تألق عُماني لافت في أسبوع المصنعة للإبحار الشراعي
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
"عُمان": يسدل الستار غدًا الثلاثاء فعاليات النسخة الرابعة عشرة من أسبوع المصنعة للإبحار الشراعي 2025، الذي تنظمه عُمان للإبحار بدعم رئيسي من مجموعة أسياد، وبشراكة مع منتجع بارسيلو المصنعة، وشركة مزون للألبان، ومياه تنوف، والمشغل الوطني كشركاء برونزيين، وشهدت نسخة هذا العام مشاركة دولية واسعة، إذ تنافس أكثر من 120 بحّارًا وبحّارة يمثلون سبع دول هي: سلطنة عُمان، والصين، والهند، والمملكة العربية السعودية، والكويت، وسنغافورة، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك في مدرسة المصنعة للإبحار الشراعي.
وسيقام حفل الختام وتتويج الفائزين برعاية سعادة الدكتور عبدالله بن خميس أمبوسعيدي وكيل وزارة التربية والتعليم للتعليم، وبحضور الدكتور خميس بن سالم الجابري الرئيس التنفيذي لعُمان للإبحار، إلى جانب عدد من المسؤولين والشركاء الاستراتيجيين والفرق المشاركة.
وشهد اليومان الأول والثاني من منافسات أسبوع المصنعة للإبحار الشراعي 2025 مستويات عالية من التنافس بين البحّارة المشاركين، تألّق خلالها البحّارة العُمانيون بشكل لافت، متمكنين من اعتلاء صدارة ثلاث فئات رئيسية من القوارب: إلكا 6، وإلكا 7، وهانسا 303. ففي فئة قوارب إلكا 6، واصل البحّار العُماني المعتصم الفارسي عروضه القوية بعد أن حقق الفوز في جميع سباقات اليوم الثاني، ليعزز صدارته بفارق سبع نقاط عن الإماراتي محمد الحمادي صاحب المركز الثاني، فيما جاء البحّار العُماني جهاد الحسني ثالثًا. أما البحّارة الكويتية أمينة شاه فقد واصلت تألقها بأداء متزن ومنافس، لتحتفظ بصدارتها في فئة الإناث، وتحقق المركز الرابع في الترتيب العام بالنقاط نفسها عن صاحب المركز الثالث، بينما أنهت البحّارة العُمانية ابتسام السالمية المنافسات في المركز الخامس في الترتيب العام والثانية بين الإناث.
أما في فئة قوارب إلكا 7، فقد واصل البحّار العُماني حسين الجابري تألقه اللافت محققًا الفوز في جميع سباقات اليوم الثاني، ليبتعد بصدارة الترتيب العام عن زميله البحّار علي السعدي صاحب المركز الثاني، فيما جاء السالم الحمداني ثالثًا، وحلّ الكويتيان يعقوب شاه وسالم قلي في المركزين الرابع والخامس على التوالي.
وفي فئة قوارب هانسا 303 المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة، انتزع الثنائي العُماني مالك القرطوبي وأحمد زعل نبوت صدارة الترتيب العام بعد فوزهما بجميع سباقات اليوم الثاني، ليزيحا الفريق المكوّن من البحّار زاهر العتبي والبحّار عبدالرحمن الحمداني الذي تصدر اليوم الأول بالعلامة الكاملة. بينما حافظ الثنائي حسن اللواتي وعادل السيابي على مركزهما الثالث في الترتيب العام.
أما في فئة قوارب الأوبتمست، فقد حافظ بحّار الفريق الإماراتي جان لوك سورين على صدارة الترتيب العام، تليه البحّارة السنغافورية أنيا زاهدي التي تساوت معه في النقاط، لتواصل بذلك تصدرها على مستوى الإناث. وصعدت البحّارة الصينية يوشوان لي إلى المركز الثالث في الترتيب العام والثانية بين الإناث، تلتها البحّارة الهندية شريا كريشنا لاكشمنارايانان في المركز الخامس في الترتيب العام والثالث بين الإناث، فيما تقدّم البحّار الإماراتي خليفة الرميثي إلى المركز الرابع في سلم الترتيب العام والثاني بين الذكور، والسنغافوري إيثان تشيا إلى المركز السادس في الترتيب العام والثالث بين الذكور. وعبّرت البحّارة السنغافورية عن سعادتها بالمستوى المتميز الذي قدمته خلال السباقات وتصدرها فئة الإناث، مؤكدة تطلعها إلى الحفاظ على هذا الأداء القوي ومواصلة التقدم نحو صدارة الترتيب العام.
وفي فئة قوارب إلكا 4، واصل البحّار الإماراتي عبدالله الزبيدي أداءه القوي محافظًا على صدارة الترتيب العام، بينما احتلّ البحّار العُماني تميم البلوشي المركز الثاني، وتقدّم زميله عبداللطيف القاسمي إلى المركز الثالث بعد أداء مميز توّجه بمركزين ثالث وثانٍ في السباقين الأخيرين. تجدر الإشارة إلى أن ستة بحّارة عُمانيين يحتلون مراكز ضمن العشرة الأوائل، وتسعة ضمن العشرين الأوائل في هذه الفئة، ما يعكس قوة حضور البحّارة العُمانيين في المنافسة.
وأعرب البحّار حسين الجابري متصدر فئة قوارب إلكا 7، عن سعادته بأدائه خلال منافسات اليوم الثاني، قائلًا: أشعر برضا كبير عن المستوى الذي قدمته حتى الآن، فقد كانت فترة الإعداد قبل البطولة صعبة ومليئة بالتحديات، لكنها منحتني الجاهزية الكاملة لخوض المنافسات بثقة.
وأضاف: تجربة المشاركة في أسبوع المصنعة للإبحار الشراعي رائعة بكل تفاصيلها، فهي تمنحنا فرصة ثمينة للاحتكاك ببحّارة من مختلف دول العالم واكتساب خبرات جديدة. ما زلنا في منتصف السباقات، وسأواصل العمل بجد لتحسين أدائي والمحافظة على مستواي حتى نهاية البطولة.
من جانبه، قال أحمد الوهيبي مدرب فئة قوارب إلكا بعُمان للإبحار: يتمثل هدفنا الأساسي كمدربين في تحقيق التطور المستمر لبحّارتنا الشباب. فالنتائج الإيجابية مهمة بلا شك، لكنها جزء من مسيرة طويلة من التعلم والنمو. وبكل تأكيد نحرص في كل بطولة على أن يطبق البحّارة ما تعلموه في المعسكرات التدريبية، وأن يطوروا مهاراتهم التكتيكية والفنية والبدنية والذهنية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أسبوع المصنعة للإبحار الشراعی صدارة الترتیب العام فی الترتیب العام الیوم الثانی فی فئة قوارب إلى المرکز البح ارة ع مانی
إقرأ أيضاً:
المجتمع العُماني في زمن التباهي.. أين العقل من الزحام؟
سُلطان بن خلفان اليحيائي
إهداء وطني
إلى من تمسكوا بجوهرِ العُماني الأصيل، فلم تغوِهم المظاهرُ البراقة، ولم تُبدلهم موضاتُ الزمان، وبقوا كما أراد الله لهم: أوفياء للأرض، صادقين مع الضمير، نزهاء في اليد والفكر والسلوك.
بين نعمةٍ ونقمة
لم تعد المسافات تُقاس بالكيلومترات، بل بثوانٍ تُرسل فيها صورة أو تغريدة.
ولم تعد المعرفة حكرًا على المتعلمين، بل أُلقيت في الأيدي كما يُلقى الماء، حتى غدا الهاتف قطعةً من الذراع لا تُفارق الكف.
طفرةٌ تكنولوجيةٌ هائلة قلبت معايير الوعي، وفتحت أبوابًا من النور، لكنها جرت خلفها ظلالًا طويلة من الغفلة والانبهار.
فما بين شاشةٍ تُعلم وأخرى تُضلل، وقف الإنسانُ محتارًا.
لقد نقلت التقنية وعيًا متسارعًا ومهاراتٍ لم تكن ممكنة قبل عقدٍ واحد، وقربت المسافات بين المدن والولايات، وأتاحت فرصًا للتعلم والعمل والتواصل.
لكنها في المقابل فتحت نوافذ لا تنام، تُطل على عالمٍ يعج بالتفاخر والمقارنات والسباق المحموم نحو المظاهر.
تغيرت النفوس، واشتد التوتر، وضاقت الصدور، لأن كل أحدٍ صار يقيس نفسه بما يرى، لا بما يملك من جوهرٍ وقيمة.
نرى اليوم من يُقيم عرسًا يُرهق به نفسه بالديون ليُظهر الثراء، ومن يُبدل مركبته كل عام طلبًا للمكانة، ومن يُنفق وقته على تصوير مائدة الطعام أكثر من الجهد الذي بذله في كسبها.
كلها صورٌ تُخبرنا أن المظاهر تمددت حتى غطت على القيم.
الركض قبل الحبو
صرنا نريد كل شيء دفعةً واحدة؛ نطالب بنتائج بلا مقدمات، وبمجدٍ بلا تعب، وبشهرةٍ بلا عطاء.
تسللت المقارنات إلى بيوتنا، فصار الشاب يُقارن نفسه بمن يراه على الشاشة، وتقارن الفتاة حياتها بما تبثه المؤثرات في منصاتٍ لا تعرف إلا البريق.
نركض قبل أن نحبو، ونخطط قبل أن نتعلم كيف نفكر، ونقيس أحلامنا بأوهامٍ رقمية تُزين لنا العجز في صورة النجاح.
المظاهر وزعزعة القيم
المبالغةُ صارت سِمة العصر؛ في الملبس، والمناسبات، واقتناء ما لا نحتاج، وفي التجميل، والمساكن، وحتى في الكلام باستخدام مصطلحاتٍ أجنبيةٍ بلا داعٍ.
أصبح البعض يُنفق ما لا يملك، فقط ليُقال عنه إنه "يملك"، ويقحم نفسه في دوامة القروض والمنافسات الفارغة.
والأخطر أن التباهي تسلل إلى القيم ذاتها؛ فاختلطت النزاهة بالمنفعة، وتقدم المظهر على الجوهر، وارتفعت الرشوة في السلوك اليومي قبل أن ترتفع في المعاملات، وتراجع الصدق أمام الكذب، والنزاهة أمام الفساد، حتى غدت "المصلحة" شعار المرحلة، لا "الأمانة".
الإنسان بين لقمة العيش وصخب المظاهر
يعيش الإنسانُ العُماني اليوم بين ضغطِ المعيشة وصخبِ المظاهر؛ فهو يُكافح بكرامةٍ ليصون أسرته وسط موجات الغلاء، بينما يرى حوله من يُنفق ويتباهى بما لا يملك، كأنهم في عالمٍ آخر لا تمسه أوجاع الناس.
إن هذا التفاوت يولد شعورًا بالمرارة، حين يغدو التفاخر مقياسًا للنجاح، ويُقدم البريق الخادع على حساب الجد والاجتهاد.
تداعياتٌ تمس النسيج الوطني
كل انحرافٍ في القيم يترك أثرًا على الوطن، لأن المجتمع إذا فقد وجهته الأخلاقية فلن تُعيده القوانين وحدها.
لقد بدأنا نرى ظواهر دخيلة: محاباة، ومجاملاتٍ في غير موضعها، وتعطيلًا للكفاءات الصادقة، وتسلقًا للمناصب على أكتاف العلاقات، وجرأةً على الحق لم تكن مألوفة في بيئتنا العُمانية الأصيلة التي تربينا فيها على البساطة والرقي في المواقف.
من باب العدالة لا التعميم
ومن الإنصاف أن ندرك أنَّ هذه المظاهر والتجاوزات لا تمثل كل أبناء الوطن، فالمجتمع العُماني ما زال يحتفظ بكنوزه من القيم والحياء والأصالة.
لا يزال بيننا من يعيش ببساطةٍ وكرامة، لا يُباهي ولا يُفاخر، بل يعمل بهدوءٍ وإيجابية، ويخدم وطنه بضميرٍ نقي.
ولذلك فإنَّ العدالة الاجتماعية تقتضي ألا نُحمل المواطن البسيط أوجاع الحياة فوق طاقته، وأن نحميه من الضيم والإجحاف في حقوقه، فهو في النهاية عصبُ الوطن وقلبُه النابض.
بين الزحام والبصيرة
لسنا ضد التطور، ولا ضد الطموح، ولكن التقدم الحقيقي لا يكون بالمظاهر، بل بالعقل والوعي والانضباط.
لقد انشغلنا بالزحام الرقمي حتى أضعنا صوت العقل، وتماهينا مع الصور حتى نسينا جوهر الإنسان.
والواجب اليوم أن نعيد ترتيب سُلم القيم في عقولنا، وأن نُدرب أبناءنا على الصبر لا على الشهرة، وعلى الإتقان لا على المظاهر، وعلى الفعل لا على القول.
ومضة وعيٍ أخيرة
الوطن لا يحتاج إلى مزيدٍ من "المتأثرين" بالسلوكيات الخاطئة، بل إلى مزيدٍ من "المؤثرين" بتطبيق المبادئ الإسلامية والتخلق بالأخلاق الفاضلة.
نحتاج أن نحدد وجهتنا الصحيحة نحو أهدافنا الحقيقية لا الخيالية، وأن نعلم أبناءنا أن القيمة في ما تُقدمه لا في ما تُظهره.
ولنمضِ نحو مُستقبلٍ مشرق، ولنجد الوقت للإنصات والتفكر، وألا ندع زحمة المظاهر تبتلع صوت العقل وحكمته.