- الاستفادة من التكنولوجيا وتعزيز استخدامها في التدريب والتوظيف

- دراسة تعزيز العمل المرن وعن بُعد وتنظيم اقتصاد العمل الحر

يخوض طلبة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية تخصص الإدارة تجربة مقررة فريدة من نوعها صُممت لتجهيزهم في البحث العلمي والابتكار لإدارة الموارد البشرية، والتي تتمحور في حلقات نقاش حول استكشاف الاتجاهات الحديثة في المجال وتحديد فوائدها وأبرز مشكلاتها في دول العالم وسلطنة عمان والبحث عن الحلول المناسبة للسياق العماني لتجنب المشكلات أو معالجتها بتوظيف تقنية الذكاء الاصطناعي.

وقامت الفرق البحثية الطلابية في هذا الصيف بدراسة عدد من المواضيع الحديثة مثل تعزيز العمل المرن والعمل عن بُعد، وأهمية تنظيم اقتصاد العمل الحر لتجنب المشكلات المصاحبة له والاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التدريب والتوظيف في سلطنة عمان وكل ذلك من خلال الاطلاع على التجارب العالمية وكيفية تسخيرها في سلطنة عمان لرفع كفاءة الموارد البشرية وتعزيز الإنتاجية في القطاعين العام والخاص.

"عمان" اقتربت من طلبة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الذين خاضوا هذه التجربة للاطلاع على أهم مشاريعهم البحثية والمساعدة في نشر مقترحاتهم للمجتمع العماني.

وقالت الدكتورة مسعدة بنت أحمد الجهورية، أستاذ مساعد في التغيير التنظيمي وإدارة الموارد البشرية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة السلطان قابوس ومدرس المقرر: حينما صممتُ مقرر "حلقات نقاش في إدارة الموارد البشرية" أردته أن يكون مختلفا فهو بلا كتاب ولا محاضرات تقليدية ولا اختبارات والهدف منه هو تعريف طلبة التخصص وتجهيزهم لعالم الندوات والمؤتمرات وحلقات النقاش وتدريبهم على كيفية تحديد المشكلات العصرية وجمع المعلومات من المصادر الموثوقة بتوظيف التقنيات الحديثة وتنظيم أفكارهم في خرائط ذهنية وتجميع نتائج أبحاثهم ومناقشاتها بشكل احترافي واقتراح الحلول المناسبة للسياق العماني إلى جانب البحث في المجلات العلمية والوثائق والمستندات الرسمية والقنوات الإخبارية وتسجيلات يوتيوب من جامعات عالمية، حيث يجري الطلبة لقاءات مع المعنيين في الحكومة والقطاع الخاص لمعرفة آخر ما توصلت إليها المؤسسات في المجال، وثم يقوم الطلبة بعقد حلقات نقاش وفقا لمنهجية علمية متبعة في أرقى الجامعات العالمية وتقديم عروض شفهية حول ما توصلوا إليه من خلال البحوث العلمية، وآخر نشاط في المقرر هو معرض لملصقات الطلبة يعرضون فيه علمهم الجديد وحلولهم المقترحة بطرق إبداعية، ويحضر المعرض طلبة التخصص وطلبة الدكتوراة والأكاديميون والمديرون من القطاعين لتبادل المعرفة.

العمل المرن

وأكد قصي بن محمد المرزوقي الذي يعمل وفريقه على مشروع بحثي حول "دور العمل المرن في تعزيز نجاح الشركات" أن العمل المرن أصبح أكثر شيوعا في سلطنة عمان وحول العالم لعدد من الأسباب، منها التطورات في الإنترنت وبرامج وتطبيقات الهواتف المحمولة التي أدت إلى تسهيل عمل الموظفين عن بُعد، وكذلك مطالبة الموظفين بالمزيد من المرونة في أماكن وأوقات العمل، وإدراك بعض الشركات الفوائد المالية وحياة أفضل لموظفيها وتكمن أهم هذه الفوائد في زيادة الإنتاجية، وتقليل التوتر، وتحسين التوازن بين العمل والحياة، إضافة إلى انخفاض معدل التغيب عن العمل، وانخفاض التكاليف.

وأضاف بأن إلى جانب الفوائد هناك بعض التحديات للعمل المرن منها صعوبة إدارة الموظفين وذلك لأن تتبع الموظفين الذين يعملون بجداول مرنة والتأكد من التزامهم بالمواعيد قد يكون أمرًا صعبًا، والتحدي الآخر هو أن ترتيبات العمل المرن المختلفة قد تؤدي إلى العزلة لبعض الموظفين، وقد تؤثر أيضا على ترقياتهم، لذلك يجب وضع بعض الحلول من بينها التواصل والمتابعة المنتظمة للموظفين ووضع توقعات واضحة بما في ذلك مقدار العمل المتوقع إنجازه، وساعات العمل المتوقعة، وتحديد طرق الاتصال مع توفير الأدوات والموارد اللازمة، أما فيما يخص بالعزلة فيجب تشجيع الموظفين على التواصل مع بعضهم بعضا مع ضرورة توفير الفرص لذلك، ويحث الفريق البحثي جميع المؤسسات على ضرورة وضع الأنظمة والسياسات والبرامج الواضحة لتعزيز العمل المرن من أجل الحصول على أكبر فائدة ممكنة منه.

معالجة القضايا

وتطرق سالم بن سلطان النبهاني إلى مشروع فريقه "اقتصاد العمل الحر في سلطنة عمان" قائلا: يتمتع اقتصاد العمل الحر بعدة مزايا، لكنه لا يخلو من التحديات؛ ففي الجانب الإيجابي هو يمنح الأشخاص فرصة كسب المال بلا عقود مفصلة تقيدهم مما يسهم في تحقيق توازن أفضل بين متطلبات العمل ومشاغل الحياة الأخرى ويمنحهم أيضا فرصة العمل في وظيفتين أو أكثر وكسب الخبرة وبناء المعرفة والمهارات، ولكن مع هذه المرونة المبالغ فيها تأتي بتحديات كثيرة، مثلا، غياب الحماية القانونية والأمن الوظيفي ووجود فرص عمل غير آمنة، وتذبذبات في الدخل، وغياب الرعاية الصحية، والتأمين الصحي، واستحقاقات التقاعد. ومن المهم لأي شخص يعمل في اقتصاد العمل الحر أن يكون على دراية بطبيعة الوظائف المتاحة وحقوقه والتزاماته، وكذلك أي أضرار محتملة قد تواجهه. ويمكن لصناع السياسات معالجة قضايا الاقتصاد الحر بعدة طرق، مثل وضع إطار قانوني خاص للعمل الحر يحدد ويصنف العمل الحر ويحدد مسؤوليات المؤسسات ومنصاتها الإلكترونية، وحقوق ومسؤوليات الموظفين الذين يتعاملون معهم. ويمكنهم أيضًا تشجيع العاملين في هذا القطاع على التعاون مع المدافعين عن حقوق العمال والنقابات العمالية لمساعدتهم على حل مشاكلهم والتفاوض لتحسين ظروف عملهم. ونقترح على المعنيين عقد حلقات نقاش مع كافة الأطراف المعنية والتعلم من الدول الأخرى ونشجع الأكاديميين والباحثين على إجراء دراسات علمية تمكننا من رسم أنظمة وسياسات تلبي احتياجات كافة الأطراف وتحافظ على حقوق العمال والمؤسسات.

الإنتاجية والتوازن

وأوضحت منى المعشنية حول مشروع فريقها "العمل عن بُعد وأثره على الإنتاجية والتوازن بين العمل والحياة" أن العمل عن بُعد يعد من أبرز التوجهات في وقتنا الحالي خصوصا مع ظهور الجائحة، إذ تتمثل المزايا الرئيسية للعمل عن بُعد في زيادة المرونة في التوظيف لأنه يمكن للمؤسسة توظيف أفضل الكفاءات من أي دولة في العالم وتوفير تكلفة المكاتب وكل ما يعطى للموظفين في مكان العمل من أدوات وخدمات أخرى. ويضمن العمل عن بُعد استمرارية الأعمال في أيام الكوارث الطبيعية والجوائح وأي اضطرابات بيئية أخرى. أما بالنسبة للفرد فالعمل عن بُعد يوفر تكلفة التنقل من وإلى العمل ويسمح بالتوازن بين العمل والحياة وقد يزيد من إنتاجية الموظفين إذا توفرت لهم الظروف المناسبة. ولكن لهذا النوع من العمل سلبياته أيضا فقد تحدث مشكلات في التواصل والبعض قد يشعرون بالعزلة، وهناك من قد ينقطع عن العمل بشكل متكرر بسبب الأسرة والأقارب والأصدقاء، ومن أهم تحديات هذا النوع من العمل هو سوء إدارة الوقت وعدم الانضباط. وقد ركزنا في بحثنا على جملة من الحلول لتعزيز العمل عن بُعد وذلك من خلال تحديد ساعات العمل والتواصل المنتظم مع الموظفين ومتابعة أدائهم بشكل دوري، وتوجيههم لأخذ فترات راحة منتظمة ووضع حدود واضحة بين العمل والحياة الشخصية وتدريبهم على أهمية إدارة الوقت وتحديد الأولويات لضمان إنجاز الأعمال في الوقت المناسب.

وأضافت المعشنية: إن العمل عن بُعد في سلطنة عمان لا يزال في مرحلة الفتوة؛ فقد دفعت جائحة كوفيد-19 القطاع الخاص إلى استكشاف وسائل لتقليل التكاليف وزيادة الإنتاجية، ونعتقد أن شعبية العمل عن بُعد ستزيد ولضمان نجاحه هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات والأبحاث لوضع الإطار القانوني والتنظيمي المناسب للعمل عن بُعد، وهناك حاجة لتعزيز التكنولوجيات والبنية الأساسية الرقمية في سلطنة عمان، وزيادة الوعي والمعرفة لدى المديرين والموظفين عن إدارة هذا التغيير في أدوارهم.

تطبيقات الذكاء

وقالت طيف بنت هلال المقبالية، حول مشروع فريقها "الفجوة بين الطموح وواقع استخدام الذكاء الاصطناعي في التوظيف والتدريب بسلطنة عمان": نسعى إلى زيادة الوعي بأهمية تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتحقيق أقصى استفادة من هذه التكنولوجيا وتعزيز استخدامها في التدريب والتوظيف مما سيعود بالنفع على الشركات والموظفين على حد سواء. إنّ استخدام الذكاء الاصطناعي في زيادة وتطور مستمر في العالم حيث يوفر العديد من المزايا للشركات بينها توفير الوقت والمال، وزيادة في الدقة، والسرعة في الإنجاز ورضا الموظفين. ومن الشركات العالمية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي شركة مايكروسوفت التي توفر التدريب الافتراضي للموظفين الجدد، وكذلك شركة ماكدونالدز التي تقيس أداء موظفيها باستخدام الذكاء الاصطناعي. ومن إيجابيات استخدام الذكاء الاصطناعي أنه يحلل البيانات الكبيرة بسرعة فائقة وكفاءة عالية ويوفر الوقت والمال ويساند ويسرّع اتخاذ القرارات، وممكن للذكاء الاصطناعي تصميم برامج تدريبية لتناسب احتياجات المؤسسات وكذلك احتياجات الموظفين الفردية ويمكنها المساعدة في ضمان جودة التدريب بأقل تكلفة ممكنة. ولكن على الرغم من الفوائد الكثيرة فهناك تحديات لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التوظيف والتدريب منها مخاوف حول التحيزات التي قد تنتج من البيانات التاريخية في الخوارزميات ومشكلة خصوصية البيانات والانتهاكات الأمنية المحتملة وقد يتطلب تبنّي حلول الذكاء الاصطناعي في التوظيف والتدريب تكاليف عالية وكفاءات نادرة وغالية.

وأضافت طيف: إنّ استخدام الذكاء الاصطناعي في سلطنة عُمان ما زال تحت الدراسة وربما تقف وراء هذه الفجوة التكلفة العالية، وقلة توفر الكفاءات المحلية ومقاومة البعض لتبنّي هذه التقنيات الجديدة. ولكن على الرغم من هذه التحديات فإن هناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى الإيمان بمستقبل الذكاء الاصطناعي في التدريب والتوظيف في سلطنة عُمان. وختاما، ندعو المؤسسات والشركات لتكثيف البحوث والدراسات حول استخدام الذكاء الاصطناعي في التدريب والتوظيف ونحث الأقسام التي لها صلة بالتطوير والبحوث والابتكار على دراسة استخدام الذكاء الاصطناعي بتأنٍ وندعو صنّاع السياسات إلى تحديد استراتيجية وإطار واضح يضمن الممارسات الأخلاقية في المجال ويحقق التوازن بين الحكم البشري والعمليات التي ينفذها الذكاء الاصطناعي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: استخدام الذکاء الاصطناعی فی إدارة الموارد البشریة فی سلطنة عمان فی التوظیف

إقرأ أيضاً:

توسعة الربط الجوي.. رؤية طموحة تعزز مكانة سلطنة عمان كمركز عبور عالمي

كتب-حمدان الشرقي

تسعى سلطنة عمان ممثلة بشركة مطارات عمان إلى توسعة الربط الجوي وشبكة الوجهات الدولية، واستعرض مختصون في قطاع الطيران والسفر والسياحة وفي استطلاع أجرته "عمان" أبعاد هذا التوسع على النمو الاقتصادي، وتحفيز القطاعات غير النفطية، وزيادة التدفقات السياحية، وتعزيز دور السلطنة كمركز عبور جوي عالمي، مشيرين إلى أن التوسع في الربط الجوي بإضافة خطوط طيران جديدة من مختلف الوجهات العالمية يسهم بشكل مباشر في تنشيط حركة السفر والسياحة، ويفتح آفاقا واسعة أمام قطاعات النقل والخدمات والضيافة، مؤكدين على أن الاستثمار في هذا المجال يُعد رافدًا مهمًّا في مسيرة التحول الاقتصادي الذي تنشده السلطنة في السنوات القادمة.

في البداية، قال المهندس حمود بن مصبح العلوي، نائب الرئيس التنفيذي للطيران العُماني: إن إضافة خطوط دولية جديدة تعد عنصرا حيويا ضمن استراتيجية الشركة التشغيلية والتجارية، مشيرا إلى أن إعادة هيكلة أسطول الطيران العماني تخضع لتقييم دقيق لمدى جدوى كل مسار دولي جديد، مع مراعاة مدى توافقه مع الأهداف الإستراتيجية طويلة المدى، وذلك لضمان استدامة الربحية.

وحول التنسيق بين الناقل الوطني وشركة مطارات عمان أفاد بأن هناك تنسيقا مباشرا ومكثفا مع شركة "مطارات عُمان" قائم على تكامل الإستراتيجيات، لا سيما خلال المواسم السياحية مثل موسم الخريف، وذلك لتوفير تجربة سفر متكاملة وسلسة للمسافرين، حيث يشمل التعاون جداول الرحلات، والتخطيط التشغيلي، ومناولة الأمتعة، وخدمات الضيوف، بما يضمن ترابطًا فعالًا بين الرحلات الدولية والداخلية.

وأشار إلى أن المنافسة المتزايدة مع شركات الطيران منخفضة التكلفة تمثل تحديًا على كل شركات الطيران، لكنها تخدم فئة مختلفة من المسافرين، وأكد أن الطيران العُماني -باعتباره شركة متكاملة الخدمات- يركز على تقديم تجربة سفر راقية تتميز بجودة عالية وتجسد الضيافة العُمانية الأصيلة، الأمر الذي يعزز موقع الشركة التنافسي في السوق.

وأوضح العلوي أن المحافظة على الحصة السوقية تشكل تحديا دائما لأي شركة طيران في ظل التوسع المتسارع للربط الجوي في المنطقة، وبالنسبة للطيران العماني لا يقتصر التحدي فقط على الحفاظ على الحصة السوقية، بل يشمل السعي للنمو بطريقة ذكية ومستدامة من الناحية المالية والاستراتيجية، وهو ما تعمل عليه الشركة ضمن برنامج تحول شامل يشمل تركيز الجهود على المسارات ذات الطلب المرتفع والمستدام، وبناء شراكات استراتيجية مثل الانضمام الأخير إلى تحالف "oneworld"، بالإضافة إلى تطوير المنتجات وتحسين تجربة الضيوف باستمرار، مع التمسك بالمرونة كعنصر أساسي في مواجهة تقلبات السوق.

إضافة نوعية

من جانبه أوضح الدكتور خالد بن عبدالوهاب البلوشي، مختص في قطاعي السياحة والطيران: إن التوسع في الربط الجوي الدولي يمثل إضافة نوعية مباشرة للناتج المحلي الإجمالي، لما يحمل من تأثير إيجابي على المستويين التشغيلي والخدمي، وبيّن أن زيادة عدد الرحلات الجوية الدولية لا يقتصر تأثيرها على تنشيط الحركة السياحية، بل يمتد ليشمل خدمات المطار، كالتموين، والخدمات الأرضية، والشحن الجوي، والأسواق الحرة، وغيرها من الأنشطة الداعمة.

وأشار إلى أن هذا التوسع يسهم في خلق فرص عمل جديدة، ويمنح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأسر المنتجة منصات أوسع للاستفادة من التدفق السياحي والتجاري، مؤكدًا أن الربط الجوي يعزز الحراك الاقتصادي العام داخل السلطنة.

تكامل الأدوار

وأكد الدكتور البلوشي بأن المخاوف من أن تؤدي الزيادة في عدد شركات الطيران الأجنبية إلى الإضرار بشركات الطيران المحلية غير مبررة، مشددًا على أهمية تكامل الأدوار بدلا من التنافس، وأشار إلى أن انضمام الطيران العماني إلى تحالف "one world" يتيح له الربط مع شبكات عالمية، ويفتح آفاقا لتوسيع حضوره الدولي، مما يعزز مكانة السلطنة كمركز عبور جوي مهم في المنطقة.

وبيّن الدكتور أن القطاعات غير الجوية، وفي مقدمتها السياحة والضيافة والخدمات اللوجستية، هي المستفيد الأكبر من هذه التوسعات، فمع زيادة عدد الرحلات والوجهات سيرتفع عدد السياح مما ينعكس على إشغال الفنادق، وزيادة الطلب على المطاعم، وسيارات الأجرة، والمتاحف، والأنشطة الترفيهية.

وحول مؤهلات سلطنة عمان للتوسع بالنقل الجوي أفاد بأن سلطنة عمان تمتلك جميع المؤهلات لتكون نقطة محورية ونموذج للنقل الجوي والبحري والبري خصوصا في صلالة وصحار، حيث تتكامل المنافذ البرية وموانئ الشحن والنقل الجوي، مما يفتح آفاق التبادل التجاري والنقل العابر "الترانزيت"، ويخلق فرصًا لوجستية متقدمة.

خدمات التوقف السياحي

وأشار إلى أن تعزيز الربط الجوي يتيح استكشاف مدن عمانية داخلية مثل نزوى، وصحار، وظفار، والمواقع الشاطئية، مما يعزز من تنويع المنتج السياحي الوطني، كما أن الترويج لما يعرف بخدمة التوقف السياحي (Stopover Packages) سيسهم بدوره في توفير فرص لاستقطاب سياح البقاء القصير، عبر تقديم عروض تشمل تأشيرات مخفضة، وإقامة فندقية بأسعار ترويجية، وهذا النوع من البرامج يحتاج إلى تنسيق مشترك بين شركات الطيران، والفنادق، والجهات الحكومية المختصة، لتحقيق أكبر عائد ممكن من الربط الجوي.

نقطة عبور استراتيجية

وقال الدكتور خالد البلوشي إن موقع سلطنة عمان الجغرافي يمنحها منذ آلاف السنين دورا تجاريا محوريا، مشيرا إلى علاقاتها التاريخية مع حضارات مصر القديمة، وشرق أفريقيا، والهند، والصين، عبر تصدير اللبان والتجارة البحرية، وإن إشراف عمان على مضيق هرمز، واتصالها المباشر ببحر العرب، يجعل منها نقطة عبور استراتيجية على طرق التجارة البحرية والجوية العالمية.

وأضاف أن الموانئ الحديثة مثل صلالة والدقم وصحار، ومطار مسقط الدولي، ومطار صلالة، تمتلك جميعها بنية أساسية عالية المستوى، وتخدم شبكات لوجستية متكاملة، مما يجعل من السلطنة مركزًا محوريًّا لإعادة التصدير والشحن والصيانة البحرية من خلال الحوض الجاف بالدقم.

الاستقرار السياسي

وأشار إلى أن الاستقرار السياسي والأمني الذي تنعم به سلطنة عمان، يشكل عامل جذب مهما لشركات الطيران الأجنبية والمستثمرين في قطاعي السياحة واللوجستيات، ودائما شركات الطيران تبحث عن بيئة آمنة وموثوقة لرحلاتها واستثماراتها وهذا ما تملكه السلطنة.

وأضاف: إن وجود جهاز شرطة وجمارك متمرس، وتسهيلات تأشيرية مرنة، وشركات وطنية لوجستية مثل "أسياد"، يدعم بيئة النقل والشحن الجوي ويزيد من جاذبية السلطنة كمركز عبور إقليمي ودولي.

وأشار إلى أن هناك حراكا واضحا من قبل مطارات عمان، بالتعاون مع وزارة التراث والسياحة، لجذب شركات طيران دولية جديدة. وبيّن أن هذا التوجه يهدف لتحقيق التكامل في منظومة تعود بالنفع على الجميع، سواء من حيث زيادة التدفق السياحي أو تعزيز الخدمات الجوية المقدمة.

كما لفت إلى أن الاستثمار في البنية الأساسية الجوية في مطارات كخصب، وصحار، والحديث عن مطار الجبل الأخضر ورأس الحد، يصب في إطار دعم استراتيجية السلطنة للتحول إلى مركز إقليمي للنقل والسياحة.

البنية والربط الشامل

وأوضح أن التوسع في خدمات الطيران المروحي، وربطها مع الطيران النفاث سيثري تجربة السائح، ويتيح له خيارات متعددة للتنقل داخل السلطنة، وإنشاء محطات ومراكز شحن متطورة بالقرب من مطار مسقط، ومخازن في موانئ صلالة وصحار تتيح مرونة في استقبال وتخزين ونقل البضائع.

وأضاف أن أداء الموانئ العمانية يحظى بتقدير دولي من حيث السرعة والدقة والسلامة، ما يعزز مكانة السلطنة كميناء آمن وفعال في المنطقة.

انفتاح عالمي

ويرى عماد بن فايز الغافري، خبير السفر الاقتصادي: إن التوسع في شبكات الربط الجوي لسلطنة عمان يمثل نقلة نوعية في مسيرة السلطنة نحو الانفتاح العالمي سياحيا واقتصاديا، وهو ما سينعكس على تعزيز مكانة السلطنة كوجهة جاذبة ومتجددة.، مشيرا إلى أن الربط الجوي لا يُقاس فقط بعدد الوجهات بل بنوعية الرحلات، وخدمات الطيران، وقدرة عمان على استيعاب التدفق المتوقع من المسافرين سواء كانوا سياحًا أو مستثمرين أو عابرين.

وأضاف الغافري: إن من أبرز الآثار المباشرة لتوسيع شبكة الوجهات الجوية هو دعم القطاع السياحي، الذي يُعد من أهم روافد التنويع الاقتصادي في رؤية عمان 2040، فالربط الجوي الفعال سيتيح وصول السياح من أسواق مختلفة مثل: أوروبا، وآسيا، وشرق أفريقيا، ويزيد من مدة الإقامة المتوقعة كما سيسهم بدوره في زيادة معدلات الإنفاق للسياح القادمين وخاصة في الفنادق والمطاعم والأنشطة الترفيهية والثقافية، الأمر الذي ينعكس على ارتفاع مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي.

ويرى أن الوجهات الجوية الجديدة تفتح نوافذ اقتصادية غير تقليدية، مثل تعزيز قطاع المعارض والمؤتمرات (MICE tourism)، واجتذاب فئات نوعية من السياح مثل المغامرين ومحبي الطبيعة والسياحة البيئية، ما يتناسب مع طبيعة عمان المتنوعة جغرافيا وثقافيا.

ثقافة السفر

وأشار الغافري إلى أن حضور شركات الطيران الاقتصادي في مشهد الربط الجوي يخلق تحولا حقيقيا في ثقافة السفر داخليا وخارجيا، حيث إن الأسعار التنافسية التي تقدمها هذه الشركات تتيح للمواطنين والمقيمين السفر بتكلفة أقل، مما يحفز الطلب ويُشجّع الأفراد على خوض تجارب سياحية جديدة.

وقال إن هذه الخطوط تُعد عامل جذب للسياح من الفئات المتوسطة والباحثين عن رحلات قصيرة وميسورة، وهي فئات ذات تأثير مباشر في إنعاش الاقتصاد المحلي. ويرى أن من الضروري وجود تنسيق أكبر بين الشركات الوطنية والمطارات وشركات السياحة لتوفير حزم سفر متكاملة بأسعار مشجعة تشمل الطيران، والإقامة، والتنقل، والأنشطة السياحية.

امتياز جغرافي

وبيَّن الغافري أن سلطنة عمان تمتلك موقعا جغرافيا مثاليا يؤهلها لأن تكون مركزا مهما للعبور الجوي بين الشرق والغرب، خاصة مع ما تتمتع به من استقرار سياسي ومناخ استثماري جاذب. هذا الموقع يمكن أن يخدم رحلات الربط بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، ويجعل من مطارات السلطنة نقطة توقف مفضلة للعديد من شركات الطيران الأجنبية، ما يعني زيادة الإيرادات من خدمات المطارات والضيافة وقطاع الشحن الجوي.

وأضاف أن هذا الامتياز الجغرافي يجب أن يُستثمر ليس فقط في نقل المسافرين، بل في الترويج الذكي للسلطنة كوجهة "تستحق التوقف والاكتشاف"، من خلال عروض عبور (Transit) تشمل جولات قصيرة في المدن، وتجارب تراثية وثقافية.

البنية السياحية

وفي ختام حديثه، لفت الغافري إلى أهمية الاستعداد المستقبلي وتهيئة البنية الأساسية علاوة على ضرورة التسويق الفعال للمواقع السياحية بسلطنة عمان قائلا: إن التوسع في الربط الجوي يحتاج إلى استعداد ميداني متكامل، يشمل تطوير البنية السياحية في مختلف الولايات، وتسهيل الوصول إلى المواقع الطبيعية والثقافية، ورفع جودة الخدمات المقدمة في الفنادق والمرافق الترفيهية، ومن الضروري وجود استراتيجيات تسويقية خارجية تستهدف تعريف الأسواق العالمية بجماليات السلطنة، وما تقدمه من تجارب سياحية فريدة، بدءًا من صلالة في الجنوب، إلى الجبل الأخضر، ووصولًا إلى رمال الشرقية، كما ويجب علينا أن نولي أهمية بتوظيف المحتوى الرقمي والمؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي لنقل صورة عمان إلى الخارج بطريقة عصرية وجاذبة.

مقالات مشابهة

  • "التراث والسياحة" تفتتح ركن النيازك بفندق ماندارين أورينتال
  • توسعة الربط الجوي.. رؤية طموحة تعزز مكانة سلطنة عمان كمركز عبور عالمي
  • نجاح عملية إكثار وتوطين النمور العربية في سلطنة عمان
  • الموارد البشرية والتوطين تخالف 40 مكتباً لاستقدام العمالة المساعدة في الدولة خلال النصف الأول
  • فندق وشقق موڤنبيك غلا مسقط: أرشد محمود يُكرّم كأحد أكثر المدراء العامين تأثيرًا في سلطنة عُمان
  • نائب أمير حائل يستقبل مدير فرع صندوق تنمية الموارد البشرية “هدف” بالمنطقة
  • مُحافظ جدة يستقبل مدير عام فرع وزارة “الموارد البشرية” بمنطقة مكة
  • سلطنة عمان شريك فعال في المنصة الموحدة لرياضة المرأة الخليجية
  • 4.9 مليار ريال إجمالي إيرادات سلطنة عمان في أول 5 أشهر من العام الجاري
  • قبلة حفلة كولدبلاي تطيح بمسؤولة الموارد البشرية في شركة أسترونومر الأميركية