عدن الغد:
2025-12-12@08:09:45 GMT

اليمن: من نزوح إلى آخر وشتات يمزق عائلات

تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT

اليمن: من نزوح إلى آخر وشتات يمزق عائلات

(عدن الغد) الأناضول:

تعصف بـاليمن عدة أزمات منها النزوح المتكرر من المناطق التي شهدت صراعاً دموياً للعام الثامن، والتي أدت إلى نزوح نحو 4 ملايين ونصف مليون، أغلبهم من الأطفال والنساء بمعدل 80%، وفقًا لتقرير أممي سابق.

وتحتل مدن ومحافظات يمنية الصدارة في أعداد النازحين جراء المعارك العنيفة بين القوات الحكومية والحوثيين، والتي أدت إلى وجود عدد كبير من مخيمات النزوح في محافظات مثل مأرب (شرق) الغنية بالنفط، وتعز (جنوب غرب) ذات الكثافة السكانية.

بالإضافة إلى مدينة الحديدة (غرب) ذات الأهمية الاقتصادية على ساحل البحر الأحمر، فضلاً عن المحافظات الجنوبية، إضافة إلى المديريات المحررة بمحافظة حجة (شمال غرب) والحدودية مع السعودية.

نكبة النازحين

وفي واحدة من المآسي الإنسانية وسط صحراء قاحلة مترامية الأطراف وأكواخ وخيام متداعية لأكثر من 150 أسرة نازحة من عزلة منطقة المخازن، إحدى ضواحي ريف مدينة ميدي الساحلية، أقصى شمال غرب محافظة حجة، يكابد الأطفال والنساء، فضلاً عن كبار السن، مرارة النزوح والتهجير للسنة الثامنة تحت ظروف بيئية واقتصادية قاسية.

يخطو محمد متنبك (38 عاماً)، مترجلاً نحو كوخه المتهالك جراء الرياح الشديدة والأمطار، علاوة على الكثبان الرملية في انتظار انفراجة وأمل في العودة لمسقط رأسه، رفقة زوجته وأبنائه السبعة، ومعه مئات النازحين، جلّهم من الأطفال.

وفي حديثه عن رحلة نزوحه، يقول متنبك، لـ"الأناضول": "قررنا المغادرة بعد أيام من الخوف والرعب بسبب القصف المدفعي، والاشتباكات الدائرة حول ميدي منتصف السنة الأولى للحرب".

وأضاف: "وسط بكاء الأطفال ودموع النساء، مترجلين على أقدامنا، والبعض منا يمتطي الدواب تحت جنح الليل، فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة وضواحيها، تاركين وراءنا منازلنا ومصادر رزقنا نحو المجهول".

وصف الرجل مسيرة النزوح بأنها "اللحظات الأصعب، والنكسة التي غيرت مجرى حياتي ومستقبل أطفالي".

وأوضح أنّ "ثمانية أعوام من النزوح والتنقل إلى أربع مناطق مختلفة، بدءًا من مسقط رأسي بعزلة المخازن، مرورًا بمديرية حيران، ووصولاً إلى مديرية عبس، ثم العودة لعزلة بني فايد على بعد أكثر من 10 كليومترات من ميدي".

 

أكواخ لا تصمد 6 أشهر

ويشكو النازحون، ومتنبك واحداً منهم، من تردي الأوضاع المعيشية بالإضافة إلى تهدم أكواخهم وخيامهم نتيجة العوامل الطبيعية، فضلاً عن تزايد شدة الغبار في فترة الظهيرة تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة في ضوء غياب السلطات الحكومية والمنظمات الإنسانية.

وبيّن متنبك أن "معظم النازحين يلجؤون إلى استخدام الأكواخ المبنية من القش وأغصان الأشجار، إضافة إلى الطين، رغم تهدمها وسقوطها بعد صمودها فترة زمنية تصل إلى أكثر من ستة أشهر تقريبًا، بفعل الظروف المناخية القاسية".

وأشار بيده إلى الأضرار التي لحقت بكوخه، قائلاً: "خلال الأربعة أعوام الماضية قمت ببناء خمسة أكواخ لعائلتي".

وأوضح أن كوخه الحالي "آيل إلى السقوط، وبحاجة إلى ترميم أو بناء كوخ جديد".

وعن أسباب استخدام الأكواخ من الأغصان بدلاً من الطوب، قال: "أوضاعنا الاقتصادية في تردّ، وتكاليف أدوات البناء وأجور العمال غالية جداً، علاوة على ذلك الأرض ليست أرضنا".

ويستغرق بناء الكوخ قرابة عشرة أيام، بعد تجميع القش والأغصان من مناطق غير آمنة تحتوي على مخلفات الحرب والألغام، بالإضافة إلى تأمين الحبال والطرابيل (أغطية أو سواتر)، وتصل تكاليف بنائه إلى 400 دولار.

ووفقًا للتقرير الصادر عن إدارة مخيمات النازحين (حكومي) في 7 فبراير/شباط الماضي، فإنّ أكثر من 3 ملايين نازح يتوزعون في 13 محافظة، و646 مخيمًا، و927 تجمعًا سكانياً، ويقدر عدد النازحين في محافظة حجة لوحدها بأكثر من 19 ألف نازح.

فقدوا مصادر رزقهم

من جهته، أوضح حسن جربحي، أحد أعيان مديرية ميدي، أن "عدد النازحين في المديرية بلغ أكثر من 500 أسرة نازحة، منهم قرابة 200 أسرة تعيش فقرًا مدقعًا".

وذكر جربحي، لـ"الأناضول"، أنّ "جزءًا كبيرًا من النازحين يعيشون في خيام ومساكن لا يتوافر فيها أبسط مقومات الحياة"، وأنّ "أغلبهم يكافحون لتأمين قوتهم وسد جوعهم من خلال الأعمال الشاقة وبأجرة يومية".

ويعود المعلم عبد الله هادي، بذاكرته إلى اللحظات الأولى للنزوح، ويقول: "بعد 40 يومًا من دخول الاشتباكات إلى ميدي، غادرت جميع الأسر وبينهم أسرتي إلى المخيمات".

وأشار هادي، في حديثه لـ"الأناضول"، إلى أنه "فقدَ أصدقاء له، فضلاً عن سقوط ضحايا من النساء والأطفال". وأضاف أن "النازحين فقدوا مصادر رزقهم، وأغلبهم يعمل في الزراعة ورعي الماشية، إضافة إلى تربية النحل". ولفت هادي إلى أن "نحو 350 مزرعة تحولت إلى صحراء قاحلة، ولا نستطيع الوصول لها نتيجة الألغام الأرضية ومخلفات الحرب من مقذوفات غير منفجرة".

 

للعام الخامس لم ير الطفل والديه

وفي السياق، تحدثت تقارير دولية عن عدد لا يحصى من الأطفال الأشد تضررًا نتيجة النزوح وويلات الحرب على الصحة النفسية، ومن هؤلاء الطفل نايف هادي محمد.

ويعيش نايف (12 عامًا) بعيدًا عن والديه وأخواته للعام الخامس، وأوضح جده محمد أبكر، لـ"الأناضول": "يعاني حفيدي من الوحدة والاكتئاب وتدهور في صحته النفسية، علاوة عن ذلك توقفه عن التعلم للسنة الثالثة بسبب فراقه أسرته".

الجد أبكر (72 عامًا)، أفاد بأنّ المعارك "العنيفة" التي دارت بين طرفي النزاع أواخر مارس/ آذار 2019 في قرى عزلة بني حسن، شمالي حجة، أحالت أسراً نازحة إلى النزوح والتشتت مجددًا، ومنها عائلة نايف.

ومنذ ذلك الحين يمكث نايف مع جده وسط كوخ مهترئ، ويفصله الحصار وخطوط التماس عن عائلته التي تقطن أحد مخيمات مديرية عبس، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ويأمل جده في انتهاء الحرب وإعادة لمّ شمل العائلة.

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

مفقودو حرب السودان.. مأساة أسر كاملة في كردفان

في ركن منسي بولاية شمال كردفان حيث تتلاشى الحدود بين النزوح والفقد، تجلس نساء سودانيات قهرتهن الحرب مرتين؛ مرة حين سلبتهم الديار، وأخرى حين ابتلعت فلذات أكبادهن وذويهم في طرقات المجهول.

ولا تروي الخيام قصص الجوع والعطش فحسب، بل تضج بصمت ثقيل لأمهات وزوجات ينتظرن غائبين لم يتبقَ منهم سوى "أسماء في الذاكرة" وصور يتيمة.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4تجدد القتال غربي كردفان وأزمة نازحي السودان تتفاقمlist 2 of 4تصاعد موجات النزوح في شمال دارفور وغرب كردفانlist 3 of 4مدينة الأبيض.. "عروس الرمال" في شمال كردفانlist 4 of 4تفاقم الوضع الإنساني جنوب كردفان بسبب الجوع والأوبئةend of list

تجلس السيدة "خديجة" وهي مثقلة بالهموم أمام خيمتها التي أوتها بعد النزوح القسري، إذ فقدت زوجها وعددا من أفراد أسرتها، لتجد نفسها وحيدة في مواجهة مصير 8 أطفال يعتمدون عليها كليا.

وتروي خديجة للجزيرة فصول مأساتها بصوت يغالبه الانكسار: "عانينا ما لا يوصف؛ هربنا من جحيم المعارك في بابنوسة إلى الفولة، ومنها قذفتنا الأقدار إلى هنا".

لكن النزوح لم يكن نهاية المطاف، فالمأساة تكمن في الغياب؛ إذ تضيف: "نفتقد الوالد، والأخ، وزوج ابنتي الذي يطلب الخاطفون فدية تعجيزية لإطلاق سراحه، بينما لا نملك عن والدنا خبرا ولا أثرا".

صور يتيمة وأسئلة بلا إجابات

خديجة ليست وحدها في هذا العراء؛ ففي كل خيمة غصة، ولكل نازح قصة اختفاء قسري. تحكي السيدة "أم شريم" عن الصورة الفوتوغرافية الوحيدة لابنتها المفقودة وكيف أنها تتمسك بها كطوق نجاة، وتقول إنها لا تحمل سوى أمنية وحيدة وبسيطة استعصت على التحقيق: "أريد فقط أن أعرف أين هي.. هل هي باقية على قيد الحياة؟".

وعلى مقربة منها، تجلس "عزة" تحدق طويلا في ملامح شقيقها عبر صورة صامتة، وإلى جوارها يجلس طفله الصغير، يتقاسم مع عمته مرارة الانتظار.

قالت عزة: "فقدنا أخي منذ يوم الجمعة، وهذا طفله يجلس معنا ينتظر.. لا خبر، لا اتصال، ولا شيء يطمئننا".

أرقام مفزعة

الفاجعة في شمال كردفان تتجاوز القصص الفردية لتتحول إلى ظاهرة جماعية، فبحسب إفادات مسؤولين في وزارة التنمية الاجتماعية، فإن أعداد المفقودين في تزايد مقلق، حيث تجاوزت البلاغات حاجز الـ100 أسرة تبحث عن ذويها في الوقت الراهن.

إعلان

وتشير التقارير الرسمية إلى أن الفقد لم يقتصر على الرجال، بل طال النساء والأطفال وأسر كاملة اختفت في محلية "بارا"، وسط عجز عن حصر دقيق لمن تاهوا في دروب الحرب الوعرة.

وبينما تتلقى بعض الأسر أخبارا مفجعة تقطع الشك باليقين، يظل آخرون معلقين بخيط أمل واه، لا يملكون سوى الانتظار في محطات خلت من المسافرين، ولم يبق فيها سوى صدى الأسماء.

مقالات مشابهة

  • عاجل- منخفض جوي يعمّق معاناة النازحين في غزة ويغرق آلاف الخيام
  • إحباط محاولة فرار عائلات داعش من الهول السوري
  • عائلات في لبنان تعاني من الجوع.. والأرقام تكشف وضع الأطفال
  • الأمطار تغمر مخيمات النزوح في غزة وتزيد معاناة النازحين
  • مفقودو حرب السودان.. مأساة أسر كاملة في كردفان
  • 250 ألف أسرة بغزة تعاني في مخيمات النزوح نتيجة الأمطار
  • بالصور.. خيام تغرق وأطفال دون مأوى في غزة
  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى
  • توجيهات محافظ أسوان لجهازه التنفيذي.. تعرف عليه
  • كركوك.. إنقاذ 7 عائلات حاصرتها السيول في ناحية ليلان