أفلام في مهرجان البندقية تحمل على تَحوُّل أوروبا “حصناً” في مواجهة المهاجرين
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
متابعة بتجــرد: فرضت محنة المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا نفسها كموضوع سياسي طاغٍ في مهرجان البندقية، المدينة المطلّة نوافذها على البحر الأبيض المتوسط الذي أصبح مقبرة لللآلاف من طالبي العيش على ضفته الشمالية.
ودأب كبار السينمائيين الذين تتمحور أعمالهم على المواضيع الاجتماعية والسياسية على تناول مسائل الاندماج في المجتمعات الغربية وكراهية الأجانب، ومنهم مثلاً الأخَوان جان بيار ولوك داردين اللذان حاز شريطهما “توري إيه لوكيتا” جائزة في مهرجان كان عام 2022، والبريطاني كين لوتش الذي عُرِض فيلمه “ذي اولد أوك” هذه السنة في كان أيضاً.
لكنّ لطرح الموضوع في البندقية بالذات دلالة مهمة، إذ أن إيطاليا التي تتولى السلطة فيها حكومة يمينية متطرفة منذ الانتخابات التي أجريت قبل عام، تقف على خط المواجهة الأمامي في مسألة المهاجرين الذين يحاولون الانتقال إلى أوروبا. وقد وصل إلى اليوم أكثر من 105 آلاف مهاجر إلى إيطاليا منذ بداية السنة، أي أكثر من الضعف مقارنة بعام 2022.
وأشارت الأمم المتحدة إلى أن أكثر من ألفَي مهاجر لقوا حتفهم منذ كانون الثاني/يناير الفائت خلال محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط الذي بات عدد الذين يقضون في مياهه الأعلى بين طرق الهجرة في العالم.
وسعى مخرج “غومورا” ماتيو غارون إلى التعريف بهؤلاء المهاجرين وأخراجهم من دائرة المجهولين من خلال فيلمه Moi, Capitaine (أي “أنا، القبطان”) المشاركة في مسابقة مهرجان البندقية والطامح إلى الفوز بجائزة الأسد الذهبي.
ويروي الفيلم القصة الملحمية لمراهقَين سنغاليَين هما سيدو (سيدو سار) وقريبه موسى (مصطفى فال) اللذان قرّرا ترك عائلتهما من دون سابق إنذار ليجرّبا حظّهما في أوروبا.
وتفادى المخرج مقاربة الموضوع من زاوية البؤس، وركّز في المقابل على المخاطر التي واجهت الشابين، كرحلتهما الطويلة والشاقة عبر الصحراء، والتعذيب الذي تعرضا له في السجون الليبية، والعبودية…
وتوجه الشابان بالنتيجة إلى إيطاليا بقارب مكتظ بالمهاجرين.
وأوضح ماتيو غارون(54 عاماً)الأربعاء، أن الفيلم الذي لا يتناول الأسباب التي تدفع الشباب السنغاليين إلى مغادرة بلدانهم، يهدف إلى أن يكون مختلفاً “عن المألوف”.
وقال “منذ سنوات، نرى قوارب تصل من البحر الأبيض المتوسط. في بعض الأحيان يتم إنقاذها، وفي أحيان أخرى لا”.
وتابع “مع مرور الوقت، يعتاد الناس على النظر إلى هؤلاء على أنهم أرقام ليس إلاّ، وينسون أن وراءهم عالمًا كاملاً، وعائلات، وأحلاماً، ورغبات…”.
وشرح أن “الفكرة تتمثل في وضع الكاميرا على الجانب الآخر، أي في أفريقيا، وتوجيهها نحو أوروبا، لسرد رحلتهم وقبل كل شيء عيشها معهم”. ولإنجاز هذا الفيلم، أجرى المخرج أبحاثًا مكثفة، لا سيما من خلال جمع شهادات من المهاجرين.
ويتجاوز الفيلم ذلك فيثير مسؤولية الأوروبيين الذين تركوا لأنظمة على الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط إدارة جزء من سياسة الهجرة بالوكالة عنهم، أو تتقاذف دولة الكرة لتجنب تقديم المساعدة لقوارب المهاجرين التي تواجه صعوبات في عرض البحر.
وتنافس على الدب الذهبي في البندقية أيضاً مخرجة أوروبية كبيرة أخرى هي البولندية أنييشكا هولاند بفيلمها “غرين بوردر”. ودهت هولاند الأوروبيين إلى الكف عن “دفن رؤوسهم في الرمل” في مواجهة الوضع على حدودهم.
واوضحت السينمائية البلغة 74 سنة ان “الناس لا يريدون أن يروا ما يحدث على الحدود، ولهذا السبب أنجزت هذا الفيلم”.
ويُعدّ فيلمها المصور بالأبيض والأسود، ومدته ساعتان ونصف ساعة، بمثابة لوحة واضحة وصريحة عن وضع المهاجرين الآتين من سوريا وأفغانستان وإفريقيا الذين تعرّضوا للتقاذف بين بولندا وبيلاروس عام 2021، وتحوّلوا أسرى لعبة دبلوماسية خارجة عن إرادتهم.
ويهدف الفيلم المُدرج أيضاً في المسابقة إلى “إنصاف أولئك الذين تم إسكاتهم”.
وأثار الفيلم حفيظة الحكومة البولندية التي هاجمت لفظياً المخرجة التي رُشِّحَت أكثر من مرة لجوائز الأوسكار، والتي عاشت بين ألمانيا وبولندا وفرنسا والولايات المتحدة، حيث أخرجت حلقات من مسلسلات ناجحة مثل “ذي واير” و”ذي كيلينغ” “هاوس أوف كاردز”.
لا يكفي ذلك لإرضاء أنييشكا هولاند، إذ حذرت من أن أوروبا ستصبح “بمثابة حصن حيث سنقتل نحن الأوروبيين الأشخاص الذين يسعون للوصول إلى قارتنا”.
main 2023-09-07 Bitajarodالمصدر: بتجرد
كلمات دلالية: الأبیض المتوسط أکثر من
إقرأ أيضاً:
أيمن سماوي، “تعالوا نُكمل الحكاية”. في حديث مع المدير التنفيذي لمهرجان جرش للثقافة والفنون
صراحة نيوز-
قائمة المحتويات لماذا اختيرت المدينة الأثرية جرش لتكون موطنًا لهذا المهرجان منذ انطلاقه؟ما الذي يميز مهرجان جرش عن غيره من التظاهرات الثقافية في المنطقة؟ رغم الأزمات العالمية والإقليمية، لم يتوقف المهرجان. كيف تفسّرون هذه الاستمرارية؟ ماذا عن الدورة الحالية؟ ما الذي يميز “جرش 39”؟ أخيرًا، كيف تصف رسالة مهرجان جرش اليوم؟ لماذا اختيرت المدينة الأثرية جرش لتكون موطنًا لهذا المهرجان منذ انطلاقه؟حين اختارت الدولة الأردنية أن يُقام مهرجانها الثقافي الأبرز في قلب مدينة جرش الأثرية، كان اختيارًا يستند إلى تاريخ ضارب في العمق، وإلى مخزون حضاري وجغرافي يجعل من جرش قلبًا نابضًا في الأردن.
ما الذي يميز مهرجان جرش عن غيره من التظاهرات الثقافية في المنطقة؟جرش صُمم ليكون مسرحًا للفنان الأردني أولًا، ومساحة تتيح له التفاعل مع محيطه العربي والدولي. في كل دورة، نوسّع المساحات الإبداعية، ونكرّس التشاركية، ونفتح الباب أمام تنويعات فنية تعبّر عن الإنسان والمكان في آنٍ واحد. نُجدّد رؤيتنا باستمرار، مستندين إلى إرث تراكم عبر العقود.
رغم الأزمات العالمية والإقليمية، لم يتوقف المهرجان. كيف تفسّرون هذه الاستمرارية؟واجهنا مثل غيرنا تحديات كبيرة؛ من جائحة كورونا إلى التوترات الإقليمية، ومع ذلك بقي المهرجان حيًّا. نتيجة لإيماننا العميق برسالة المهرجان، وبالفنان الأردني. مهرجان جرش مساحة مضيئة تُعبّر عن روح المبدع الأردني، وتُتيح له أن يقول كلمته وتؤكد إصراره أن يضيء مسرحه مهما اشتدّت العتمة.
ماذا عن الدورة الحالية؟ ما الذي يميز “جرش 39”؟“جرش 39” ليس مجرد دورة رقمية. هو امتداد لما بُني عبر السنوات، لكنه أيضًا خطوة باتجاه المستقبل. نعمل على رسم خارطة جديدة للمهرجان، في صلب هذه الخارطة: تمكين الفنان الأردني، وفتح الأفق أمام الجيل الجديد من المبدعين ليكون لهم مكان فعلي ومؤثر في المشهد الثقافي الوطني.
مهرجان جرش لا يتوقّف عن التجدّد. نحن نعمل بخطى مدروسة تبني على التراكم، وتعزز الحضور في المشهدين العربي والدولي.
• مهرجان المونودراما المسرحي أصبح مكوّنًا أساسيًا، بثيمة مختلفة عن المهرجانات الرسمية، واستقطب مشاركات عربية نوعية، وها هو اليوم، يشهد إقبالًا نوعيًا استدعى تشكيل لجنة إضافية لفرز العروض، ما يؤكّد على مصداقية المهرجان وتطوره.
• الفن التشكيلي لم يعد زاوية جانبية، بل تحوّل إلى مساحة حوار بصري عالمي، من خلال مشاركة فنانين أردنيين وعرب وأجانب، وإنتاج لوحات ومنحوتات.
• الشعر والندوات الفكرية باتت مكوّنًا ثابتًا في البرنامج، مما يضفي بُعدًا معرفيًا على التظاهرة، ويمنح الكلمة نفس الأهمية التي تُمنح للموسيقى واللوحة والعرض المسرحي.
• الحضور الدولي يتسع، إذ تشارك هذا العام فرق ووفود من أكثر من ثلاثين دولة عربية وأجنبية، تلتقي وتتقاطع مع التجربة الأردنية في حوار ثقافي حي.
رسالة جرش هي أن الإبداع أحد وجوه السيادة الثقافية الأردنية، وجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية. ومنذ تسعة وثلاثين عامًا، ظل الفنان الأردني هو المحور، وهو الدافع، وهو العنوان الذي نتحرّك لأجله. نفتح له الأبواب، ونمنحه المساحة ليقدّم فنه أمام جمهوره، ويؤكد أن الفنان الأردني، رغم كل التحديات، قادر على صناعة الجمال، وتقديمه للعالم بثقة وشغف.