الحسيني لـ"الرؤية": الإحصاء أصبح لغة القرار في عُمان.. والبيانات ركيزة للتنمية المستدامة
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
الرؤية- سارة العبرية
أكد الدكتور يحيى بن خميس الحسيني رئيس مجلس إدارة الجمعية العُمانية للإحصاء، أن عملية الإحصاء تحوِّل الرؤية إلى أرقام قابلة للقياس، والأرقام إلى قرارات قابلة للتنفيذ، مشيرًا إلى "أن الإحصاء اليوم أصبح لغة القرار في سلطنة عُمان".
وتحتفل سلطنة عُمان باليوم العالمي للإحصاء الذي يوافق 20 أكتوبر، والذي يرفع هذا العام شعار "إحصاءات وبيانات عالية الجودة لفائدة الجميع"، وهو ما يعكس الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي لجودة البيانات ودورها في دعم التنمية المستدامة وصناعة القرار.
وقال الحسيني- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- إن التحول نحو الاقتصاد الرقمي القائم على المعرفة وجعل البيانات الموثوقة أساسًا لقياس الأثر واستهداف الموارد وتقييم البدائل، وهو ما ينسجم مع أولويات رؤية عُمان 2040 المتمثلة في حكومة رشيقة واقتصاد تنافسي ومجتمع ممكن بالمعرفة".
وبيّن أن الإحصاءات الرسمية ولوحات المؤشرات تؤدي ثلاث وظائف رئيسية، إذ تُمكّن من تصميم السياسات بكفاءة أعلى في مجالات الدعم والبرامج الاجتماعية وتمكين الاستثمار، وتساعد على المتابعة والتقويم من خلال التركيز على مؤشرات النتائج لا المخرجات فقط، كما تعزز المساءلة والشفافية عبر البيانات المفتوحة وبناء الثقة العامة.
وأشار الحسيني إلى أن التحديات التي تواجه الجهات الإحصائية في الوقت الراهن هي تحديات نوعية أكثر من كونها كمية، موضحًا أن أبرزها يتعلق بحوكمة البيانات وجودتها من خلال توحيد التعاريف والمعايير لضمان القابلية للمقارنة، إلى جانب التوازن بين الانفتاح وحماية الخصوصية والأمن، فضلًا عن ضرورة مواجهة التحيزات الخوارزمية عند استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ووضع ضوابط أخلاقية واضحة. كما لفت إلى وجود فجوة مهارية تتطلب كفاءات تجمع بين الإحصاء التطبيقي وعلم البيانات والهندسة السحابية، مؤكدًا أهمية تقليص الفجوة الزمنية في إتاحة البيانات وتحديثها بشكل شبه لحظي دون المساس بالمنهجية العلمية.
وأضاف أن هناك حاجة ماسّة إلى إطار وطني شامل لحوكمة البيانات وجودتها وتعميم المعايير الدولية مثل (SDMX) وإنشاء مختبرات بيانات قطاعية تسهم في رفع كفاءة العمل الإحصائي في مختلف المجالات.
وأوضح أن الوعي المجتمعي بأهمية الإحصاء يتنامى بشكل واضح، لكنه لا يزال غير متكافئ بين المؤسسات والأفراد، إذ تُظهر المؤسسات المالية والقطاعية تقدماً في هذا المجال، بينما يحتاج الأفراد وقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى مزيد من التمكين.
وأكد الحسيني أن تعزيز هذا الوعي يتطلب تبسيط المفاهيم الإحصائية من خلال قصص بيانات تربط الأرقام بحياة الناس اليومية مثل الأسعار والوظائف والتعليم والصحة، إضافة إلى تطوير منصات تفاعلية عبر الهواتف الذكية، وإدماج محو الأمية الإحصائية في المناهج الدراسية وبرامج التدريب المهني حتى يتحول شعار "بيانات للجميع" إلى ممارسة واقعية تُسهم في اتخاذ قرارات اقتصادية رشيدة.
وبيّن أن مشروع التعداد الإلكتروني للسكان والمساكن والمنشآت لعام 2020 شكّل نقلة نوعية من أسلوب العد الميداني التقليدي إلى نموذج السجلات الإدارية المترابطة، ما حسّن الدقة الجغرافية وسرّع إتاحة البيانات وخفّض الكلفة، كما وفّر إطارًا حديثًا للمعاينة عبر مختلف القطاعات، مضيفا أن المنصة الوطنية للبيانات المفتوحة أسهمت في ترسيخ مبدأ الشفافية وإتاحة البيانات لرواد الأعمال والباحثين، الأمر الذي أوجد قيمة اقتصادية وخدمات رقمية مبتكرة قائمة على المعرفة.
وأكد الحسيني أن مستقبل مهنة الإحصاء في سلطنة عُمان واعد؛ إذ تتجه المهنة نحو المهارات الهجينة التي تجمع بين الإحصاء والبرمجة والحوسبة السحابية وحماية الخصوصية والتحليل السببي، داعيًا إلى إنشاء أكاديمية وطنية للبيانات والإحصاء تقدم برامج تدريبية قصيرة ومتخصصة، وإقرار نظام اعتماد مهني وطني يضمن الالتزام بمعايير أخلاقية واضحة. كما دعا إلى إنشاء مختبرات بيانات قطاعية بين الحكومة والجامعات والقطاع الخاص، وإطلاق برامج زمالة وتدريب تعاوني لطلبة الإحصاء وعلم البيانات داخل الجهات الحكومية، إضافة إلى تعريب الأدوات والمعايير وتوحيد لوحات المؤشرات في مختلف القطاعات.
وتابع قوله: "أن سلطنة عُمان لن تتمكن من تحقيق مستهدفات رؤيتها 2040 إلا من خلال بيانات موثوقة تُقاس بجودة ومنهجية وتُنشر بشفافية وتُستخدم بذكاء لصناعة قيمة اقتصادية واجتماعية، داعيًا إلى أن يتحول كل رقم إلى منفعة عامة، وكل مجموعة بيانات إلى قرار يغيّر الواقع نحو الأفضل".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
خطة أمريكية تثير الجدل.. بيانات البريد والتواصل الاجتماعي شرط لدخول الولايات المتحدة
واشنطن - الوكالات
تعمل هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية (CBP) على دراسة مقترح جديد يفترض أن يفرض على المسافرين القادمين إلى الولايات المتحدة، خصوصًا عبر برنامج الإعفاء من التأشيرة (ESTA)، تقديم مجموعة واسعة من البيانات الشخصية قبل دخولهم البلاد، في إطار ما وصفته الإدارة الأميركية بخطة لتعزيز إجراءات التدقيق الأمني.
وبحسب الوثائق المنشورة في السجل الفيدرالي، يتضمن المقترح طلب أرشيف حسابات التواصل الاجتماعي للمسافر خلال السنوات الخمس الماضية، إلى جانب عناوين البريد الإلكتروني وأرقام الهواتف المستخدمة خلال آخر عشر سنوات. كما يشمل جمع بيانات عن أفراد الأسرة الأساسيين مثل الوالدين والأشقاء والأبناء، إضافة إلى معلومات السكن ووسائل الاتصال في بلد الإقامة.
ويمتد المقترح ليشمل إمكانية طلب بيانات بيومترية إضافية، مثل بصمات الوجه واليدين، بينما قد تشمل بعض الحالات بيانات أكثر تعقيدًا بحسب ما يرد في النظام المقترح.
وأكدت تقارير إعلامية أميركية أن هذه الخطة تأتي ضمن توجه جديد لإدارة الرئيس دونالد ترامب لتشديد إجراءات الفحص الأمني للمسافرين، بينما أثار الإعلان موجة واسعة من الجدل والانتقادات من قبل جهات حقوقية اعتبرت أن الخطوة تمثل انتهاكًا للخصوصية وتجاوزًا للمعايير الدولية لحرية التعبير.
وحتى الآن، لا يزال المقترح في مرحلة التعليقات العامة، ولم يتحول إلى قانون أو قاعدة نهائية ملزمة. ومن المتوقع أن يخضع لمرحلة مراجعة موسعة قبل اتخاذ القرار بشأن اعتماده أو تعديله.
ويشير مراقبون إلى أن تطبيق هذه القواعد — في حال إقرارها — سيحدث تحولًا كبيرًا في إجراءات الدخول إلى الولايات المتحدة، خصوصًا لمواطني الدول الـ 42 المشمولة ببرنامج الإعفاء من التأشيرة.