جسر الألفة بين الكاتب والقارئ
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
ككل الذين أحزنهم خبر رحيل شاعر السلام “كريم العراقي” شعرت بالحزن، خصوصًا وأني في وقت حاجتي للإسترخاء من خضم الحياة العملية اقرأ أو استمع لقصائده، حتى أصل للمزاج الذي أكون بحاجة للوصول إليه، لكنه رحل وككل الأدباء الذين رحلوا قبله أشعرني الأمربالألم الممزوج بالخوف، لأن رحيله خسارة للأدب والإنسانية على حد سواء، فعلاقة الكاتب بالقارئ رغم تشابكها ،إلا أنها أحيانًا تكون أعمق من صديقين، حين تبدأ بينهما منذ النصّ الأول الذي وقعت عليه عينا قارئ ويكون مفتاح ذلك كله، رغم أن الكاتب يمكنه أن يكتب القصص والقصائد دون قارئ، لكنها ستصبح دون معنى إن لم تكتشف أو تُقرأ، وبالمثل للثاني، لذلك فإن تلك العلاقة هي علاقة خاصة بينهما أوتبادل منفعة أدبية، تستمر حتى بعد وفاة الأول فإن القارئ يحيى ذكراه من خلال مؤلفاته أو شخصيات كتبه.
في الحقيقة لا يوجد شعور أجمل من إغلاق الصفحة الأخيرة من كتاب قضينا معه وقتًا ممتعاً، الأمر يشبه الانتهاء من رحلة بجانب بطل نرافقه بين الصفحات، فالكتب تغيرنا كثيرًا من خلال اكتساب أفكار وتجارب ينقلها إلينا المؤلف عبر الورق، حين نكون بحاجة لشرارة واحدة فقط تضيء لنا طريقاً كان مظلمًا بين أيامنا، أو تحفزنا لبدء حياة كنا نخاف خوضها، ولهذا على الكاتب أن يتمتع بقدرته على إعطاء الحب للقارئ من خلال منحه شيئًا يهرب إليه من معترك أيامه، أو كلمات من خلالها يشعر بالرضا عن نفسه و يقضي وقتًا ممتعًا بين السعادة والحزن أو الراحة والحماسة، فيما يتعلم وجهات نظر جديدة، لذلك يكون للكاتب مكانه خاصة ومؤثره في حياته القُراء، فالكاتب الذي يكتب بعاطفته يمكنه أن يصل لقلوبنا بسهولة، فحيث تظهر العاطفة تتألق الكلمات بصورة أعمق فنشعر وكأنها مكتوبة خصيصاً لنا وهذا أمر يمكنه أن يضفي البهجة إلينا ويخفف عنا أوجاعنا، ولهذا لا يجب الاستهانة بشعور قارئ تجاه كاتب يحبه ويدافع عنه حتى لو كان ميتًا منذ أعوام،لأن الحب هنا طبيعي مبني على عاطفة أدبية بحته وهو سبب نجاح تلك العلاقة بين شخصين لم ير أحدهما الآخر.
ولايمكن لكاتب إلا ويسقط أمرًا عن نفسه فيما يكتب، لأن الكتابة اعترافات خفية، ولهذا حين أكتب أحياناً أضع تجاربي الخاصة بين الأسطر، لأن القراءة غيرتني كثيراً ولهذا في كل مره أنشر ما أكتبه للعلن ، أختار فيه ما يشعر الآخرين بالحب أو يشعرهم بالفائدة وعلي أن أمنح القارئ شيئًا غير عادي يمكنه أن يغير فيه كما فعل الكتاب الذين أقرأ لهم.
@i1_nuha
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: یمکنه أن
إقرأ أيضاً:
الفريق العدوان يكتب : القفز الخاطئ بالمظلة . . !
صراحة نيوز- كتب الفريق المتقاعد موسى العدوان
في أوائل عقد الثمانينات الماضي، كنت أتولى منصب قائد القوات الخاصة برتبة عميد. وكان قرار القائد العام للقوات المسلحة آنذاك الشريف زيد بن شاكر – عليه رحمة الله – أن يتم تدريب جنود وضباط لواء الحرس الملكي بدورة مظليين، وتمرينهم على القفز بالمظلات. وفي أحد تمارين القفز للمتدربين، وهم شباب تقل أعمارهم عن العشرين عاما، رغبت أن أقفز قبلهم لأشجعهم على القفز.
ففي الصباح الباكر لأحد أيام تموز عام 1981، كان الطقس حارا والهواء ساكنا، لا تثور به أية نسمة هواء حتى وإن كانت خفيفة، والتي تساعد القافز على توجيه وتحريك المظلة ( T – 10 ) لبضع خطوات.
صعدت إلى طائرة ال ( C130 ) التي كانت تحمل الجنود في مطار ماركا، مرتديا مهمات القفز، والتي تتكون من مظلة رئيسية تحمل على الظهر، مربوط بها حبل مع شنكل لتعليقه في حبل الطائرة من الداخل قبل القفز.
كما أن هناك مظلة أخرى احتياطية أصغر حجما معلقة على الصدر، لاستعمالها إذا فشلت المظلة الرئيسية في الفتح، إضافة لخوذة حماية للرأس عند الارتطام بالأرض.
وهناك المشرف على التدريب ويطلق عليه إسم المقفز ( Jump Master )، الذي يقف عند باب الطائرة، ويأمر الركاب المتدربين بالوقوف وتعليق حبل المظلة في حبل الطائرة الداخلي، استعدادا للقفز، ثم يقوم بالتأكد من صحة تعليق الحبال بصورة جيدة.
مهمة هذا المقفز أن يعطي الإشارة للمتدرب بالقفز من باب الطائرة في المكان والوقت المناسبين للهبوط في منطقة الإنزال المحددة، بعد أن يتلقى الإشارة من الطيار بواسطة الضوء الأخضر على بجانب باب الطائرة.
أقلعت بنا الطائرة من مطار ماركا، متجهة نحو منطقة الإنزال قرب قرية الطنيب جنوب العاصمة عمان، والتي لاتستغرق اكثر من 20 دقيقة طيران.
ومنطقة الإنزال تكون عادة مؤشرة بعلامات واضحة للطيار، وفيها مجموعة إنزال صغيرة، مزودة بجهاز إتصال لاسلكي مع الطائرة.
كان القفز من الطائرة يتم على ارتفاع 1000 – 1200 قدما من سطح الأرض. واعتدت ان أقف دائما على باب الطائرة كأول قافز منها. وبينما الطائرة تحلق وتدور فوق المنطقة، لتأخذ الاتجاه الصحيح، كنت أشاهد الآليات وبعض البشر والدواب، يتحركون على الأرض كادمى الصغيرة.
فأقول في نفسي كما يقول أي إنسان في مثل هذا الموقف : هل يمكن أن أهبط سليما على الأرض، وأسير عليها كما يسير هؤلاء ؟ أم ستفشل مظلتي لسبب ما في الاستجابة، والفتح على اتساعهما وأواجه حتفي ؟ ولكنني أصر على على مواصلة مهمتي.
وصلنا في تلك الرحلة فوق قرية الطنيب، وراحت الطائرة تحوم فوق المنطقة لتأخذ الاتجاه والارتفاع الصحيحين، وأنا واقف على باب الطائرة ومثبتا كلتا يدي على حافتي الباب، ولا أعرف هل أخطأ الطيار في أعطاء الضوء الأخضر أم أن المقفز استعجل وأعطاني إشارة القفز.
قفزت من باب الطائرة، وعندما نظرت تحتي وجدت أنني قفزت في المكان الخطأ، إذ كانت تظهر من تحتي بنايات القرية بأعمدة التلفزيون وأسلاك الكهرباء والآليات، ولم يكن خلفي أي قافز.
حاولت أن أسحب حبال المظلة من ناحية معينة لمواجهة الهواء لعلها تبعدني عن الخطر الذي ينتظرني على الأرض. ولكن لعدم وجود أية نسمة هواء في صباح ذلك اليوم، أخذت المظلة تنطوي على بعضها وتزيد من سرعة هبوطي نحو الأرض، مما يشكل خطر الارتطام العنيف على أحد المنازل أو على أعمدة وأسلاك الكهرباء.
حاولت بكل جهد أن أحرك ساقي، محاولا الابتعاد عن مواقع الخطر، فأستطعت ان ابتعد عنها مسافة قصيرة، ولكنني سقطت على ظهري فوق كومة كبيرة من الحجارة يزيد ارتفاعها عن المتر.
هرع إلي بعض الضباط والجنود المتواجدين في المنطقة لإنقاذي، ولكنني نهضت سريعا معلنا انني لم أصب بأذى، رغم أنني في الحقيقة كنت أعاني من آلام شديدة. راجعت المستشفى بعد ذلك، ولكن لم يظهر أي كسر في العمود الفقري أو غيرة، وأعطيت بعض العلاجات حيث امضيت أكثر من شهرين، وأنا لا استطيع الجلوس على الكرسي أو في السيارة إلاّ بصعوبة، بسبب الألم الذي أصابني من تلك القفزة. وكانت النتيجة أن تسبب لي هذا الحادث في وقت لاحق، بعملية ديسك ناجحة، فشكرت الله تعالى على ما قدر ولطف.