الذكاء الاصطناعي الجديد هكذا يبدو، حيث ثورة التسوق الذكي، فأصبح الحاسوب يسمعنا، ويتعرف علينا، ويقترح علينا، ويشتري لنا، لدرجة أن توفير الوقت تحول إلى إدمان، وانتقلت السيطرة إلى الآلة، وغير الذكاء الاصطناعي من هويتنا البشرية.



نستهلك أقل ولكن ندفع أكثر
مزراحي، المتخصص في تغطية شؤون المستهلك والاقتصاد وتجارة التجزئة، قال في مقال رأي بصحيفة معاريف العبرية: إن الأطفال اليوم ما عادوا يعرفون ما هي الممحاة، ولا يشمون صفحة جديدة، ولم يكتبوا حرفًا يدويًا منذ طفولتهم. وُلد أطفال اليوم في عصرٍ أصبح فيه القلم متحفًا، والذكاء الاصطناعي دليلًا، وتحول الفصل الدراسي إلى مكتب الدفع، والمعلم إلى أمين الصندوق. لكن وراء الوعد بحياة أسهل، تظهر حقيقة مختلفة مفادها أننا نستهلك أقل ولكن ندفع أكثر، نوفر الوقت ولكن نفقد السيطرة، وفي المحصلة نسمح للآلة بالتفكير نيابة عنا.

وأضاف: تحولت أنظمة مثل GPT من OpenAI بسرعة من مصدر معرفي إلى أداة لتغيير الواقع، وأعلنت وول مارت، أكبر بائع تجزئة في العالم، مؤخرًا عن شراكة مع OpenAI، ومعًا، يقدّمان رؤية جديدة للمستهلك تُسمى تجربة التسوق الذكية – وهو نظام يُتيح للمستهلكين التحدث مع مساعد ذكي يفهم عاداتهم، ويدرك احتياجاتهم، ويُجري طلباتهم فورًا من خلال عملية دفع فورية.

Walmart is teaming up with OpenAI to enable shoppers to browse and purchase its products on ChatGPT, the retailer’s latest push to incorporate artificial intelligence https://t.co/jTz9g3EI8l — Bloomberg (@business) October 14, 2025
لا يحتاج العميل إلى البحث أو المقارنة أو ملء النماذج، وما عليه سوى تحديد احتياجاته، فيضيف النظام المنتجات المناسبة، بل ويقترح إكمالها، وتُغيّر هذه الخطوة نظرتنا إلى التسوق: فالمتجر يُصبح حوارًا، والحاسوب شريكًا فاعلًا في اتخاذ القرار، من الادخار إلى الاعتماد. وعندما نُدرك الحكمة جيدًا للوهلة الأولى، يبدو الأمر مثاليًا – فالذكاء يوفر الوقت، ويمنع الأخطاء، ويُقلل الهدر، ولكن وراء هذه البساطة يكمن نظام معقد لجمع البيانات، وتحليل العادات، وبناء ولاء عميق للمستهلك. 

إعادة تشكيل عاداتنا البشرية
عندما يتعلّم النظام متى نشرب قهوتنا، أو أيّ يوم نشتري وجبة خفيفة، أو عدد مرّات طلبنا عبر الإنترنت شهريًا، فإنّه لا يُسهّل علينا الأمور فحسب، بل يُشكّل عاداتنا الشرائية أيضًا، وهذا يخلق حالة يشعر فيها المستهلك أنّه يُوفّر، بينما في الواقع يُنفق أكثر، فالذكاء لا يعكس الشخص فحسب، بل يُكوّنه أيضًا.

أشار الكاتب إلى أطفال الصف السادس وكيف يواجهون صعوبةً في كتابة نصوص قصيرة يدويًا، لكنهم يكتبون بسهولة، لا يُركز المعلم على حفظ الصيغ، بل يُعلّمهم كيفية طرح الأسئلة على الحاسوب بشكل صحيح، حتى أصبح الذكاء الاصطناعي هو المعلم الجديد، إذ يُقدم إجابات فورية، ويُنشئ مخططات بيانية، ويُقدم شروحات بلمسة زر، فمن جهة، وُجد التعلم المُخصص والمتقدم، ومن جهة أخرى، تضرر التفكير النقدي، فرغم تمتع الجيل الشاب بذكاء عالٍ، لكنه يُعاني من ضعف التركيز، واعتماد متزايد على الأجهزة، وشعور بالرضا الفوري.

سوق العمل يتغير
لا يقتصر تأثير الذكاء على الفصول الدراسية فحسب، بل يمتد إلى أماكن العمل أيضًا، وتشهد مهن مثل ممثلي خدمة العملاء، وأمناء الصناديق، ومحرري المحتوى، والمترجمين، والسائقين تراجعًا، وفي الوقت نفسه، تظهر مهن جديدة، مثل مهندسي الاستجابة السريعة، ومحللي بيانات الذكاء الاصطناعي، ومدربي أخلاقيات التكنولوجيا، ومصممي تجربة المستخدم الرقمية.

لا تُلغي الآلة بالضرورة الإنسان، ولكنها تتطلب منه أن يتعلم التحدث بلغتها وأن يكون جسرًا بينها وبين البشرية، تُثبت وول مارت كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث نقلة نوعية في عالم التجزئة، فقد نجحت الشركة في اختصار وقت تطوير التحصيلات بـ 18 أسبوعًا، ومعالجة مشاكل خدمة العملاء أسرع بنسبة 40 بالمئة.

لكن الابتكار الأبرز يكمن في نموذجها الجديد – التجارة الاستباقية؛ لا ينتظر النظام طلب العميل، بل يتوقع احتياجاته مسبقًا: قبل نفاد الحليب، يُعرض عليه طلب جديد، وقبل العطلات – الهدايا، وقبل العاصفة – معدات الشتاء. وهكذا يتحول الذكاء الاصطناعي من مساعد للمشتري إلى مستشار تسويق يُسهم في رسم ملامح المستقبل.

فجوة اجتماعية جديدة
يتعرض أطفال العائلات المؤثرة للتكنولوجيا منذ الصغر، بينما يصل آخرون إلى مرحلة البلوغ بعجز في المعرفة الرقمية يصل إلى عشرات المليارات، وهكذا، تنشأ فجوة اجتماعية جديدة – لا تقوم على المال، بل على الوصول إلى المعرفة. إن الفهم الذي يُفترض أن يُسد هذه الفجوات قد يُعمّقها في الواقع.

ثورة معدات المكتب
من القلم إلى الشاحن، سلاسل متاجر مثل كرافيتز وأوفس ديبوت، التي كانت تُعرف سابقًا بالأقلام والدفاتر، تملأ رفوفها الآن بالأجهزة اللوحية وسماعات الرأس وأجهزة الشحن. طفل عام 2025 لا يحتاج إلى قلم رصاص، بل إلى سحابة. وعندما يتعطل الكمبيوتر، نتعطل نحن أيضًا، خلال انقطاع عالمي لخدمة ChatGPT، حيث أُبلغ عن شعور عشرات الآلاف من الطلاب بالارتباك، ولم يتمكن بعضهم من مواصلة مهام بسيطة. واعترف أحد طلاب المرحلة الثانوية قائلاً: "لا أعرف كيف أصل إلى مكان جديد بدون ملاحة رقمية، أو أحل مسألة بدون آلة حاسبة". يطرح هذا الاعتماد على التكنولوجيا سؤالاً صعباً: "هل يمكننا العمل في عالم بدون حاسوب؟".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية وول مارت وول مارت صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

وزير العمل: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل مستقبل الوظائف

أكد الدكتور محمد جبران، وزير العمل، أن الذكاء الاصطناعي أصبح أحد المحركات الرئيسية لإعادة تشكيل مستقبل الوظائف وسوق العمل عالميًا، مشيرًا إلى أن الثورة التكنولوجية الراهنة تُحدث تحولات عميقة في طبيعة المهن والمهارات المطلوبة في مختلف القطاعات.

وأوضح جبران، خلال كلمته في المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي، أن التطور التكنولوجي السريع أدى إلى اندثار العديد من الوظائف التقليدية، في مقابل ظهور وظائف جديدة تتطلب مهارات نوعية ومتخصصة. وأضاف أن سوق العمل أصبح يتغير تلقائيًا وفقًا لمعادلة العرض والطلب، مما يفرض على الدول والحكومات إعادة النظر في سياساتها التدريبية والتعليمية لتواكب هذا التغير المتسارع.

وأشار الوزير إلى أن وزارة العمل شكلت لجنة وطنية لوضع استراتيجية مستقبل الوظائف في مصر، بهدف إعداد تصور شامل للمهارات المطلوبة في السنوات المقبلة، وبناء كوادر بشرية مؤهلة من خلال برامج تدريبية حديثة تتماشى مع متطلبات سوق العمل الجديد.

كما أعلن جبران عن إطلاق دراسة متكاملة حول تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل المصري، لبحث التحديات والفرص الناتجة عن التحول الرقمي، مع العمل على تصميم أنشطة تدريبية تُسهم في اكتساب مهارات المستقبل، وتشجيع الشركات الناشئة العاملة في مجالات التعليم والتوظيف الذكي.

وأكد الوزير أن وزارة العمل تسابق الزمن في تطوير خدماتها إلكترونيًا، بما يتوافق مع التوجه نحو التحول الرقمي الكامل في أداء الخدمات الحكومية. 

وقال إن الوزارة تسعى إلى تعزيز التدريب باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، لتأهيل الشباب للمهن الجديدة التي يفرضها الاقتصاد القائم على الذكاء الاصطناعي.

وأضاف جبران أن قانون العمل الجديد جاء ليواكب هذه التحولات الرقمية، حيث أدخل أنماط عمل حديثة مثل العمل عن بُعد والعمل المرن، وهي أنظمة أصبحت واقعًا عالميًا في ظل انتشار التكنولوجيا. 

وأوضح أن القانون تضمن تحديثًا شاملًا لتوصيف المهن، مع مراعاة متغيرات سوق العمل وتطور متطلبات التوظيف في ظل الثورة الصناعية الرابعة.

أكد أن مستقبل الوظائف في مصر يعتمد على الاستثمار في الإنسان، مشددًا على أن التكنولوجيا لا تُلغي الوظائف بقدر ما تُعيد تعريفها، وأن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة لبناء اقتصاد أكثر كفاءة وعدالة يعتمد على المعرفة والابتكار.

مقالات مشابهة

  • تعابير الصوت من كوبايلوت قفزة مايكروسوفت نحو أصوات الذكاء الاصطناعي البشرية
  • التوأم الرقمي.. شرارة جديدة تشعل سباق الذكاء الاصطناعي حول العالم
  • الذكاء الاصطناعي يكتشف السرطان في عينات دم خلال دقائق
  • ممثل الأزهر: يجب استخدام الذكاء الاصطناعي للإحسان وليس لتدمير البشرية
  • المرأة في عصر الذكاء الاصطناعي
  • خبير: التيسيرات الجديدة للمشروعات المتعثرة تعيد الحياة للمصانع
  • مؤتمر جامعة القاهرة للذكاء الاصطناعي.. تفعيل العلم لخدمة الاقتصاد وتحسين جودة الحياة
  • وزير العمل: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل مستقبل الوظائف
  • OxygenOS 16 يصل مع OnePlus 15 .. تحول كامل نحو الذكاء الاصطناعي