هل يجوز العدول عن “الوعد بالبيع” بعد إبرامه؟
تاريخ النشر: 9th, December 2025 GMT
في معاملات البيع والشراء اليومية، كثيرًا ما نسمع عبارة «وعدتُك أن أبيع لك هذا المنزل»، أو «إن أردت، أخبرني وسأبيع لك سيارتي»، أحيانًا يجري هذا الوعد بانطلاق غير رسمي، وفي أحيان أخرى يُوثّق كتابيًّا كدليل على نية الطرفين.
لكن ماذا إذا تغيّرت الظروف؟ ماذا إذا عرض عليك قريب، أو تغيّرت رغبتك؟ هل يحق لك العدول بكل بساطة؟
التزام الوعد ليس موضوعًا رماديًّا في الفقه الإسلامي ـ وحتى في قانوننا المدني ـ إن تحقّقت شروط معينة.
سائل يوضح أنه عرض منزله للبيع، فوجد شخصًا راغبًا، وتلقّى منه “وعدًا بالشراء”. واتفق الطرفان على جميع تفاصيل البيع: الثمن، وموعد نقل الملكية، وغيرها.
وكتبوا ذلك في ورقة كدليل، لأن المشتري كان يخطط لبيع قطعة أرض يملكها لتمويل ثمن المنزل.
ثم— في أثناء ذلك — أتى قريب للسائل ورغب في شراء المنزل. ويتساءل: هل يجوز أن أبيع القريب بدل المشتري الأول؟
وضحت دار الإفتاء أن ما جرى بين الطرفين — أي الواعد والموعود — كان “وعدًا بالبيع” + “اتفاقًا على جميع المسائل الجوهرية لعقد البيع النهائي”.
هذا يعني أن الشروط اللازمة لعقد البيع النهائي قد تحققت مقدمًا، وبات الوعد ملزمًا للواعد، فلا يجوز له الرجوع عنه. إلا إذا حصل “تراضٍ” بين الطرفين على إلغاء الاتفاق.
الأسس الشرعية والمدنية للفتوىمن منظور الفقه الإسلامي
العقد (بيعًا) جائز شرعًا إذا تحققت أركانه: مقابلة مال بمال، تحديد العين والمثمن.الوعد بالبيع أو “الوعد بالتعاقد” يُنظر إليه كتمهيد لعقد البيع النهائي. فإذا رافقه قبول من الطرف الآخر، وتعيين للثمن والموضوع والوقت، صار وعدًا مُلزِمًا.الوفاء بالعهد والمواثيق من مكارم الأخلاق، ويُستدل عليه بآيات قرآنية “وأوفوا بالعقود” و”وكلكم مسؤول عن عهده”.وأكثر الفقهاء ـ بحسب ما استعرضته دار الإفتاء من مذاهب ـ يرون أن الوعد يلزِم إذا توافرت قرائن التعاقد (تعيين الثمن، الاتفاق على العين، القبول...).والراجح هو أن الرجوع عن الوعد يوقع ضررًا بالموعود له، خصوصًا إذا بدأ يُحسِم أموره (كأن يبيع أرضًا ليشتري المنزل) — وهو ما يخالف القاعدة النبوية “لا ضرر ولا ضرار”.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البيع والشراء الوعد عقد البيع من المنزل الإفتاء دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
هل يجوز أداء صلاة الفجر فور سماع الأذان مباشرة أم يجب الانتظار قليلاً ؟.. الإفتاء تحسم الجدل
أعاد الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، توضيح الحكم الشرعي المتعلق بموعد أداء صلاة الفجر، بعد ما انتشرت نقاشات واسعة بين الناس حول ضرورة الانتظار لمدة 20 دقيقة بعد الأذان، وهي الفكرة التي أثارت جدلًا كبيرًا في الأيام الأخيرة.
وأكد “شلبي” أن الجدل الدائر لا يقوم على أسس علمية، وأن دار الإفتاء حسمت المسألة مرارًا، موضحة أن توقيت أذان الفجر المُعتمَد في مصر دقيق وصحيح، وأنه مبني على دراسات فلكية موثقة تقرّها اللجان العلمية المتخصصة.
وشدّد على أن هذا التوقيت واجب العمل به لأنه نتاج جهد خبراء في الفلك والجيوديسيا، وليس اجتهادات فردية.
وبيّن أمين الفتوى أن من غير المناسب طرح مثل هذه المسائل في النقاشات العامة، خاصة أن مكانها الطبيعي هو الغرف العلمية المغلقة التي يجتمع فيها أهل الاختصاص للوصول إلى رأي موحد يلتزم به الناس جميعًا.
واستشهد بقول الله تعالى في الآية 83 من سورة النساء: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾، مؤكدًا أن الرجوع إلى أهل الخبرة هو الأصل في هذه الأمور.
وأوضح "شلبي" أن العبادات الجماعية في الإسلام تقوم على توحيد كلمة المسلمين وعدم السماح بتعدد الآراء الفردية التي قد تشتت الناس، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: «الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس»، للدلالة على أهمية اتباع النظام العام للشعائر.
وسرد واقعة حدثت في أحد مساجد القرى، حين نشبت فتنة بين المصلين بسبب اختلافهم على المدة بين الأذان والإقامة، بعدما اعتاد أهل المسجد إقامة الصلاة بعد 15 دقيقة من الأذان.
لكن مجموعة منهم ادعت أن الصلاة باطلة قبل مرور نصف ساعة، فوقع خلاف وصل إلى درجة إقامة جماعتين.
وانتهى الأمر بالاحتكام إلى دار الإفتاء التي أكدت صحة التوقيت المعمول به، ورفض أي زيادة أو تشدد لا أساس علمي له.
هل يجب الانتظار 20 دقيقة
ومن جانبه، ردّ الدكتور مجدي عاشور، المستشار السابق لمفتي الجمهورية، على سؤال حول ضرورة انتظار 20 دقيقة بعد الأذان، متسائلًا عن سبب هذا التشدد غير المبرر، ومؤكدًا أن المسلم يستطيع أداء الصلاة فور انتهاء الأذان مباشرة دون حاجة لأي انتظار.
وأضاف أن الالتزام بآراء متشددة لا فائدة منها قد يثقل على الناس ويعطلهم عن العبادة.
أفضل وقت لأداء صلاة الفجر
أوضح عاشور أن وقت صلاة الفجر يبدأ من لحظة الأذان ويستمر حتى طلوع الشمس، وهو عادة يمتد ما بين ساعة إلى ساعة ونصف تقريبًا. وخلال هذا الوقت تُؤدَّى الصلاة أداءً حاضرًا في وقته الطبيعي.
أما من يستيقظ بعد شروق الشمس فقد اتفق العلماء على أن قضاء الصلاة لا حد لآخره، لكن الأفضل ألا يتأخر الإنسان في القضاء حتى لا ينسى أو يموت قبل أدائه، تنفيذًا لوصية النبي ﷺ: «فإذا نسي أحدكم صلاة، أو نام عنها، فليصلها إذا ذكرها».