أكوام القمامة تملأ شوارع الخرطوم
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
رصد – نبض السودان
ملأت النفايات الشوارع في أم درمان بالسودان، ولم يجد سكان بعض المناطق مفرا من تجميع النفايات بجهد شعبي ونقلها إلى مكب النفايات في أقصى شمال غرب المدينة، بينما تستمر الحرب التي لا تلوح لها نهاية في الأفق بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقال أحمد الشامي الذي يسكن في أم درمان، في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP)، إنهم لجأوا إلى تجميع القمامة بعد أن تكدست في شوارع الحي الذي يسكن فيه على مدار أكثر من 4 أشهر وصارت مرتعا لتوالد الذباب والبعوض.
ويسكن الشامي، ضاحية الثورة شمال مدينة أم درمان التي تشكل إلى جانب الخرطوم عموم والخرطوم بحري العاصمة السودانية على جانبي نهر النيل.
وأشار الشامي، إلى أنهم فرضوا مبالغا رمزية على كل منزل بالحي نظير شراء جوالات فارغة وتعبئة النفايات بداخلها واستئجار شاحنة لنقلها إلى المكب الواقع بشمال غرب أم درمان، مضيفا أن هذا العمل كان من المفترض أن تقوم به هيئة النظافة لكنها لم تفعل رغم أن المنطقة آمنة نسبيا.
ومنذ اندلاع الصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل، غابت مركبات نقل النفايات عن شوارع العاصمة وملأت القمامة الشوارع الرئيسية والأزقة والساحات العامة وسط الأحياء في ظل حالة من انعدام الأمن.
ومن جهته، أكد مستشار مدير هيئة نظافة ولاية الخرطوم ورئيس جمعية تعزيز الصحة السودانية مصعب برير، أن أعمال النظافة في الولاية توقفت خلال الحرب عدا بعض أحياء محلية كرري بشمال أم درمان.
وكشف برير، عن تعرض جميع المحطات الوسيطة والمرادم للنهب والتخريب بما في ذلك رئاسة الهيئة بمدينة الخرطوم، مضيفا: “لا توجد أي معينات للعمل أو تأمين للعاملين في ظل الحرب”.
واتهم مستشار مدير هيئة نظافة ولاية الخرطوم قوات الدعم السريع، باستهداف أسطول الآليات التابع للهيئة ونهب بعضها.
وأشار إلى أن قوات الدعم السريع قتلت أحد مديري الإدارات العامة بالولاية في منزله، واعتقال أحد مهندسي الآليات في هيئة النظافة والاعتداء على مهندس آخر في منزله ونهب عربة المرور المخصصة له.
وأرجع برير، غياب المركبات والآليات المخصصة لنقل النفايات من الأحياء إلى عدم قدرة هيئة النظافة على تأمين العاملين؛ مما أدى إلى توقف العمل في ست محليات بولاية الخرطوم من إجمالي سبع محليات.
ونوه إلى أن هناك عودة تدريجية للعمل في المناطق التي تم تأمينها بواسطة القوات المسلحة والشرطة في أم درمان.
وأكد برير، أن هيئة النظافة في ولاية الخرطوم ستتوسع في العمل حسب مساحة الأمان المتوفر إلى جانب وفرة المعينات والقوى العاملة.
– تلوث بصري
قال إبراهيم عثمان وهو أحد سكان مدينة أم درمان، لوكالة أنباء العالم العربي، إن مركبات النفايات كانت تأتي باستمرار وتجمع القمامة من الحي الذي يسكن فيه على مدار الأسبوع.
وأشار عثمان، إلى أن مركبات نقل النفايات غابت عن منطقته منذ بداية الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، الأمر الذي تسبب في تراكم القمامة في الساحات العامة.
وأضاف أن مشهد أكوام القمامة في أغلب الساحات العامة يتسبب في تلوث بصري، معربا عن تخوفه من انتشار الأمراض خاصة مع دخول فصل الخريف واختلاط النفايات بمياه الأمطار.
وتابع: “في بعض الأحيان، نقوم بحرق القمامة منعا من تمددها لكن الأمر ليس له جدوى.. فحتى بعد الحريق تبقى النفايات في مكانها”.
وأكد مستشار مدير هيئة نظافة ولاية الخرطوم، أن النفايات تشكل بؤرا مناسبة لتوالد الحشرات خلال فترة الخريف.
وقال برير، إنه في فصل الخريف تتكاثر نواقل الأمراض بكثافة لوفرة وانتشار أماكن تكاثرها، فنجد تضاعف كثافات البعوض بأنواعه المختلفة والذباب وبقية الحشرات الأخرى.
– الدور الشعبي
أكد مستشار مدير هيئة نظافة ولاية الخرطوم، أن الجهات الرسمية والشعبية كانت تقوم سابقا بمكافحة الأمراض وتصريف مياه الأمطار لتقليل انتشار أمراض الخريف، مثل الحميات والإسهال وأمراض العيون وغيرها.
وأشار برير، إلى صعوبة قيام الجهات الرسمية بنفس الدور في خضم الحرب الدائرة، مضيفا “يبقى كل العبء على الدور الشعبي فقط، خصوصا في ظل توقف العديد من المؤسسات الصحية وصعوبة الوصول لمواقع الخدمات الصحية والدواء العاملة الآن”.
ومن جانبها، قالت ماجدة فضل الله، إنها مجبرة على إلقاء القمامة في أحد الشوارع الرئيسية القريبة من بيتها في ظل غياب آليات هيئة النظافة.
وتتفق ربة المنزل السودانية مع عثمان في أن تمدد مساحات القمامة في الأحياء قد يؤدي إلى انتشار الأوبئة وسط السكان.
وناشدت ماجدة، طرفي الصراع السماح للعاملين في المجالات الخدمية المتعلقة بالنظافة وصيانة محطات المياه والكهرباء وغيرها بأداء مهامهم بالشكل المطلوب.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: أكوام الخرطوم القمامة تملأ شوارع الدعم السریع القمامة فی أم درمان إلى أن
إقرأ أيضاً:
في زمن الحصار.. غزيون يشعلون الأمل بحرق النفايات البلاستيكية
من قلب الحصار والدمار، وبين ركام الحياة المعطّلة في غزة، لجأ الشاب الفلسطيني أحمد صقر (من مخيم النصيرات وسط القطاع) إلى طريقة غير تقليدية ومرهقة لاستخراج كميات محدودة من الوقود، وذلك عبر حرق النفايات البلاستيكية، في ظل استمرار إغلاق معابر القطاع المنكوب وانعدام الوقود.
وبدأت الفكرة بعد الانقطاع الكامل للوقود والبنزين والسولار، بسبب إغلاق الاحتلال الإسرائيلي المعابر منذ بدء الحرب على غزة، مما أدى إلى توقف وسائل النقل وتعطل الحياة اليومية، بما فيها صعوبة الحصول على المياه في المنازل ومخيمات الإيواء.
ويقول الشاب -في حديثه للجزيرة نت- إن قطع إسرائيل إمدادات الوقود والمواد الأساسية عن قطاع غزة دفعه للبحث عن حلول بديلة للتخفيف من تداعيات هذه الخطوة ولمواجهة النقص الحاد في الوقود.
ويروي أحمد أنه أعاد إحياء فكرة طُبّقت سابقًا في غزة، فبدأ بجمع البلاستيك وشرائه من المواطنين الذين يجمعونه من المنازل المدمّرة وأكوام النفايات، رغم صعوبة توفره مؤخرًا.
ويشرح الشاب الفلسطيني أن عملية تحويل البلاستيك إلى وقود تمر بعدة مراحل دقيقة، تبدأ بجمع وفرز البلاستيك من مختلف المناطق، رغم صعوبة الحصول عليه في ظل الحصار وشح الموارد المتزايد.
إعلانوبعد ذلك، يتم تقطيع البلاستيك إلى قطع صغيرة توضع داخل فرن حديدي خاص يُسخن إلى درجات حرارة عالية تتراوح ما بين 400 و600 درجة مئوية، حيث يتم ما يُعرف بـ"طبخ البلاستيك".
ويشير إلى أن البلاستيك يتحول تدريجيًا إلى مادة سائلة، ثم يبدأ في التبخر داخل الأنابيب، ليتحول لاحقًا إلى غاز، من ثم ينتقل هذا الغاز إلى شبكة تبريد مغمورة في حوض مياه. ومع ملامسة المياه، يعود إلى حالته السائلة، ليُستخرج منه في النهاية وقود الديزل.
ويضيف في حديثة للجزيرة نت "في نهاية هذه العملية، تتبقى شحوم ثقيلة، تتم إعادة تكريرها مرة أخرى داخل الفرن نفسه، عبر إشعال النار وتكرار نفس العملية الحرارية، حتى تصل إلى نسبة صفاء تُقدر بـ80%".
وأوضح أحمد أن العملية الكاملة تستغرق ما بين 8 و10 ساعات، بحسب كمية ونوع البلاستيك المستخدم.
نوعية البلاستيك وتأثيرها على المنتجولفت الشاب الفلسطيني إلى أن هناك نوعين رئيسيين من البلاستيك يُستخدمان في العملية: النفخ والحقن، حيث تختلف كمية الوقود الناتجة باختلاف النوع.
واستطرد قائلًا "ما يتم إنتاجه من طن البلاستيك يصل إلى حوالي 600 لتر فقط، وهذا لا يكفي لتغطية احتياجات السكان في ظل الأزمة الحالية".
وقال أحمد إن عملية الحرق تتم داخل صهريج حديدي كبير، تمر خلالها المادة بمرحلتين: الأولى يتم فيها استخراج "السحوم" أو الشحوم الثقيلة، أما الثانية فيتم خلالها فصل واستخراج البنزين أولًا، ثم يليه السولار (الديزل) وذلك لأن البنزين يتبخر بدرجة حرارة أقل من السولار.
وأشار أيضًا إلى أنه بعد عملية التبريد والتكثيف، يتم فصل المشتقات الناتجة، حيث يخرج البنزين أولًا، لأنه يتبخر عند درجة حرارة أقل، ثم يليه السولار، الذي يحتاج إلى حرارة أعلى كي يتبخر ويُجمع لاحقًا.
إعلانورغم النجاح الذي حققه المشروع، فإن الاستمرار فيه أصبح صعبًا جدًا، خاصة مع شح البلاستيك في قطاع غزة.
وأوضح أحمد أن البلاستيك أصبح نادرًا جدًا نتيجة الاستنزاف الكبير للمادة، مشيرا الى أن "منذ 3 أيام لم أتمكن من العمل بسبب انقطاع البلاستيك وصعوبة الحصول عليه".
وأضاف أن التحديات لا تقتصر فقط على نقص المواد الخام، بل تمتد إلى خطورة الظروف التي يتم فيها جمع البلاستيك قائلا "اليوم أصبح من الصعب جدًا الحصول على البلاستيك، خاصة مع زيادة الطلب عليه من قبل مشاريع مشابهة لصناعة الوقود. نضطر أحيانًا إلى الذهاب لأماكن مهجورة وخطرة جدًا من أجل جمع المواد، وكلها مخاطر في مخاطر".
كما أشار أحمد إلى أن المشروع يحمل مخاطر صحية كبيرة للعاملين، خاصة بسبب الغازات السامة الناتجة عن عملية الحرق، بسبب التعرض المباشر لغاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن احتراق البلاستيك، بالإضافة إلى خطر الحروق الجسدية أثناء التعامل مع الفرن الساخن.
واختتم حديثه قائلًا "الكثير من الناس يعتمدون على الوقود الذي ننتجه، خصوصًا من أجل تشغيل البوابير المنزلية، في ظل انقطاع الغاز ومنع الاحتلال الإسرائيلي إدخاله إلى القطاع".
البنزين الصناعي لتشغيل التوك توكومن جهة أخرى، لجأ المواطن محمد الشبراوي وهو أحد سائقي "التوك توك" إلى استخدام البنزين الصناعي كبديل اضطراري لتشغيل مركبته التي تمثّل شريان حياة وحيدًا له ولعائلته.
ويقول الشبراوي في حديث للجزيرة نت "بعد ما انقطع البنزين من الأسواق بشكل تام بسبب إغلاق المعابر، ما كان أمامنا حل غير البنزين الصناعي. صحيح هو مخصص للمولدات وغير آمن للمحركات، لكن نحن مضطرون لأن نشتغل فيه عشان نعيش".
ويُضيف "أنا بستخدم التوك توك لنقل الناس من تبة النويري إلى مفترق النابلسي، وهو الطريق اللي بيوصل شمال القطاع بجنوبه. الاحتلال منع حركة السيارات، فالتوك توك صار الوسيلة الوحيدة، رغم أنه لا يناسب الطرق الطويلة".
ويختم الشبراوي بالقول "التوك توك مصدر رزقي الوحيد، وأنا أعيل أسرة كاملة. ممكن المحرك يخرب أو ينفجر مع البنزين الصناعي، بس إحنا مضطرين نشتغل فيه، لأن الحياة لازم تستمر".
أما المواطن شادي خطاب (من مخيم النصيرات) فقد اضطر للعودة إلى "بابور الغاز" التقليدي بعد نفاد غاز الطهي بشكل تام من الأسواق.
إعلانويروي معاناة الناس قائلاً "ما في غاز، فرجعت أستخدم بابور الغاز، وشغّلتُه بالسولار الصناعي. مع أنه خطر وريحتُه خانقة، بس الحياة لازم تمشي".
ويُضيف "أحتاج أسبوعيًا إلى حوالي 3 لترات من السولار الصناعي لتسيير شؤون البيت، وسعر اللتر 40 شيكلا (نحو 9 دولارات) وهذا عبء كبير علينا".
ويختم بقوله "السولار الصناعي صار وقود البقاء، رغم خطورته ومشاكله. لا غاز، ولا كهرباء، ولا بدائل. وكل يوم نحاول إيجاد وسيلة نعيش بها".