شهدت مدينة قابس، الواقعة في جنوب شرقي تونس، خلال الأيام الماضية موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية التي تحولت إلى صدامات مباشرة بين المواطنين وقوات الأمن.

وتأتي هذه الاحتجاجات على خلفية تفاقم أزمة التلوث البيئي الناتجة عن المجمع الكيميائي في المنطقة، الذي يُتهم منذ عقود بأنه المصدر الأول لتدهور البيئة وصحة المواطنين في الجهة.

وبدأت الاحتجاجات بعد تسجيل عشرات حالات الاختناق بسبب تسربات غازية سامة من وحدات الإنتاج التابعة للمجمع الكيميائي. هذا الحدث دفع مئات المواطنين للنزول إلى الشوارع، مطالبين بإغلاق المجمع نهائيًا.

وفي مقابل ذلك، استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين تجمعوا أمام مقر الولاية، ما أسفر عن صدامات عنيفة بين الجانبين.

كما أقدم بعض المحتجين على إضرام النار في مقر الإدارة الجهوية للمجمع الكيميائي، في مشهد يعكس عمق الاحتقان الاجتماعي والبيئي الذي تعيشه المنطقة.

في هذا السياق، قال عبد الباسط الحمروني، رئيس جمعية “مواطنة التنمية المستدامة” في قابس، إن الوضع البيئي في الولاية قد وصل إلى مرحلة حرجة تهدد صحة المواطنين.

وأكد أن التلوث الهوائي والبحري الناتج عن المجمع الكيميائي أصبح خطرًا يوميًا يعيشه السكان، خاصة في المناطق المجاورة مثل شط السلام، غنوش، وبوشامة.

وأوضح الحمروني أن الانبعاثات الغازية السامة مثل غاز الأمونياك تتسرب من الوحدات الصناعية إلى المناطق السكنية القريبة، ما أدى إلى زيادة حالات الأمراض التنفسية والسرطانية، خصوصًا بين الأطفال.

وأشار إلى أن هذه الحوادث الصحية أصبحت تتكرر بشكل مقلق، حيث تم تسجيل أكثر من ثلاث حالات اختناق في شهر واحد فقط، ورغم وعود الحكومة التونسية منذ عام 2017 بنقل الوحدات الصناعية إلى مناطق أخرى باستخدام تكنولوجيا نظيفة، إلا أن هذا التوجه لم يُنفذ حتى الآن.

الحمروني شدد على أن تفكيك الوحدات الملوثة أصبح مطلبًا شعبيًا عاجلاً، داعيًا إلى ضرورة اعتماد مقاربة صناعية جديدة تراعي المعايير البيئية، بحسب وكالة سبوتنيك.

من جانبها، انتقدت الناشطة السياسية أحلام كامرجي فشل الحكومات المتعاقبة في التعامل مع قضية التلوث في قابس، مشيرة إلى أن التلوث البيئي في المدينة ظل مهمشًا رغم خطورته.

وأضافت أن الحكومة تأخرت في تحركاتها، ما أفقد المواطنين الثقة في الدولة. كامرجي أكدت أن “الحق في الحياة هو حق مقدس لا يُقايض بأي اعتبارات اقتصادية أو سياسية”، مشيرة إلى أن “المجمع الكيميائي قد يكون ينتج مادة حيوية للأمن الغذائي، لكن ذلك لا يجب أن يكون على حساب صحة الناس”.

وأوضحت أن التلوث في قابس لا يهدد فقط البيئة بل يمس بشكل مباشر حياة المواطنين.

كامرجي دعت إلى تحرك حكومي عاجل لحل هذه الأزمة، مشددة على أن “البيئة ليست ورقة للمزايدات، بل قضية وطنية تتعلق بمستقبل البلاد وسلامة شعبها”.

وطالبت الحكومة بتوفير حلول واقعية ومستدامة، وتساءلت عن السبب في تأخر تنفيذ المشاريع التي كانت من المفترض أن تحل مشكلة التلوث بشكل جذري.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: التغير المناخي التلوث البيئي تحديات التغير المناخي تونس صحة الجسم قابس فی قابس

إقرأ أيضاً:

القوى السياسية العراقية تتهم الحكومة بالخضوع للابتزاز التركي في ملف المياه

5 نونبر، 2025

بغداد/المسلة: أكد سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، أن اتفاقية المياه مع تركيا تمثل خضوعاً غير مبرر لضغوط أنقرة، موضحاً أن تركيا استخدمت ملف المياه كورقة ضغط ومقايضة لتحقيق مكاسب مالية وتجارية، وهو ما منحها دوراً في إدارة السياسة المائية للعراق، على نحو وصفه بـ”الانتقاص من السيادة الوطنية”.

ويكشف المشهد المائي العراقي عن عمق الخلل البنيوي في إدارة ملف الأمن المائي، إذ بدا العراق متنازلاً عن أدواته القانونية والسياسية، في وقت تواصل فيه تركيا استخدام سدودها كسلاح صامت يغير الجغرافيا المائية للمنطقة. ويُجمع المراقبون على أن بغداد فوتت فرصاً تاريخية لتفعيل الاتفاقيات الدولية التي كانت تمنحها غطاءً قانونياً قوياً، مثل “قواعد هلسنكي” و”اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية”، ما جعل الموقف العراقي أقرب إلى الرضوخ منه إلى الشراكة.

ويؤكد خبراء القانون الدولي أن العراق كان قادراً على اللجوء إلى محكمة العدل الدولية أو تشكيل تحالف إقليمي للدول المتضررة من السياسات التركية في إدارة المياه، لكن تغليب الحلول السياسية المؤقتة على المسارات القانونية جعل الأزمة تتفاقم عاماً بعد آخر. ويُحذر مختصون من أن تجاهل هذه الأدوات يفتح الباب أمام استمرار تحويل المياه إلى ورقة ضغط تمس الأمن الوطني العراقي مباشرة، وتعيد تشكيل خارطة الريف والمدن في الجنوب والشمال معاً.

ويكشف الخبير القانوني علي التميمي أن العراق لم يستغل الأدوات القانونية التي تتيحها له اتفاقيات دولية راسخة، مثل “فيينا 1951” و”لاهاي 1995” وقرار مجلس الأمن 833 لعام 1989، التي تؤكد جميعها أن قطع المياه أو الإضرار بالدول المتشاطئة يعد جريمة ضد الإنسانية. ويضيف أن تجفيف الأهوار ونزوح السكان وموت الكائنات الحية أمثلة مأساوية على الإخفاق في اللجوء إلى العدالة الدولية، فيما ينص القانون الدولي على أن استخدام المياه كسلاح حرب يُعد شكلاً من أشكال الإبادة الجماعية.

ويبدو أن معركة المياه دخلت مرحلة تتجاوز الجفاف نحو اختبار الإرادة السياسية والقانونية في بغداد، إذ لم يعد الصراع على قطرة الماء فقط، بل على مفهوم الدولة ذاتها، وقدرتها على حماية ثروتها الأقدم والأثمن في التاريخ.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • بعد تلقي عدد من المواطنين روابط مزيفة عبر الواتساب.. تحذير من الأمن العام
  • القوى السياسية العراقية تتهم الحكومة بالخضوع للابتزاز التركي في ملف المياه
  • الاحتلال يحتجز عشرات المواطنين ويستجوبهم ويعتدي عليهم في بيت أمر بالخليل
  • الاحتلال يحتجز عشرات المواطنين بعد الاعتداء عليهم بالخليل
  • الاحتلال يحتجز عشرات المواطنين ويعتدي عليهم بالضرب في بيت أمر بالخليل
  • فيديو.. زفاف داخل "مغارة جعيتا" يثير الغضب في لبنان
  • الحكومة السودانية تدرس مقترحاً أمريكياً.. أمير قطر يدعو لوقف الحرب
  • نتنياهو يتحدث عن توسيع القوات النظامية وتعزيز قوات الاحتياط بشكل كبير
  • الاحتلال يقتحم بلدات بالضفة ويعتقل عدد من المواطنين