في مشهد غير مسبوق، أقرّ أميركي بجريمة قتل والديه ودفنهما قبل 8 سنوات أمام الكاميرا بعد سلسلة من الأسئلة الدقيقة والمباشرة طرحها عليه غريغ فلويد مراسل قناة "سي بي إس 6" (CBS6) الإخبارية في مقاطعة ألباني بمدينة نيويورك.

ويعود الفضل في كشف الجاني لورانز كراوس (53 عاما)، وفق معهد بوينتر للصحافة، إلى براعة فلويد المهنية أثناء حواره مع المشتبه فيه، وما إن انتهت المقابلة وغادر كراوس القناة حتى قُبض عليه فورا.

وأثار هذا الكشف المذهل وسائل الإعلام المحلية والدولية، لكن المقابلة لم تكن نتيجة تحقيق مطول أو أسابيع من التغطية الصحفية، بل كانت حدثا مرتجلا لم يكن لدى الصحفي فلويد سوى دقائق معدودة للتحضير له.

وخلال مسيرته المهنية على مدى 46 عاما، أجرى فلويد العديد من المقابلات الصعبة، ولكن لم تكن أي منها كتلك التي بُثت الشهر الماضي، وأظهرت هدوءه وخبرته لاستخلاص الحقيقة.

وبعد دقيقتين فقط من بدء التصوير، وصف خلالهما كراوس تدهور صحة والديه المسنين اللذيْن عُثر على جثتيهما في الفناء الخلفي لمنزلهما، سأله فلويد "هل قتلت والديك رحمة بهما، لتخلّصهما من معاناتهما؟".

Lorenz Kraus confesses to killing his parents in a CBS6 Exclusive Interview.

More:https://t.co/HBP72rjzZH pic.twitter.com/BzcbyPHdyG

— CBS 6 Albany – WRGB (@CBS6Albany) September 26, 2025

يقول فلويد في مقابلة مع بوينتر "كنت أحاول أن أسير على حبل رفيع، خشية أن لا يغادر، لكنني اعتقدت منذ البداية أنه يريد التحدث عن ذلك، وكان عليّ فقط أن أجد طريقة لجعله يتحدث".

وتوقف فلويد كثيرا، مما سمح لكراوس بالتعبير عن مشاعره، لكنه ظل يعود إلى الموضوع المطروح، وصاغ السؤال بطرق مختلفة حتى أقرّ كراوس أخيرا بجريمته.

فلويد: عندما مات والداك، هل كانا على علم بما يحدث لهما؟ كراوس: نعم. فلويد: وكانا يعلمان أنك من فعل ذلك؟ كراوس: نعم. إعلان

واصل الصحفي المخضرم بحذر الضغط على كراوس الذي انهار واعترف وأدلى بتفاصيل عن كيفية خنقه والديه في صيف 2017، ودفن جثتيهما بعد ذلك، معتبرا أنه وضع حدا لمعاناة والديه المسنين.

ما قبل المقابلة

وقبل المقابلة، كان فلويد وزملاؤه قد أُبلغوا عن تحقيق غريب تجريه الشرطة في منطقة سكنية هادئة في الجانب الغربي من المدينة، وأخبرت الشرطة الصحفيين أنها تنفذ أمر تفتيش يتعلق بتحقيق في جرائم مالية، ولكن في اليوم التالي، وصلت حفارة إلى منزل عائلة كراوس، وشوهد الطبيب الشرعي في الموقع، كما شوهدت حقيبتان للجثث أُخرجتا من الفناء الخلفي، قبل أن تؤكد الشرطة عثورها على جثتي شخصين.

وكان الوالدان يتلقيان مدفوعات الضمان الاجتماعي رغم أن أحدا لم يرهما منذ سنوات.

وفي اليوم التالي للعثور على الجثتين، وصلت رسالة بريد إلكتروني من الجاني كراوس إلى غرفة الأخبار في قناة "سي بي إس 6″، واتصل مدير الأخبار ستون غريسوم بالرقم الموجود في الرسالة الإلكترونية للتحقق من هوية كراوس.

وقال غريسوم لبوينتر "لم أسأله حتى عما إذا كان قد دفن والديه أو أي شيء من هذا القبيل، قلت فقط: تم انتشال جثتين من الفناء الخلفي، هل لديك أي تعليق على ذلك؟ فقال: نعم، لقد دفنت والديّ في الفناء الخلفي".

وسأل غريسوم كراوس عما إذا كان مستعدا للحضور إلى القناة لإجراء مقابلة، ليردّ بالموافقة، ويبادر مدير الأخبار فجأة إلى العمل للتحضير لمقابلة مع قاتل محتمل كان في طريقه إلى غرفة الأخبار.

وأبلغ غريسوم المدير العام للقناة، كما اتصل بالشرطة التي وافقت على إرسال ضابط بملابس مدنية إلى المحطة، وقبل دقائق قليلة من وصول كراوس، أمسك بالصحفي فلويد وطلب منه إجراء المقابلة، ليرد بالموافقة دون تردد وتُجرى المقابلة التي استمرت 32 دقيقة، وبدا التوتر واضحا فيها.

وأمضى فلويد، الصحفي الحائز على ست جوائز إيمي، معظم حياته المهنية في تغطية أخبار المساءلة الحكومية، ومواجهة المسؤولين المنتخبين بشأن الإنفاق المهدر.

ويرى معهد بوينتر أن خبرة فلويد في الضغط على الأشخاص بشأن قضايا لا يرغبون في مناقشتها جعلته مستعدا جيدا لمواجهة كراوس.

وقال غريسوم إن المقابلة يمكن استخدامها كدورة تدريبية، ليس فقط للصحفيين ولكن أيضا للمحامين ورجال القانون، بالنظر إلى البراعة التي أبداها فلويد في إدارة هذه المناقشة الصعبة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الفناء الخلفی

إقرأ أيضاً:

هل تتحرك واشنطن لإسقاط مادورو؟.. أسئلة حول استراتيجية ترامب المتصاعدة في فنزويلا

يستمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إرسال إشارات متناقضة بشأن فنزويلا، في ظلّ تصاعد التوتر بين واشنطن وكراكاس، بعد مصادرة ناقلة نفط قبالة السواحل الفنزويلية الأربعاء، في خطوة اعتبرت تصعيدا جديدا يثير تساؤلات حول طبيعة الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.

ويثير هذا التحرك جدلا واسعا بين المراقبين حول ما إذا كانت واشنطن تسعى فعلا إلى محاربة تهريب المخدرات، أم تمهد لعملية تستهدف تغيير النظام في كراكاس، خاصة مع الانتشار العسكري الواسع للولايات المتحدة في البحر الكاريبي، وتكرار الضربات ضد قوارب تتهمها واشنطن بالتورّط في الاتجار بالمخدرات.

إشارات متضاربة من ترامب
في مقابلة مع موقع بوليتيكو الثلاثاء الماضي، قال ترامب إن "أيامه باتت معدودة" في إشارة إلى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، من دون الكشف عن الآليات التي يعول عليها لتحقيق ذلك.

وعندما سئل عن استبعاد إرسال قوات برية إلى فنزويلا، تهرب ترامب من إجابة واضحة، مدركا أن عملية عسكرية واسعة لا تحظى بأي دعم سياسي داخل الولايات المتحدة. 

لكنه في المقابل أشار إلى أنه منح الضوء الأخضر لعمليات سرية داخل فنزويلا، ملمحا قبل أسابيع إلى احتمال تنفيذ عمليات برية "قريبا جدا".

ويرى ويل فريمان، الباحث في مجلس العلاقات الخارجية، أن التعزيزات العسكرية الأمريكية في المنطقة أقرب إلى "عملية نفسية تهدف إلى التخويف"، أكثر من كونها تمهيدا لعمل عسكري شامل.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏
بين مكافحة المخدرات وتغيير النظام
يشير فيل غونسون، الخبير في الشؤون الفنزويلية لدى مجموعة الأزمات الدولية، إلى أن واشنطن قد تجد نفسها محرجة إذا أمرت أسطولها بالمغادرة من دون القيام بأي تحرك ملموس، خاصة بعد نشر قوة بحرية ضخمة تضم 11 سفينة، بينها حاملة الطائرات العملاقة "جيرالد فورد".

ويرجح فريمان أن تشهد المنطقة نوعا من التدخل العسكري البري، "ربما في فنزويلا أو كولومبيا"، لكنه يستبعد أن يكون هذا كافيا لإسقاط مادورو. ومن السيناريوهات المطروحة استهداف منشآت عسكرية تزعم واشنطن ضلوعها في تهريب المخدرات، أو ضرب معسكرات "جيش التحرير الوطني" قرب الحدود الكولومبية.

كما قد تستهدف الولايات المتحدة مختبرات تصنيع المخدرات داخل فنزويلا، رغم محدوديتها، بحسب غونسون.

وتشير التقديرات إلى أن الفنتانيل — المتهم الرئيسي في أزمة الجرعات المميتة داخل الولايات المتحدة — يأتي بالأساس من المكسيك، إلا أن واشنطن صنفت عددا من كارتيلات المخدرات في أمريكا اللاتينية كـ"منظمات إرهابية أجنبية"، بما فيها "كارتيل دي لوس سوليس" الفنزويلي، وهو ما قد يستخدم كغطاء قانوني لأي هجوم.


ما الهدف النهائي لترامب؟
عندما سئل ترامب عن الهدف النهائي من التحركات العسكرية، أجاب بأنه يريد "أن يعامل شعب فنزويلا بشكل جيد". وخلال ولايته الأولى، دفع بسياسة "الضغوط القصوى" ضد كاراكاس، من دون تحقيق نتائج ملموسة.

ورغم أن ترامب لا يعرف بتفضيله لسياسات تغيير الأنظمة، ويميل لمحاولة عقد "صفقات" مع الخصوم — كما حاول سابقا مع مادورو عبر مبعوثه ريتشارد غرينيل — إلا أن وزير الخارجية الحالي ماركو روبيو دفع بقوة نحو نهج أكثر تشددا مع النظام الفنزويلي.

ويعتقد فريمان أن مادورو سيظل في السلطة، لكنه لا يستبعد احتمال التوصل إلى اتفاق ما بين واشنطن وكراكاس، يمكن لترامب تقديمه كـ"إنجاز"، مثل اتفاق حول الهجرة أو مكافحة المخدرات.

أما غونسون، فيرى أنه في حال نجحت أمريكا في إسقاط مادورو، فسيكون هناك "استنكار عالمي لاستخدام القوة"، لكن "كثيرين سيتنفسون الصعداء في الخفاء".

بين تهديدات أمريكية وحشد فنزويلي
تصاعدت التوترات خلال الأشهر الأخيرة، إذ أصدر ترامب أمرا تنفيذيا في آب/أغسطس الماضي يسمح بزيادة استخدام الجيش تحت ذريعة "مكافحة عصابات المخدرات" في أمريكا اللاتينية. وفي هذا الإطار، أعلنت واشنطن إرسال سفن حربية وغواصة إلى السواحل الفنزويلية.

بدوره، قال وزير الحرب الأمريكي بيت هيغسيث إن الجيش "جاهز لتنفيذ عمليات، بما فيها تغيير النظام في فنزويلا".

ورد مادورو بإعلان تعبئة 4.5 ملايين فرد من القوات المدنية والعسكرية، مؤكداً استعداد بلاده "لصد أي هجوم محتمل".

اتهامات بالقانون الدولي
أثارت الضربات الأمريكية ضد قوارب في البحر الكاريبي والمحيط الهادي — بزعم تورطها في تهريب المخدرات — جدلا واسعا حول شرعية ما وصف بأنه "قتل خارج نطاق القانون"، إذ استهدفت الضربات أشخاصا على متن تلك القوارب بشكل مباشر.

وتتواصل التساؤلات حول ما إذا كانت التحركات الأمريكية تمهيدا لعملية عسكرية أو جزءا من سياسة ضغط نفسي وسياسي على كراكاس، في ظل غياب وضوح حقيقي في استراتيجية إدارة ترامب.

مقالات مشابهة

  • مقتل شاب بجريمة إطلاق نار في دير حنا بأراضي الـ48
  • وزير الإعلام المصري الأسبق لـعربي21: الكاميرا يجب أن ترافق البندقية.. والبعض خان فلسطين (شاهد)
  • مقتل شاب بجريمة إطلاق نار في الداخل
  • زيلينسكي يكشف مقترحا أميركيا بشأن دونيتسك ويدعو لاستفتاء
  • هل تتحرك واشنطن لإسقاط مادورو؟.. أسئلة حول استراتيجية ترامب المتصاعدة في فنزويلا
  • النيابة تطالب بأقصى عقوبة بجريمة طفل المنشار بالإسماعيلية: إثم يهتز له الوجدان
  • الدبيبة يجيب عن أسئلة المواطنين مباشرة!
  • إحصائيات كارثية..صحفي إسباني شهير يصدم ريال مدريد بعد ليلة السيتي
  • حرب غزة تدفع بأمريكا لمضاعفة مساعدتها العسكرية للاحتلال لـ 32 مليار دولار
  • الكاميرا صورته.. القبض على عامل يوزع أموالا على الناخبين في سوهاج