الإعجاز القرآني في خلق البحار .. محور ملتقى التفسير بالجامع الأزهر
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
اجتمع عدد من علماء ورواد الجامع الأزهر، ضمن فعاليات "ملتقى التفسير" الأسبوعي، الذي خُصص هذه المرة للحديث عن «مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن خلق البحار.. وجعل بين البحرين حاجزًا».
شارك في اللقاء الدكتور حمدي الهدهد، عميد كلية البنات الأزهرية بالعاشر من رمضان، والدكتور مصطفى إبراهيم، أستاذ بكلية العلوم بجامعة الأزهر، وأدار الحوار الإعلامي الدكتور محمد جمعة المذيع بإذاعة القرآن الكريم، بحضورٍ لافت من طلاب العلم والمهتمين بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
استهل الدكتور حمدي الهدهد كلمته بتوضيح أن إعجاز القرآن في حديثه عن البحار يتجلى في دقة نظمه وعمق بيانه، وأن كل ما توصل إليه العلم الحديث في هذا المجال لا يعدو كونه كشفًا جزئيًا لما أشار إليه الوحي الإلهي منذ قرون.
وأشار إلى أن ورود ذكر البحار في أكثر من 140 موضعًا بالقرآن الكريم يعكس مدى ارتباط النص القرآني بالكون والخلق، مؤكدًا أن الهدف الأسمى من نزول القرآن هو التدبر في معانيه لا مجرد التلاوة، لأن التدبر هو السبيل لاكتشاف أسرار الإعجاز الكوني والبلاغي في آيات الله.
وأوضح الدكتور الهدهد أن استعمال الألفاظ القرآنية المتعلقة بالماء يأتي بدقةٍ علميةٍ مدهشة؛ فلفظ "النهر" اقترن دومًا بالماء العذب الطيب كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾، بينما جاء لفظ "اليمّ" في سياقات الهلاك والعقاب كما في قوله تعالى: ﴿فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾، أما لفظ "البحر" فهو أشمل وأعم، يجمع بين النفع والرهبة، بين العطاء والقدرة الإلهية التي لا يحدها حدّ.
وبيّن أن الحواجز بين البحار التي أشار إليها القرآن مثل قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا﴾، تمثل أحد أبرز مظاهر الإعجاز العلمي الذي يؤكد وحدة الخالق وتفرده في صنعه، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة هي دعوة مباشرة للتأمل والإيمان بعظمة الخالق الذي نظم هذا الكون بميزانٍ دقيقٍ لا يختل.
من جانبه، تناول الدكتور مصطفى إبراهيم الجانب العلمي من الموضوع، موضحًا أن حديث القرآن عن البحار يمثل نموذجًا بديعًا للتكامل بين الإيمان والعلم، إذ تكرر ذكر البحار في نحو 140 آية تتحدث عن خصائصها، وأمواجها، ومكوناتها، وما يحيط بها من ظواهر طبيعية كالسواحل والتيارات.
وأكد أن القرآن الكريم سبق العلماء في الإشارة إلى الحواجز المائية التي تفصل بين الكتل المائية رغم اتصالها الظاهري، كما جاء في قوله تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ﴾، وهو ما أثبتته الأبحاث الحديثة التي كشفت عن وجود مناطق فاصلة بين المياه العذبة والمالحة لا تختلط فيها الملوحة ولا تتغير الكثافة رغم الالتقاء.
وأضاف الدكتور مصطفى أن منطقة "مجمع البحرين" التي ورد ذكرها في سورة الكهف تُجسّد هذه الحقيقة القرآنية العجيبة، مشيرًا إلى أنها تتجلى بوضوح في موقع "رأس محمد" بشرم الشيخ، حيث يلتقي خليج السويس بخليج العقبة في مشهد طبيعي مهيب يُجسد الدقة المذهلة في وصف القرآن.
كما أشار إلى أن هذه الظاهرة يمكن ملاحظتها في مصر عند رأس البر، حيث يلتقي نهر النيل العذب بالبحر المتوسط المالح دون أن يختلطا، فيبقى لكل منهما خصائصه المميزة من حيث الكائنات والملوحة والكثافة.
وفي ختام اللقاء، أوضح الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري، أن الملتقى يمثل منصة مهمة لتعميق الوعي الديني والعلمي لدى رواد الجامع الأزهر، ولتشجيع التفكير التأملي في آيات الله الكونية.
وأكد أن الأزهر الشريف يسعى من خلال هذه الملتقيات إلى إعادة إحياء فريضة التفكر التي دعا إليها القرآن الكريم، وربط المعرفة العلمية الحديثة بالمنهج الإيماني الذي أرسته رسالة الإسلام منذ فجرها الأول.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإعجاز القرآني ملتقى التفسير الجامع الأزهر القرآن الکریم قوله تعالى إلى أن
إقرأ أيضاً:
مأرب تحتفل بحملة القرآن الكريم.. .. تكريم 99 حافظاً وحافظة لكتاب الله
في مشهد احتفالي مهيب، شهدت محافظة مأرب اليوم حفل تكريم "دفعة الأمل" من حفاظ وحافظات القرآن الكريم، والبالغ عددهم 99 حافظاً وحافظة، في فعالية نظمتها جمعية اقرأ الخيرية لتعليم القرآن الكريم بمحافظة الجوف، تجسيداً لإرادة الجيل القرآني في مواجهة التحديات.
وحضر الحفل عدد من القيادات الرسمية، بينهم وكيل محافظة مأرب عبدربه مفتاح، ووكيلا محافظة الجوف عبدالله الحاشدي وسنان العراقي، إلى جانب وكيل وزارة الإدارة المحلية عبدالله القبيسي، الذي هنأ الحافظين بهذا الإنجاز، داعياً إياهم إلى تمثيل القرآن منهجاً وسلوكاً في الحياة، لا تلاوةً فحسب.
وأكد القبيسي أهمية توسيع دائرة تعليم القرآن الكريم ونشر تعاليمه السمحاء القائمة على الوسطية والاعتدال، مشدداً على دوره في بناء أجيال صالحة وواعية تراقب الله في أقوالها وأفعالها، وتخدم مجتمعها ووطنها.
من جانبه، أشار رئيس جمعية اقرأ، سعيد عياش، إلى أن تحفيظ النشء والشباب كتاب الله هو حصن منيع ضد الغزو الثقافي والمفاهيم الدينية المتطرفة التي تروجها مليشيا الحوثي والجماعات المنحرفة، مؤكداً أن التكريم هو ثمرة إرادة قوية لدى جيل قرآني أثبت قدرته على التحدي والمثابرة رغم الصعوبات.
وفي كلمة مؤثرة، عبّر الحافظ عبدالمجيد إسماعيل عن شكره لجمعية اقرأ والداعمين والمشايخ والمعلمين، مؤكداً أن حفظ كتاب الله مسؤولية عظيمة تتطلب العمل به ونشر تعاليمه في المجتمع.
وتخللت الفعالية أناشيد وقراءات شعرية نالت استحسان الحضور، في أجواء احتفالية جسدت روح الإيمان والانتماء.