(احترام الآخر وحرية ممارسة الشعائر)
تاريخ النشر: 23rd, October 2025 GMT
لا يُوجد دين احترم للآخر حرية ممارسة شعائره الدينية، وحافظ على دور العبادة لغير أتباعه كما فعل الإسلام، بل وأعطاهم حق تحكيم شرائعهم فيما يتعلق بأحوالهم الشخصية، فقد رُوِيَ أن رجلًا يقال له: الحصين كان له ولدان على غير دين الإسلام وهو مسلم، فسأل النبى صلى الله عليه وسلم عما إذا كان يجوز له إكراههما على أن يتركا دينهما ويعتنقا دين الإسلام، فنهاه النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وروى ابن إسحاق فى «السيرة» واللفظ له، والبيهقى فى «دلائل النبوة» عن محمد بن جعفر بن الزبير: «أن وفد نجران قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فدخلوا عليه فى مسجده حين صلى العصر،.. وقد حانت صلاتهم، فقاموا يُصلون فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم – فأراد الناس منعهم – فقال رسول الله صلى عليه وآله وسلم: دَعُوهُم. فصلَّوْا إلى المشرق»، وعندما حضر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى إيلياء لعقد الصُلْحِ مع أهلِها نظر - ووراءه جيشه - إلى بناء بارز قد ظهر أعلاه وطمس أكثره، فسأل: ما هذا؟ قالوا: هيكل لليهود قد طمسه الرومان بالتراب، فأخذ من التراب بفضل ثوبه، وألقاه بعيدًا، فصنع الجيش صنيعه، ولم يلبثوا إلا قليلًا حتى بدا الهيكلُ وظهر ليتعبد فيه اليهودُ»، وذكر الكاتب المسيحى الدكتور وليم سليمان قلادة فى كتابه: «المسيحية والإسلام فى مصر ودراسات أخرى»: أن والى مصر «عباس الأول» كان يُبغض النصارى؛ فأخرج منهم من كان يتولى منصبًا حكوميًّا، ونالهم أذى واضطهاد شديد، ولما ثار غضبه عليهم أمر بإخراج جميع المسيحيين من الأراضى المصرية، ونفيهم إلى السودان، وأرسل إلى شيخ الإسلام وشيخ الأزهر يومئذ الشيخ إبراهيم الباجورى يسأله فى ذلك، فلما جلس الشيخ قال له: «أسألك أمرًا لا تنكره علي»، قال: «ما هو يا أمير؟»، قال:«إنى أقصد تَبعيد – طرد – النصارى كافة عن بلادى، ومقر حكومتى إلى أقصى السودان، وقد دبرت لذلك تدبيرًا – فما قولك؟»، فقطَّب الشيخ وجهه وقال:«الحمد لله الذى لم يطرأ على ذمة الإسلام طارئ، ولم يستولِ عليه خلل حتى تغدر بمن هم فى ذمته إلى اليوم الآخر، فلماذا هذا الأمر الذى أصدرته بنفيهم، فغضب عباس وقال لأتباعه: خذوه عنى.
وذكر على باشا مبارك فى «خططه»: أنه حدث خلاف بين بطريق الكنيسة القبطية «بطرس السادس» والذى كان يتمسك بتطبيق القوانين الكنسية على أبناء الكنيسة فى مسائل الزواج والطلاق- مع كبير الأمراء فى ذلك الوقت الأمير «ابن إيواظ» على أمر من هذه الأمور، وناصر ابنَ إيواظ كثيرٌ من أهل الرأى والمكانة، ومع شدة الخلاف لم يجد الأمير والبطريق غير الأزهر الشريف ليفصل فى الأمر، فعرضوا النزاع على علماء الأزهر؛ فأفتوا بحق «بطرس السادس» فيما يطلب، ونصروه على ابن إيواظ، وكان هذا الأخير رجلًا عادلًا حكيمًا، فرضى حكمَ العلماء، واستصدر من الوالى أمرًا بتمكين البطريق مما يطلب، وألا يتعرض له أحد بذلك، هذا هو الإسلام وهذا هو شرعه الحكيم ومبادئه السامية.
من علماء الأزهر والأوقاف
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: هذا هو الإسلام العبادة لغير صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
هل يستجاب الدعاء وقت نزول الأمطار؟.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: هل وقت نزول الأمطار يُعدُّ من الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء؟
وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: الدُّعاءَ عند نزول المطر من الأوقات التي يُستَجَاب فيها الدعاء، لأنَّها أوقات مِنَّةٍ وفَضْلٍ ولُطْفٍ ورحمة من الله على عباده كما دَلَّت على ذلك السنة النبوية المشرفة.
ما ورد في السنة النبوية في فضل الدعاء وقت نزول المطر
اصطفى الله تعالى بعض المواطن والأوقات وجعلها مظنَّةً لإجابة الدعاء رحمةً منه وتفَضُّلًا على عباده؛ ومن هذه الأوقات: الدعاء عند نزول المطر؛ لأنَّها أوقات مِنَّة وفضل ولطف ورحمة من الله على عباده، كما في الحديث الذي رواه أبو داود والحاكم بلفظه عن سهل بن سعد رضي الله عنه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ثنتان ما تُرَدَّان: الدُّعاء عند النداء، وتحت المطر» أي: عند نزوله.
قال العلامة المناوي في "فيض القدير" (3/ 340، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [أي: دعاء من هو تحت المطر لا يُرَدُّ أو قلَّمَا يُرَدُّ، فإنَّه وقت نزول الرحمة، لاسِيَّمَا أول قطر السنة، والكلام في دعاءٍ متوفر الشروط والأركان والآداب] اهـ.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَيُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ: عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَعِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ، وَعِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَعِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ» أخرجه البيهقي في "المعرفة"، والطبراني في "الكبير".
وروى الإمام الشافعي في "الأم" عن عبد العزيز بن عمر عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اطْلُبُوا إجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْتِقَاءِ الْجُيُوشِ، وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَنُزُولِ الْغَيْثِ».
نصوص الفقهاء الواردة في استجابة الدعاء وقت نزول الأمطار
كما استدل الفقهاء بالآثار التي تدُلُّ على استحباب الدعاء أثناء نزول المطر على أنَّ الدعاء حال نزول المطر مستجاب؛ من ذلك: حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رأى المطر يقول: «اللهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» رواه البخاري. وفي لفظ لأبي داود أنه كان يقول: «اللهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا».
قال الإمام الطحطاوي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (1/ 553، ط. دار الكتب العلمية): [ويستحب الدعاء عند نزول الغيث؛ لما ورد من استجابة الدعاء عنده] اهـ.
وقال العلامة ابن رشد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (1/ 224، ط. دار الحديث): [أجمع العلماء على أنَّ الخروج إلى الاستسقاء، والبروز عن الِمصْر، والدعاء إلى الله تعالى والتَّضرُّع إليه في نزول المطر سُنَّة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 96، ط. دار الفكر): [قال الشافعي: وحفظت عن غير واحد طلب الإجابة عند نزول الغيث وإقامة الصلاة] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "شرح منهج الطلاب" (2/ 126، ط. دار الفكر): [(و) أن (يقول عند مطر: اللهم صيّبًا) بتشديد الياء، أي: مطرًا (نافعًا) للاتباع، رواه البخاري، (ويدعو بما شاء)؛ لخبر البيهقي: «يستجاب الدعاء في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف، ونزول الغيث، وإقامة الصلاة، ورؤية الكعبة»] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 327، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب الدعاء عند نزول الغيث؛ لما رُوِي أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اطلبوا استجابة الدعاء عند ثلاث: عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة، ونزول الغيث»] اهـ.