جلسة حوارية حول تغطية الحروب والصراعات في عصر الصورة والذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT
تغطية- شذى البلوشية
تصوير- محمد العوفي
أقيمت مساء أمس في وزارة الإعلام جلسة حوارية بعنوان "شهود على النار.. تغطية الصراعات في عصر الصورة والذكاء الاصطناعي"، قدم فيها كلا من الإعلاميان أسعد طه وياسر الزيات حصاد تجربتها الإعلامية في مجال تغطيات الحروب والصراعات في عدد من دول العالم.
الجلسة التي أدارها الإعلامي أحمد الكندي بدأت بسرد حكاية الإعلامي ومراسل الحرب أسعد طه، والذي يعد صوتا إعلاميا في مختلف الوسائل المقروءة والسمعية والمرئية، حيث قال في سرد تجربته المهنية والعملية: "في عام 1996 كانت أول رحلة لي للسودان، وبعد وصولي إليها لأداء مهمة عمل، تلقيت اتصالا مفاده أنهم يطلبون شهادتي في محكمة العدل الدولية، ورغم ارتباكي ذهبت للمحاكمة بعد انتهاء مهمة العمل إلى لندن لحضور الجلسة والتي كانت خاصة بحرب البوسنة والهرسك حول معتقل ما وطلب مني تقديم إفادة، لأني ذهبت إلى ذاك المعتقل وكتبت عنه، وقد طلب مني أن أكون شاهد ضد المسلمين رغم اني كنت اغطي واكتب مع المسلمين في البوسنة والهرسك".
وحول تجربة العمل في حرب البوسنة والهرسك قال طه: "قررت ان اتردد على البوسنة والهرسك بعد حبي لها منذ زيارتي الأولى، ولكن بعدها وقعت الحرب، وبدأ منها طريق طويل من الصحافة المكتوبة، وبعدها الاذاعة وبعدها تلفزيون الام بي سي، وتدرجت في المهنة من جهة لأخرى"، وأضاف: "الحرب عرفتني بصحفيين كثر من كل دول العالم، ومن هذا المنطلق قررت أزور وأبحث في مناطق الحرب والصراعات، رغم أني لم أكن أعشق الحرب، ولم يكن لدي عشق لتغطية الحروب، ولكن هناك مساحة مظلمة في الحروب، وكنت حريص على كشف هذه العتمة أو الغشاوة غير المعروفة، وأنا من أنصار السير وراء قلبي".
واستطرد أسعد طه في حديثه عن مشواره في الإعلامي في تغطية الحروب حيث قال: "بعد البوسنة والهرسك وانتقالي لتغطية حرب الشيشان بدأت الأخبار في لحطة تقودني للشعور بالملل، حيث أن تكرار المشهد يشعرك بأنه لم يعد لديك شيء جديد لتقدمه، ومنها بدأت أميل للحكاية التي تختصر الحدث، وتبسط الأفكار المكعقدة، وتوصلها للناس بأسلوب بسيط ولطيف، ثم في نهاية المطاف تركت الأخبار، وانتقلت للأفلام الوثائقية". وقال: "ماحدث في غزة مؤخرا جعلني اشعر اني لم اغطي حروب، وحرب غزة تعد أشرس ما يمكن أن يراه الإنسان".
وتحدث في الجلسة أيضا الإعلامي ياسر الزيات حيث قال: "أن تغطي الحروب ليست أمرا هينا لاعلى الزملاء في الميدان، ولا على أولئك اللذين في غرف الأخبار، الأمر صعب جدا، وكوني صحفي استقصائي أقول أن رسالة الصحافة الاستفصائية هي أننا نريد ان نجعل العالم مكانا أفضل من خلال محاولة إيقاف معاناة الضحايا والمتضررين بدون نزاعات وحروب".
وحول مسيرته قال الزيات: "ربما كنت محظوظا في المسيرة المهنية، حيث عملت في اللجنة الوطنية للصليب الاحمر، وهي جهة تعمل في إطار القانون الدولي الإنساني، ومهمتها حماية ضحايا النزاعات المسلحة، ولكن لا توجد ادوات لتنفيذ هذا القانون".
وأضاف الزيات: " الحياد الذي نتحدث عنه في الصحافة غير موجود في الحقيقة، وعدم الانحياز كذلك غير دقيق، فنحن لابد بشكل او بآخر ان نرتكب حيازات، فليس معقولا في نزاع مسلح أن نكون متوازنين وموضوعيين".
وحول عمله في غرف الأخبار قال: "نحن علينا أن نجمع الحقائق، وعلينا أن نقدم الصورة الاقرب لجمهورنا، وأود ان أحيي زملائي اللذين ذهبوا لساحات الحروب لنقل الصورة الحقيقة وإيقاف الحروب، ويجب ألا نستهين بالدور الذي يقوم به زملاؤنا في تغطية الحروب ولكن خلاصة القول جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم، وجمع الأدلة عن جرائم الحرب والجرائم الإنسانية ليس بالأمر الهين، ورغم هذا لا يجب ان نستهين بما لدينا من امكانيات لتوثيق جرائم الحرب، والشيء المهم الذي يجب الانتباه له أننا كصحفيين غير مرغوب بنا في مناطق النزاع، وكلما تعاملت مع صحفي في الميدان اقول له: في حالة الخطر أولا أنت لابد أن تحافظ على حياتك".
وقدم الزيات في حديثه مجموعة من الأمثلة والأحداث التي عاشها مراسلو الحروب في الميدان وماتعرضوا له من مواجهات، وقال أن بعض الاشخاص الذين غطوا الحروب اصيبوا باضطرابات نفسية بعد انتهاء مهام عملهم.
وحول تغطية الحروب في الزمن الرقمي وعصر الصورة والتقنيات قال أسعد طه أن الأمر صار الآن مختلفا، فالمعدات كانت صعبة في عمليات التنقل والتحريك، وهو ما أصبح سهلا في الوقت الحالي مع توافر التقنيات الحديثة.
كما تحدث ياسر الزيات حول العمل الصحفي الاستقصائي حيث قال: "التحقيق الاستقصائي يقوم على منهيجة صارمة وعلى فرضية معينة ونسعى لجمع المعلومات وإثباتها، ولا مجال للخطأ، فهذا النوع من الصحافة يسمى بنوع صناعة الأعداء، فلذلك لابد أن نكون دقيقين في جمع الأدلة، والمجهود الذي يبذله الزملاء في العالم كله في هذا التخصص هو مجهود لا يمكن أن يكتفى به باستخدام الأدوات الحديثة، لابد أن تعتمد على مصادر شديدة الدقة، فالخطأ الواحد قد يفسد عملية التقصي كلها".
وحول استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الصحفي الاستقصائي قال الزيات: "أعتقد أن الصحفيون الاستقصائيون محظوظون بالذكاء الاصطناعي، فهو مجرد مساعد ولا يمكن اعتماده بشكل كامل، فنحن في العمل الاستقصائي يقودنا الشك، ولا نصدق كل ما يعطينا الذكاء الاصطناعي، ولا يمكن أن نثق به".
وقال أسعد طه حول عمل الصحفيين في الحروب: "هناك نوعيين من الصحفيين: أحدهم من يتعامل مع الأحداث بصورة عملية، وآخر من يتعامل مع الأحداث بصورة قلبية، وتغطية الحروب ليست مشكلة في حينها، ولكن المشكلة بعد انتهاء الحروب، حيث تجد نفسك بعد مرور السنون أنك تواجه أزمة ما بعد الصدمة".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: البوسنة والهرسک حیث قال
إقرأ أيضاً:
الناتو يطلق أكبر تجاربه العسكرية الرقمية في لاتفيا لاختبار الأنظمة غير المأهولة والذكاء الاصطناعي
أطلق حلف شمال الأطلسي (الناتو) أكبر تجربة عسكرية رقمية تستخدم الطائرات المسيّرة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحت إسم "DiBaX 2025"، في قاعدة "آداتشي" العسكرية بلافـتيا، في إطار مشروع العمود الفقري الرقمي التجريبي (Digital Backbone Experimentation – DiBaX)، الذي يهدف إلى دمج الأنظمة الرقمية المتقدمة عبر دول الحلف وتعزيز الجاهزية العملياتية المشتركة.
وذكرت وزارة الدفاع اللاتفية، في بيان صحفي أن تجربة هذا العام، والتى تستمر حتى 7 نوفمبر المقبل، تركز استراتيجيًا على استخدام المركبات غير المأهولة في البيئات المتنازع عليها، والتعرف على الاهداف عبر استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مهام الكشف واتخاذ القرار وتبادل البيانات فى الزمن الحقيقى بين القوات الحليفة، في خطوة تعكس التوجه المتسارع للحلف نحو التحول الرقمي العسكري المتكامل وتعزيز قدرته على العمل فى بيئات معقدة ومتعددة المجالات.
وقال وزير الدفاع اللاتفي أندريس سبروودس: "يعد DiBaX التجربة التكنولوجية العسكرية الوحيدة بهذا الحجم التي ينفذها الناتو في لاتفيا منذ أربع سنوات، مما يؤكد تطور صناعتنا الدفاعية في مجال تقنيات الجيل الخامس (5G)، ومساهمة قواتنا المسلحة في دعم الابتكار، وقدرتنا على استضافة تجارب بهذا المستوى الرفيع."
من جانبه، أوضح نائب رئيس الأركان لتطوير القدرات في القيادة العليا لتحول الحلف (SACT)، نائب الأدميرال الأمريكي جيفري دبليو هيوز، أن القيادة تضمن دمج الفرص الرقمية في أنشطة الناتو وعملياته، عبر جهود تطوير القدرات والتجارب المفاهيمية والعملياتية لتسريع إدخال القدرات الرقمية الأساسية للحلف إلى الخدمة.
وفي السياق نفسه، أكد رئيس شركة الاتصالات اللاتفية LMT، الدكتور يوريس بينده، التي تعمل كجهة دمج تكنولوجي للتجربة، أن "DiBaX ليس مجرد تجربة تقنية، بل دليل على قدرة لاتفيا على قيادة عملية التحول الرقمي داخل الناتو. ومع مرور كل عام، نلاحظ توسع المشاركة من دول أكثر، ومهام أكثر تعقيدًا، ومستويات تكنولوجية أعلى."
وأضاف بينده أن "شركات الصناعات الدفاعية المحلية أصبحت أكثر انخراطًا في التجربة، من خلال تطوير حلول ميدانية مخصصة لساحة معركة المستقبل، وهو ما يعزز التعاون بين القطاعين العام والخاص ويقوي قدراتنا الدفاعية الوطنية."
ويعد العمود الفقري الرقمي (Digital Backbone) مكوّنًا حيويًا في بنية الناتو التحتية، إذ يتيح الاتصال بين العمليات متعددة المجالات، ويعزز كفاءة التنسيق بين القوات الحليفة، وخلال التجربة ستعرض أحدث التطورات التقنية وتُختبر لإدماجها في بيئات واقعية لتعزيز قابلية التشغيل البيني والكفاءة العملياتية.
ويشرف على تنظيم "DiBaX 2025" كل من مقر قيادة تحول الحلف (SACT) ووزارة الدفاع اللاتفية والقوات المسلحة الوطنية، بينما توفر شركة LMT أحدث مواقع الاختبار بتقنيات الجيل الخامس.
وقد وجهت وزارة الدفاع اللاتفية تنبيهًا للسكان بأن رحلات جوية تجريبية لمركبات غير مأهولة بمختلف الأنواع والأحجام ستجري في أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق الحدودية مع إستونيا، خلال فترة التجربة، داعيةً المواطنين إلى عدم القلق عند ملاحظتها ومتابعة التحديثات عبر حسابات "الجيش اللاتفي" على منصتي إكس (X) وفيسبوك.